مواجهة ممثل العرب تقلب المعادلات.. لماذا شجع الفلسطينيون المنتخب الإنكليزي؟

أشرف الهور
حجم الخط
2

غزة – القدس العربي:  كان لافتًا في بطولة كأس العالم الحالية التي تستضيفها قطر، حضور فلسطين سياسيًا، التي وإن غابت عن الملاعب هناك، حضرت بقوة في مدرجات التشجيع، بشكل أغضب دولة الاحتلال، التي لاقى مشجعوها ووسائل إعلامها مقاطعة كبيرة، دللت على رفض الشعوب العربية للتطبيع، بما في ذلك المشجعين المغاربة وفريقهم الرياضي، الذي حمل العلم الفلسطيني بعد نتائج الفوز، فما كان من الفلسطينيين إلا أن تناسوا “النكبة”، وشجع بعضهم انكلترا خلال مواجهتها مع فرنسا، ليس حبًا بها، بل طمعًا بأن تلاقي المغرب، في المباراة القادمة، كونها الأسهل كرويًا من منتخب “الديوك”.

والمعروف في فلسطين أن المشجعين مع بداية البطولة العالمية لكرة القدم ينقسمون في تشجيعهم، فالكثير يشجعون البرازيل والأرجنتين، حبًا بلاعبيهم المشهورين وبطريقة لعبهم المميزة منذ بداية اللعبة، وآخرون يشجعون منتخبات أوروبية أخرى كفرنسا التي لها حضور كبير في فلسطين، كباقي الدول العربية، وكذلك إسبانيا، التي فيها فريقي ريال مدريد وبرشلونة، وهما من أكثر الأندية شهرة في العالم، ولهم مشجعين في كل الوطن العربي كذلك، لكن أيًا من الفلسطينيين، رغم متابعتهم للدوري الإنكليزي القوي جدًا، لا يشجعون هذا المنتخب، وكذلك المنتخب الأميركي لأسباب لها علاقة بالسياسية وبالواقع المأساوي الذي يعيشه الشعب الفلسطيني.

فالأولى، بريطانيا التي كانت تحتل فلسطين حتى العام 1948، وارتكبت قبل هذا العام مجازر عدة، وقامت ضدها ثورات فلسطينية، وكانت مسؤولة عن “النكبة”، وتسهيل الهجرات اليهودية لأرض فلسطين، ومن ثم تسهيل مهمة العصابات الصهيونية التي أمدتها بالسلاح في عمليات طرد الشعب الفلسطيني من أرضه وارتكاب المجازر وتدمير المدن والقرى، فيما عرفت بأحداث “النكبة”، تنفيذًا لـ “وعد بلفور” الصادر في العام 1917، فيما الثانية مسؤولة عن دعم دولة الاحتلال سياسيًا في كل المحافل وعسكريًا، بتزويدها بكل العتاد الذي استخدمته ولا زالت ضد الشعب الفلسطيني.

لكن واقع كرة القدم الجديد، ووجود المنتخب المغربي في “الربع النهائي” لبطولة كأس العالم، في الجهة التي تضم منتخبات البرتغال وفرنسا وبريطانيا، وبعد فوز المغرب في حدث لم يحققه أي منتخب عربي على البرتغال، ووصولها إلى “المربع الذهبي”، دفع بمشجعين فلسطينيين إلى تناسي “النكبة” قليلًا، وتشجيع إنكلترا على حساب فرنسا، المحبوبة فلسطينيًا في كرة القدم، على قاعدة “ليس حبًا في إنكلترا، ولكن عشقًا في المغرب”، باعتبار أن ملاقاة المغرب لإنكلترا في النصف نهائي، سيكون أسهل من ملاقاة فرنسا، الفريق الكروي المكتمل من كل النواحي، سواء بدنيا أو من ناحية الوسط والهجوم المميزين.

هتافات للمغرب في شوارع فلسطين

وبعد الفرحة العارمة التي عمّت شوارع فلسطين، وقطاع غزة بفوز المنتخب المغربي على فريق رونالدو ورفاقه، والتي تمثلت بخروج المشجعين للشوارع للاحتفال بالتهليل والهتاف للمغرب وحمل علمها، وإطلاق الألعاب النارية والمفرقعات، علت صيحات التشجيع عندما أحزز المنتخب الإنكليزي هدف التعادل، كما خرجت من تجمعات المشجعين صيحات الاستنكار عندما أهدر الإنكليز فرصة التعديل، بإضاعة ركلة الجزاء الثانية.

في أحد المقاهي التي تجمع فيها شبان من مدينة غزة، حول شاشة كبيرة نقلت المباراة، قال زياد النجار، الذي حضر ورفاقه مبارتي المغرب والبرتغال أولًا، ومن ثم فرنسا وإنكلترا، إنهم عاشوا فرحة الفوز الأولى، وكانوا يأملون بفوز إنكلترا، لتكون مهمة عبور المغرب للمباراة النهائية أسهل، وهو ذات الأمر الذي عبر عنه شاب عشريني يدعى مهند، حين كان يحتفل وحشد من الشبان بفوز المغرب، وقال “بدي (أتمنى) إنكلترا تفوز، علشان (لكي) تكون المباراة أسهل على المغرب”.

