لندن – “القدس العربي”:
نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرا قالت فيه إن “الرئيس السوري” بشار الأسد يستخدم دبلوماسية الكارثة من أجل التقدم خطوة ليعود إلى المسرح العالمي من جديد. وقال محلل إن “مأساة للسوريين هي مكسب للأسد، لأن أحدا آخر لا يريد إدارة هذه الفوضى”.
وفي تقرير أعده ديكلان وولش قال إن هزة أرضية قوية في الأسبوع الماضي قذفت معها الرئيس الديكتاتوري السوري إلى دائرة الضوء العالمية ومنحته فرصة للتقدم خطوة إلى المسرح العالمي عبر دبلوماسية الكارثة. ومع زيادة أعداد الضحايا من أقوى هزة أرضية تضرب المنطقة منذ قرن، تلقى الأسد المنبوذ بسبب قصفه وتعذيبه شعبه سيلا من رسائل العزاء والتعاطف والانتباه من دول أخرى.
وأمسك القادة العرب الذين تجنبوه لعقد بالهاتف واتصلوا به، وتدفق المسؤولون البارزون في الأمم المتحدة على مكتبه وعرضوا المساعدة وأخذوا معه الصور. وهبطت الطائرات المحملة بالملابس والمساعدات من دول أخرى، وليس من حلفائه الروس والإيرانيين فقط ولكن السعودية أيضا التي أرسلت في الماضي المساعدات والمال للمعارضة المسلحة التي كانت تحاول الإطاحة به.
ونقلت الصحيفة عن الباحث إميل هوكايم، المحلل في شؤون الشرق الأوسط بالمعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية والدولية في لندن “لا شك بأنها لحظة مهمة للأسد” و”مأساة للسوريين هي مكسب للأسد لأن أحدا لا يريد إدارة هذه الفوضى”.
وقام الأسد في الأسبوع الماضي بجولات على المناطق المتضررة حيث وجد فرصة ولو لمرة واحدة لكي يلقي اللوم على الطبيعة في الدمار الذي حصل على المدن والبلدات السورية وليس الحرب، وفي الوقت نفسه اتهم الغرب بتسييس الأزمة.
وعزز الزلزال الجهود البطيئة لعدد من الدول العربية التي تعمل على إخراج الأسد من عزلته، فقد أرسلت الإمارات العربية التي تقود هذه الجهود، وزير خارجيتها إلى دمشق للقاء الأسد وللمرة الثانية هذا العام. وزادت الإمارات يوم الأربعاء مساعداتها للمتضررين من الكارثة إلى 100 مليون دولار. وبالمقابل رد الأسد المعروف بعناده على التواصل الدولي وسمح للأمم المتحدة باستخدام معبرين على الحدود مع تركيا لنقل المواد الغذائية إلى المناطق التي تسيطر عليها المعارضة ولأول مرة منذ 12 عاما.
ومع ذلك لم يتغير الكثير على وضع الأسد، وبخاصة العقوبات الأمريكية والأوروبية لاستخدامه السلاح الكيماوي ضد شعبه والتهجير القسري للسكان من مناطق المعارضة وانتهاكات أخرى.
ومع ذلك فالهزات الأرضية والكوارث الطبيعية قد تكون خطيرة على الأنظمة السياسية، فهزة أرضية في المكسيك عام 1986 أدت لتغيير في النظام السياسي بسبب رد الحكومة الضعيف، وكذا في تركيا عام 1999 والتي أدت لصعود الرجل القوي رجب طيب أردوغان.
وإن لم تفعل شيئا فكارثة الهزة الأرضية في 6 شباط/فبراير عرت الوضع المثير للشفقة لسوريا في ظل الأسد. وبعد عقد من الحرب استطاع النظام استعادة معظم المناطق من المعارضة، والفضل يعود للقصف الجوي الذي لا يرحم من الروس، حيث سكتت المدافع وانتهت المعارك الكبرى. إلا أن الأسد خرج مفلسا من الحرب ويسيطر على بلد متشرذم ويحكم جزءا منه.
وهناك مناطق واسعة في الشمال وشمال- شرق البلاد خاضعة لسيطرة مجموعات مسلحة كردية وأخرى إسلامية وجماعات تابعة لتركيا، ولا يزال هناك 900 جندي أمريكي في سوريا حيث تلاحق بقايا تنظيم الدولة الذي قتل زعيمه في سوريا بشباط/فبراير العام الماضي وتبعه خليفته بعد أقل من تسعة أشهر.
وأثرت سنوات الحروب على الاقتصاد السوري الذي أصبح منهكا ودفع السوريين للهروب إلى الدول العربية الأخرى أو تركيا وأوروبا ومن ظلوا في البلاد أنهكهم الجوع والتعب. وفي الأيام التي تبعت الكارثة الأرضية، بدا الأسد يرقص رقصة حرب فارغة، ففي الوقت الذي تدفق فيه الدعم الدولي لتركيا لم يصل إلا جزء قليل منه إلى سوريا، وجاء من إيران وروسيا، مما كشف عن محدودية التحالف الذي استخدمه الأسد لحماية نفسه من بقية العالم. وعلقت دارين خليفة، من مجموعة الأزمات الدولية في بروكسل قائلة إن فكرة مسارعة إيران وروسيا للمساعدة “تتلاشى”، فهما لا تأتيان إلا عندما تكون هناك معركة و”ليس عندما يعاني السوريون”.
وتأثرت إدلب التي تسيطر عليها المعارضة بالهزة الأرضية التي وصلت قوتها إلى 7.8 درجات بمقياس ريختر وجاء منها القتلى الذين بلغ عددهم 5.500 قتيل حسب أرقام الأمم المتحدة فيما زاد عدد القتلى في تركيا عن 36.000 شخص. وحتى في مناطق النظام هناك نقص حاد في الأدوية والطعام وكذا معدات الإنقاذ مثل الحفارات، حيث لجأ رجال الإنقاذ للأدوات اليدوية وأيديهم للبحث عن الناجين.
وناشد عبد القادر الدواليبي من محافظة حلب الولايات المتحدة رفع العقوبات لكي تتمكن الحكومة من استيراد المعدات اللازمة “كل يوم تنهار بناية وكل يوم يصبح الناس بلا مأوى”. وكانت حلب عرضة للضرر حتى قبل الزلزال نتيجة للقصف الذي تعرضت له، وأعلنت السلطات أنها ستهدم 1.400 مبنى نظرا لضعف أساساتها. ولم تستطع فرق الإنقاذ إلا للوصول لنسبة 5% من المناطق المتضررة في الأيام التي تبعت الزلزال، نظرا لقلة الموارد البشرية والمعدات.
وتقول الصحيفة إن الحاجة الملحة هي في مصلحة الأسد، ودبلوماسية الزلزال تسهل الأمور وهي أقل كلفة لعدد من الدول لكي تتحدث معه، كما يقول هوكايم. وبالنسبة للإمارات العربية، فمحاولة إخراج الأسد من عزلته هي جزء من سياسة خارجية متناقضة وتشمل أيضا التطبيع مع إسرائيل. وتعتبر الجزائر دولة أخرى لعبت دورا في محاولة إعادة الأسد للحظيرة العربية. لكن المشهد اللافت للنظر، جاء من حلب هذا الأسبوع، حيث هبطت أولى طائرات المساعدات من السعودية وهي الأولى منذ عقود. وقد أغضب هذا السوريين الذين يريدون معاقبة الأسد على آثامه.
إلا أن شيئا لم يتغير بالنسبة لسوريا من جانب أمريكا وأوروبا، وقد خففت واشنطن، مؤقتا من العقوبات للسماح بدخول الأموال والمساعدات للمناطق المنكوبة وكل هذا لن يغير من وضع سوريا كدولة منبوذة، كما تقول خليفة. ويظل التعاطف مع سوريا تعبيرا عن جهود تحاول تخفيف تأثير إيران وتركيا في سوريا أو ردة فعل على الضغوط الدولية. وهو في معظمه تعبير عن اعتراف بالواقع السياسي وأن قبضة الأسد على السلطة لن تخف في أي وقت قريب. قال أرون لوند، الخبير في سوريا بمؤسسة القرن الأمريكية “لم يعد هناك أحد يريد الإطاحة بالأسد” و”هم يحاولون النظر في شروط دمجه ونجاته”.
ولاحظ وولش أن الهزة الأرضية قد تجلب له منافع وبخاصة في العلاقة مع تركيا، فقد عبر الرئيس أردوغان عن رغبة في التحاور مع نظام دمشق واقترح إمكانية عقد لقاء. وهو يواجه الآن عملية إعادة بناء واسعة وانتخابات صعبة في منتصف أيار/مايو، مما يعني أن تقاربه مع دمشق سيثير حنق السوريين.
وفتح الأبواب للأسد مع الخارج لا يعني نهاية الأزمة، فقد يؤدي لأزمات داخلية نابعة من الأوضاع الاقتصادية، فقد ضربت الهزة حلب التي خاضت فيها قواته مواجهات دموية مع المعارضة قبل انتصارها عليها عام 2016 وكذا اللاذقية على البحر المتوسط. وفقط في الصيف الماضي تجول الأسد مع أولاده في حلب متعهدا بإعادة بنائها، ثم عاد الأسبوع الماضي إليها مع زوجته وزار الجرحى وصافح المنقذين الروس، وزارا أيضا اللاذقية. وخلفت الكارثة 5.3 ملايين نازح، ويواجه الأسد غضبا داخليا نظرا للرد الضعيف على الأزمة ومخاوف من حرف المساعدات إلى مناطقه عبر الفساد.
منظومة الاسد لا تختلف عن المنظومة الاسرائيلية في فلسطين،
مجرم الحرب سليل عائلة الإجرام الأسدية …بعد آلاف الصور التي إلتقطها على أنقاض قصفه بالطائرات و البراميل المتفجرة لشعبه..ها هو يُكمل المهمة و يأخدذ صور جديدة على أنقاض ما خلفه الزلزال الذي حل بسوريا و شعبها ..رعاع أُبتليت بهم الامة..و السلام