نتنياهو.. هل تنصل من التزامات العقبة أم يناور لبقاء الحكومة؟ 

حجم الخط
0

القدس- عبد الرؤوف أرناؤوط:
لم تكد تمضي دقائق على نشر إعلان اجتماع العقبة الأمني الخماسي في الأردن مساء الأحد، حتى تنصلت حكومة إسرائيل من أبرز التزامها، وهو تجميد البناء الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وتوالت تصريحات من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ورئيس الوفد الإسرائيلي إلى اجتماع العقبة، مستشار الأمن القومي تساحي هانغبي، تنفي أي تعهد بتجميد الاستيطان وتؤكد استمراره دون أي تأجيل.
تصريحات نتنياهو وهانغبي جاءت بعد تغريدات ساخرة من الوزيرين البارزين في الحكومة اليمينية، وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، ووزير المالية الوزير بوزارة الدفاع بتسلئيل سموتريتش.
وعلى نسق “ما يحدث في فيغاس يبقى في فيغاس”، غرد بن غفير: “ما حدث في الأردن (إذا حدث) يبقى في الأردن”.
أما سموتريتش فغرد: “ليس لدي أي فكرة عما تحدثوا عنه أو لم يتحدثوا عنه في الأردن. سمعت عن هذا المؤتمر غير الضروري من وسائل الإعلام مثلكم تماما”.
واستدرك: “لكنني أعرف شيئا واحدا: لن يكون هناك تجميد للبناء والتطوير في المستوطنات، ولا حتى ليوم واحد،، هذا من اختصاصي”، وفق تعبيره.
كما شدد سموتريتش على أن “الجيش الإسرائيلي سيواصل العمل في جميع مناطق يهودا والسامرة (التسمية التوراتية للضفة الغربية) دون أي قيود”.

روضة أطفال

تلك التغريدات استفزت حتى زعيم المعارضة رئيس الوزراء السابق يائير لبيد، الذي غرد: “لا يمكن لدولة إسرائيل أن ترسل وفدا رسميا على أعلى مستوى إلى مؤتمر برعاية أمريكية والتوصل إلى اتفاقات، ومن ثم يغرد وزراء كبار ضد أنفسهم. هذه ليست حكومة، هذه فوضى خطيرة”.
أما رئيس الكنيست السابق عضوه الحالي من حزب “هناك مستقبل” المعارض ميكي ليفي، فغرّد ردا على بن غفير: “يبدو أن الكبار لم يعودوا يخبرون الأطفال بما يفعلونه، إنها ليست حكومة، إنها روضة أطفال”.
وبعد وقت قصير، غرد نتنياهو حاسما الجدل: “على عكس التغريدات، سيستمر البناء والتنظيم في يهودا والسامرة وفقا لجدول التخطيط والبناء الأصلي، دون أي تغييرات. لم ولن يكون هناك أي تجميد”.
وقبلها بدقائق، تراجع رئيس الوفد عن كل تعهدات إسرائيل في العقبة بقوله: “على عكس التقارير والتغريدات حول اللقاء في الأردن، لا تغيير في السياسة الإسرائيلية”.
وأضاف هانغبي: “في الأشهر المقبلة، ستصادق إسرائيل على تسعة بؤر استيطانية وتوافق على 9500 وحدة سكنية جديدة” في الضفة الغربية.
ومشيرا إلى المسجد الأقصى والاقتحامات العسكرية لمدن وبلدات الضفة الغربية، شدد على أنه “لا يوجد تجميد للبناء أو تغيير في الوضع الراهن في الحرم القدسي ولا توجد قيود على نشاط الجيش الإسرائيلي”.

بيان العقبة

التصريحات الرسمية الإسرائيلية تتناقض تماما مع ما جاء في البيان المشترك الذي صدر في ختام اجتماع العقبة، بمشاركة رفيعة من السلطة الفلسطينية وإسرائيل والولايات المتحدة والأردن ومصر.
ووفق بيان الخارجية الأمريكية، فإن “الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية أكدتا استعدادهما والتزامهما المشترك بالعمل فورا على وضع حد للتدابير أحادية الجانب لمدة تتراوح بين ثلاثة إلى ستة أشهر”.
وهذ الاستعداد “يشتمل على التزام إسرائيل بوقف مناقشة (بناء) أي وحدات استيطانية جديدة لأربعة أشهر ووقف منح التصاريح لأي بؤر استيطانية لستة أشهر”.

