الناصرة: “القدس العربي”: قال مئير بن شابات – مستشار الأمن القومي الإسرائيلي سابقا إنه حان الوقت لتطوير العلاقات مع المغرب والاعتراف بسيادتها على الصحراء الغربية، زاعما أنه بالإمكان التطبيع أيضا على مستوى الشعب المغربي متجاهلا تكافل المغاربة الكبير مع فلسطين وسط تجاهل لقضيتها.
في مقال نشرته صحيفة “يسرائيل هيوم” يهلل دعوته بالقول إن الإنجازات المهمة لمنتخب المغرب في المونديال، وتأهُّله إلى نصف النهائي، وضعت المغرب في العناوين الرئيسية وإنه بين ليلة وضحاها، تحول المنتخب إلى الممثل الرسمي للعالم العربي في صراعه على الكأس الدولية أما في إسرائيل، فالشعور بالخذلان بسبب تضامُن لاعبي المغرب مع الفلسطينيين، لم يعكر فرحة مشجعي المنتخب المغربي.
بن شبات يراهن على إمكانية تطوير علاقات التطبيع بالقول إنه لم يمر أكثر من عامين على تجديد العلاقات ما بين الدولتين، ويبدو أنه لم تحدث قطيعة أصلاً. ويتابع “ففي الوقت الذي يعيش العالم صراعاً على النظام العالمي إلى جانب أزمات اقتصادية في العالم، تستطيع إسرائيل والمغرب طرح حلول تساعد على التعامل مع تحديات العصر. هذه الحلول يمكنها أن تعكس نقاط القوة النسبية لكلٍّ من الدولتين، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الشراكة بينهما. اليوم، أكثر من أي وقت مضى، حان الوقت لنقل العلاقات إلى درجة جديدة ما بين الطرفين”.
مستذكرا أن “الاتفاق التاريخي” كان بوساطة إدارة ترامب، وجزءً من “اتفاقيات أبراهام” وفي إطارها، تحول المغرب خلال أشهر معدودة، إلى الدولة العربية الرابعة المطبّعة مع إسرائيل معتبرا أن البيان الثلاثي غيّر الخريطة وصنع مرحلة جديدة بين الدولتين. كما يستذكر أنه قبل ذلك بـ20 عاماً، خلال سنة 2000، قطع المغرب علاقاته بإسرائيل في أعقاب الانتفاضة الثانية لكن العلاقات العميقة كانت جزءاً لا يتجزأ من إرث الجانبين.
ويشير إلى أن تاريخ اليهود في المغرب عميق، ويمتد على مدار أكثر من ألف عام وأن التقديرات تشير إلى أن اليهود الأوائل وصلوا إلى المغرب بعد “خراب الهيكل الثاني” المزعوم وأنه طيلة أجيال عديدة، استقبل المغرب الكثيرين من حكماء يهود إسبانيا والمحيط، وتحول هو نفسه إلى معقل لليهودية، على الرغم من الملاحقات الدينية والأزمات الصعبة التي مرّ بها اليهود.
ويقول إن مدينة السويرة مثلاً، سجلت حالة استثنائية في العالم المسلم، إذ كانت المدينة الوحيدة التي توجد فيها أغلبية يهودية وإنه لأجيال عديدة، هاجر اليهود من المغرب إلى فلسطين وشارك المهاجرون من المغرب في تجديد الاستيطان اليهودي في القرن التاسع عشر وتطوير مدن عديدة، بينها يافا وحيفا وطبرية والقدس. ويشير إلى أنه خلال السنوات الأولى من “تأسيس الدولة” هاجرت إليها أغلبية يهود المغرب، وبقيت فيها مجموعة يهودية صغيرة، معظمها يسكن في كازابلانكا وقلة منها في مراكش، ما زالت تحافظ على التقاليد، وبتشجيع ودعم من ملك المغرب، هناك مبادرات دائمة لترميم القبور والأحياء اليهودية حيث يسكن اليهود.
