ثمة أسئلة مشروعة بشأن إمكانية النهوض بالاقتصاد المصري لا يمكن تجاوزها، إذا كانت الحكومة جادة في استثمار نتائج المؤتمر الذي بدأ أعماله في شرم الشيخ أمس بمشاركة عشرات الدول وعدد كبير من القيادات والوزراء ورجال الأعمال العرب والأجانب.
ومن غير طرح هذه الأسئلة بشفافية، ثم وضع آلية لمعالجة ما تكشف عنه من أزمات وأوجه قصور خطيرة، ربما يتحول المؤتمر إلى مجرد تظاهرة سياسية وإعلامية أخرى، سعى من خلالها النظام إلى الحصول على تثبيت للاعتراف به دوليا وإقليميا، وغطاء لتأمين مساعدات خليجية جديدة، من دون أن يمثل نقلة نوعية من الناحية الاقتصادية.
وللإنصاف فإن ثمة إجراءات اتخذتها الحكومة مؤخرا في الاتجاه الصحيح، مثل تعديل قوانين الاستثمار بما ييسر الإجراءات ويقدم الضمانات بالنسبة إلى المستثمرين، وكذلك قرارات البنك المركزي التي استهدفت توحيد سعر الدولار مقابل الجنيه.
وقد نوه صندوق النقد الدولي عقب مراجعة في الشهر الماضي بأن الإصلاحات الهيكلية والنقدية بدأت تحقق تحسنا في الاقتصاد المصري، غير أنه أضاف أن هناك حاجة إلى المزيد من الإجراءات لضبط المالية العامة وخفض البطالة.
وما يشير إليه الصندوق هنا هو أن استمرار البذخ الحكومي ومعدلات الفساد وغياب المحاسبية لايسمح للمواطن المصري بأن يشعر بنتائج أي إصلاحات اقتصادية أو حتى مساعدات مالية.
وتستهدف الحكومة الوصول بالعجز في الموازنة إلى 10 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول السنة المالية 2018-2019 من 15 في المئة في السنة الماضية. ويبلغ معدل البطالة حاليا نحو 13 في المئة ويمثل تحديا كبيرا أيضا.
وإذا عرفنا ان ثلاثة أرباع الميزانية المصرية تتوزع بالتساوي تقريبا بين ثلاثة بنود هي، أولا: دفع رواتب العاملين بالحكومة والجيش والشرطة، وثانيا: خدمة الدين العام، وثالثا: تمويل الدعم الحكومي للسلع الرئيسية والوقود، يمكن فهم عمق المأساة التي يعيشها نحو تسعين مليون مصري إذ يجدون أنفسهم مضطرين لتقاسم ربع الميزانية فقط في شكل خدمات صحية أو تعليمية أو مشاريع تنموية، إلى آخره.
ومن هنا تبرز ثمة أسئلة بديهية لكنها في الحقيقة جوهرية، ومنها:
– هل تستطيع الحكومة استيعاب المشاريع الاستثمارية الضخمة التي طلبت إقامتها أثناء المؤتمر في ظل البنية التحتية المتهالكة، والتدهور الأمني، ووجود نقص فادح في الطاقة اللازمة لتشغيل لتلك المشاريع؟
– هل تملك العمالة المدربة الضرورية للتوظيف في تلك المشاريع؟ وليس المقصود هنا التشكيك في قدرة العمال المصريين الذين طالما عرفوا بمهارتهم، ولكن غياب البرامج التدريبية الحكومية اللازمة لتأهيلهم للتعامل مع الصناعات الحديثة؟
– هل قدمت الحكومة، إلى جانب الوعود البراقة، أي تشريعات أو إجراءات محددة لمحاربة الفساد بين أركانها، وهو الذي طالما التهم في الماضي جميع الإصلاحات الاقتصادية قبل أن تصل ثمارها إلى القاعدة المسحوقة من المواطنين؟
– هل يملك النظام رؤية اقتصادية حقيقية لا تتبدل بتغير الحكومات، ولا تنقصها الشجاعة لاتخاذ قرارات مؤلمة لكن ضرورية بشأن ترشيد الدعم، الذي يذهب أغلبه لغير مستحقيه؟
إن من يعرفون مصر حقا سيدركون مدى صعوبة الإجابة عن هذه الأسئلة، خاصة في ظل حالة من الغموض السياسي ما أدى إلى تأخير غير مبررلانتخاب برلمان، وكأن المطلوب ألا يكون هناك من يراجع أو يحاسب، خاصة بشأن أوجه إنفاق أكثر من ثلاثين مليار دولار حصل عليها النظام من دول خليجية خلال العامين الماضيين. وعلى هذا الصعيد يجدر ملاحظة أن الدفعة الجديدة من المساعدات الخليجية جاءت غالبا في شكل ودائع أو استثمارات وليس منحا مباشرة، وإن كانت قيمتها السياسية لاتقل أهمية هذه المرة. كما حملت المشاركة القطرية في المؤتمر بوفد حكومي وعدد من رجال الأعمال رسالة ذات مغزى مهم، إذ أوضحت أن الخلافات السياسية، مهما بلغ عمقها، لم تغير موقف قطر الداعم للشعب المصري.
وأخيرا فإن مؤتمر شرم الشيخ يفتح نافذة مهمة دون شك أمام النظام للحصول على استثمارات، إلا أن الاستثمار الأهم يجب أن يقوم به النظام نفسه، عبر تطبق رؤية إصلاحية سياسية اقتصادية حقيقية وشاملة، تضمن تحقيق الاستقرار الذي هو ركيزة حتمية لأي نهضة اقتصادية.
رأي القدس
السلام عليكم
إنّ 12.مليار دولار رقم تستطيع أي دولة أن تشيد به مشاريع مهمة في حياة امة.ولكن ما جمع من طرف حكومةccلن ولم يكن في خدمة الامة المصرية بل سوف ينفق على شد ساعد الجيش والشرطة وصب العلوات من اجل تشديد القبضة الامنية من اجل اطالة عمر حكم ccالذي يزيد في تفكيك اواصر المجتمع المصري فعوض البحث عن جبر الكسر يسعي لتعفينه بتصريحاته ومما سيزيده قوة تلك الدولارات التي جمعت كصدقة بإسم ا(احياء الاقتصاد) فستتحول خيرات المنح الى زيادة في القبضة الحديدية على المصريين …فيجب على الدول المانحة أن تشرف بنفسها على عملية الانفاق أو بجعل لجنة حيادة تشرف على ذلك أو لجنة مختلطة لها سلطة القرار في عملية الانفاق فيما يعود بالخير على الامة المصرية …