تماسك الحكومة

لكن الدكتور يوناثان فريمان، محاضر العلوم السياسية في الجامعة العبرية، اعتبر أنه ليس بالضرورة أن يكون هناك تناقض بين التصريحات الرسمية الإسرائيلية وبيان العقبة.
وقال: “نعم نتنياهو قال إنه لن يكون هناك تجميد، ولكن هذا يعتمد على تعريفك لكلمة تجميد، وبشكل عام أعتقد أن السياسة الإسرائيلية لم تتغير عندما يتعلق الأمر بالبناء”.
وأعرب عن اعتقاده بأن “نتنياهو بقوله إنه لا يوجد تجميد يحاول إبقاء الحكومة (الائتلافية) متماسكة، ولكن إذا ما نظرت إلى العمل الفعلي في الميدان فالبناء سيكون بحده الأدنى كما كان في عهد الحكومة السابقة من دون تغيير”.

لا قرارات جديدة

فيما قال مصدر سياسي إسرائيلي إن “ممثلي إسرائيل في الاجتماع (العقبة) أكدوا أنه لن يكون هناك تغييرا في قرار تنظيم (شرعنة) 9 مستوطنات (بؤر استيطانية) وبناء 9500 وحدة سكنية في يهودا والسامرة (الضفة الغربية)”.
وأضاف المصدر الإسرائيلي، طلب عدم ذكر اسمه، أنه “لا يُتوقع اتخاذ قرارات أخرى بشأن الاستيطان في الأشهر المقبلة”.
“غير صحيح، لم يحدث هذا”.. بهذا الرد نفى مسؤول فلسطيني شارك في اجتماع العقبة، أن يكون الوفد الإسرائيلي أبلغ المجتمعين بهذا الأمر.

هدفان للاجتماع

وأهمية اجتماع العقبة، بحسب فريمان، هو “فتح قنوات اتصال بين الحكومة الإسرائيلية الجديدة والفلسطينيين”.
وتابع: “أعتقد أنه كانت هناك مخاوف من أنه لوجود أحزاب يمينية مختلفة في الحكومة فإن إسرائيل ستكون أقل قدرة على الاتصال المباشر مع الفلسطينيين كما فعلت الحكومة السابقة، وأعتقد أن هذا هو الهدف الأول من الاجتماع”.
والهدف الثاني، وفق فريمان، هو “تعزيز حقيقة أن الولايات المتحدة (موجودة) في الصورة، وهو ما تم التعبير عنه في البيان الذي وزعته الخارجية الأمريكية والذي قال في ختامه إن جميع الأطراف تشكر الولايات المتحدة على دورها”.
واستدرك: “مع ذلك يتعين أن نرى كيف ستجري الأمور، وأعتقد أن إسرائيل أبلغت المجتمعين في العقبة أن ما يؤثر هو الأعمال وليس الأقوال الإسرائيلية، بمعنى أن هناك الكثيرين الذين يتحدثون في الحكومة، ولكن المهم هو ما تفعله الحكومة فعلا”.
فريمان أعرب عن اعتقاده بأن “نتنياهو يعمل جاهدا للتأكد من أن عناصر في حكومته لا يعلنون أمورا تشكل سياسة، بمعنى أمورا لم يتم إقرارها من الحكومة”.
وأردف: “هذا أمر مهم لأن نتنياهو يهتم بعدم خروج الأمور عن السيطرة فيما يتعلق بالفلسطينيين، ولكنه أيضا يهتم بمسألة بقاء حكومته”.
وتعددت تفسيرات فلسطينية وإسرائيلية لما ورد في بيان العقبة، لكن مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان قال إن “هذا الاجتماع يمثل نقطة بداية”.
وشدد على أنه “لا يزال يتعين القيام بالكثير من العمل على مدى الأسابيع والأشهر المقبلة لبناء مستقبل مستقر ومزدهر للإسرائيليين والفلسطينيين.. وسيكون تنفيذ هذه الالتزامات حاسما”.
وبالأساس، هدف اجتماع العقبة إلى وقف التصعيد في الضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس الشرقية، جراء اقتحامات ينفذها الجيش الإسرائيلي وهجمات ينشها المستوطنون.
ومنذ مطلع العام الجاري، قُتل 63 فلسطينيا برصاص إسرائيلي في الضفة الغربية، بينهم 11 خلال اقتحام مدينة نابلس (شمال) في 22 فبراير/ شباط الجاري.
وردا على تلك الاعتداءات ينفذ فلسطينيون عمليات إطلاق نار، لاسيما في القدس المحتلة، ما أودى إجمالا بحياة 12 إسرائيليا.
وثمة مخاوف إسرائيلية من تكرار تصعيد التوتر في شهر رمضان (في مارس/آذار)، حيث عادة ما تمارس إسرائيل تضييقات على المصلين في الأقصى والقدس الشرقية عامة، بالإضافة إلى اقتحامات المستوطنين للمسجد في حماية الشرطة الإسرائيلية.

(الأناضول)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية