أعتبر الترجمة وتحقيق النص القديم نوعين من أنواع التفاعل النصي (التعلق النصي) حيث تتم العلاقة بين نصين سابق ولاحق. أما السابق فهو النص الأصلي، والنص المخطوط، من جهة. وأما النص اللاحق فهو المترجَم، والنص المحقَّق، من جهة ثانية. وبالنظر إلى أنواع العلاقات بين النصين يمكننا التمييز عادة بين المحاكاة، أو التحويل، أو المعارضة. لكن تأمل العلاقة بين النصين المترجم والمحقق، والنص الأصل، تجعلنا إما أمام المحاكاة أو المضاهاة.
نتحدث عادة عن الترجمة باعتبارها خيانة، وهي كذلك حين تكون تجارية ليس لها من هدف سوى توفير نص مثير للاهتمام، أملا في تحقيق ربح سريع، ولذلك توزع فصول الرواية أو الدراسة على عدد من المترجمين، وتضم إلى بعضها لتشكيل نص رقيع. ويمكننا قول الشيء نفسه عن طبع المخطوط تجاريا، وبلا تحقيق، أو شبه تحقيق. في هاتين الحالتين نكون أمام المحاكاة التي تظل دون مستوى النص الأصلي، وفي أحسن الأحوال قريبة منه، لأنها على الأقل توفر لنا نصا بلغة أجنبية، أو تمكننا من معرفة ما يقدمه نص مخطوط، غير متاح. ولذلك تظل آثار هذين النصين مطبوعة بطابع محاكاة النص. وفي المقابل يمكننا الذهاب إلى القول إن الترجمة يمكن أن تكون إبداعا، حين لا تكون محاكاة أو خيانة، كما أن التحقيق يمكن أن يصبح نصا جديدا حين ينجح المحقق في جعلنا نطلع على النص الأصلي بصورة «أفضل» و»أحسن» بتوفيره إلى جانب النص المحقق مُناصات تقربنا منه أكثر، وتجعلنا نفهمه بصورة أدق، لو اقتصرنا على النص الأصلي بصيغته التي كتب فيها. وفي الحالتين الأخيرتين نتحدث عن المضاهاة النصية، في صورتها المثلى، وليس عن المحاكاة. وهذه المضاهاة، وهي تنبني على نص سابق، يمكنها أن تصبح «أهم» منه، و»أكثر فائدة» للقارئ.
المضاهاة النصية تفاعل مع نص سابق، وتتأسس على قاعدة ممارسة إبداعية يضفيها المترجم، مثلا، على النص الأصلي، بحيث يظل يحافظ على «مدلول» النص، أي محتواه الحكائي، أو المعرفي، لكنه يقدمه إلينا من خلال «دال» أي بخطاب تبدو لنا فيه إبداعية المترجم وقدرته على التفاعل الإيجابي مع النص الأصلي، فيحوله إلى اللغة الهدف ممتلكا كل مقومات اللغة والثقافة التي نقل إليها هذا النص بأساليبها وبلاغاتها وجمالياتها. لذلك أعتبر المضاهاة تحويلا إبداعيا لنص جديد على قاعدة علاقة إنتاجية مع نص سابق.
أعتبر المضاهاة النصية في حقل الترجمة نصا جديدا تظل آثار النص الأصلي باهتة في خلفيته، تماما كما في الكتابة على «اللوح الممحو» حيث تبرز حروف النص الجديد جلية وقابلة للقراءة، لأنها تحتل المستوى الأول.
في ضوء هذا التصور أعتبر المضاهاة النصية في حقل الترجمة نصا جديدا تظل آثار النص الأصلي باهتة في خلفيته، تماما كما في الكتابة على «اللوح الممحو» حيث تبرز حروف النص الجديد جلية وقابلة للقراءة، لأنها تحتل المستوى الأول. وهذه العلاقة هي التي سماها جيرار جينيت (Palimpsestes ) وهي التي أفضل ترجمتها بـ»ألواح» الذي وإن محوناها، تظل الحروف الممحوة باهتة «تلوح» بين الفينة والأخرى. إن ما يظل «يلوح» في المضاهاة النصية لنا كقراء هو فقط اسم المؤلف الأصلي، وعنوان الكتاب، ومحتواه العام. أما ما «يبدو» لنا في النص الذي نقرأ، فهو نص المؤلف الجديد الذي يمتلك نصية خاصة به، وتجعله مختلفا عما يمكن أن يقوم به مبدع آخر، وهو يقدم على ترجمة النص نفسه إلى اللغة الهدف عينها.