وأوضح أنه مع تجديد العلاقات في إطار “اتفاقيات أبراهام”، تم فتح خطوط طيران مباشرة ما بين تل أبيب وكازابلانكا ومراكش وتحول المغرب إلى أكثر الوجهات شعبيةً للإسرائيليين. مذكرا بأنه قد تم توقيع العديد من الاتفاقيات بين الوزارات الحكومية، والمؤسسات الأكاديمية، والشركات والمنظمات في الدولتين. متجاهلا استحضار الجماهير المغربية لفلسطين خلال المونديال في الدوحة يدعّي بن شبات أن شعور الشراكة والرضى عن تجديد العلاقات لا يميز فقط القيادات، بل يبرز جيداً في الشارع المغربي، وفي التعامل مع الإسرائيليين.
ويعلل بن شبات دعوته بتعزيز علاقات التطبيع مع المغرب بالقول: “الآن، بعد عامين على تجديد العلاقات، وبعد أن وُضعت الأساسات، حان الوقت لاستنفاد الإمكانات الكامنة الكثيرة في التعاون بين الدولتين. المغرب وإسرائيل يشكلان بوابتين للبحر المتوسط من الشرق والغرب. إسرائيل والمغرب والسودان يستطيعون التعاون لإيجاد حلول لأزمة الغذاء العالمية، التي باتت أصعب بعد الحرب في أوكرانيا. لدى السودان مثلاً الأراضي الخصبة المطلوبة لتحويلها إلى مصدّرة للقمح، لكن تنقصها المعرفة والأدوات المطلوبة”.
كما يزعم أنه لدى إسرائيل والمغرب القدرة على سدّ هذه الفجوة منوها إلى أنه بإمكانهما نقل المعرفة الإسرائيلية في مجال التكنولوجيا الزراعية إلى افريقيا، والفوسفات من المغرب، وصناعة التغيير من أجل مصلحة شعوب المنطقة. ويتابع “هذا بالإضافة إلى أنه في أعقاب أزمة الطاقة العالمية والعقوبات المفروضة على استيراد الغاز الروسي، يمكن للتعاون الإقليمي أن يمنح حلولاً بديلة، مشاريع كخط الغاز الطبيعي بين نيجيريا والمغرب، وخط غاز من إسرائيل إلى أوروبا، إلى جانب خط النفط من الخليج إلى أوروبا، ستكون ضرورية أكثر من أي وقت مضى. وهو ما من شأنه خلق فرص عمل في الدولتين، بالإضافة إلى مدخول يساعد الاقتصاد”.
على غرار السفير الإسرائيلي السابق في القاهرة ليفانون يدعي بن شبات أنه إلى جانب التعاون الحكومي والفرص الاقتصادية، من الضروري تعميق العلاقات بين المواطنين. وعن ذلك يقول “المغرب صادق مؤخراً على مسار تسهيل الدخول للإسرائيليين عبر الفيزا الإلكترونية، وعلى إسرائيل تبنّي سياسة مشابهة، بهدف تشجيع السياحة المغربية في إسرائيل. في نهاية المطاف، على إسرائيل الاعتراف رسمياً بسيادة المغرب على الصحراء الغربية. هذه الخطوة مطلوبة، بعد أن قامت بها دول كثيرة، بينها الولايات المتحدة. القيادة في المغرب تتوقع هذا أيضاً.
وسط تجاهل مريع للقضية الفلسطينية ومكانته في قلوب المغاربة والعرب يخلص بن شبات للقول إنه من جانب إسرائيل، وبالإضافة إلى ما ستقدمه هذه الخطوة لتطوير العلاقات مع الغرب، فإنها ستُضعف في الوقت نفسه جبهة البوليساريو، المدعومة من إيران وحزب الله. ويضيف “في نظرة إلى إنجازات العامين الماضيين، القلب يكبر والتفاؤل يطغى. هذه بداية صداقة مذهلة. فرص كثيرة موجودة أمامنا للتطور، وتحويل السلام مع المغرب إلى نموذج يحتذى بالنسبة إلى كل دول المنطقة”.