قبل 32 سنة، في نهاية شباط 1991، طرد تحالف دولي برئاسة الولايات المتحدة الجندي العراقي الأخير من الكويت بعد أن صفى نحو ثلث الجيش العراقي. نشب عقب الهزيمة تمرد شيعي هائل ضد النظام (الذي كان في أساسه سُنياً)، كما انضم الأكراد إليهم أيضاً. قمعت التمردات بصعوبة جمة وبأنهار من الدم وخلفت رواسب كراهية رهيبة بين الطوائف المتمردة والطائفة السُنية. أصبح العراق منبوذاً في الساحة الخارجية.
من بادر إلى غزو الكويت، صدام حسين، فكر صحيحاً عن المرحلة الأولى: الحملة العسكرية. أعد “الحرس الجمهوري” العراقي جيداً، وفي غضون ساعات احتُلت الدولة الصغيرة. كما نجح في إبقاء خطته في السر بحيث تفاجأ العالم كله، وبالتالي لم يفعل شيئاً كي يمنع الغزو. لكنه أخطأ خطأ جسيماً في أنه لم يتشاور مع أحد غير قائد الحرس ومقربين اثنين له، ولم يكونوا أحراراً في التعبير عن رأيهم. لم يتشاور مع القيادة السياسية التي خدم اثنان من أعضائها على الأقل كوزيري خارجية، وهما طارق عزيز وسعدون حمادة، اللذان كانا يعرفان جيداً الولايات المتحدة. والخطير في الأمر أن وزير الدفاع ورئيس الأركان الجنرالين المجربين، لم يعلما بالغزو إلا حين أنهى الحرس احتلال الكويت. كانا يعرفان الكثير عن جيش الولايات المتحدة، وكان بوسعهما أن يحذرا من الصدام مع جيش متفوق بهذا القدر. وبالفعل، حين كان العراق مسيطراً على الكويت، حذر رئيس الأركان عبد الكريم خزرجي صدام حسين بأن عليه الانسحاب بدون معركة؛ لأن الحرب ضد الولايات المتحدة والتحالف ستنتهي بكارثة.
صدام حسين، الذي لم يفهم قيود جيشه وقدرات الولايات المتحدة، أقاله على الفور من منصبه. دون تشاور أوسع، لم يفكر بأكثر من خطوة واحدة إلى الأمام، وكانت النتيجة كارثية. سبب هذا السلوك كان القوة المطلقة. فنصر العراق بالنقاط على إيران في 1988 كان نصراً أشبه بالهزيمة لأنه خلف عراقاً بلا إنجازات إقليمية مع خسائر فادحة ومع دمار شديد. لكن في أعقابه ثبت صدام حسين نفسه كحاكم وحيد مطلق وكف عن التشاور. ما كان لأحد أن يعبر عن معارضة. كل قرار استراتيجي اتخذه صدام حسين منفرداً. كان هذا هو السبيل الذي اتخذ فيه زعماء آخرون أيضاً قرارات مصيرية، قبله وبعده. وأقرب مثال قرار فلاديمير بوتين غزو أوكرانيا. بقدر ما هو معروف، فإنه لم يتشاور إلا مع عدد من المقربين للغاية، وكلهم إمّعات لم يفهموا أوكرانيا والناتو ولا قدرات الجيش الروسي الحقيقية.
في كانون الثاني 1990 بعث رئيس الوزراء إسحق شمير رسولاً كبيراً إلى جنيف، حيث كان يقيم برزان التكريتي، أخ صدام حسين، كممثل دبلوماسي. اقترح الرسول على صدام عبر أخيه اتفاق سلام أو إنهاء حالة الحرب. صدام حسين، الذي فكر حتى 1986 بعلاقة مع إسرائيل لغرض المساعدة من الولايات المتحدة، رفض هذا وطلب من أخيه قطع الاتصال فوراً. فهدد إسرائيل بهجوم كيميائي إذا ما هاجمت العراق. ويبدو أنه آمن بأن هذا التهديد سيمنع إسرائيل من مساعدة الكويت حين يغزوها الجيش العراقي. في 2 آب 1990 غزا صدام حسين الكويت. بعد أن رفض -بناء على رأيه الخاص- المطلب الأمريكي للانسحاب من الكويت بسلام، في 17 كانون الثاني 1991، بدأت الحرب. من تلك اللحظة كانت أغلبية قرارات صدام حسين منطقية، لكن بعد فوات الأوان.
رغم أن جدالاً كان دائراً في إسرائيل حول ما إذا كان سيتجرأ على إطلاق الصواريخ، فإنه أطلقها وأصر عليها لسببين: الأول، كي ينقذ شرفه؛ والثاني، كي يجذب إسرائيل إلى الحرب؛ ما كان من شأنه أن يفكك التحالف الذي بناه الرئيس بوش الأب. كما أن صدام حسين امتنع عن استخدام رؤوس متفجرة كيميائية. هذا الاعتبار كان أيضاً عقلانياً، وكانت في هذا الموضوع خلافات رأي في إسرائيل قبل بدء الحرب. إسحق شمير، بدوره، اتخذ القرار العقلاني ألا يتدخل في الحرب. في إطار الحرب، كانت قرارات صدام حسين عقلانية لكن الضرر الهائل سبق أن وقع.
هذا المقال يأتي كتحذير لكل زعيم، دكتاتور أو زعيم منتخب، في مرحلة معينة من حياته السياسية يحيط نفسه بإمعات ويشعر أنه بات غير مبال للخطأ.
بقلم: البروفيسور أماتسيا برعم
معاريف 8/2/2023
تصويب :
سعدون حمادي و ليس حمادة
نزار الخزرجي و ليس عبد الكريم الخزرجي
…
التحذير الذي انتهى إليه المقال مضحك صراحة
و هل يوجد دكتاتور أو طاغية يستشير امعاته أو يعتقد أنه مخطئ ؟!
مصيبة الشعوب هي انه هؤلاء الطغاة يعتقدون الربوبية في أنفسهم و أنهم الأفضل فهما في كل مجال و أنهم لا يأتيهم الخطأ من بين أيديهم و لا خلفهم
بعيدا عن العواطف و عن كل التأويلات و التبريرات ،صدام و بوتين…يقتسمان نفس كعكة الإجرام…فهُما يمثلان وجهان لعملة واحدة ..من الكويت..الى أوكرانيا..نفس الأطماع و نفس التبريرات !! و نفس النتائج الكارثية بالتأكيد..و السلام
رئیس الراحل صدام حسین ما انتصر فی الحرب مع ایران من بعد ۸ سنوات حرب به حمایه عربیه غربیه و شرقیه اهدافه به هاذه الحرب الطاحنه تحریر عربستان و شط العرب و الجزر الایرانیه و من بعد اسبوع دخول طهران عاصمه ایران..و فی المحاسبات علا الخریطه ما کانت حساباته خاطئه.و من بعد ذالک فی الحرب مع الکویت من بعد هبوط سعر النفط المتعمد و مطالبه خلیجه من العراق ل استراد دیون الحرب به موافقت امریکیه دخل جیش العراق الا الکویت و من قبل الامام الراحل خمینی نبه الکویت و الخلیجین به ان یوم من الایام صدام یهجم علیکم قضیه پوتین تختلف مع هاذه الحدث