أحد رفاقه تدخل خلال الحديث، وقال: “أشجع منتخب الأرجنتين وفرنسا، وأتمنى أن يحمل ميسي كأس العالم، لكن أمام المغرب تسقط كل هذه الأمنيات”، ويضيف “في أي مواجهة قادمة أشجع المغرب أولًا”، وقد عبّر عن أمانيه بأن تلاقي الفريق الأسهل، وحين سُئل “إنكلترا أم فرنسا؟”، قال “باعتقادي إنكلترا الأسهل، فرنسا فريق متكامل وقوي”.

وكعاداته ظهر المنتخب المغربي بعد فوزه على البرتغال وإقصائه من المنافسات على غرار إسبانبا من قبل، وهو يحمل العلم الفلسطيني، إلى جانب المغربي، في دلالة على حب فلسطين، بعد أن أثبتت هذه البطولة، الرفض العربي للتطبيع، بإقرار من دولة الاحتلال، التي أقرت بخسارة كل جهودها السابقة، للتقارب مع الشعوب العربية، بعد “اتفاقيات أبرهام”، التي كانت المغرب أحد أركانها.

ونظمت احتفالات في العديد من المناطق الفلسطينية بفوز المغرب على البرتغال، وخرج المشجعون من منازلهم من المقاهي والساحات التي وضعت فيها شاشات لعرض المباريات إلى الشوارع، احتفالًا بالفوز، ملوحين بالعلمين الفلسطيني والمغربي، فيما لون بعضهم وجوههم بلون العلمين، وخلال الاحتفالات وزعت الحلوى، وأطلقت السيارات أبواقها، كما هتف المحتفلون بالقول “رونالدو وينو كسرنا عينه”.

اغتيال الفرح الفلسطيني 

وغيظًا من الفلسطينيين، اعتدت قوات الاحتلال الإسرائيلي، ليل السبت، على المحتفلين بتأهل المنتخب المغربي، والذين كانوا قد تجمعوا في منطقة باب العامود بالقدس المحتلة، وذلك بعد أن قام هؤلاء المحتفلون برفع الأعلام المغربية وصورًا للمنتخب المغربي، على أسوار البلدة القديمة.

جدير ذكره أن مباراة المغرب والبرتغال، جرى بثها عبر شاشات كبيرة في عدة ميادين فلسطينية، وحضرها مشجعون من كافة الأعمار، فيما أضاءت الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون مبناها بالعلم المغربي، احتفالًا بفوزه.

وكتب حسين الشيخ أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، على صفحته على “تويتر”: “المغرب ينثر الفرح الجماعي من المحيط الى الخليج، في مشهد عروبي يجتاح شوارع كل العواصم العربية احتفالًا بالانتصار الرياضي الذي وحد المشاعر وألهب الشوق للانتصارات المرجوة”، وأضاف “أسود الأطلسي أشعلوا ثورة في عقول وقلوب العرب، وهي رسالة عظيمة لها دلالة الترابط التاريخي والمصير المشترك للأمة”.

وبارك الناطق باسم حماس حازم قاسم “الإنجاز الرياضي الكبير” للمغرب بتأهلها لنصف نهائي مونديال قطر، وقال “هذا إنجاز تاريخي للرياضة العربية، وخالص التمنيات بالفوز في المباريات القادمة”، كما باركت الجبهة الديمقراطية فوز المغرب وبلوغه النصف نهائي، وقالت إنه يعد “إنجاز رياضي عربي يكتب للتاريخ”.

وفي هذه الأوقات يترقب الفلسطينيون المباراة القادمة للمنتخب المغربي ضد المنتخب الفرنسي، في المربع الذهبي، والجميع هنا يترقب الفوز والاحتفال بشكل أكبر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ابن الوليد. المانيا.:

    و الله شيئ جميل و معبر كثيرا .. من أجل المغرب .. فلسطين تتعالى عن ماضي حزين .. يا الله .. ❤
    .
    انتم تعرفون يا فلسطينيين مكانتكم الأبدية في قلوب المغاربة .. نحتاج جميعا مساندكم في قطر ..
    .
    كل المحبة .. و الأسود .. قدها و قدود .. منكم .. و اليكم ..

  2. يقول سعد المغربي:

    فلسطين في قلب كل مغربي…و المغرب في قلب كل فلسطيني منذ صلاح الدين الأيوبي…..حي المغاربة و العائلات المغربية التي مازالت موجودة في القدس تشهد على الانصهار الوجداني المغربي الفلسطيني ???????????????????????????????????

إشترك في قائمتنا البريدية