ماذا سيتبقى من وزارة الدفاع في حكومة نتنياهو؟ أمس، كشف النقاب عن الاتفاقات الائتلافية بين الليكود و”الصهيونية الدينية” التي ستغير كل أعمال الحكومة في “المناطق” [الضفة الغربية] وستؤثر على سير حياة مواطنين كثيرين، إسرائيليين وفلسطينيين، رغم الوضع الأمني المتوتر. صحيح أن الحديث لا يدور إلا عن اتفاق عام برؤوس أقلام، ومن السابق لأوانه معرفة كيف ستترجم الكلمات إلى أفعال على الأرض، ولكن تنخرط في قلبه تغييرات دراماتيكية إزاء المستوطنات – التي تصفها محافل رفيعة المستوى في “يهودا والسامرة” بليس أقل من تحول. وهاكم أساس الاتفاق ومعانيه:
“السيطرة على تخطيط البناء في المستوطنات”
لجنة التخطيط العليا هي الوحدة التي تقر البناء في المناطق “ج”، للإسرائيليين أساساً، ولكن للفلسطينيين أيضاً. اللجنة جزء من الإدارة المدنية التي سيكون مسؤولاً عنها سموتريتش، وتمثل السيطرة فيها بالنسبة له ولحزبه ذخراً استراتيجياً وسياسياً مهماً. في الواقع الحالي، كل “كرفان” وكوخ أو حتى خيمة تقام في المستوطنات يجب أن يجتاز إقرار اللجنة. وتجدر الإشارة إلى أن كل خطة بناء مقترحة تتطلب إذناً سياسياً وتمر على الأمريكيين، ولكن في اللحظة التي تنتقل فيها اللجنة إلى أيدي سموتريتش، ستكون عملية مصادقات الجهات المختصة عليها أقل تعقيداً بكثير.
إلغاء استقلالية المستشار القانوني
إخراج الاستشارة القانونية من جسم هو جزء من الجيش ويتبع النيابة العسكرية العامة ونقلها إلى الإدارة المدنية التي هي جزء من وزارة الدفاع، هو التغيير الأكثر دراماتيكية في الاتفاق مع سموتريتش. في هذا البند، يُحيّد سموتريتش المستشارين القانونيين في الإدارة. والمعنى: تم صد مبادرات مختلفة من المستوطنين في عدد كثير من الحالات كالمخططات الهيكلية، وتوسيع البناء، وتخطيط شبكات البنى التحتية، وغيرها، من قبل المستشار القانوني في الإدارة، ما وفر شرحاً قانونياً متصلباً. وعقب ذلك، ادعت محافل في المستوطنات بأن المستشار القانوني في الإدارة كدي تجاه رؤساء المجالس في “المناطق” ولا يرغب في دفع الأمور قدماً. أما الآن فالوضع سيتغير وسيكون منصب المستشار القانوني عديم الأسنان تماماً.
لتنفيذ التغيير عملياً، سيجلب سموتريتش بطارية من المستشارين القانونيين الخاصين به، وهكذا يبلور فتاوى تنسجم والدفع بأعمال الاستيطان قدماً. والمعنى، أنه سيكون ممكناً تنفيذ جملة من الخطوات التي هي ظاهراً “دون السقف السياسي” مثل: استطلاعات الأرض، والبدء بإجراءات الإعلان، وشق طرق، وتغييرات “مدنية” أخرى. وللدفع قدماً بالشؤون المدنية وتركيزها، ستقام مديرية مع سبع حقائب تعمل تحت الوزير في وزارة الدفاع.
إضافة إلى ذلك، سيعالج المستشارون القانونيون تنفيذ وتكييف الأوامر العسكرية لقائد المنطقة والتي علقت في الإدارة منذ سنين.
تعيين منسق الأعمال ورئيس الإدارة المدنية
سيكون لسموتريتش تأثير على التعيين، وإن لم تكن له قدرة على التعيين عملياً لهذين المنصبين. بمعنى، أنه لن يكون دور الوزير في وزارة الدفاع في هذا البند مختلفاً جداً عما كان في الماضي. التغيير الوحيد سياسي في أساسه، إذ إنه حسب الاتفاق، ستسحب هذه الصلاحيات من وزير الدفاع وتنقل إلى الوزير الذي يمثل سموتريتش.
منسق أعمال الحكومة في “المناطق” – ضابط برتبة لواء – يعينه رئيس الأركان ووزير الدفاع. بشكل عام، هو تعيين يجلبه رئيس الأركان ويقره وزير الدفاع. قد يؤثر على القرار، ولكن بشكل محدود. رئيس الإدارة المدنية، ضابط برتبة عميد، يعينه رئيس الأركان. هنا أيضاً تأثير وزير الدفاع محدود. لهذا يجب أن يضاف ما أضيف إلى البند الذي كتب فيه بأن التعيين يتم بتنسيق وبموافقة رئيس الوزراء.
التماسات ضد المستوطنات في محكمة العدل العليا
تقرر في الاتفاقات بأن أجوبة الدولة التي ترفع إلى محكمة العدل العليا من النائب العام للدولة بالنسبة للمستوطنات يقرها الوزير بالتنسيق مع وزير الدفاع وبموافقة رئيس الوزراء. بمعنى أن سموتريتش وبواسطة بطارية المحامين الذين سيجلبهم، سيعالج كل أجوبة الدولة إلى العليا المتعلقة بالالتماسات على البناء غير القانوني.
إحدى أدوات الفلسطينيين في “المناطق” ومنظمات اليسار لمكافحة التوسع الاستيطاني، هي الالتماسات إلى المحكمة العليا. بشكل عام، يؤدي الالتماس في المرحلة الأولى إلى وقف أعمال البناء، ثم يبقى الوضع على حاله. ومن جانبها، تبلور الدولة موقفاً مختلفاً في كل مرة. كان هكذا في الأجوبة التي أعطيت لإخلاء الخان الأحمر، وبالمقابل إخلاء “حومش”. السيطرة على أجوبة الدولة ليست ختماً لاجتياز العليا، ولكنها بالتأكيد تسمح بمجال مناورة أكبر. الاختبار التالي في الموضوع سيكون في 22 من هذا الشهر، حين ستكون الدولة مطالبة بالرد في موضوع بؤرة “حومش”.
تمدين مناصب الإدارة وإخضاعها للوزارات الحكومة العادية
هدف سموتريتش في الإدارة المدنية واحد: نقل عموم الشؤون المدنية في “المناطق” إلى الوزارات الحكومية. رغم أن الحديث يدور عن منطقة لم تسوَّ مكانتها بعد (محتلة)، يحاول سموتريتش إخراج المعالجة المدنية رويداً رويداً في عملية طويلة تستغرق سنوات إلى الوزارات الحكومية، بحيث لا يحتاج أي مقيم في المستوطنات الذهاب إلى الإدارة المدنية قرب رام الله كي يخرج سند طابو، بل يمكنه فعل ذلك على الإنترنت مثل كل مواطن آخر في دولة إسرائيل.
بقلم: اليشع بن كيمون
يديعوت أحرونوت 6/12/2022