الاستيطان كان ولا يزال جوهر المشروع الصهيوني.. وإسرائيليون: متجهون نحو التصعيد ولا حل سوى بتقاسم البلاد مع الفلسطينيين

حجم الخط
0

الناصرة- “القدس العربي”: يؤكد الكاتب الصحافي الباحث في الشؤون الإسرائيلية أنطوان شلحت أنه من الصعب اعتبار المستوطنين الإسرائيليين في أراضي 1967 ظاهرة غير مألوفة في الحياة السياسية العامة لدولة الاحتلال، نظرًا إلى حقيقة أن الاستيطان كان ولا يزال جوهر مشروع الحركة الصهيونية منذ تأسيسها، إلا أن تصاعد مكانتهم ونفوذهم في سياق معركة الانتخابات الإسرائيلية، أخيرا، أتى بعد نحو عقد من انتخابات سابقة جرت في 2013، وكان هذا التصاعد بمثابة أبرز سمة طبعت بميسمها مرحلة ما بعد تلك الانتخابات.

وبرأي شلحت لم ينعكس تصاعد نفوذهم آنذاك فقط في اتساع شعبية حزب “الصهيونية الدينية” الذي خاض تلك الانتخابات تحت مُسمّى “البيت اليهودي”، وكان بزعامة نفتالي بينت، وفي علو مكانته، وإنما انعكس أيضًا في تعزيز سيطرتهم على “الليكود” الذي أصبح “أكثر استيطانيًّا”، بلغة أحد المعلقين، ونجاحهم في احتلال مرتباتٍ متقدّمة في قائمة “الليكود بيتنا” (بين حزبَي “الليكود” و”إسرائيل بيتنا”)، وفي واقع فرض الكثير من مظاهر التماهي مع أجندتهم على جميع الأحزاب الصهيونية.

تعزيز قوة تحالف “الليكود بيتنا” في الانتخابات سيتيح له إمكان القيام بمزيد من المناورات في كل ما يتعلق بضمان مستقبل المستوطنات في الضفة.

ويقول شلحت إنه، لإثبات ذلك، يكفي استعادة بعض الوقائع المجرّدة المتعلقة بهذا الشأن، والتي شفّت عنها تلك المعركة الانتخابية، منها: قيام رئيس الحكومة في حينه، بنيامين نتنياهو، بجولة في البؤرة الاستيطانية “رحيليم” التي صادقت الحكومة على تحويلها إلى مستوطنة دائمة، وُصفت بأنها أول جولة يقوم بها خلال ولايته الحالية في رئاسة الحكومة خارج “الكتل الاستيطانية الكبرى” في الضفة الغربية. ويشير لإعلان نتنياهو خلالها أن تعزيز قوة تحالف “الليكود بيتنا” في الانتخابات سيتيح له إمكان القيام بمزيد من المناورات في كل ما يتعلق بضمان مستقبل المستوطنات في الضفة؛ المحاولات المتكرّرة لزعيمة حزب “العمل”، شيلي يحيموفيتش، الرامية إلى منافسة “الليكود” في تأييد المستوطنين، وفي تقديم الميزانيات المالية لهم.

 ويضيف: “بدأت هذه بمحاولاتها في أثناء حملة الاحتجاج الاجتماعية في صيف 2011، حين قالت، في مقابلة صحافية، إنها لا ترى أن المشروع الاستيطاني يعتبر خطيئة أو جرمًا، وأن إجماعًا مطلقًا عليه، في حينه، وأن من نهض بالاستيطان في أراضي 1967 هو حزب “العمل”، وهذه حقيقة تاريخية. ورفضت الادّعاء أن سبب تدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية وغياب دولة الرفاه في إسرائيل يعود إلى رصد ميزانيات وموارد هائلة للاستيطان. اختيار زعيم حزب “ييش عتيد”، يائير لبيد، إطلاق حملته الانتخابية من جامعة أريئيل التي أقيمت في المستوطنة التي تحمل الاسم ذاته”.

بموازاة ذلك، أظهر تقرير صادر عن حركة السلام الآن، المناهضة للاستيطان، أن عدد الوحدات الاستيطانية التي أقرّت حكومة نتنياهو إقامتها في 2012 ازداد أربعة أضعاف عما أقرّت إقامته في 2011. وبالأرقام، أفاد التقرير بأن الحكومة صادقت في ذلك العام على خطط تقضي بإقامة 6676 وحدة استيطانية، أغلبها شرقي الجدار الفاصل، مقارنة بـ1607 وحدات صودق عليها في 2011، ومئات الوحدات التي صودق عليها في 2010… في ضوء ذلك تكرّر في حينه الحُكم بأن الخلافات بين الإسرائيليين إزاء مستقبل الأراضي المحتلة منذ 1967 حُسمت لمصلحة المستوطنين، وأن نُذُر هذا الحسم لاحت منذ تنفيذ ما تعرف باسم “خطة الانفصال” عن قطاع غزة في خريف 2005.

يحيموفيتش لا ترى أن المشروع الاستيطاني يعتبر خطيئة أو جرمًا.. ومَن نهضَ بالاستيطان في أراضي 1967 هو حزب “العمل”، هذه حقيقة تاريخية.

وبرأي شلحت ينبغي إعادة التذكير بأنه، بالتزامن مع تنفيذ تلك الخطة، أشار مقرّبون من رئيس الحكومة السابق، أريئيل شارون، بوصفه أبًا روحيًّا وعمليًّا لـ”مفهوم الانفصال”، إلا أنه كان مُدركًا على نحو جيّد أن هذه الخلافات حُسمت آنذاك لمصلحة المستوطنين.

ويتابع: “لذا فبواسطة إبراز الصعوبة الكبيرة التي واجهت عملية إجلاء عدة آلاف من المستوطنين في قطاع غزة أظهر للعالم كله صعوبات أكبر من المتوقع مواجهتها في حال الإقدام على عملية إجلاء تشمل أعدادًا تفوق عدد أولئك المستوطنين بعشرات الأضعاف في أراضي الضفة الغربية”. ويقول إنه منذ ذلك الوقت، تعزّز التقدير أن “الدولة الفلسطينية” التي تؤيد قوى سياسية إسرائيلية إقامتها إلى جانب دولتهم لا تختلف كثيرًا عن السلطة الفلسطينية الحالية، سواء من الناحية الجغرافية، أو من الناحيتين السياسية والأمنية.

في هذا السياق، حذر رئيس “الشاباك” الأسبق عامي أيلون من استمرار استخدام إسرائيل للقوة، ففي حديث مع صحيفة “معاريف” سئل ما إذا كان الأمر قد تحول إلى تصعيد أمني سببه اسرائيل فقال: “نحن متجهون نحو التصعيد، الناس سيموتون وسيصابون.. ولا حل سوى الحل السياسي وتقاسم البلاد مع الشعب الفلسطيني”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية