لندن ـ «القدس العربي»: اشتعلت موجة جديدة من الغضب على شبكات التواصل الاجتماعي في مصر، وتجدد الجدل بعد صدور قرار برفع أسعار البنزين الذي هو أحد المواد الأساسية التي تؤثر في أسعار العديد من السلع والخدمات بما فيها المواصلات العامة، فيما تجدد القلق في أوساط المصريين من «تعويم جديد» للجنيه بما يؤدي إلى مزيد من الانهيار في سعر صرفه أمام العملات الأجنبية.
وسرعان ما أصبحت أسعار البنزين وتوقعات تعويم الجنيه على رأس اهتمامات المصريين من مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي، والمعلقين والنشطاء، في الوقت الذي تزداد فيه الأسعار ارتفاعاً وتتجه شرائح أوسع من المصريين إلى الفقر وصعوبة الحياة اليومية.
وتصدر الهاشتاغ التقليدي «#إرحل_يا_سيسي» قائمة الوسوم الأكثر تداولاً على تويتر في مصر يوم الجمعة الماضية، كما تصدر الهاشتاغ «#التعويم_الجديد» أيضاً قائمة الوسوم الأوسع انتشاراً، وذلك بعد يوم واحد فقط على قرار رفع أسعار المحروقات.
وقررت الحكومة المصرية بشكل مفاجئ رفع أسعار كافة منتجات الوقود باستثناء السولار اعتباراً من يوم الخميس الماضي، وهو ما يعني أن مصر تتجه إلى موجة ارتفاع أسعار جديدة.
وشمل الرفع منتجات البنزين بأنواعه الثلاثة، فيما تخطت نسبة الزيادة 10 في المئة للبنزين 92. وتعد الزيادة الجديدة لأسعار البنزين هي الأكبر من حيث القيمة منذ تحرير سعر الوقود في تموز/يوليو 2019.
وقال بيان صادر عن وزارة البترول المصرية إنه «في ظل تذبذب أسعار خام برنت وسعر صرف الجنيه مقابل الدولار، قررت لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية التوصية بتعديل الأسعار الحالية السائدة في السوق المحلية، حيث تم تعديل سعر بيع منتجات البنزين لتصبح كالآتي: 8.75 جنيه للتر البنزين 80 و10.25 جنيه للتر البنزين 92 و11.50 جنيه للتر البنزين 95». وذكرت اللجنة أن سعر بيع طن المازوت لغير استخدامات الكهرباء والمخابز سيصبح 6000 جنيه للطن.
ارتفاع أسعار المحروقات
وعلق الناشط المعروف والمدون وائل عباس في تغريدة على «تويتر» يقول: «إحنا اتفاقنا معاكم اللي أنتم أجبرتونا عليه مش بمزاجنا برضه يعني، إن البنزين يترفع ربع جنيه بس في كل مرة!!! إنما نصحى الصبح نلاقيكم رفعتوه جنيه بحاله، الساعة 2 بعد نص الليل، ده إسمه إيه؟؟؟».
أما الكاتب عمار علي حسن فعلق قائلاً: «وحين يتحرك البنزين، تتحرك معه أسعار كل شيء، وكأن الناس قادرون على تحمل هذه الأعباء التي تزيد بلا رحمة».
وقال مغرد يُدعى جابر: «حيكتبوا على محطات البنزين: إنك لن تستطيع معي صبراً».
واكتفت نجوى، وهي ناشطة تحظى بمتابعات واسعة، بنشر جملة للرئيس عبد الفتاح السيسي: «رفع سعر البنزين وراه تسونامي في الأسعار، والحاجة اللي تغلى ماتشتروهاش، مش لازم تاكلوا، اشربوا مية كفاية، زي واحد عاش عشر سنين ع المية وفي الآخر كل بلد بحالها».
وكتب ياسر فتيحة ساخراً: «طيب ما تستوردوا بنزين برازيلي، من اللي بـ5 جنيه، علشان تقضوا على جشع التجار؟».
وغرد الصحافي أحمد عطوان: «في الوقت اللي كان السيسي ومدبولي وباقي الشلة قاعدين بالليل عشان يقرروا رفع أسعار البنزين وقهر الشعب بمزيد من الغلاء.. فيه سيدة وأطفالها كانوا بيرموا نفسهم من فوق كوبري بالقناطر وانتحروا للهروب من ضيق الحال والجوع وعدم القدرة على المعيشة.. حسبنا الله ونعم الوكيل».
وغرد الإعلامي والمذيع التلفزيوني المعارض أسامة جاويش قائلاً: «هل تعلم عزيزي المواطن: الحد الأدنى للأجور (26 أكتوبر 2022): 3000 جنيه = 130 دولارا، الحد الأدنى للأجور (2 مارس 2023): 3500 جنيه = 114 دولارا.. مقدار الزيادة 500 جنيه = 1.7 كيلوغرام من اللحم أو دجاجتين». وكتب جاويش في تغريدة ثانية ساخراً: «بكره الحكومة تستورد بنزين برازيلي». وربط الناشط أحمد بدوي بين الافراج عن معتقلين وقرار زيادة أسعار البنزين بالقول: «أفرجوا عن 33 واحد من السجن.. زودوا أسعار البنزين».
وعلق أحد المغردين: «مبارك بكل طغيانه رفض الخضوغ لإملاءات البنك الدولي ولم يجرؤ على تحدى الشعب المصري في قوت يومه كما يفعل السيسي».
وغرد الإعلامي محمد ناصر قائلاً: «قرارات رئاسية متأخرة بزيادات في الرواتب والمعاشات والحد الأدنى للأجور.. حتى لا يموت الشعب من الجوع ويتم تصدير القرارات كاستقرار للدولة وتعافي اقتصادها. فهل هي خطوة نحو مساعدة الشعب لمواجهة الغلاء، أم أنها خطوة استباقية لموجة تضخم أخرى تحصد هذه الزيادات؟!».
وقال ناصر في تغريدة ثانية: «للأسف مشهد الدوا والناس مش لاقية تتعالج، والأسعار اللي بتزيد ونظام السيسي اللي مش عارف يسيطر على الموضوع.. يفكرك باخواتنا في سوريا واللي بيعانوا من نفس المشكلة.. بس سيبك أهم حاجة منبقاش زي سوريا والعراق، لكن الواقع احنا تجاوزنا المشاهد دي كلها والوضع بقي أسوأ». وأضاف: «مصر موعودة دايماً إن الفاسد فيها يفضل معمّر على رقاب الناس، ومع كل فاسد بيموت في مصر بتنفتح الأبواب والقصص اللي بتكشف الجانب الحقيقي للشخصيات دي.. وكأن امبراطورية الفساد لا تفنى ولا تستحدث من العدم!».
التعويم الجديد
وبينما رفعت الحكومة المصرية أسعار المحروقات بأعلى وتيرة منذ سنوات، اشتعلت المخاوف والقلق في أوساط المصريين من انهيار جديد للجنيه، وسرعان ما هيمن الحديث عن «تعويم جديد» على أحاديث المصريين على شبكات التواصل.
وتوقعت عدة بنوك عالمية أن تضطر مصر لاتخاذ قرار بتعويم جديد للجنيه، أي بخفض جديد في سعر صرفه أمام الدولار الأمريكي والعملات الأجنبية الأخرى، وذلك خلال شهر آذار/مارس الجاري، حيث سيكون التعويم المقبل هو الرابع خلال عام واحد، في ظل أزمة اقتصادية طاحنة تضرب البلاد.
ويأتي «تعويم الجنيه» على رأس شروط صندوق النقد الدولي للموافقة على القرض، إلى جانب اشتراط تخارج الحكومة من المشاريع الاقتصادية، وفتح مساحة أكبر لـ«الخصخصة» وتوقف عمليات الدعم المنفذة من قبل البنك المركزي المصري لدعم خطط الإقراض واعتماد الضبط المالي، وكذلك إدارة الديون من أجل الالتزام بمسار تنازلي للدين العام بالنسبة للناتج الإجمالي المحلي.
وتوقعت أربعة بنوك عالمية، من بينها كريدي سويس السويسري، وبنك أوف أمريكا، وسوسيتيه جنرال الفرنسي، في تقارير منفصلة، هبوطا قياسيا جديدا للجنيه المصري مقابل الدولار خلال الشهر الجاري. وسجل سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار، يوم الأربعاء الماضي، وفقا لبيانات المركزي المصري 30.6 جنيه للشراء، و30.7 جنيه للبيع.
وقال تقرير صادر عن بنك «كريدي سويس» إن الجنيه المصري سيشهد تراجعات جديدة مقابل الدولار الأمريكي، متوقعا أن تنخفض قيمته إلى 35 جنيها للدولار الواحد خلال شهر آذار/مارس الجاري، وذلك لعدة أسباب أبرزها عدم وضوح برنامج طروحات الشركات الحكومية.
وكتب أحمد أبوشعيشع معلقاً على هذه التوقعات في تغريدة على «تويتر» يقول: «عشان كدا يتم التعويم الجديد اللي ضيع قيمة الجنيه نهائياً، وفشل اقتصادي مرعب، تضخم لم يحدث في مصر من قبل، موجة غلاء تقتل الغلابه بلارحمه، أبشرك أن هيحصل انفجار في كل مصر هذا العام وربما الاسابيع القادمة، انفجار سيأكل كل مصر بسبب سوء ادارتها اقتصادياً، شكلك مش عايش ويانا في الغلاء والفساد».
وكتب محمد فتحي: «علامات التعويم الجديد ابتدت ريحته تطلع فى الصحف الاجنبية». فيما كتب معلق آخر: «كله بقي مستني التعويم الجديد. الفكرة ان التحويل الآن بيتم من تحت الطاولة، والـ20% دي اموال خرجت بلا عودة من مصر الي خارجها، اصحى بقى».
وكتب أحمد شوقي معلقاً على شهادات الاستثمار ذات العائد المرتفع (25%) حيث غرد يقول: «الشهادة كانت تمويه علشان يمرروا موضوع التعويم الجديد والناس مشغولة بالشهادة.. فطرحو الشهادة قبل التعويم باسبوع بحيث أول ما التعويم يحصل الناس تنشغل بانقاذ فلوسها من خلال الشهادة بدل ما يعترضوا أو يحصل اللي خايفين منه».
وعلقت مغردة تدعى داليا بالقول: «بدأت أزمة الرز والسكر والزيت ولسة القادم أعظم. اللي بيحصل في البلد ده حرام والله، فوقوا بقا يا شعب مصر قبل ثورة الجياع.. ارحل يا سيسي خربتها منك لله انتا وعصابتك. التعويم الجديد قادم لا محاله بدأ بالبنزين. حسبي الله ونعم الوكيل».
يشار إلى أن الجنيه المصري سجل الأسبوع الماضي هبوطاً مفاجئاً، حيث شهد السعر الرسمي للجنيه مقابل العقود الآجلة غير القابلة للتسليم (أجل 12 شهرا) هبوطا مفاجئا إلى مستويات الـ37 جنيها للدولار الواحد، وهو أدنى مستوى له في التاريخ، وفقا لوكالة «بلومبيرغ» الأمريكية.