“إسرائيل هيوم”: لمشرعي إعدام “المخربين” الفلسطينيين.. “ما هكذا تؤكل الكتف”

حجم الخط
0

ربما لا توجد دولة أخرى في العالم غير إسرائيل تكافح منذ قيامها ضد موجة إرهاب تواصل القتل لذاته بهدف فرض الرعب والخوف، وتشويش نمط الحياة وهز أساسات وجودنا كمجتمع وكدولة.

يرافقنا الإرهاب منذ عدنا إلى بلادنا. وهو جزء لا يتجزأ من الصراع اليهودي العربي على بلاد إسرائيل. وبصفته هذه، فإنه هنا كي يبقى، وسيواصل فرض ظل ثقيل على حياتنا ما لم يصل هذا الصراع إلى حل أو حسم.

ولكن في أثناء 150 سنة كفاح ضد الإرهاب، واصلت الصهيونية في رحلتها من نصر إلى نصر، بينما فشل الإرهاب في تحقيق أهدافه، وهو ما حصل في الثلاثينيات من القرن الماضي في عهد العصابات العربية في أيام الثورة العربية الكبرى، وفي حرب الاستقلال في العام 1948، وفي وجه عصابات الفدائيين في الخمسينيات، وفي إرهاب عصرنا، الذي كانت ذروته الانتفاضتين الأولى والثانية. بالمناسبة، تحقق حسم في دولة إسرائيل عشية حرب الأيام الستة، إذ إن عرب إسرائيل يشكلون اليوم جزءاً من نسيج الحياة في الدولة ويكاد لا يشاركون في الإرهاب.

يرتدي الإرهاب شكلاً وينزع آخر منذ رفع رأسه لأول مرة. وفي العقود الأخيرة، كان هذا إرهاب انتحاريين، بعضهم ممن ترسلهم منظمات إرهابية، وبعضهم مخربون أفراد، تحركهم ظروف شخصية وفي الغالب أيضاً لا يشركون أحداً في نواياهم. لكن هؤلاء وأولئك يعرفون بأن احتمالاتهم خروجهم وهم على قيد الحياة من عملية يقومون بها ليست كبيرة.

عمليات إطلاق النار وزرع العبوات الناسفة لم تعد هي الأخرى تمنح حصانة لمنفذيها، إذ إنه في ضوء قدرة الجيش الإسرائيلي الاستخبارية والعملياتية المبهرة يعرف كل مخرب بأنه سيلقى القبض عليه أو يصفى في أثناء النشاط لإحباط الإرهاب الذي يقوم به الجيش الإسرائيلي.

ومع ذلك، في المجتمع الفلسطيني، المجتمع التقليدي الديني، الذي يغمره التحريض والذي يعيش في صراع عنيف معنا منذ سنوات جيل، لا يزال هناك مخربون مستعدون للموت على أن يتمكنوا من قتل يهود.
أمام هذا الواقع هناك من يقترح عندنا علاجاً سحرياً يتمثل في قانون عقوبة الإعدام للمخربين. الجدال على ضرورة ونجاعة القانون عتيق وعمره كعمر الدولة.

بادئ ذي بدء، يدور الحديث عن منزلق سلس يجب الحذر منه، لأجل عدم جعل الإعدامات أمراً اعتيادياً. فبعد كل شيء، لماذا الاكتفاء بعقوبة الإعدام لمخربين قتلة، وليس لمن ساعدهم أو عرف بنواياهم. ولماذا عقوبة الإعدام فقط على أفعال إرهاب؟ ألا تبرر عقوبة الإعدام قتل أطفال أو نساء، وهي الظاهرة المخيفة التي اصطدمنا بها في المجتمع الإسرائيلي في السنوات الأخيرة؟ وماذا عن اليهودي المدان بأعمال إرهاب؟

لكن السبب الذي ينبغي معارضة القانون من أجله، لا يكمن في أنه أن يمنع الإرهاب، بل ويشعل إواره. فبعد كل شيء، فقد كان الإرهابيون الذين نفذوا العمليات في السنوات الأخيرة هم ومرسلوهم، يعرفون بأنهم أبناء موت وأن نهايتهم ستأتي، ومع ذلك انطلقوا لتنفيذ العمليات.

فضلاً عن ذلك، الإعدام ليس “ضربة واحدة وانتهينا” – متوقع هنا إجراء طويل ومعقد سنكون في أثنائه عرضة لضغط دولي، بل ونجعل المخربين أبطالاً في نظر الفلسطينيين وفي نظر العالم. وما هو أهم من ذلك، أن كل إعدام سيثير عمليات ثأر وأساساً عمليات مساومة. السبب الوحيد لسن قانون كهذا هو إرضاء الرغبة الطبيعية والمفهومة بالثأر. والرغبة في تهدئة الخواطر العاصفة بعد كل عملية إرهاب. لكن تهدئة الخواطر دون الحاجة إلى إعدامات هي بالضبط مهمة القيادة المسؤولة التي ترى مصلحتنا بعيدة المدى كمجتمع وكدولة ولا تبحث عن العناوين الرئيسة.

لقد كانت قوة الصهيونية دوماً في ضبط النفس والتفكر، حتى في الساعات القاسية التي شهدناها وفي اتخاذ القرارات “من الرأس” وليس “من القلب”. لقد كان هذا تفوقنا الواضح على أعدائنا، وهذا ما ينبغي أن نواصل الاحتفاظ به.

بقلمايال زيسر

 إسرائيل اليوم 5/3/2023

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية