البطريرك الراعي ينتقد تمديد الشغور الرئاسي في لبنان ويعتبره إمعاناً في الجريمة

سعد إلياس
حجم الخط
0

بيروت-“القدس العربي”: انتقد البطريرك الماروني اللبناني مار بشارة بطرس الراعي في عظة الأحد، تمديد الشغور الرئاسي في لبنان واعتبره إمعانا في تكبير حجم الجريمة.

وقال: “إننا أمام جماعة سياسية خالية من أية مسؤولية، وتمارس السياسة من أجل مصالحها الفئوية فقط، غير آبهة بالشعب الذي أوكل إليها هذه المسؤولية العامة بموجب الدستور”.

جاءت تصريحات الراعي على وقع الخلاف المستمر حول الاستحقاق الرئاسي، و”حرب البيانات” التي شهدتها الساحة اللبنانية منذ كلام رئيس مجلس النواب نبيه بري عن ترشيح رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية والردود عليه من قبل المرشح ميشال معوض وبعض أطراف المعارضة.

وأضاف “من المؤلم حقاً غياب رجال دولة عندنا، والبرهان على ذلك أنه لا يوجد أحد من السياسيين والأحزاب أو الكتل النيابية، يقدم مشروعاً واحداً جدياً لإنهاض لبنان من انهياره الكامل، فإن تكلم بعضهم فاهوا بالكيدية والحقد والذهنية الميليشياوية والإساءة الشخصية وبثّ سمّ التفرقة والانقسامات والعداوة، الأمر الذي يزرع الأشواك والألغام على طريق انتخاب رئيس للجمهورية”.

وتابع الراعي قائلا: “يتعثر انتخاب رئيسٍ للجمهورية، لأنه وبكل أسف يدور الخلاف حول انتمائه إما لفئة الممانعة أو لفئة السيادة كما تسميان، والحل الوحيد هو في الخروج من هذه المعادلة وانتخاب الشعب رئيسا وطنيا متحرّرا من كل ارتباط وانحياز وفئة ومحور، هذا هو الرئيس الذي يحتاجه لبنان لكي يكسب ثقة الجميع في الداخل، وثقة كل الدول في الخارج”.

وأضاف “هذه هي أولوية الأولويات والضرورات التي يذكّر بها النائبان المعتصمان في المجلس النيابي منذ ثلاثين يومًا، أما السعي إلى تمديد الشغور الرئاسي من أجل أهداف مبطنة منافية للهوية اللبنانية، فهو الإمعان في تكبير حجم الجريمة بهدم مؤسسات الدولة، واضطهاد المواطنين اللبنانيين بإفقارهم وتهجيرهم من وطنهم، وحرمانهم من تحقيق ذواتهم على أرض وطنهم، ومن المساهمة في بنيانه، مثلما يفعلون في بلدان أخرى استضافتهم”.

وختم الراعي “من واجب المتعاطي بالشأن السياسي العمل جديا على تجديد العقد الاجتماعي الضامن للتنوع الثقافي والديني بين اللبنانيين على أسسٍ من الحداثة وإزالة الخوف المتبادل. ويتطلع الجميع أفرادًا وجماعات إلى مستقبلهم الوطني بأمل وثقة، ويشاركون بروح المسؤولية في صياغة دور رياديّ لبلدهم في العقود المقبلة، مستثمرين ما يملكه من خصوصيات ومميزات تفاضلية وقيم حضارية”.

وفي الساعات المقبلة، يترقّب اللبنانيون ما سيقوله أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله لمناسبة إحياء الحزب “يوم الجريح” وإن كان سيكمل ما بدأه الرئيس بري في مسألة ترشيح فرنجية. وقد استبق عضو المجلس المركزي في الحزب الشيخ نبيل قاووق إطلالة نصر الله بالقول: “أولويتنا تكمن في انتخاب رئيس للجمهورية من أجل أن نوقف الانهيار وننقذ لبنان، ولكن أولوية فريق التحدي والمواجهة أخذت البلد إلى مغامرة جديدة للانقلاب على التوازنات السياسية الداخلية”، معتبراً أنهم يريدون ما أسماه “الإمساك بالبلد ليغيّروا هويته وموقعه ودوره في المنطقة ويلحقوه بركب التطبيع”.

