حكومة السوداني لا تملك القدرة على شراكة مشاريع مع الأردن بمعزل عن العناصر الإيرانية في المشهد، وقناعات أردنية بان الجزء المحلي في خريطة هندسة استراتيجية مع العراق ليس جاهزا بعد.
عمان ـ «القدس العربي»: أوفدت الحكومة العراقية الأسبوع الماضي إلى عمان نائب رئيس الوزراء وزير التخطيط الدكتور محمد علي تميم، فيما يمكن وصفه بـ«مهمة خاصة» وهي على الأرجح سياسية بامتياز لان هدفها الأبعد قد يكون توجيه رسالة إضافية من جهة رئيس الوزراء الدكتور محمد شياع السوداني فكرتها «لا تنزعجوا نحن معكم فيما اتفق عليه». ثمة سبب بالتأكيد دفع حكومة بغداد لإرسال وزير رفيع المستوى يمثل الرئيس السوداني بهدف طمأنة الأردنيين خصوصا وان حكومة السوداني هي الوحيدة التي اتخذت خطوة عملية قياسا بغيرها حتى الآن باتجاه تنفيذ مشروع أنبوب النفط العملاق الناقل بين البلدين والذي يناقش مع العراقيين منذ أكثر من 30 عاما.
مؤخرا فقط حرص الثنائي-السوداني-تميم، على توجيه مذكرة رسمية للجانب الأردني تعلن تخصيص نفقات مالية في الميزانية العراقية المالية للعام الحالي لتنفيذ المرحلة الأولى من الخط النفطي الناقل بين العقبة-البصرة.
وكانت تلك خطوة متقدمة في تقييم الأردنيين من جهة السوداني وطاقمه الوزاري فالمشروع قديم جدا وتعطل عشرات السنوات وعرقله اللوبي الإيراني النافذ وقايض عدة مرات من أيام الدكتور نور المالكي مراحله الأولى إجرائيا بانفتاح العلاقات بين الأردن وإيران.
لكن ما فعله السوداني مؤخرا التقط بصورة جوهرية من مجسات عمان فالأخير رصد مالا في الميزانية للإنفاق على المرحلة الأولى لمشروع الأنبوب الناقل وبدون أي شرط أو قيد سياسيا له علاقة بمحور العلاقات والاتصالات السياسية بين عمان وطهران. ولتعزيز هذا الخط والاتجاه عند السوداني المصنف قبل سنوات بالخصومة مع المصالح الأردنية لأسباب إيرانية، حرصت عمان على مكافأة السوداني واظهار ان سلوكه يلقى الاستحسان ويمنحه مميزات سياسية على رافعة أردنية الأمر الذي انتهى بتأمين اتصال هاتفي أسعد السوداني بينه شخصيا وبين الرئيس الأمريكي جو بايدن.
السوداني هنا حصل عبر الأردن على فرصة الإيحاء بانه تمكن من التواصل مع الرئيس الأمريكي بصرف النظر عن مضمون الاتصال والذي ناقش أزمة الدولار في بغداد وعمان حصلت بالمقابل على فرصة لتقديم نفسها كجسم قادر على التأثير في خدمة إعادة تأهيل العراق وإدماجه ضمن خطة أعمق فيما يبدو هدفها الاستثمار في حكومة السوداني مرحليا وهي تحاول التحرر ولو جزئيا من النفوذ الإيراني.
في الأثناء تزاحمت وازدحمت الأجندات والتفسيرات لكن وفي إطار الضغط الأمريكي على العراقيين برزت الملاحظة التي تقترح من واشنطن على السوداني الحد من تهريب البضائع الإيرانية وغزوها للأسواق العراقية.
هنا حصرا اضطرت حكومة السوداني لاتخاذ قرار برفع الجمارك على المستوردات للداخل بنسبة 65 في المئة ودون استثناء الأردن ونزل القرار كالصاعقة على قطاعات التوريد الصناعي الأردنية وانهمك مجلس النواب الأردني والطاقم الوزاري في سعي محموم للبحث عن استثناء عراقي للصادرات الأردنية دون تحقيق نتائج سريعة وملموسة.
وبدا للوهلة الأولى ان منظومة الاتفاقيات الإستراتيجية التي نوقشت مع بغداد مؤخرا عبر وفدين برلماني ووزاري رفيعين على حافة التراجع أو غياب الإنتاجية فجأة، الأمر الذي دفع السوداني لإرسال نائبه الوزير تميم بهدف طمأنة الأردنيين والبقاء في حالة اتصال وتواصل معهم لان خدمات عمان في الإدماج السياسي مطلوبة وبإلحاح وتوهم السوداني مع بعض الأردنيين بانه يستطيع النجاح في تحصيل تلك الخدمات بمعزل عن إيران.
نقلت تعليقات عن وزير التخطيط العراقي في عمان العاصمة من بينها وعد بدراسة استثناء الأردن لاحقا من ضريبة المستوردات التي أغضبت الأردنيين وبينها تلك الإشارة التي خلاصتها بان حكومة السوداني جادة في المضي قدما نحو مشروع أنبوب النفط لكنها ستفعل ذلك فقط في حال تمكنها من البقاء والصمود ولا توجد ضمانات باستمرار أي مشروع مستقبلا حسب المناخ السياسي العراقي المألوف وهي إشارة سمعتها مباشرة «القدس العربي» ردا على استفسار لها من الوزير العراقي الضيف.
والخلاصة في هذا الاضطراب الذي عايشه محور عمان- بغداد مؤخرا برزت بهيئة شكوك بأن حكومة السوداني لا تملك القدرة فعلا على الغرق في تفاصيل شراكة مشاريع مع الأردن أو غيره بمعزل تام عن العناصر الإيرانية المؤثرة في المشهد، وذلك بموازاة قناعات فنية وبيروقراطية أردنية مرتبطة بان الجزء الأردني المحلي في خريطة هندسة استراتيجية مع العراق ليس جاهزا بعد بمعنى ان القرار السياسي وان شكل منطقة مشتركة بين الطرفين يحتاج لجاهزية أردنية قادرة ذاتيا على تقديم الواجب والمطلوب ضمن معادلة «رابح رابح». والخلاصة الأعمق عراقيا ان اندفاع حكومة السوداني غير مضمون وغير نهائي وليس قطعيا.
ونفس الخلاصة أردنيا تشير إلى ان القطاع الصناعي المحلي لا يملك المواصفة اللازمة للمنافسة في العراق وقطاع الطاقة المحلي يحتاج للكثير قبل الادعاء بالقدرة على التشبيك والشراكة الاستراتيجية مع بلد مثل العراق فمشكلات الجانب المحلي الفنية معقدة قليلا.
العراقيون لا يرضون على سياسة الأردن اتجاه الشعب .لهذا لابد من اتفاقيات ملزمة للاردن …والأفضل التعامل مع سوريا سواء مع نظامها الحالي أم الآتي