على مدى يفوق العشر سنوات إلى اليوم، كانت التوقعات تعلو وتهبط، ويجري إعداد الخطط المفصلة لحرب ضد إيران، بهدف إجهاض برنامجها النووي، ولكن من دون أن تقوم الحرب الشاملة الموعودة، وإن توالت ما تسمى «المعارك» بين الحروب، وفي صورة هجمات استنزاف للوجود الإيراني وجماعاته في سوريا والعراق، أو اختراقات أمنية ومخابراتية و»سيبرانية» في الداخل الإيراني، وقتل لعلماء أو قصف لمنشآت، وكانت طهران ترد بدورها، وتنتقم على طريقتها برا وبحرا، وتطور برامجها النووية والصاروخية وطائراتها المسيرة في الوقت نفسه، وتستفيد من تغيرات في البيئة الدولية والإقليمية، وبصورة جعلت افتراض الهجوم الإسرائيلي أو الأمريكي ـ الإسرائيلي عليها مجرد وعد معلق، وغير مضمون النتائج، حتى إن حدث .
توافر الإرادة السياسية هو الحل الغائب، الذي يوفر للخائفين العرب مكانا تحت الشمس، ومقدرة على إدارة حوار الند للند مع طهران وغيرها
وقد نكون اليوم في لحظة ترقب ساخنة، تدعمها تقارير وتسريبات تنشر في «الميديا» الأمريكية، وزيارات أمريكية مهمة تتدافع إلى «إسرائيل»، لن تكون آخرها زيارة وزير الدفاع الأمريكي الجنرال لويد أوستن، وقبلها زيارات عمل طويلة للجنرال مارك ميلي رئيس أركان الجيوش الأمريكية وجيك سوليفان مستشار الأمن القومي الأمريكي وويليام بيرنز مدير المخابرات المركزية الأمريكية، والجواب ظاهر من عنوانه، الذي تؤيده وتؤكده تدريبات ومناورات مشتركة بين القوات الأمريكية والجيش «الإسرائيلي»، بعد دمج «إسرائيل» من سنوات في تكوين ما يسمى «القيادة المركزية الأمريكية»، التي صارت تضم في نطاق عملها مع «إسرائيل»، كل الدول العربية في غرب آسيا، إضافة لمصر، وفي المنطقة أكبر عدد من قوات البنتاغون خارج الأراضي الأمريكية، وأكبر القواعد الأمريكية العسكرية الثابتة الموزعة من شاطئ البحر المتوسط حتى شواطئ الخليج، وتجهيزات الأسطولين الأمريكيين الخامس والسادس، وبرامج المناورات المشتركة الدورية مع دول عربية معروفة، وهي تركز في عملها اليومي على مطاردة الخطر الإيراني، ومصادرة الأسلحة المرسلة من طهران إلى الحوثيين باليمن وغيرها، وتحت شعارات رائجة من نوع حماية أمن مداخل البحر الأحمر وبحر العرب، والتصدي لتحركات إيران العسكرية عند «مضيق هرمز»، وفي بيئة سياسية، طورها السعي الأمريكي لتمكين «إسرائيل» من إقامة علاقات عميقة متنوعة مع دول عربية على طول خط الجبهة الافتراضي تحت عنوان «اتفاقات إبراهام»، وقد شملت السودان مع دولتي الإمارات والبحرين، وبما يمكن «إسرائيل» من إقامة نقاط ارتكاز على حافة الحدود الإيرانية، إضافة للتعاون اللصيق بالطبع مع القواعد الأمريكية الكبرى في بلدان الخليج المجاورة، وتحويل دولة أذربيجان في شمال إيران إلى قاعدة عسكرية إسرائيلية متأهبة للهجوم، فضلا عن علاقات عمل عسكري أمريكي قديم جديد مع بعض دول آسيا الوسطى.
