طرابلس ـ «القدس العربي »: منذ أن أحال مجلس النواب الليبي التعديل الدستوري الثالث عشر إلى مجلس الدولة للتصويت عليه وإقراره وإبداء الرأي النهائي فيه اتضحت علامات الحيرة وعدم الرضا على تحركات الأعلى للدولة خاصة من خلال تأجيله المستمر لمسألة التصويت عليه بالقبول أو الرفض.
تصريحات عدة أثبتت صحة استمرار الخلافات بين مجلسي النواب والدولة حول مسألة شروط الترشح للانتخابات التي يبدو أن النواب اتجه لحسمها في التعديل الدستوري لصالح رأيه الذي يميل للسماح للجميع بالترشح، التوجه الذي رفضه مجلس الدولة وما زال يرفضه.
ومع وجود هذا التباين في الآراء بادر أعضاء مجلس النواب إلى رمي التهم وتحميل اللوم على مجلس الدولة في تمطيطه للأزمة، مطالبين بإقرار التعديل الدستوري سريعاً بينما توجه بعضهم لتحجيم دور المجلس والمطالبة باستكمال المسار بدون الرجوع إليه.
تعقيدات كثيرة..
أولى المطالبات انطلقت على لسان النائب الأول لرئيس مجلس النواب فوزي النويري، حيث دعا المجلس الأعلى للدولة إلى التعاطي مع التعديل الثالث عشر للإعلان الدستوري وألا يقف حائلاً أمامه.
وقال إن مجلس النواب قام بما هو عليه، وأقر التعديل بالإجماع، وذلك ضمن الحد الأدنى الذي يمكن أن يتحرك فيه المجلس، في ظل التعقيدات الكثيرة للمشهد، مضيفاً أنه لا توجد حلول مثالية وذلك في كلمته بجلسة الثلاثاء المنعقدة في بنغازي.
وأشار إلى أن التعديل يصلح لإدارة العملية السياسية وسيسهم في تحقيق الاستقرار، متابعاً أنه يجب على الجميع تغليب المصلحة العامة ومصلحة ليبيا.
وقال النائب الثاني بمجلس النواب الليبي عبدالهادي الصغير إنه تواصل مع رئاسة مجلس الدولة، موضحاً أنهم قاموا بطلب مهلة إلى الخميس للتصويت على التعديل الدستوري الـ 13.
في ما قال عضو مجلس النواب زايد هدية إن أعضاء مجلس الدولة قد أبلغونا أن رئاسة المجلس هي من تتحكم في قرار التعديل الدستوري الـ 13 وليس هناك أي بوادر لاستكمال التوافق بين رئاستي المجلسين .
وتابع هدية أن أعضاء مجلس الدولة الذين شاركوا في التعديل الدستوري الـ 13 ووضعوا المواد، أكثر من أعضاء مجلس النواب، مشدداً على أنهم لن يسمحوا للتدخل الخارجي والدول النافذة أن تضع لهم خارطة سياسية للمستقبل.
وقال: «علينا الذهاب باتجاه الانتخابات والتواصل مع الأطراف في المنطقة الغربية لتحقيق الهدف الأسمى وهو الانتخابات»، مشيراً إلى أن هناك تصريحات إيجابية من عدة أجسام في الغرب تجاه مجلس النواب لإجراء الانتخابات.
ودعا عضو مجلس النواب طلال الميهوب أعضاء المجلس إلى القيام بخطة شجاعة لفك الارتباط مع مجلس الدولة، موضحاً أنه ما دام رئيس المجلس خالد المشري فلن يكون هناك اتفاق بين الليبيين.
وقال عضو مجلس النواب عيسى العريبي إن المجلس أكمل الاستحقاقات المطلوبة منه وصوّت على التعديل الدستوري الـ 13 بالإجماع، مشيراً إلى أنهم في انتظار مجلس الدولة للمصادقة على التعديل، قائلاً: «نضعه أمام مسؤولياته محلياً ودولياً لأنه إلى الآن يماطل وإذا لم يصوت على التعديل الدستوري الـ 13 قد نعلق مشاوراتنا معه لأنه يعرقل عملنا».