ورأى قاووق “أن جماعة التحدي والمواجهة يريدون انتخاب رئيس منصة للانقضاض على الثوابت الوطنية وتصفية حسابات سياسية، ولكن موقف حزب الله واضح، فنحن لسنا في موقف ضعيف ولسنا في عام 1982 حتى يأتي رئيس على ظهر دبابة أو يأتي رئيس بضغط الجوع والأزمة الاقتصادية والاجتماعية”.

وأشار قاووق إلى أن المستجدات الأخيرة عززت فرص التوافق والأصوات الداعمة للتوافق، وهناك أصوات دولية ونواب وأحزاب وقوى في لبنان غيّرت موقفها لصالح مشروع التوافق، لأنهم أدركوا أن المخرج الوحيد للأزمة هو بالحوار، وهذا ما فجّر غضب التعطيلين وجعلهم يصرخون ويسيئون الأدب مع المقاومة وشعبها”.

وكان رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع عبّر عن عدم تفاجئه بتبني بري ترشيح رئيس “تيار المردة”، لافتاً إلى أنه “كان على علم منذ بدء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس للجمهورية من ستة أشهر، بأن المرشح الجدي والفعلي لحزب الله وبري وحلفاءهما هو سليمان فرنجية”.

وقال “حتى الأمس القريب كنا لا نزال نطالب التقيّد بالأصول الدستورية وكنا مستعدين لتقبل نتائجها حتى لو فاز مرشحهم، لكن بعد مرور خمسة أشهر على الشغور الرئاسي أصبح مرفوضا بعدما قرروا تغيير شروط اللعبة الديمقراطية وتعطيل الدستور بانتظار توقيتهم المناسب”.

وكشف عن تلقيه عروضاً للمضي برئيس “تيار المردة”، “في محاولة لإقناعي بالقبول بفرنجية لرئاسة الجمهورية، مقابل رئيس حكومة يكون قريباً من المعارضة، الأمر الذي رفضته”.

في سياق متصل، كشف رئيس الكتائب النائب سامي الجمّيل “أن بعض الدبلوماسيين الذين يحاولون إيجاد حلول مهما كان الثمن؛ طرحوا علينا فكرة رئيس جمهورية تابع للثامن من آذار مقابل رئيس حكومة يرضي العرب والغرب لكننا رفضناها رفضاً قاطعاً، لأنها غير منطقية وهو طرح يرضي فريق حزب الله”.

وتساءل الجميّل “أين يحسبون رئيس مجلس النواب وهل هو على جنب؟”، معتبراً أن الرئيس بري لم يعد رئيس مجلس حيادي بل أصبح فريقاً سياسياً يدير المجلس، ولذا علينا أن نتابع بدقة عملية التصويت، فعذاب شهر أو شهرين لانتخاب رئيس أفضل من العذاب لست سنوات في ظل عهد شبيه بالعهد السابق”.

ورأى أن “الثنائي أمل وحزب الله افتتحا معركتهما ولم يصلا بعد إلى أكثرية 65 صوتاً لفرنجية، وإلا لكان بري دعا إلى جلسة نيابية”، مؤكداً “سنعطل أي جلسة مدبرة لإيصال مرشح حزب الله”.

من ناحيته، استبعد النائب التغيري مارك ضو انعقاد جلسة مجلس النواب لانتخاب رئيس قبل شهر رمضان، واعتبر “أن الرئيس بري لم يحرج أحداً إلا نفسه”، وقال: “الرئيس يرفع السقف ويضع الشروط وهو ليس لديه 65 صوتاً لإيصال مرشحه وكلامه عن ترشيح فرنجية ما هو إلا للتهديد”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية