عيد الميلاد: لا سلام على أرض السلام؟

حجم الخط
12

احتفلت أغلب الطوائف المسيحية في العالم، أمس الأحد، بذكرى حلول مولد السيد المسيح في حظيرة بسيطة في بلدة بيت لحم الفلسطينية قبل 2022 عاما.
تتذكر مليارات من البشر هذه الحادثة بأشكال متعددة من الفرح والزينة والهدايا التي تضعها العوائل المحتفلة تحت «شجرة الميلاد» الرمزية، كما في المسرحيات المدرسية والأفلام التلفزيونية والبرامج الوثائقية وحفلات التبرع والصلوات وفعاليات الاجتماع والمآكل التقليدية وتذكر الفقراء والمساكين والمظلومين.
رغم وجود الجغرافيا الفلسطينية في عمق هذا الحدث، ووجود ما يذكّر العالم، يوميا، بالتراجيديا الفلسطينية المستمرة، والمشتبكة بعمق بوجود المسيحيين الفلسطينيين أنفسهم، المهددين، مع إخوانهم المسلمين، بأشكال التهجير والقمع والاستئصال، فإن العالم، يتمكن، بطريقة عجيبة، من فصل الأحداث الآنية، عن الحدث الماضي، بحيث لا تعكّر تلك المأساة المتطاولة، على المحتفلين بالحدث المقدس القديم.
تزداد المفارقة العالمية بؤسا مع صعود حكومة إسرائيلية غير مسبوقة في صراحة إعلانها الكراهية الوجودية للفلسطينيين، وتمكينها الأحزاب الفاشية العنصرية في تنفيذ أهدافها التاريخية في إلحاق الأراضي الفلسطينية المحتلة بالدولة الإسرائيلية، وإلغاء احتمالات نشوء دولة وطنية فلسطينية، وذلك عبر أشكال جديدة من القمع المقنن، وتحويل أقسام من الجيش والشرطة إلى أشكال من الميليشيات التي تأتمر بقرارات النائبين العنصريين بن غفير وسموتريتش.
مما يؤسف له أيضا، أن الأعياد الكبرى التي تجمع أواصر البشرية، وتذكّرها بأصولها التاريخية والدينية المشتركة، أو بمصيرها الواحد، لا يؤثر أبدا على الحركة الدائبة للصراعات الدموية، ولا تجعل أطرافها يتفكرون للحظة في هدنة، على الأقل، لاحترام حقوق مواطنيهم في حفنة سلام ضئيل تؤودهم لأيام قبل أن تواصل آلات القصف والهدم والقتل والتدمير شغلها الدموي.
تحدث البابا فرنسيس في عظة عيد الميلاد الأخيرة عن هذه المسألة منبها إلى أن مستوى الجشع والتعطش للسلطة بلغ حدا صار فيه البعض راغبا في استنزاف وقتل الآخرين «حتى وإن كانوا جيرانهم وإخوتهم وأخواتهم»، وأن الضحايا الرئيسيين لهذا الجشع البشري هم الضعفاء، والأطفال الذين راحوا ضحايا للحرب والفقر والظلم.
الأغرب من ذلك أن الأخبار الدموية تزداد حدة وشراسة وهمجية خلال الأعياد الدينية، كما لو أن الحاجة إلى فترة من الهدوء والأمن المسروق والسلام المستقطع تشكل تهديدا لأصحاب القوة والوالغين في دماء الشعوب.
مع عيد الميلاد، صار أمرا معتادا، في أغلب المجتمعات البشرية، على اختلاف أديانها، أن يتحضر الناس للاحتفال بقدوم عام جديد، آملين، دائما، أن يكون فاتحة خير عليهم، وأن يمكنهم من بدايات جديدة، ولا يتمنى الإنسان، حتى لو خطأته الأحداث مرارا وتكرارا، أكثر من أمل بمستقبل أفضل، للشعوب المقهورة، والمحتلة أراضيها، وأن تعم الناس المسرة، ويظلل السلام الأرض.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الدكتور جمال البدري:

    شكرًا لمنْ كتب المقال…لم تكُ مجرد كلمات منضودة الأحرف؛ بل شمعات مشتعلة تسيح دموعها كطيف؛ كناية لدموع الأمّهات؛ أمّهات الشهداء…كلّ كلمة كتبت دمعة تضيء في كوكب دريّ؛ لا دمعة تفقأ الوميض في الليل السرمديّ…أأقول كلّ عامّ وأنتم بخيرووئام؟ أم أقول كلّ سنة والجميع بسلام؟ وما هو مفهوم السّلام في مهد المسيح ومسرى النبيّ الفصيح؟ صعب الكلام؛ فكيف كُتب هذا المقال الأنفس في سلسلة رأي القدس! ربّما منْ كتبه؛ أراد النحت على سور الفصل المغلق ؛ ليفتح ثغرة نحوالأفق المشرق! فهي كلمات من وحي تلك الكلمة التي كانت في البدء كخيول بيضاء ذات صهيل محبوس الأنفاس في جيد جياد ذات عنق؛ لعلّ النحت ها هنا يكون { الفلق } على شـرّ منْ خلق؛ من العالمين؛ والتعلّة كعفريت علاء الدّين المخبوء في المغارة؛ كمغارة المسيح…بعدما أفل في بني الإنسان ذلك الرجاء الألق؛ فكان الوعد كشلل الكسيح…وي كأنّ اليوم اختلاج الإرجوان للذبيح!؟

  2. يقول إبسا الشيخ:

    تحياتي لقدسنا العزيزة علينا
    وأتقدم بتهنئة أشقائنا المسيحيين الفلسطينيين بعيد ميلاد سيد المسيح وكذالك لكل أشقائنا العرب وغيرهم Marry Christmas ? ?

    1. يقول علـــــــــــــي الأول:

      Merry Christmas and Happy New Year

  3. يقول إبسا الشيخ:

    تحياتي لقدسنا العزيزة علينا
    نعم لا سلام مادام الكيان الإرهابي العنصري يقوم بأفعاله القبيحة واللاإنسانية دعك من القتل وووو بحق أهلنا مسلمين ومسيحيين،

  4. يقول الكروي داود النرويج:

    لم ينجح الصهاينة بالتفريق بين المسلمين والمسيحيين بفلسطين !
    المصيبة هي أن المسيحيين بالغرب المنافق يدعمون الصهاينة على حساب المسيحيين بفلسطين !!
    ولا حول ولا قوة الا بالله

  5. يقول الكروي داود النرويج:

    صديقي السوري الأرثدوكسي جورج إحتفل مع النرويجيين بعيدهم !
    فقلت له بأن الأرثدوكس بمصر و فلسطين و اليونان و روسيا يحتفلون بيوم 7-1-2023 ؟
    فقال لي بأنهم بسوريا يحتفلون مع الكاثوليك والبروتستانت , فهل هذا صحيح ؟ ولا حول ولا قوة الا بالله

    1. يقول علـــــــــــــي الأول:

      اسأل السيد جوجل فعنده الخبر اليقين و شكرا . .

  6. يقول علي حسين أبو طالب / Skellefteå:

    هامش
    تاريخ مولد سيدنا المسيح موضع اختلاف ,فهناك من يحتفل به في 25 ديسمبر و هناك من يحتفل به في 6 و 7 يناير و كذلك يختلفون في تاريخ عام مولده ، و عليه يكون تاريخ ميلاد المسيح من الغيب لا يمكن لأحد الجزم به كعدد أفراد أهل الكهف في القرآن الكريم و لكن الأكيد و مما لاشك فيه أن موعد ميلاده عليه السلام لم يكن في شهر كانون الأول / ديسمبر و لكن الأكيد وفقا لإنجيل متى و لوقا أن مكان الولادة كان في بيت لحم بفلسطين , و هناك من الباحثين في هذا الميدان يقول أنه ولد في شهر أغسطس أو سبتمبر, فهل هذا مصداق لقوله تعالى للسيدة مريم بعد الولادة ” و هزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطباً جنياً ” ؟ إلا أن المفسرين يقولون أن ذلك كان في الشتاء و الأمر كان معجزة من الله أن يأتي بالرطب في الشتاء كرامة للأم و وليدها , لكن القاريء يرى أنه لا يمكن ذلك لأن الأم لا يمكن أن تكون مع وليدها في الفضاء و الجو بارد في الشتاء و الله أعلم.
    و أخيراً يغلب على الإحتفالات بذكرى مولد السيد المسيح عند المسيحيين قاطبة طابع الفجور و اللهو و المجون ما يسيء إلى هذه الذكرى المقدسة و إلى صاحبها الداعي إلى طاعة الله في كل شيء و المستفيد الأول هو الشركات التجارية لتسويق يضائعها

  7. يقول سامح //الأردن:

    *نعم. إن شاء الله يعم السلام وينتهي هذا
    الإحتلال الإسرائيلي البغيض.
    حسبنا الله ونعم الوكيل في كل فاسد وظالم وقاتل.

  8. يقول ابو السعيد:

    السيد المسبح جاء برساله سلام لم يتحقق منها شئ للأسف ..اتباع الديانه المسيحيه او اكثر دقه قاده التابعين فى الغرب خاضوا وبخوضون الحروب المدويه فى الغرب والشرق والجنوب والشمال انهار من الدماء القتلى التدمير الغزوات الاحتلال العبوديه والرق النهب والسلب. دعم العدوان وكله تلك الأعمال تناقض تماما رساله المسبح الساميه.حتى بعض تلك الحروب الدمويه شنت باسم المسيحيه الغزوات الصليبيه) THE CRUSADE )؟! عيد ميلاد سعيد

  9. يقول محي الدين احمد علي:

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . ارسل الله السيد المسيح برسالة التسامح والمحبة والسلام والتراحم بين العباد ومكن الله السيد المسيح من المعجزات ما يجعل قومه يؤمنون به ومع ذألك لم يؤمن به الى القليل ولم يتحقق من رسالة السيد المسيح أي شيء من اهداف الرسالة على العكس نرى العنف والكراهية وعدما التسامح والحروب والقتل والاغتصاب واكل مال اليتيم والضعيف والمسكين والذين يحتفلون بيوم مولده اكثر الناس بعاد عن تعاليم السيد المسيح عليه السلام والسيد المسيح لو بيننا اليوم لتبراء من الذين يحتفلون به وعلينا نتذكر الحروب الصليبية ونتذكر هذه الحروب الان العالم يغلي من الحروب في كل مكان واغتصاب الأراضي وطرد شعبها منها وهي الأرض التي ولد عليها السيد المسيح ومما لفت نظري يوجد 3 كنائس في الأرض المحتلة وطلب بوتين هذه الكنائس اذا كنت مسيحي فعلا لماذا لا توقف هذا القتل المستمر من سوريا الى أوكرانيا والله واعلم اين ستذهب غدا للقتل وسفك الدماء وتدمير العراق من الذي دمرها وخرج علينا بعد ذألك ان ( 1 )

  10. يقول محي الدين احمد علي:

    العناية الإلهية هي التي ارسلته لقتل وتدمير شعب بالكامل لماذا هذه الشيزوفرنية التي يتعامل به القوي مع الضعيف وبعد ذألك الاختلاف على ميعاد مولده هو ده الموضوع . أسف جدا لهذا التعليق ولكن مما يجعلني غاضب هذا النفاق والان اين التسامح الذي ناده به السيد المسيح . وشكرا ( 2 )

إشترك في قائمتنا البريدية