حلب – «القدس العربي»: أصيبت الطفلة شام التي أنقذها الدفاع المدني السوري، الأسبوع الفائت من تحت أنقاض منزلها في مدينة أرمناز، بمتلازمة “الهرس”، بعدما تصدرت الطفلة منصات التواصل الاجتماعي، على خلفية مقطع مرئي يوثق عملية إنقاذ عسيرة استمرت نحو 6 ساعات، وظهرت في مقطع مرئي وهي تغني وتقرأ آيات من القرآن الكريم رغم بقائها نحو 40 ساعة عالقة تحت الأنقاض.
وفي المقطع المرئي المتداول على وسائل التواصل الاجتماعي، ظهرت الطفلة شام، وهي تقرأ آيات من القرآن، ثم عبرت عن إرهاقها فقالت: أنا بعرف التجويد بس وقت كون مريضة بتعب، وخلال حديثها مع رجال الإنقاذ، طلب منها أحد المسعفين الغناء لدمشق “الشام” التي سُميت باسمها، في محاولة منه للتخفيف عن الطفلة وإشغالها عن معاناتها، فغنت: يا شام أنت شامنا، حيث اشتهرت بهذا المقطع.
تعاني من حالة حرجة
وكشف الدفاع المدني، أن الطفلة شام التي استغرق إنقاذها 6 ساعات متواصلة من العمل، تعاني من حالة حرجة بسبب إصابتها بمتلازمة “الهرس”، التي أصيب بها عدد كبير من الناجين من الزلزال، وهي بحاجة إلى رعاية طبية متقدمة.
الطبيب دريد رحمون من مديرية صحة إدلب، قال في تصريح لـ “القدس العربي” إن متلازمة الهرس تنتج عن موت العضلات بسبب الضغط على الأطراف، حيث تنقطع التروية عن العضلات وبالتالي تموت خلال وقت قصير وينتج عن تخربها مادة سامة اسمها الميوغلوبين التي تنخر الأنابيب الكلوية وتسبب القصور الكلوي الحاد وغالبا تنتهي بعملية البتر، حسب شدة الحالة، كما تنتهي بسقوط أعضاء تام وتؤدي إلى الوفاة.
وأكد المصدر الطبي، أن “الكثير من الأطفال في المنطقة المنكوبة، أصيبوا بهذه المتلازمة، لأنهم كانوا موجودين تحت ركام المنازل التي تدمرت، وأي شخص تحت الركام معرض للإصابة ونسبة كبيرة ممن يخرجون من تحت الركام يكون عندهم أذية هرسية”.
وأضاف: نسبة المصابين بهذه المتلازمة حوالي 30 % من عدد المصابين الكلي وعددهم يفوق 2000 شخص وفق المتحدث. سبب المتلازمة وفق الطبيب هو الثقل الشديد الناتج عن البقاء تحت الركام لفترة طويلة، وغالباً ما يصاب من 80 إلى 90 بالمئة من الناجين بهذه المتلازمة، إذا كان سقوط البناء على جزء من أطراف الشخص، وهذا بالنسبة لهرس الأطراف حصرًا. وحول الإصابات في المنطقة المنكوبة شمال غربي سوريا، قال رحمون، “منها ما هو بسيط ومنها ما هو حاد لدينا حالات متعددة المستويات، كما أن جميع المرضى بالمستشفيات لتلقي العلاج”.
وأضاف: الإصابات الهرسية يتم علاجها والتعامل معها مقدمة على باقي الإصابات، ويقدم في البداية علاج دوائي لإنهاء المادة السامة وتخفيف نسبة البوتاسيوم بهذه الحالة، إضافة إلى جلسات غسيل كلوي إسعافية حتى يتم تنظيف الدم من السموم. ووفقاً لتقارير الأمم المتحدة فقد بلغ عدد القتلى نحو 6000 في سوريا بكاملها، بينهم 4400 في شمال غربي سوريا.
وتعتبر منطقة شمال غربي سوريا الأكثر تأثراً بالزلزال، وأرجع التقرير الأخير للشبكة السورية لحقوق الإنسان، الذي جاء في 9 صفحات، السبب في ذلك، إلى أن المنطقة تعاني من اكتظاظ سكاني كبير بسبب أعداد المشردين قسرياً الذين هجروا من مناطق أخرى بسبب رئيس هو الانتهاكات التي مارسها النظام السوري بحقهم، ولم يتوقف القصف عن ملاحقتهم، بل طال حتى المخيمات التي نزحوا إليها، ووفقاً للتقرير فإن هذا الاكتظاظ السكاني واستهداف البنية التحتية والمراكز الحيوية على مدى سنوات من قبل النظام السوري وحليفه الروسي، جميع ذلك كان سبباً في أن يكون وقع الزلزال في هذه المنطقة أكبر وأكثر مأساوية.
مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني حمّل في تصريح لـ”القدس العربي” تأخر الاستجابة المسؤولية في زيادة أعداد الضحايا لاسيما أن الاستجابة الدولية جاءت بعد 4 أيام من الزلزال، وفقدت فعاليتها في إنقاذ الناس من تحت الركام. وقال عبد الغني: اقتصرت فاعلية الاستجابة على إنقاذ من نجا فقط، وهذا كان من الدرجة الثانية. وأضاف: أن التحديات والصعوبات التي واجهت عمليات توثيق الضحايا، بسبب تأخر المساعدات الإنسانية الأممية والدولية، هو ارتفاع حصيلة الضحايا الذي ماتوا على امتداد مساحة جغرافية واسعة، وما خلفه الزلزال من دمار شبه كامل في بعض القرى والبلدات مثل حارم وجنديرس في شمال سوريا.
وتابع: “من حق ذوي ضحايا الزلزال معرفة لماذا تأخرت المساعدات الأممية والدولية عن الدخول لأيام عديدة، والساعات الــ 24 الأولى هي الأكثر حرجاً وأهمية، يجب على الأمم المتحدة فتح تحقيق داخلي، كما يجب على المنظمات الحقوقية الدولية والصحافة الاستقصائية الكشف عن هذا الجانب السوداوي، وعلى الدول المانحة الاستفادة من هذا الخطأ الكارثي لبناء منصة تنسيق دولية، تتمتع بالحيادية، وتلعب دوراً إغاثياً مركزياً في توزيع المساعدات الدولية إلى المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري”.
وتوزع ضحايا الزلزال وتأخر المساعدات الدولية بحسب مناطق السيطرة إلى 2157 توفوا في المناطق خارج سيطرة النظام السوري في شمال غرب سوريا، و321 توفوا في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري، و3841 لاجئاً سورياً توفوا داخل الأراضي التركية. وقالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها أنها سجلت وفاة 6319 سورياً بسبب الزلزال الذي ضرب شمال غرب سوريا وجنوب تركيا فجر الإثنين 6/ شباط/، بينهم 2157 توفوا في المناطق خارج سيطرة النظام السوري، و321 في المناطق الخاضعة لسيطرته، و3841 لاجئاً في تركيا، مشيرةً إلى أنه يجب فتح تحقيق في تأخر دخول المساعدات الأممية والدولية لأيام وتحمل المسؤولية في وفاة مزيد من السوريين.
وأكد التقرير أن تأخر وصول المساعدات الأممية إلى شمال غرب سوريا، وترك المنظمات المدنية المحلية تواجهُ بمفردها أهوالَ الزلزال ومخلفاتهِ، تسبب في زيادة عدد الضحايا الذين ماتوا تحت الأنقاض.
وأوصى التقرير الأمم المتحدة بفتح تحقيق داخلي يوضح سبب تأخر وصول المساعدات إلى شمال غرب سوريا.
ما بعد الكارثة
في غضون ذلك، حث رئيس الائتلاف الوطني السوري سالم المسلط، السوريين على استمرار التكافل والتعاون إلى مرحلة ما بعد صدمة كارثة الزلزال.
واكد في بيان رسمي الجمعة، على ضرورة المسارعة في إصلاح ما خربه الزلزال، معتبرا أن التأخير في إعادة البنية التحتية في المناطق السورية المتضررة قد يكون له تبعات صحية خطيرة على الناجين وخاصة الأطفال والنساء وكبار السن.
وكان الأمين العام للاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، جاغان شباغان، قد حذر من تفشٍّ خطر للأمراض في سوريا في حال لم تُوفَّر مساكن دائمة لمئات الآلاف من النازحين في القريب العاجل.