جمعت موهبة التمثيل وحُب الفن والموسيقى والغناء بين عدد من الفنانين الأشقاء وذاع صيت كل منهم وحقق بعضهم شهرة واسعة فصاروا نجوماً كباراً، وعلى مر العصور والمراحل ظهرت مواهب واختفت مواهب وبقي السؤال العالق في أذهان الجمهور، هل أثرت المنافسة الفنية بين الشقيقين على علاقتهما الشخصية ومن منهما كان سبباً في ظهور الآخر؟
أشهر الأشقاء في مجال الغناء والطرب كان فريد الأطرش وأسمهان، فقد عشق الاثنان الموسيقى والألحان وامتلك كل منهما حلاوة الصوت وعرفهما الجمهور سوياً واستمتع بشدوهما ولم يُذكر في تاريخهما الفني أي نوع من الغيرة التي يُمكن أن تُفسد علاقتهما وتولد بينهما الحقد أو أي من المشاعر السلبية، بل على العكس كان الفن وحُب الموسيقى والغناء داعماً قوياً لاستمرارهما سوياً في مجال الإبداع، وقد لحن فريد لشقيقته أسمهان عدداً من الأغاني المتميزة ربما أشهرها «ليالي الأنس» وكان شديد الإعجاب بصوت شقيقته وكذلك هي كانت تعتز كثيراً بألحانه ولها رأي إيجابي في صوته وأدائه.
وهناك أيضاً ثنائي آخر من الأشقاء جمع بينهما حُب الغناء وتعاونا في تجارب قليلة لكنهما تميزا بشكل كبير، الشقيقان هما محمد فوزي وهدى سُلطان، فقد غنت هدى من ألحان شقيقها أغنية «يا ضاربين الودع» بعد فترة خلاف استمرت لسنوات وتعددت الأقاويل والروايات حول أسباب الخلاف، لكن سُرعان ما عادت العلاقة الأخوية لطبيعتها وغنت الشقيقة لشقيقها أغنية «مال القمر ماله» وتصافت النفوس وعاد الوئام.
أما عبد الحليم حافظ وشقيقة الأكبر إسماعيل شبانه فلم يكن بينهما تعاوناً فنياً برغم نجاح الاثنين وشهرتهما، لقد سبق إسماعيل عبد الحليم في المجال الفني ببضع سنوات وكان بطبيعته مُحباً للتراث الموسيقي القديم عاشقاً للغناء الكلاسيكي فمضى في مسار لم يتبعه فيه شقيقه الأصغر الذي كان ميالاً للتطوير مُتمرداً على القوالب القديمة، فافترقا فنياً بغير خصام أو خلاف وظل عبد الحليم مؤمناً بموهبة أخيه كملحن ومطرب وعلى عكس ما أشيع لم تكن بينهما غضاضة أو ثمة حساسية.
وعلى مستوى أحدث من الناحية الزمنية ربطت علي الحجار بشقيقه الراحل أحمد الحجار علاقة طيبة ومُستقرة. فالشقيقان نشآ في بيت فني وورثا الموهبة الغنائية عن والدهما إبراهيم الحجار الذي كان عضواً بارزاً في فرقة الموسيقى العربية وصاحب صوت قوي وعذب ولديه قُدرة فائقة على التأثير الوجداني، تأصل حُب الغناء والموسيقى لدى علي وأحمد الحجار وتعاونا في بعض الألبومات الغنائية ونجحت أغانيهما سوياً واشتهر بعضها بشكل مُلفت كأغنية «ما تكدبيش» و«لما الشتا يدق البيبان» و«مصرية» و«كنت فاكر» وغيرها.
