لندن- “القدس العربي”:
نشرت صحيفة “الغارديان” افتتاحية قالت فيها إن أوكرانيا صمدت أمام الوحشية الروسية، لكن الثمن يرتفع كل يوم.
وقالت الصحيفة في معرض حديثها عن مرور عام على الغزو الروسي لأوكرانيا، إن الفجوة بين روسيا والغرب وحلفائهم توسعت بشكل كبير، خاصة عندما تحدث الرئيس الأمريكي جو بايدن في وارسو، والرئيس فلاديمير بوتين في موسكو يوم الثلاثاء. وفي قلب خطاب كل منهما، افتراض مشترك وهو أن هذه الحرب لن تنتهي بشكل سريع.
فقد افترض الرئيس الروسي عندما شن الحرب، أنها ستنتهي خلال أيام. ولم يكن وحده في هذا الافتراض، إلا أن شجاعة وعزيمة الأوكرانيين والدعم الهائل الذي قدمه الغرب كان مثارا للإعجاب، بحسب ما تقول “الغارديان”.
وفي كل يوم يمنع فيه الأوكرانيون الهزيمة، فإن ذلك يعتبر انتصارا. إلا أن المعايير تغيرت، ففي حرب الاستنزاف، يكون الوقت عادة في جانب المعتدي. فقد أُجبر الملايين على الفرار من بيوتهم، وقُتل أكثر من 7 آلاف مدني أوكراني، المئات منهم أطفال. وتقدر الولايات المتحدة أن أكثر من 100 ألف جندي أوكراني قُتلوا منذ بداية الحرب. وانهكت الحرب الاقتصاد ودمرت البنى التحتية الحيوية لأوكرانيا، كما تسيطر روسيا على المصادر الرئيسية في البلاد.
وترى الصحيفة أن كل جريمة حرب روسية عززت من فهم الأوكرانيين بأن هذا الكفاح هو وجودي، وأن أي تفاوض للتسوية في هذه المرحلة سيكون ببساطة فرصة لبوتين كي يعيد الحشد والتحضير لهجوم جديد.
إلا أن روسيا خسرت الحرب السريعة وانسحبت من الأراضي التي سيطرت عليها بسبب الهجمات الأوكرانية المضادة. ووحّد بوتين الأوكرانيين، وأعاد الولايات المتحدة إلى أوروبا مرة أخرى، وقوّى الوحدة الأوروبية وأحيا خطط توسيع حلف الناتو، وكلفت الحرب التي خاضها بلاده ثمنا غاليا من الناحية الاقتصادية والعسكرية والخسائر البشرية، حيث قتل عشرات الآلاف من الجنود الروس.
ومع ذلك، لم تترك العقوبات أثرها حسب التوقعات، والزعيم الديكتاتوري لا يتعرض لمساءلة أمام قادة ديمقراطيين. ولا يزال الدعم لبوتين وللحرب عاليا في روسيا، وذلك بسبب سيطرته على الدعاية وقمع منافسيه.
وذكرت الصحيفة أن تعليق بوتين اتفاقية “نيوستارت” للتحكم بالأسلحة النووية، هي خطوة مثيرة للقلق، مع أن روسيا لا تلتزم بالمعاهدة حسب الولايات المتحدة، ويكافح اقتصاد الحرب لإنتاج ما يكفي من الأسلحة التقليدية. رغم أن المعاهدة تغطي القدرات النووية الإستراتيجية وليس التكتيكية، إلا أن إعلان بوتين يؤكد إمكانية استخدام موسكو للأسلحة النووية. ومن هنا، فمخاطر التصعيد ليست أقل واقعية من الأيام الأولى لهذا النزاع، فالاستهلاك الكبير للذخيرة، قاد للبحث عن طرق لزيادة إنتاجها. وعبّرت الولايات المتحدة نهاية الأسبوع عن إمكانية مساعدة الصين لروسيا عسكريا.
وتردد الغرب بداية في تقديم أسلحة طويلة ومتوسطة المدى، ثم زوّد أوكرانيا بالدبابات، وهناك حديث اليوم عن تزويدها بالمقاتلات. ومن المهم تسريع الدول المساعدات التي وعدت بها، ولم يقدم بعد نصف الدعم المالي الموعود. وهناك حاجة لتنسيق أفضل بين الحلفاء لتقديم الدعم اللوجيستي. ولم تثبت صحة افتراض بوتين حول تبخر العزيمة الأوروبية، كما كشفت رحلة بايدن إلى كييف هذا الأسبوع ووعوده بالدعم المالي والعسكري. إلا أن هناك نقاشات في الغرب، حول صورة نهاية الحرب، ومخاوف حول الحملة الانتخابية الرئاسية عام 2024 والدعم للسلام.
وتريد أوكرانيا، أكثر من أي طرف وقف الحرب، ويجب أن تصل كلفة الحرب المتزايدة إلى مرحلة تدعو لحل النزاع بدلا من استمراره.