ومؤدى الصورة كلها في العموم وبالتفاصيل، أن مسرح الحرب على إيران جاهز، ومن زمن، ويتم تحديثه وتنشيطه على الدوام، كما تكثيف الضغط الأمريكي على بلدان عربية خليجية مضافة، وبهدف توسيع حضور «إسرائيل» في الجغرافيا الملاصقة لإيران، على نحو ما تدل عليه اتصالات الرئيس الأمريكي جو بايدن الأخيرة مع سلطنة عمان، وبهدف كسر اعتراضها على مرور الطائرات المدنية الإسرائيلية في أجوائها، تسهيلا لكسب جدوى موافقة سعودية سابقة على الأمر نفسه، وربما استثمارا لصلات عمان الخلفية الوثيقة مع طهران، والمعروف أن الدبلوماسية العمانية قامت بأدوار لا تنكر في جهود التوصل لاتفاق 2015 النووي مع إيران، قبل أن تلغيه وتنسحب منه واشنطن عام 2018، وتعاود تشديد عقوبات الحد الأقصى على طهران، وهو ما أثبتت الأيام والحوادث فشله في ردع إيران، التي طورت وسائل وأساليب مؤثرة في تخفيف أثر العقوبات من جهة، وفي الاستفادة من انسحاب واشنطن لتعميق برنامجها النووي، ومضاعفة نسب تخصيب اليورانيوم، حتى وصلت رسميا إلى 60%، بدلا من نسبة 3.67% المنصوص عليها في الاتفاق النووي المتروك جانبا، الذي أخفقت مفاوضات إحيائه في فيينا وغيرها، ثم عمدت القيادة الإيرانية لتجاوز القصة برمتها، وإجراء تخصيب تجريبي بنسبة تناهز 84% في منشأة «فوردو»، وهو ما يقترب من نسبة التسعين بالمئة اللازمة لإنتاج القنابل الذرية، ولا تخفي إيران قدرتها على التخصيب اللازم، وزيادة نسبة تخصيب مخزونها من اليورانيوم المخصب، وقد تجاوزت كمياته ما كان متفقا عليه بثمانية عشر مثلا، وسبق أن أشار كمال خرازي مستشار المرشد علي خامنئي، وأعلن اكتمال المقدرة الفنية لإنتاج القنابل الذرية، وإن قال إن هناك «فتوى» تحظر وتحرم إنتاج السلاح النووي، وقد لا تكون حكاية «الفتوى» جامعة ولا مانعة، فقد ألغت طهران من قبل فتاوى دينية لاعتبارات السياسة، خصوصا مع التقدم المنظور في إطالة مدى صواريخ إيران الباليستية، ومع التغيرات المرئية في توازنات المسرح الدولي، التي يبرز فيها دور الصين وروسيا في مواجهة طغيان أمريكا والغرب، وطفرات التعاون العسكري والنووي بين طهران وموسكو بالذات، وهي تعين إيران على تطوير سلاحها ودفاعها الجوي، بصفقة طائرات «السوخوي ـ 35»، وبصفقات أخرى، بينها تزويد إيران بصواريخ «إس ـ 400» فائقة الأثر في الدفاع الجوي، وهو ما يضاعف صعوبة إنفاذ خطط ضرب منشآت إيران المحصنة جبليا، وشن حرب مدمرة على إيران، توافرت تجهيزات مسارحها، وتكاملت تحالفاتها وأطواقها الجغرافية، إضافة لتطوع البعض «خليجيا» بتحمل التكاليف المالية المطلوبة كافة، ربما بدواعي الخوف من ضراوة وكثافة التدخلات الإيرانية، وهي مرشحة للتضاعف طبعا مع اجتياز إيران للعتبة النووية. وبافتراض شن الضربة الأمريكية الإسرائيلية المتصورة، ثم بافتراض نجاحها في تحقيق هدفها المعلن، وهو افتراض جدلي تماما، قد لا يعنى شيئا كثيرا، فالأهم في الموضوع النووي ليس المنشآت ولا المفاعلات وأجهزة الطرد المركزي، وكل ذلك قابل لإعادة البناء، إن جرى تدميره، وتبقى المعرفة النووية الهائلة التي اكتسبتها إيران، وهي العنصر الحاسم، ثم أنه لو جرت ضربة من هذا النوع، فسوف تبدو كمبرر كاف بيد إيران لتسريع إنتاج قنابلها الذرية، وباعتبارها ضمان حماية وبوليصة تأمين ضروري للنظام الإيراني، الذي سوف تزداد شعبيته، إن شنت «إسرائيل» وأمريكا ضربتها الموعودة، وبما يسهل على النظام تجاوز المآزق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، التي أشعلت انتفاضات غضب عارم ضده، استمرت أحدثها لشهور، وحظيت بدعم ظاهر أمريكي وغربي و»إسرائيلي» مع أطراف أخرى، ولم ينجح النظام في وقفها بغير القمع الواسع النطاق، واستنفار قواعده الشعبية المذهبية المتعصبة، ونصب مشانق الإعدام للمعارضين والمتمردين، وقد لا يكون النظام بحاجة إلى تفاسير مضافة لقمعه، إن شنت عليه حرب العصف الأمريكي الإسرائيلي، أضف طبعا ما توافر للنظام الإيراني من دوائر نفوذ متسعة عبر عقود الهوان العربي، مدت حدود إيران الاستراتيجية إلى البحر المتوسط والبحر الأحمر، ولا أحد عاقل واقعي، يتصور أن «حزب الله» في لبنان مثلا، قد تصمت صواريخه وتسكن طائراته المسيرة المتطورة، وقد صارت أكبر ترسانات السلاح في المشرق العربي كله، إذا هوجمت إيران مصدر الوحي والدعم والتسليح والتصنيع الحربي الذاتي، وهو أكبر خطر يتحسب له كيان الاحتلال الإسرائيلي، وقد لا تجدي في صده سلاسل صواريخ «باتريوت» الأمريكية المنصوبة في دولة عربية مجاورة، ولا قباب إسرائيل الحديدية، التي ذابت تحصيناتها في معارك أصغر مع «حماس» و»الجهاد» في حروب غزة، ناهيك عن خطورة الرد الإيراني المباشر على قواعد أمريكا الخليجية، وإشعال مناطق الخليج والشرق العربي جميعه، وكلها حسابات بالغة التعقيد، قد تدفع إلى تأجيل الضربة مع ألعاب المناورة الإيرانية في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وقد تدفع الأطراف العربية المستعدة للمشاركة في الحملة الإيرانية إلى مراجعة حساباتها، وقد تحسن لنفسها إن فعلت بغير إبطاء، واتجهت لمعالجات أخرى، تفصل اعتباراتها الذاتية عن الخطط الأمريكية الإسرائيلية، فمن حقها التخوف من الخطر النووي الإيراني المحتمل، لكنها تغفل عن الخطر النووي «الإسرائيلي» المتحقق بمئات القنابل، وما من بديل جدى في الحالين، سوى ببناء رادع نووي عربي، لا تنقصه الأموال ولا الخبرات الفنية، بل تنقصه ـ فقط ـ جدية القرار والإرادة العربية المشتركة، في عالم لا يحترم سوى الأقوياء، وتأكل الذئاب فيه الحملان، وتوافر الإرادة السياسية هو الحل الغائب، الذي يوفر للخائفين العرب مكانا تحت الشمس، ومقدرة على إدارة حوار الند للند مع طهران وغيرها، هذا إن خلصت النوايا واستقامت الطرق، وبالذات مع يقظة الشعب الفلسطيني، وصحوته لاستعادة حقوقه التاريخية، ومقاومته التي تنهك كيان الاحتلال الإسرائيلي، الذي يظل عدو الأمة الأول، مهما وضعوا على وجهه القبيح من مساحيق التجميل، وجعله بعض حكام الغفلة صديقا موهوما، أولى بالرعاية والريادة .
كاتب مصري
مهما يكن ستبقى الضربة المعلقة (لأمريكا وإسرائيل ضد المفاعل الإيراني) أكثر جدية وأقرب للتحقيق من الضربة المحتومة
من الأفضل التركيز على الضربة المحتومة، التي لن ترى ضوء الشمس أبدا، حتى ولو إنتهت أثيوبيا من الملء الرابع للسد أو مات نصف الشعب المصري عطشا، بدل من التركيز على الضربة المعلقة الأكثر جدية …
بسم الله الرحمن الرحيم
الضربه الامريكيه لايران جاهزه ولكنها لا تجرؤعلى فعلها لانها لا تعرف مدى ردة فعل ايران! فبالتالي اطمئنوا لا توجد ضربه على ايران.
اما من ناحيه اخرى فالدول العربيه في تعاملها مع ايران تحتاج بدايه الى تعريف موقع ايران في العالم القديم وان ايران تستند الى حضاره عريقه !يقول ابن بطوطه الرحاله العربي المشهور : انه سافر في البلاد شرقا وغربا فوجد الصين اهل الصناعات الخفيفه ووجد الاتراك نجوم الفروسيه وبطوله في الحرب ووجد العرب يؤلفون الاشعار حتى الطفل العربي ينطق بالبيت او البيتين من الشعر اما الفرس فهم اهل تنظيم واداره لذلك العمق الايراني في السياسه مختلف
تعقيب على ما سبق: علما بأننا لا نتمنى لا ضربة محتومة ولا ضربة معلومة ضد أثيوبيا وضد سد النهضة بتاعها، فهي دولة تعمل لخدمة مصالح شعبها الطيب والمسالم. ولكن نتمنى فقط موقف مشرف للحكومة المصرية ورئيسها، لتأمين أمنها المائي والغذائي، وهذا الموقف المشرف ليس مشروطا بتوجيه ضربة عسكرية !!!
بل الضربة القادمة ستقع على دويلة الاحتلال الصهيوني
سبحان مغير الأحوال: من الضربة المحتومة، إلى الضربة المعلقة !
اخر تصريح للسيسي : في سنة 2011 استاذنا اسرائيل في دخول قواتنا المسلحة لمناطق في سيناء وفي الحقيقة هم كانوا متفهمين و نسقوا معنا
ضربه امریکا جاهزه و عله الطاوله ولاکن ایران اخذت دروس من حرب العراق مع ایران و حرب امریکا مع افغانستان و العراق و لیبی و عده”قوتها مع کل الحصارالجائر و صنعه سلاح اللازم و اعطت شهدا فی طرق التصنیع العسکری و باقی مستلزمات الدفاعیه و الایرانین یحبون بلدهم و یضحون لاجل الوطن