مساع أمريكية للتهدئة بين رام الله وتل أبيب.. وسوليفان يطالب بوقف الاستيطان

أشرف الهور
حجم الخط
2

غزة– “القدس العربي”: تحاول الإدارة الأمريكية تهدئة الأوضاع الميدانية والسياسية، في ظل اشتعال الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، خاصة مع بدء تنفيذ حكومة اليمين الإسرائيلية برنامجها القائم على هضم حقوق الفلسطينيين وتوسعة الاستيطان، والتنكر للاتفاقيات المبرمة، في وقت كشف فيه مسؤولون فلسطينيون، بأن دراسة تجري لعدة سيناريوهات للتصدي لمخططات حكومة تل أبيب.

ومع بداية الجولات السياسية، التي تعمل من خلالها الإدارة الأمريكية على التهدئة، بدفع مستشار الأمن القومي إلى المنطقة، طلبت من كلا الطرفين التهدئة، تمهيداً لزيارة وزير الخارجية أنتوني بلينكن، نهاية الشهر الجاري.

ضغط بلا أدوات

وفي رام الله، مركز حكم السلطة الفلسطينية، يترقب المستوى السياسي أن تساهم سياسات واشنطن في تخفيف حدة السياسات الإسرائيلية، في ظل وجود قناعة كبيرة هناك، بعدم قدرة الإدارة الأمريكية، التي أطلقت تصريحات انتقاد كثيرة لسياسات حكومة اليمين التي يقودها بنيامين نتنياهو، على تغيير تلك السياسات المتطرفة.

ويؤكد مصدر فلسطيني مسؤول أن المباحثات الأخيرة مع مسؤولين أمريكيين، والاتصالات التي أجريت مع آخرين في واشنطن، اتضح خلالها أن إدارة الرئيس جو بايدن تمسك العصا من المنتصف، وأنها، حتى اللحظة، لم تعلن أو تبلغ الجانب الفلسطيني عن أي أداة ضغط حقيقية لوقف سياسات اليمين.

وفي رام الله هناك قناعة كاملة بأن التصريحات والتنديدات التي عبر عنها ممثلو الدول الأعضاء في مجلس الأمن مؤخراً، وكذلك إدانات الإدارة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي، الرافضة لسياسات التوسع الاستيطاني، لن تجدي نفعاً دون اقترانها بفعل على الأرض.

حسين الشيخ: “المطلوب هو إرادة أممية دولية تُجبر إسرائيل على تنفيذ قرارات الشرعية الدولية، ودون ذلك إسرائيل هي خارج القانون الدولي ولا تعترف بالشرعية الدولية”.

وعلمت «القدس العربي» أن الجانب الفلسطيني، وخلال اللقاء الأخير مع مسؤول الملف الفلسطيني في الخارجية الأمريكية هادي عمرو، طالب بأن توقف قوات الاحتلال العمليات العسكرية، خاصة شمال الضفة الغربية، وتتوقف عن اقتحام مراكز المدن، كونها تؤثر بشكل كبير على الوضع الميداني، وتنذر بتصعيد خطير في المرحلة القادمة، حيث استمع الجانب الأمريكي لشرح كامل حول التوقعات للفترة القادمة.

مطالب فلسطينية

وحسب المصدر الفلسطيني المسؤول، سيقدم الجانب الفلسطيني لمستشار الأمن القومي الأمريكي، ذات الطلبات السابقة، التي قدمت لمسؤولين أمريكيين، وهي ضرورة وقف المخططات الاستيطانية الإسرائيلية، وتنفيذ إدارة بايدن وعودها السابقة الخاصة بإعادة فتح مكتب تمثيل منظمة التحرير، وفتح القنصلية المغلقة التي استبدلت حالياً بتشكيل فريق أمريكي من الخارجية مسؤول عن العلاقات مع الفلسطينيين، وكذلك إزالة منظمة التحرير من “قائمة الإرهاب”.

ويتوقع الجانب الفلسطيني أيضاً، في هذا الملف، أن يطلب المسؤول الأمريكي بأن تتوقف القيادة الفلسطينية عن تنفيذ الخطة السياسية، القاضية بالتوجه إلى مؤسسات الأمم المتحدة لإدانة سياسات إسرائيل.

وفي هذا السياق، أكد أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ أن الرئيس محمود عباس سيبلغ مستشار الأمن القومي الأمريكي خلال اللقاء معه، بأن القيادة تتدارس الآن اتخاذ جملة من الإجراءات رداً على التصعيد الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني.

