لندن ـ «القدس العربي»: هيمن الزلزال الكارثي الذي ضرب الأراضي السورية والتركية على شبكات التواصل الاجتماعي في العالم العربي، وسرعان ما أشعل موجة غير مسبوقة من التضامن مع المنكوبين من السوريين والأتراك على حد سواء، فيما سارع العديد من الناشطين إلى إطلاق الحملات الداعية إلى تقديم المعونة والإغاثية للمناطق المنكوبة في البلدين.
وبينما أثار الزلزال تعاطفاً هائلاً في أوساط المستخدمين على الإنترنت، فقد أشعل على الهامش أيضاً الكثير من الجدل السياسي حول ضرورة التضامن مع سوريا وتقديم العون لها بسبب ضعف الامكانات، فيما ربط بعض النشطاء بين استمرار المعاناة التي يواجهها السكان وبين تمسك نظام بشار الأسد بالسلطة.
وأطلق نشطاء حملات تدعو إلى رفع العقوبات ولو مؤقتاً عن سوريا من أجل تمكين طواقم الإغاثية الدولية من تقديم المساعدات للمنكوبين في شمال البلاد، فيما أبدى الكثيرون تعاطفهم مع الشعب السوري الذي عانى من كافة أنواع الويلات والمصائب والمحن، حيث قال كثيرون إن الذين أفلتوا من الحرب ماتوا غرقاً في البحر خلال هروبهم منها، ومن أفلتوا من هذا وهذا التهمتهم الأرض بالزلزال الكبير الذي أطلقوا عليه اسم «فاجعة القرن» أو «مأساة القرن».
وأدى الزلزال الكبير الذي ضرب الأراضي السورية والتركية معاً فجر الاثنين الماضي إلى مقتل الآلاف وإصابة عشرات الآلاف بجروح، حيث انهارات آلاف المباني في كلتا الدولتين، بينما تحذر وكالات الإغاثية من عواقب كارثية شمال غرب سوريا، حيث يعيش ملايين النازحين الذين يعتمدون في الأصل على المساعدات الإنسانية.
وناشد الناشط الإغاثي السوري فؤاد السيد عيسى المقيم في إدلب كل من يستطيع أن يقدّم له معلومة عن عائلته التي تقيم في أحد المجمعات السكنية في مدينة أنطاكيا التركية، ليتلقى أخباراً تفيد بأن ابنته، وأحد ابنيه موجودان في إحدى المستشفيات، فيما بقي مصير ابنه الأكبر مجهولاً.
أما محمد نور الدغيم اللاجئ في أوروبا فطلب من كل من يستطيع التوجه بالآليات لإنقاذ عائلة عمه الموجودة تحت الأنقاض في مدينة سلقين في ريف إدلب.
وتساءل مجد مصطفى عن مصير عائلة عمه التي لا تزال تحت الأنقاض، طالباً تأكيد معلومات وردته عن وفاتهم جميعاً في أنطاكيا التركية.
دعوات لرفع
العقوبات عن سوريا
وشارك الكثير من المغردين والمدونين على شبكات التواصل الاجتماعي في الدعوة إلى رفع العقوبات الدولية المفروضة على سوريا من أجل المسارعة في تقديم المعونة والإغاثية للمنكوبين من ضحايا الزلزال.
وكتب رجل الأعمال الأردني المعروف موسى الساكت مغرداً على «تويتر» يقول: «العقوبات الدولية على سوريا يجب رفعها والعلاقات الاقتصادية الأردنية السورية لا بد من ان تعود إلى سابق عهدها».
أما الناشط إياد الدليمي فغرد يقول: «لماذا لا تدخل المساعدات الإغاثية إلى الشمال السوري المنكوب؟ أي تبرير سخيف يقف بوجهها؟ هل تنتظرون ممن قَتل أهل سوريا أن يسمح بدخول مساعداتكم التي أوصلتموها إلى دمشق؟ هناك آلاف الأسر باتت بلا مأوى، بلا طعام بلا أغطية بلا أي من متطلبات الحياة البسيطة».
وأضاف في تغريدة ثانية: «مضت ثلاثة أيام على كارثة زلزال تركیا وسوريا، لم نسمع بيان تعزية على الأقل من جامعة الدول العربية، دعك عن أنها يجب أن يكون لها موقف من تقديم المساعدات للمتضررين في الشمال السوري المنكوب، ليعاد طرح التساؤل القديم المتجدد، ما جدوى وجود هذه الجامعة التي تضرُ ولا تنفع؟».
وكتب محمد اليوسف: «الطريق إلى معبر باب الهوى من جهة تركيا مفتوح فقط لدخول جثامين السوريين، أما بالنسبة لدخول فرق المساعدة لانقاذ السوريين العالقين تحت الأنقاض فهو مغلق.. لعنة الله عليكم لعنة لا تحول ولا تزول».
وغردت إينانا نجم: «يطالب القرار 2642 الذي أصدره مجلس الأمن حكومة النظام السوري بتمرير جزء من المساعدات إلى مناطق الشمال السوري الخارجة عن سيطرتها، في ما يسمى بمساعدات «عبر الخطوط» لكن النظام لم يفعل ذلك حتى الآن».