كليلة ودمنة ابن المقفع مضاهاة نصية إبداعية لا علاقة لها بالنص المترجم، لذلك لا أعتبر ما أقدم عليه ابن المقفع، وهو يتفاعل مع الترجمة الأصلية للنص، إبداعا جديدا تبرز لنا من خلاله «إبداعية» الكاتب، وخطابه الخاص، ويمكنني قول الشيء نفسه عن ترجمة كتاب «البويطيقا» لأرسطو في التراث العربي. فتلخيص ابن رشد، ليس هو ما قام به إحسان عباس، أو عبد الرحمن بدوي أو شكري عياد وسواهم. إن كل نص من هذه النصوص، وغيره مما يندرج في نطاقه، يحقق نوعا من التفاعل يدفعنا إلى التمييز بينها، حسب موقفها من المحاكاة، أو موقعها ضمن المضاهاة. تقدم لنا كل هذه الكتب آراء أرسطو حول الأجناس الإبداعية التي وقف عليها أرسطو، وتصوره عنها في ضوء فلسفته العامة، لكنها جميعا تختلف في درجة فهم المحتوى، والقدرة على إنتاج خطاب قابل لنقل معرفة بلغة ملائمة، وتعبير واضح وشفاف. ولعله لهذه المهمة الصعبة التي يضطلع به المترجم تكمن العلة التي ترى أن الترجمة خيانة. ولهذا أيضا وأيضا، نجد بعض الكتب المميزة في التراث الإنساني تحظى بترجمات كثيرة، فتتطلب ترجمات متعددة. قل لي كم مرة ترجم أرسطو في كل اللغات، وكم مرة ترجمت الليالي، وأعيدت ترجماتها مرات ومرات في اللغة نفسها، وفي اللغة العربية، على سبيل المثال توجد حوالي ثماني ترجمات لرباعيات الخيام، أقل لك: إن كل ترجمة تختلف عن أختها، وابنة خالتها. إن كلَّ ترجمة نصٌّ جديد لا يمكننا إلا أن ننسبه إلى صاحبه، فنقول «فن شعر أرسطو» لعبد القادر بدوي، و»رباعيات عمر الخيام» لإدوار فيتزجيرالد، و»ليالي» أنطوان غالان، وقس على هذا. المحاكاة ترجمة نص، أما المضاهاة فنص جديد يتعلق بنص آخر إبداعيا.
كاتب مغربي
السؤال الأهم هو لماذا لا تستطيع (الآلة) أخذ مكان (الإنسان) في موضوع (اللغة) إن كان في التأويل أو الترجمة أو التفسير، بالذات، هو أول تعليق على ما ورد تحت عنوان (الترجمة والمضاهاة النصية) https://www.alquds.co.uk/?p=3122121
والأهم هو لماذا، وما دليلي على ذلك يا (ا.د. سعيد يقطين) كممثلاً عن فكر أهل الأندلس (المغرب)، قبل فكر أهل دولة الحداثة (الفرنسية)،
فالسؤال هنا، ما هي الدولة، وما هي لغة أي دولة، وما هي لغة دولة الآلة/الروبوت،
وما الفرق بينها وبين لغة الآلة أو ذكاء الآلة (الروبوت)؟!
ولماذا ليس هناك ترجمة إلى لغة القرآن وإسلام الشهادتين، تقبل من ناحية شرعية أو قانونية أو حتى تدوين،
لأن لغة القرآن المعتمدة هي التي وصلتنا من حافظ إلى حافظ حتى الرسول صلى الله عليه وسلم، سماعاً من خلال عدة قراءات،
وعبقرية أهل اللغة لدينا، اختراع أسلوب يجمع كل القراءات في نص واحد، الذي تجده في طبعة مجمع الملك فهد، لطباعة لغة القرآن وإسلام الشهادتين وترجمة معانيه بكل اللغات الإنسانية،
لأن من رأيي أن إصلاح علم الترجمة وعلم التأويل من خلال الإعتراف بعلم التدوين، ممثلاً في الأرشيف العثماني أولاً،
لو أردنا تجاوز كل مساوئ، مفهوم التأميم/السلبطة/السرقة بلغة القانون،
والتي كانت السبب في كل مآسي أهل فلسطين، أو أهل دولة الحداثة من الأمازيغ بغض النظر كانت الدولة ملكية أو جمهورية على أرض الواقع، أليس كذلك أم لا؟!
فما الحل إذن، لو أردت أي حلول،
يجب تغيير مناهج تعليم اللغة، لتكون اليد العليا إلى لغة القرآن وإسلام الشهادتين، وليس إلى اللغات الأوربية،
ومن بعد ذلك، نتعلم الترجمة والتفسير والتأويل وليس العكس، كما هو حاصل الآن في مناهج التعليم/التكوين المهني/الوظيفي، يجب إحترام معنى المعاني في القواميس وهيكل اللغة،
لا أن يكون مفهوم التغيير بحجة التطوير، من خلال رفض معنى المعاني أو هيكل اللغة، في الشعر والتعبير والحوار، لأن اللغة وسيلة الحوار، من أجل الوصول إلى إتفاق مع الآخر،
وليس من أجل الضحك عليه، لسرقة أمواله، بحجة الفرجة/النقد/المسخرة/التهريج، على عمل أدبي.
ظهر الآن موقع Open AI وشركة مايكروسوفت استحوذت على الإستثمار به بمبلغ 10 مليار دولار، لإعادة صياغة كل منتجاتها عليه، ماذا يعني ذلك؟!
ومن جانب آخر، أهل عقلية المال أولاً، أم عقلية الفكرة أولاً، في جعل المال يعمل لك،
مثل جماعة شركة The Success Factory، ممثلي تسويق فكرة THE VIEW كمنتج من منتجات تقنية WEB 3.0،
الآن مهمة أي (إنسان/أسرة/شركة)، هو التفكير، في مُنتَج، الإنسان والأسرة والشركة في حاجة له،
ثم تصميم فرانشايز له، من خلال موظف (روبوت)، لاختيار أفضل أماكن، في أي شارع/سوق، في أي قرية أو مدينة في دولتك،
كما تلاحظها في الصور التالية، أليس كذلك، أم لا؟!??
??????