لندن – “القدس العربي”:
قالت مجلة “إيكونوميست” إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بدأ يقدم في قصره شراب المانجا العام الماضي، ولكن المسؤولين في حزب العدالة والتنمية، الذين أحبوا الشراب اندهشوا عندما علموا أن المانجا هي هدية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. ذلك أن أردوغان والسيسي ظلا على عداوة مستمرة لأكثر من عقد. وكإسلامي قدم أردوغان دعمه الكامل للإخوان المسلمين الذين أطاح بهم السيسي عام 2013، كما ودعم الربيع العربي الذي أنهى حكم حسني مبارك عام 2011. وعندما سيطر السيسي على السلطة وقتل المئات من المعتصمين الداعمين لمحمد مرسي قدم أردوغان الدعم لهم ومنح للهاربين من قادتهم ملجأ آمنا في تركيا ووصف الرئيس السيسي بالطاغية.
وتقول المجلة إن الإسلام السياسي في تركيا حقق تقدما قليلا وأقل مما كان يطمح أردوغان به، ولكن الربيع العربي الذي صعق العالم العربي جعل تركيا من أكبر المصدرين له. وإلى جانب مصر دعمت تركيا الأحزاب الإسلامية في سوريا وتونس وليبيا. وحاول أردوغان ووزير خارجيته في حينه أحمد داوود أوغلو التعجيل بنهاية النظام القديم وتعزيز تركيا وتأثيرها بالمنطقة.
لكن السياسة فقدت زخمها عندما سيطر السيسي بعد عامين على السلطة في مصر وتدخل الروس في سوريا، واليوم بدأ أردوغان ببناء الجسور، حيث صافح في تشرين الثاني/نوفمبر السيسي أثناء افتتاح مباريات كأس العام في قطر، وعبدت أشهر من المحادثات بين الدبلوماسيين ورجال المخابرات من البلدين الطريق أمام هذه اللحظة.
وأصلح أردوغان العلاقات مع معظم الدول التي عانى معها من مشاكل وتحدث عن “عهد جديد” في العلاقات مع السعودية والتقى في الصيف مع ولي العهد محمد بن سلمان، الذي يعتقد أنه أمر بقتل الصحافي جمال خاشقجي في إسطنبول. وعقد أردوغان اتفاقيات تجارية جديدة مع الإمارات العربية المتحدة والتي شنت إلى جانب مصر حربا بالوكالة ضد تركيا في ليبيا والمتهمة بمساعدة محاولة انقلاب فاشلة ضده عام 2016. وأغضب أردوغان أنصاره الإسلاميين عندما أعاد العلاقات مع إسرائيل التي قطعها بعد قيام كوماندو إسرائيلي بالهجوم على سفينة مساعدات لغزة عام 2010 بل وحاول التواصل مع الرئيس بشار الأسد في سوريا.
دوافع أردوغان مختلفة، فهو يريد المال الخليجي لدعم الليرة التي فقدت قيمتها، على الأقل لحين الانتخابات في حزيران/يونيو. وتعهدت الإمارات باستثمار 10 مليارات دولار ووافقت على تبادل عملة بقيمة 5 مليارات دولار بشكل زاد من احتياطي الدولار الذي نضب. وتأمل تركيا بإضعاف العلاقات المصرية الإسرائيلية ودعمهما لليونان وموضعة نفسها كنقطة العبور الرئيسية للغاز الطبيعي في البحر المتوسط.
لكن ضبط العلاقات جاء بثمن، فقد وافقت تركيا على التخلي عن التحقيقات في قضية مقتل خاشقجي ومنحت القتلة فرصة للإفلات من العقاب. كما أمرت القنوات المعارضة للأنظمة في الخليج ومصر بتخفيف نبرتها. وقررت قناة واحدة على الأقل وقف عملياتها في تركيا. وستطالب دمشق بثمن للتطبيع، فصفقة مع الأسد ستجبر تركيا على قطع صلاتها مع الجماعات المسلحة، كما تقول دارين خليفة من مجموعة الأزمات الدولية. ويبدو الإسلام السياسي قوة لا أهمية لها في السياسة الخارجية التركية، على الأقل الجماعات الإسلامية في العالم العربي.
وهل انتهاج تركيا أردوغان للإسلام السياسي (للإخوان المسلمين) ، كان من أجل الإسلام ، ولم يكن من أجل مصالحها الذاتية والإقليمية؟ .
أردوغان مراوغ محترف ينتهز الفرص لمصالحه الشخصية. إن الدهر يومان يوم لك ويوم عليك.
اردوغان سياسي بإمتياز فهو لم يغير من رؤيته وطموحاته يسير اينما تسير السياسة فالسيسي والاسد باقين لاجل مسمى فعليه التعامل معهما للوصول الى اهدافه قصيرة وبعيدة المدى، اما من لا يفهم السياسة ويفكر عقائديا وليس سياسيا سيجد ان الرئيس طيب رجب اردوغان قد تخلى عن عقيدته!