وول ستريت جورنال: خطاب سعيد أطلق العنان للغوغاء في تونس لضرب وطرد المهاجرين الأفارقة

إبراهيم درويش
حجم الخط
3

لندن- “القدس العربي”:

نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” تقريرا أعده تشاو دينغ، قال فيه إن خطاب الرئيس التونسي قيس سعيد بشأن المهاجرين الأفارقة في بلاده، فتح الباب أمام عنف الغوغاء، وأدى لطرد آلاف المهاجرين من منازلهم وأعمالهم، حيث بات بعضهم يعيش خارج بناية تابعة للأمم المتحدة.

وقالت الصحيفة إن السلطات التونسية اعتقلت المئات من أبناء دول الصحراء في أفريقيا، بعدما شجب سعيد المهاجرين في الشهر الماضي، وتحدث عن “مؤامرة إجرامية” لتغيير الطابع السكاني للبلد. وتبع خطابه قيام مجموعات من الرجال التونسيين بمهاجمة المهاجرين من أصحاب البشرة الداكنة، وطرد عدد كبير منهم من منازلهم. وهرب أكثر من 100 مهاجر إلى بناية لمنظمة الهجرة العالمية، التابعة للأمم المتحدة في العاصمة تونس.

وقال إريك زاولو، المهاجر من ليبيريا: “فررنا للحفاظ على حياتنا”، مشيرا إلى أنه هرب مع زملائه الذين كانوا معه في الشقة إلى مجمع الأمم المتحدة بعدما هاجم الغوغاء الشقة. وقال زاولو إنه خسر ملابسه و250 دينارا تونسيا (80 دولارا) في ليلة الهجوم. ويعيش اليوم على الخبز والماء في خيمة من البلاستيك تبرع بها غرباء خارج بناية الأمم المتحدة.

وتشير الصحيفة إلى أن سعيد الذي انتخب عام 2019، انشغل خلال عام ونصف بتفكيك البرلمان وتخفيض استقلالية القضاء، وتنصيب الموالين له فيه. وتقول منظمات حقوق الإنسان والمعارضة، إن سعيد يشن حملة قمعية يهدف منها إلى تسجيل نقاط سياسية، وحرف الأنظار عن الأزمة الاقتصادية المتفاقمة، والنقد المتزايد لحكمه الاستبدادي.

ونقلت الصحيفة عن مونيكا ماركس، المختصة بالشرق الأوسط وسياسة تونس تحديدا، في جامعة نيويورك بأبو ظبي، قولها: “ما قدمه قيس سعيد كان خطابا عن نظرية الاستبدال العظيم، وقال فيه إن الساسة المؤيدين للديمقراطية قاموا بهندسة حملة استبدال عظمى للعرب والمسلمين بالمهاجرين السود”، مضيفة: “أي شخص ببشرة سوداء يعيش في تونس يشعر بمستوى من الخوف، حيث لازم الكثيرون من المهاجرين منازلهم”.

ودعا سعيد في  خطاب ألقاه يوم 21 شباط/ فبراير، لوقف الهجرة غير الشرعية إلى تونس، وزعم بدون تقديم أية أدلة، أن هناك “أحزابا” سياسية تتلقى أموالا لتوطين المهاجرين الأفارقة، وتحويل الطابع العربي والإسلامي لتونس إلى أفريقي. وتم توزيع خطاب سعيد الذي ألقاه أمام مسؤولين أمنيين، ومسؤولين في وزارة الدفاع على منصات التواصل الاجتماعي بشكل واسع. وبعد يومين، ألقى سعيد خطابا نفى فيه تهم العنصرية، ولكنه أكد ضرورة مغادرة المهاجرين الذين دخلوا البلاد بطريقة غير شرعية.

وتزامنت تصريحات سعيد حول الهجرة، مع حملة واسعة استهدفت الرموز السياسية التونسية، من بينها حركة النهضة. حيث اتُهم عدد كبير من تلك الرموز بأنهم يشكلون تهديدا على الأمن القومي، بحسب المحامين ومنظمات حقوق الإنسان. ورفضت وزارة العدل التونسية الرد على أسئلة الصحيفة.

وقالت وزارة الخارجية الأمريكية التي عبّرت في السابق عن قلقها من اعتقال رموز سياسية، بأنها تشعر بالانزعاج من اعتقال أشخاص تحدثوا أو قابلوا مسؤولين في السفارة الأمريكية بتونس، ولم تحدد هوية الأشخاص.

وتم اعتقال حوالي 850 شخصا من الكاميرون وساحل العاج وغينيا ودول أفريقية أخرى، اتُهموا بدخول تونس بطريقة غير قانونية، وفقا لزينب مروقي، منسقة برنامج منظمة “محامون بلا حدود” في تونس. وقالت: “كانت مفاجأة”، مضيفة أن عددا من الذين اعتُقلوا كانت لديهم وظائف في تونس، ولكن لم تكن لديهم طرق للإقامة بشكل قانوني في البلد، مع أن الكثيرين يعيشون في تونس منذ سنوات.

وهناك حوالي 21 ألف مهاجر غير شرعي في تونس التي يبلغ تعداد سكانها نحو 12 مليون نسمة. وبدأت دول مثل ساحل العاج ومالي وغينيا بإعادة مواطنيها بعد زيادة الاعتقالات والهجمات ضدهم. وشجب الاتحاد الأفريقي، تعليقات تونس حول مهاجري دول الصحراء.

وقال المهاجرون الذين فرّوا إلى بناية الأمم المتحدة، إن خطاب سعيد قاد مباشرة لمشكلتهم. وقال مالكوم تاكر (23 عاما) من سيراليون، والذي وصل تونس عام 2021، إن صاحب الشقة التي كان يعيش فيها وسط العاصمة، جاء ليلا مع عدد من الرجال متوسطي العمر، وضربوه مع زملائه وهددوهم بالسكاكين. وأصيب مالكوم بجراح، وفي اليوم التالي جرّ نفسه نحو بناية الأمم المتحدة لطلب الحماية، مضيفا: “قيل لي إن الوضع خارج عن السيطرة” وهذه “مفاجأة كبيرة لي كطالب لجوء”.

وأضاف تاكر الذي كان يعمل في مصنع مطاط، إنه ذهب مع أصدقائه إلى منظمة الهجرة الدولية على أمل أن توفر لهم غرفا في فندق أو حماية من نوع ما، ولكنه أعطي موعدا نهاية الشهر لكي يقابل المسؤول. وقال: “الجو بارد في الخارج ولا أمن”.

وقال أبيب كالوكا إنه طرد من منزله وعمله، حيث كان يحصل على 20 دينارا في اليوم. وأضاف كالوكا أنه غادر بلده سيراليون بعد فيضان قتل أبويه ودمر بيتهم. وفي تونس، مشى حافيا إلى بناية الأمم المتحدة، ويعيش منذ أسبوعين بدون أمتعته، قبل أن يتبرع غريب له ببطانية. وقال: “ليس لدي أمل كبير في بلدي، وأخاف على حياتي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول إبراهيم:

    مجرد سؤال : انسجاما مع قناعاتهم…هل سيطالب الغوغاء بطرد المهاجرين التونسيين من اوروبا؟

    1. يقول قلم حر في زمن مر:

      أبدا أبدا ?

  2. يقول كريم إلياس /الجمهورية الفرنسية:

    و بعدها يأتي من يصدع رؤوسنا …بعنصرية مارين لوبان..لأنها تطالب بتقنين الهجرة و المهاجرين.(رغم كثرتهم )التي فاقت كل تصور

إشترك في قائمتنا البريدية