ونشرت ناشطة جزائرية تدعى ساشا صورة لطائرة إغاثة من الجزائر وصلت إلى سوريا، وكتبت تقول: «أشعر بالفخر وأنا أشاهد الطائرات الجزائرية تحط في مطار حلب، دون إنتظار ضوء أخضر من أي كان، هذه هي السيادة، أن يصدر القرار من عاصمة بلدك دون إملاءات خارجية.. رسالة لكل المترددين في دعم سوريا ارفعوا الحصار عن سوريا التاريخ يسجل كل شيئ، ولا يمنحكم فرصاً كثيرة لتثبتوا رجولتكم».
وكتبت مغردة تدعى حنان: «كارثة إنسانية في مدن هي بالأساس مدمرة ومنكوبة.. يجب أن يُرفع عنها الحصار وتسقط أمامها كل الاعتبارات والمصالح السياسية، كيف تقتضي انسانيتكم المزيفة إرسال مساعدات لأوكرانيا وتركيا بينما تقتصر مع سوريا على عبارات التعزية والمواساة.. الإنسانية لا تتجزأ».
وقال أحد المغردين: «الزلازل والكوارث الطبيعية التي تهدد الأبرياء لا علاقة لها بالسياسة وإنما تكشف فقط عن إنسانية الناس وشرفهم».
وعلق فؤاد الزبيري قائلاً: «من أرسل الجماعات الإرهابية التكفيرية الوهابية الداعشية ومدّهم بالأسلحة والأحزمة الناسفة لقتل الشعب السوري لا يمكن أن يرسل مساعدات اغاثية اليوم إلى الشعب السوري».
وكتبت صفية حيدر: «وحدها، تواجه سوريا الزلازل والكوارث دون أي مساعدة بشريّة، ماديّة أو حتى معنويّة، وذلك بفعل قانون قيصر الأمريكي المفروض على سوريا. وفي التفاصيل فإن العقوبات تطال حتّى المساعدات الإنسانية بما فيها معدّات الانقاذ أو حتّى التواصل المباشر مع المسؤولين السوريين».
وغردت حنان نابلسي: «في الشمال السوري الناس بتحفر بإيديها منشان تشيل أهلها بعد سماع أصواتهم وأناتهم من تحت الأنقاض لا يوجد لديهم لامعدات ولا آليات. اتركوا السياسه كلها وخلونا انسانيين. ارسلوا المساعدات ايها الدول المسلمة العربية فهنا وضع انساني مأساوي ليس له أي صلة بالسياسة».
وكتبت أمل الحارثي: «من أكثر البلدان التي تتعرض للزلازل هي اليابان التي لا يدين معظم سكانها بأي دين سماوي، لم يفسر اليابانيون الظواهر الطبيعية تفسيرات غيبية بل قاموا ببناء بيوتاً مقاومة للزلازل.. فقلت الخسائر».
يشار إلى أن الزلزال الذي ضرب الأراضي التركية والسورية فجر الاثنين الماضي يُعتبر واحداً من أقوى الزلازل التي وقعت بالمنطقة خلال قرن كامل، فقد أيقظ السكان من سباتهم عند الساعة الرابعة من فجر الإثنين، وأدى إلى مقتل إلى الآلاف وإصابة عشرات الآلاف الآخرين بجراح.
ووفقًا لهيئة المسج الجيولوجي الأمريكية فقد وقع الزلزال على بعد 23 كيلومتراً شرق مدينة نورداغي في محافظة غازي عنتاب التركية على عمق 24.1 كيلومتر.
ووقعت سلسلة من الهزات الارتدادية بالمنطقة في الساعات التالية للزلزال الأول، فقد وقعت هزة ارتدادية قوتها 6.7 ريختر بعد 11 دقيقة من الزلزال الرئيسي، لكن الهزة الأسوأ بلغت قوتها 7.5 ريختر ووقعت بعد 9 ساعات من الزلزال الأول. وكانت هذه الهزة التي بلغت قوتها 7.5 ريختر قد وقعت على بعد 95 كيلومتراً شمال الزلزال الأول، وهي الأقوى بين 100 هزة ارتدادية.
وبسبب الطقس البارد والرطب في المنطقة والظروف السيئة، أصبحت جهود الإنقاذ والحركة على جانبي الحدود أكثر صعوبة، ورغم أن درجات الحرارة منخفضة بالفعل، إلا أنها سجلت مزيداً من الهبوط بعد يومين من الزلزال، ووصلت في غازي عنتاب إلى -4 يوم الأربعاء وفي حلب -2 حيث تزامن الزلزال مع عاصفة ومنخفض جوي حاد كان يضرب المنطقة.
وشكلت الظروف الجوية السيئة تحدياً أمام وصول فرق الإنقاذ للمناطق المتضررة، فقد قال وزير الصحة التركي فخر الدين قوجة إن طائرات الهليكوبتر لم تتمكن من الهبوط يوم الإثنين بسبب سوء الطقس، ومع ذلك طلب المسؤولون من السكان مغادرة منازلهم لسلامتهم وسط مخاوف من هزات ارتدادية أخرى.