وخلال انعقاده يومي الأحد والإثنين الماضيين، ناقش مجلس الدولة التعديل الثالث عشر للإعلان الدستوري الذي أقره مجلس النواب، بالإضافة إلى خارطة طريق المرحلة المقبلة.
تحذيرات بالمقاطعة..
وأصدر 20عضواً بالمجلس الأعلى للدولة بياناً مشتركاً أكدوا فيه عزمهم مقاطعة الجلسة المؤجلة للمجلس لاستكمال مناقشة التعديل الدستوري.
وأوضح البيان المشترك أن تعليق الجلسة لمرتين متتاليتين مخالف للنظام الداخلي للمجلس، محذرين من محاولة تمرير التعديل بأغلبية بسيطة وباستعجال، ومن أن ذلك سيقود إلى الطعن فيه أمام الدائرة الدستورية، ما يمثّل عقبة إضافية في مسار الانتخابات.
وطالب الأعضاء بمزيد من الوقت للنظر في التعديل، وهو ما اضطر رئاسة المجلس إلى تأجيل الجلسة إلى اليوم الخميس.
ويتكون التعديل من 32 مادة، تختص بنظام الحكم، حيث تسمّى السلطة التشريعية بـ»مجلس الأمة»، الذي سيتكون من غرفتين: مجلس للنواب في بنغازي، توزع فيه المقاعد بناءً على الكثافة السكانية، وآخر للشيوخ في طرابلس من 60 عضواً موزعين بالتساوي بين أقاليم ليبيا الثلاثة، طرابلس، وبرقة، وفزان.
وكان مجلس النواب الليبي قد أجرى عدة تغييرات على نص التعديل الدستوري الذي قام الأعضاء بالتصويت عليه في جلسة سابقة، فضلاً عن قيامه بإلغاء بعض الفقرات وأبرزها الخاصة بترشح مزدوجي الجنسية (المادة محل الاختلاف بينه وبين مجلس الدولة). وقام النواب بحذف بند الاشتراط على العضو المترشح لمجلسي النواب الشيوخ عدم حمله جنسية أخرى، كما حذفت النسخة بند منع مزدوجي الجنسية من الترشح لرئاسة الحكومة من النسخة النهائية من التعديل الدستوري.
تغييرات فجائية..
ومنذ استئناف الحوار بين مجلسي النواب والدولة، رفض مجلس النواب تقييد عملية الترشح للانتخابات سعياً منه لإتاحة الفرص أمام اللواء المتقاعد خليفة حفتر للترشح بينما تمسك مجلس الدولة برفضه إلغاء هذا البند.
وجاء في النسخة النهائية من التعديل الدستوري تغيير نص «بعد التوافق والتشاور مع مجلس الدولة» بدل تعبير «ما اتفق عليه مجلسا النواب والدولة»، فضلاً عن تغيير توزيع مقاعد النواب في النسخة النهائية حسب المعايير السكانية على أساس نائب عن كل ثلاثين ألف مواطن بدل أربعين ألفاً في النسخة غير النهائية.
ونص التعديل على أن يتألف مجلس الشيوخ من تسعين عضواً موزعين إلى 30 عن المناطق الثلاث الشرقية والغربية والجنوبية في النسخة النهائية بدل 60 عضواً في النسخة غير النهائية.
كما قلص مجلس النواب في تعديله الأخير اختصاصات مجلس الشيوخ بشأن مشاريع القوانين المحالة له من 6 مجالات إلى 4 في النسخة النهائية مقارنة بسابقتها فحذف النظام المالي والجنسية والهجرة.
ونص التعديل النهائي على إحالة القوانين من مجلس النواب إلى الشيوخ لإبداء رأيه الاستشاري بشأنها وأضاف في النسخة النهائية تعبير «ذات الطبيبعة الدستورية» كما حددت النسخة النهائية مقر الحكومة في طرابلس في حين كانت الصياغة السابقة فيها التباس.
وسبق أن أقر مجلس النواب خلال جلسته التي عُقِدت الثلاثاء 7 شباط/ فبراير الجاري في مدينة بنغازي التعديل الـ13 للإعلان الدستوري الصادر في أغسطس 2011 بإجماع النواب الحاضرين، بحسب الناطق باسم المجلس عبدالله بليحق.