وفي مجال التمثيل كان للأشقاء من الوسط الفني مجالا أكبر للمُشاركة والمنافسة المحمودة التي لا تُفسد للود قضية، فهناك الفنانة منى جبر وشقيقتها ناهد جبر وهما نموذجان إيجابيان للتعاون والرغبة في النجاح فقد ظلا على حبهما للسينما والدراما فترات طويلة فكل منهما جعلت لنفسها طابعاً خاصاً في الأداء فأحبهما الجمهور سوياً وارتبط بأدوارهما الرومانسية الرقيقة، ومن جانبهما لم يخلطا بين المنافسة الفنية وعلاقتهما الأخوية وبقيا على وفاق طوال المسيرة والمشوار.
ومثلهما كانت ليلى حمادة وماجدة حمادة، شقيقتان احترفتا التمثيل وشقتا طريقهما وتنوعت أدوارهما فحققتا قدراً كبيراً من التواجد والتميز، غير أن ليلى كانت الأشهر لأسباب تتعلق بحجم الفرص التي حصلت عليها والنجوم الكبار الذين عملت معهم ومن بينهم فاتن حمامة التي أشركتها في أكبر تجربة فنية وكانت لا تزال شابة في سن المراهقة حين لعبت دورها الفارق أمامها في فيلم «إمبراطورية ميم» فظهرت قُدراتها ولمع اسمها ثم اختفت فجأة بعد أن حققت حُلم النجومية.
ومن الأمثلة القوية للأشقاء الذين دخلوا مجال السينما والتمثيل وحققوا فيه شهرة واسعة ونجاحاً مُبهراً النجمتان الكبيرتان بوسي ونورا، فبرغم التشابه الكبير بينهما في الشكل والشخصية إلا أنهما اختلفتا إلى حد ما في طبيعة الأدوار وطريقة الأداء على الشاشة، ولا شك في أن هذا الاختلاف أفاد كل منهما ومنحهما الفرصة للإجادة وعدم تكرار الأدوار، وبالقطع أكسبهما تنوعاً في التجارب ومهارة في التمثيل فلم يكونا وجهان لعُملة واحدة.
وكذلك اجتمعت موهبة التمثيل في وفاء عامر وأيتن عامر، الشقيقتان اللتان صارتا نجمتان بعد مُعاناة ومحاولات كثيرة ما بين الأدوار الثانوية وأدوار البطولة الثانية والبطولة المُطلقة، فالاثنتان تفوقتا وأصبح لهما مركزاً فنياً وتأثيراً جماهيرياً، شأنهما في ذلك شأن الثنائي دنيا وإيمي سمير غانم اللتان ورثتا الفن عن والديهما سمير غانم ودلال عبد العزيز وهما نجمان كبيران يبلغ رصيدهما الفني مئات الأعمال الفنية والإبداعية ما بين السينما والمسرح والتلفزيون. ومن المعلوم بالضرورة أن دنيا وإيمي تأثرتا في أدائهما التمثيلي بالأب والأم فكثير من أدوارهما يغلب عليها الطابع الكوميدي الخفيف وإن تميزت دنيا في الأدوار التراجيدية لكنها أيضاً خفيفة الظل ولديها القُدرة على الأداء الكوميدي الراقي والمُقنع.
ويبقى نجمان كبيران هما حسين فهمي ومصطفى فهمي، حيث بدأت رحلتهما مع التمثيل منذ فترة طويلة كان السابق فيها بالطبع الشقيق الأكبر حسين فهمي الذي درس التمثيل والإخراج في الولايات المُتحدة الأمريكية، واشتهر بأدوار الجان والبطل الوسيم الرومانسي ووقفت أمامه أشهر نجمات السينما سُعاد حسني ونجلاء فتحي وميرفت أمين فلمع اسمه وتهافت علية المُنتجون والمُخرجون.
وشجع ذلك شقيقة الذي كان يعمل مصوراً سينمائياً على تغيير نشاطه من التصوير إلى التمثيل فكانت أولى تجاربه كممثل في فيلم «أين عقلي» بعدها احترف التمثيل وصار من بين النجوم البارزين والمُنافسين الخطرين.