وشدد على أنه سيكون هناك موقف واضح وجدي للتأكيد على مطالبة الإدارة الأمريكية ببذل كافة الجهود لتنفيذ القرارات الدولية ولجم الاحتلال عن جرائمه وفاشيته بحق الشعب الفلسطيني، وأن تأخذ دورها بشكل جدي، وليس من خلال التصريحات، لافتاً إلى أن الرئيس عباس طالب أكثر من مرة بتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني.

وقال: “المطلوب هو إرادة أممية دولية تُجبر إسرائيل على تنفيذ قرارات الشرعية الدولية، ودون ذلك إسرائيل هي خارج القانون الدولي ولا تعترف بالشرعية الدولية”.

من جهته أكد محمود العالول، نائب رئيس حركة “فتح”، أن عدداً من السيناريوهات يجري نقاشها داخل أطر القيادة لـ “تحديد كيفية التعاطي مع الوضع القائم”، وأضاف، في مقابلة مع الإذاعة الفلسطينية: “العالم لم يُبق لنا سوى خيار واحد وهو مواجهة هذا التحدي ومقاومته”، لافتاً في ذات الوقت إلى أن الحراك الدبلوماسي متواصل على الساحة الدولية لـ “عزل الاحتلال من جهة ومقاومته على الأرض من جهة ثانية”.

وفي السياق، أدانت وزارة الخارجية والمغتربين انتهاكات سلطات الاحتلال الإسرائيلي، وميليشيا المستوطنين المتواصلة بحق المواطنين الفلسطينيين، وأرضهم وممتلكاتهم ومنازلهم ومقدساتهم، وفي مقدمتها الاقتحامات الدموية العنيفة، بما تخلفه من شهداء وإصابات في صفوف المواطنين.

وأكدت أن هذه الانتهاكات تندرج في إطار مخططات حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة الهادفة لـ “تحقيق أوسع عملية ضم تدريجية صامتة للضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وتغيير واقعها بقوة الاحتلال، عبر خلق وقائع جديدة على الأرض يصعب تجاوزها في أية مفاوضات مستقبلية”.

وحذرت الخارجية من مغبة توظيف اليمين الإسرائيلي الحاكم لرواياته الدينية، بهدف تحقيق المزيد من مشاريعه الاستعمارية التوسعية، ورحبت بمواقف الدول في جلسة مجلس الأمن، التي انحازت للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، وأكدت التمسك بحل الدولتين، وطالبت بوقف جميع الإجراءات أحادية الجانب غير القانونية وإنهاء الاحتلال، وبترجمة الأقوال إلى أفعال تضمن توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني.

ومع استمرار مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، مباحثاته خلال زيارته للمنطقة، نقل موقع “واللا” العبري عن مسؤولين أمريكيين قولهم إن المباحثات تهدف إلى التوصل إلى تفاهمات مع الحكومة الإسرائيلية الجديدة حول سياساتها تجاه القضية الفلسطينية، معتبرين أن الخطوات أحادية الجانب من قبل الحكومة الإسرائيلية، تهدد قابلية تطبيق “حل الدولتين”.

ونقل الموقع عن مسؤول أمريكي رفيع قوله “إن سوليفان يهدف إلى أن “يقدم لنتنياهو بوضوح التوقعات الأمريكية من الحكومة الجديدة، وخاصة ما تريد الولايات المتحدة من إسرائيل أن تفعله، وما تريدها أن تمتنع عنه”.

العالول: “العالم لم يُبق لنا سوى خيار واحد وهو مواجهة هذا التحدي ومقاومته”.

سياسة الجزرة مع نتنياهو

وحسب ما قال مصدر مقرب من البيت الأبيض تحدث لموقع “واللا”، فإن الإدارة الأمريكية لا تعتزم الدخول في “مواجهة” مع نتنياهو في هذه المرحلة، وشدد المصدر على أن إستراتيجية الرئيس جو بايدن هي “احتضان” نتنياهو والعمل معه بسياسة “الجزرة وليس العصا”.

هذا وقد أكد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، جون كيربي، أن سوليفان سيؤكد في الاجتماعات التي سيعقدها في إسرائيل، على التزام الولايات المتحدة بـ”حل الدولتين” في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

وتأتي هذه الزيارة قبيل زيارة وزير الخارجية بلينكن، نهاية الشهر الجاري، وكلاهما تمهدان لزيارة نتنياهو للبيت الأبيض الشهر القادم.

ويأتي ذلك في ظل اعتراضات الإدارة الأمريكية على سياسات حكومة اليمين الإسرائيلية الخاصة بالاستيطان، والتي تشمل طرح مخططات جديدة، وشرعنة “البؤر الاستيطانية” العشوائية، وغيرها من الإجراءات التي تؤدي في النهاية إلى تنفيذ خطة ضم مساحات كبيرة من أراضي الضفة.

وفي مسعى إسرائيلي لعدم توتير الأجواء مع زيارة مستشار الأمن القومي الأمريكي، أزالت بلدية الاحتلال في القدس، عن جدول أعمالها مداولات كان مقرراً أن تجري، حول مخطط لتوسيع مستوطنة “نوف تسيون” في منطقة جبل المكبر في القدس المحتلة.

وهذا المخطط لتوسيع المستوطنة، الذي كان مقرراً التداول فيه، يشمل بناء 100 وحدة سكنية و275 غرفة فندقية، وأن يربط مستوطنة “نوف تسيون” بمستوطنة “أرمون هنتسيف”، ولو لم تكن سلطات الاحتلال قد أجّلت بحث الملف، لأحرج ذلك كثيراً إدارة بايدن، التي تعلن مراراً رفضها للاستيطان، خاصة أن الأمر كان سيتصادف مع زيارة مسؤولها الكبير للمنطقة، وفي ظل الاعتراضات الدولية الكبيرة لتوسعة الاستيطان.

وكانت صحيفة “هآرتس” العبرية ذكرت أن وزراء خارجية عدد من الدول الأوروبية اتصلوا، الأسبوع الماضي، بوزير الخارجية الإسرائيلي الجديد إيلي كوهين، وحذروه من الإقدام على أي خطوات أحادية الجانب، ومن أن أي خطوات استفزازية في القدس والضفة الغربية قد تقلص من فرص تحقيق حل الدولتين.

ورغم أن هذا المشروع جرى إرجاء مناقشته، إلا أن سلطات الاحتلال لم تلغه تماماً، ما يجعل من أمر طرحه لاحقاً وارداً في أي لحظة.

لكن، وفي محاولة أخرى لإرضاء إسرائيل، أكدت الولايات المتحدة الأمريكية، التزامها بإبقاء موقع سفارتها في مدينة القدس المحتلة.

وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس: “ملتزمون بإبقاء موقع السفارة الأمريكية في القدس، وواشنطن تعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل”، لافتاً إلى أن “الوضع النهائي لمدينة القدس سيتم تحديده بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي”.

وفلسطينياً، نددت حركة “حماس” بإعلان الخارجية الأمريكية التزامها بإبقاء سفارتها في مدينة القدس المحتلة، وقال الناطق باسم الحركة حازم قاسم، في تصريح صحفي: “إعلان الخارجية الأمريكية التزامها بإبقاء سفارتها في مدينة القدس يؤكد إصرار إدارة بايدن على الجريمة التي ارتكبتها الإدارة الأمريكية السابقة”.

وتابع: “واشنطن شريكة في العدوان على شعبنا وحقوقه الثابتة، وهي تواصل انتهاكها للقانون والقرارات الدولية ومعاداة شعوب أمتنا العربية والإسلامية بدعمها الكامل للاحتلال والتغطية على جرائمه”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول قلم حر في زمن مر:

    بل وقف مجازر بني صهيون في حق الأرواح الفلسطينية البريئة التي تزهق يوميا من قبل السفاحة إسرائيل

  2. يقول عامر عريم:

    مع الاسف ان القلق من قبل الدول الغربية الداعمة لاسراءيل بسبب سياساتها العنصرية ضد ألشعب الفلسطيني ما هو إلا محاولة لتهدئة الوضع. المطلوب موقف موحد من الدول العربية والإسلامية والدول المهتمة حقًا باقامة السلام العادل في فلسطين ان تضغط باتجاه إصدار قرار ملزم من مجلس الامن للامم المتحدة وتحت البند السابع من ميثاق الامم المتحدة يطالب اسراءيل بالانسحاب من الاراضي الفلسطينية المحتلة بما في ذلك القدس الشريف وعدم عرقلة قيام ألدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وعودة اللاجئين الفلسطينين الى ديارهم.
    سبق ان طالبين بهذا. أدعو القدس العربي وقراءها القيام بحملة من اجل الضغط على الدول الغربية في مجلس الامن للامم المتحدة عدم معارضة هذا القرار وفرض عقوبات على اسراءيل في حالة رفضها تنفيذ هذا القرار.

إشترك في قائمتنا البريدية