الخرطوم ـ «القدس العربي»: قال قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، الأربعاء، إنه ستكون للقوات المسلحة «قوة ضاربة من الطائرات المسيّرة، قادرة على حسم أي تهديد داخلي أو خارجي».
جاء ذلك خلال حضوره ختام فعاليات تمرين عسكري أطلق عليه اسم «عزم الرجال» في مدينة أمدرمان، غربي العاصمة الخرطوم.
وحسب بيان للجيش، التمرين الذي نفذه دارسو دورتي القوات الخاصة والطيران المسيّر «هو عملية افتراضية تنفذها مجموعات خاصة عالية التدريب تسندها المسيّرات ضد عناصر إرهابية ومجموعات تخريبية».
وأشاد البرهان، خلال مخاطبته الحشد العسكري، بحضور رئيس أركان الجيش السوداني، محمد عثمان الحسين، وأعضاء هيئة القيادة وكبار القادة، بما وصفه بـ«المستوى المتطور» الذي وصل إليه المتخرجون، متعهداً بمواصلة «مسيرة تطوير ورفع قدرات» القوات المسلحة بما يؤهلها لمجابهة أي «مهددات بكفاءة واقتدار».
إشارات مبطنة
وتأتي تصريحات قائد الجيش، والتي تضمنت إشارات مبطنة ضد قوات «الدعم السريع» في خضم خلافات معلنة مع قائدها ونائبه في المجلس السيادي، محمد حمدان دقلو «حميدتي».
ويتخوف السودانيون من احتمالية نشوب صدام مسلح بين الطرفين، وهو الأمر الذي أبدى قادة سياسيون قلقهم منه، قبل أن يحاولوا التوسط بين الطرفين.
ومنذ فبراير/ شباط الماضي، أطلق قادة الجيش السوداني تصريحات شددت على ضرورة دمج قوات «الدعم السريع» في الجيش، في أقرب وقت ممكن، بالإضافة إلى إعلانهم عن تحفظات بشأن الاتفاق الإطاري الموقع مع قوى مدنية بقيادة «الحرية والتغيير» في الخامس من ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
وتصاعدت التوترات بين قادة الجيش و«الدعم السريع» بعد إقرار «حميدتي» بأن مشاركته في انقلاب 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2021 كانت «خطأ» قبل أن يقدم «اعتذاره» للمشاركة فيه، معلناً تمسكه بالاتفاق الإطاري باعتباره «المخرج الوحيد» من الأزمة السياسية التي تضرب البلاد منذ نهاية العام قبل الماضي.
وفور الانتهاء من كلمته التي وجهها للشعب السوداني الشهر الماضي، غادر «حميدتي» إلى دولة الإمارات التي مكث فيها حوالي أسبوعين، وبعد عودته عاد وأكد تمسكه بالاتفاق الإطاري، قبل أن يزور العاصمة الإريترية أسمرا، أمس الأول لمدة يوم واحد، حيث التقى برئيسها، أسياس أفورقي.
قال إنها «قادرة على حسم أي تهديد داخلي أو خارجي»
ومع نذر التوترات بين الطرفين، شدد القائد في «الدعم السريع» عبد الرحيم دقلو، على تمسكهم بالاتفاق الإطاري، وسط تقارير إعلامية محلية حول دخول الآلاف من قوات «الدعم السريع» إلى العاصمة الخرطوم قادمين من إقليم دارفور غربي البلاد، وهو الأمر الذي أكده بيان للجيش بشكل غير مباشر.
وبداية الأسبوع الحالي، اجتمع البرهان و«حميدتي» للمرة الأولى منذ أسابيع، فيما بدا أنها محاولة لإنهاء التوتر بين الحاكمين الفعليين للبلاد منذ انقلاب 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2021 والذي أطاح بالحكومة الانتقالية برئاسة رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك.
وكان الجيش السوداني أعلن في بيان نادر بداية الأسبوع الحالي «التزامه بمجريات العملية السياسية الجارية والتقيد الصارم والتام بما تم التوافق عليه في الاتفاق الإطاري، الذي يفضي إلى توحيد المنظومة العسكرية وقيام حكومة بقيادة مدنية فيما تبقى من المرحلة الانتقالية لحين قيام الانتخابات بنهايتها».
ووصف «مزايدة البعض» على مواقف الجيش والحديث عن عدم رغبة قيادته في إكمال مسيرة التغيير والتحول الديمقراطي بـ«المحاولات المكشوفة للتكسب السياسي والاستعطاف وعرقلة مسيرة الانتقال».
وقال إنها «لن تنطلي على فطنة وذكاء الشعب ووعي ثوار وثائرات وشباب البلاد حراس ثورة الشعب ثورة ديسمبر المجيدة». وشدد البيان على أن «الجيش يؤكد للشعب السوداني أنه سيبقى أملاً مستداماً ومرتجى ورفيقاً وفياً لاستكمال مسيرة الثورة».
«اجتماع مهم»
وفي خضم التوتر بين الأطراف العسكرية في البلاد، أعلن الناطق الرسمي باسم العملية السياسية، خالد عمر، انعقاد «اجتماع مهم» يضم البرهان و(حميدتي) والقوى المدنية الموقعة على الاتفاق السياسي الاطاري، بحضور ميسّري العملية السياسية الدوليين، وذلك بغرض متابعة الخطوات الجارية في المرحلة النهائية للعملية السياسية ومتطلبات الوصول لاتفاق سياسي نهائي وتجاوز ما يعترضها من تحديات.
في سياق متصل تفتتح اليوم الخميس أعمال «المؤتمر القومي للعدالة»ـ الذي سيكون تحت شعار «نحو بناء نموذج سوداني للعدالة والعدالة الانتقالية» والذي تنظمه الآلية الدولية الثلاثية واللجنة الوطنية العليا للعدالة الانتقالية، وذلك ضمن فعاليات المرحلة النهائية للعملية السياسية، وتستمر أعمال المؤتمر حتى الإثنين المقبل بقاعة الصداقة، في الخرطوم.
وقالت الآلية الدولية الثلاثية المكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي و«إيغاد» إن المؤتمر» سينعقد بمشاركة واسعة من أصحاب المصلحة في العاصمة الخرطوم وأقاليم البلاد الأخرى وخبراء وطنيين ودوليين، بما يضمن انتاج توصيات تضع على أساسها خريطة طريق تحقيق العدالة والعدالة الانتقالية بصورة شاملة ومنصفة».
ويعد الاتفاق الإطاري، الموقع بين مكونات الحرية و«التغيير والعسكر» وعدد من التنظيمات السياسية الأخرى والحركات المسلحة في الخامس من ديسمبر/ كانون الأول الماضي، الأساس للعملية السياسية الجارية في السودان. كما أنه يمثل أساساً للخلافات بين الجيش و«الدعم السريع» اللذين يتبنيان وجهتي نظر مختلفتين حوله ترتبط بأطراف الاتفاق.
وكانت الأطراف الموقعة على الاتفاق قد أحالت قضايا أساسية للمرحلة النهائية من العملية السياسية، التي انطلقت في 9 يناير/ كانون الثاني الماضي، والتي شملت تفكيك النظام السابق، وتقييم اتفاق السلام الموقع في 3 أكتوبر/ تشرين الأول 2020 بين الحكومة الانتقالية والجبهة الثورية التي تضم حركات مسلحة وتنظيمات معارضة، فضلا عن وضع خريطة طريق لحل أزمة شرق السودان، فيما بدأت السبت ورشة العدالة والعدالة الانتقالية والتي تنعقد في أقاليم البلاد الستة، وصولا لمؤتمر نهائي جامع في الخرطوم يبدأ اليوم الخميس وتختتم أعماله الإثنين المقبل.
وينتظر أن تكون ورشة الإصلاح الأمني والعسكري آخر أعمال المرحلة الأخيرة من العملية السياسية الجارية في البلاد، تمهيدا لتوقيع اتفاق نهائي بين الأطراف السودانية.
من الأفضل أن تحل مشكلة المليشيات بدل ضخ سلاح جديد لا يشبع و لا يغنى من جوع.