الرباط- «القدس العربي»: يتجدد كلما حل موعد الشهر الفضيل، رمضان، جدل أسعار المنتجات الغذائية، ويضع المغاربة أيديهم على قلوبهم قبل جيوبهم مخافة التهابها من جديد بسبب أطماع الوسطاء والموزعين، ومضارباتهم الهادفة إلى مراكمة الأرباح دون مراعاة القدرة الشرائية للمواطنين.
الحكومة نالت الكثير من غضب المغاربة في الفترة السابقة التي شهدت ارتفاع أسعار منتجات لم يخطر على بال أي أحد أن تعرف تلك القفزة التي وصفت بـ «المهولة» و»الصاروخية»، مثل منتجات فلاحية كالبطاطس والبصل وخلافه من الخضر والفواكه، أما الطماطم فمعروف عنها غنجها ودلالها في شهر الصيام.
المعارضة التي انتقدت بشدة التدبير الحكومي لمرحلة الغلاء، ما زالت تعض بالنواجز على مواقفها وتؤكد أن الحكومة لم تقم بما يلزم لزجر المضاربين والمحتكرين، رغم أن إجراءات الوزارات المعنية بالموضوع، كانت واضحة في الآونة الأخيرة، حين تحركت لجان المراقبة وسجلت العديد من الممارسات التي تضر بالقدرة الشرائية للمواطنين، ورغم ذلك يبقى التخوف سيد اللحظة.
بالنسبة للحكومة والمعارضة معاً، كلاهما رمى الكرة في ملعب المضاربين والمحتكرين والموزعين، وكلاهما استفاضا في وصف ذلك والتفصيل في طرقه الملتوية التي ينهجها من لا همّ لهم سوى الربح حتى ولو كان على حساب الأمن الغذائي للمغاربة.
في سياق تدخلات المعارضة، وعلى بعد أيام قليلة تفصلنا عن شهر رمضان المبارك، جاء مقترح قانون من طرف الفريق النيابي لحزب «التقدم والاشتراكية»، يهدف إلى إحداث مؤسسة وطنية (وكالة) تشرف على توزيع المنتجات الغذائية، إضافة إلى إعادة تنظيم سلاسل الإنتاج وتقنين دور الوسطاء ومحاربة الاحتكار بأسواق الجملة، ووضع آلية مبتكرة ومندمجة لتسويق المنتجات الفلاحية، وتأطيرها تشريعياً للحد من غلائها.
مقترح القانون الذي تقدم به الفريق النيابي للحزب المعارض، يكون بمثابة خطوة أولى في أفق اعتماد سياسة عمومية جديدة تنصب على تأهيل وتنمية أسواق الجملة. وركزت الورقة التقديمية لمقترح القانون، على مسألة السيادة والأمن الغذائيين، والتي ستحصنهما وكالة مهمتها الأساس توفير المنتجات الغذائية في الأسواق الوطنية، وذلك من خلال تنسيق عمليات إعداد السياسة الوطنية للتوزيع وتنفيذها وتتبعها وتقييمها، بالإضافة إلى تدبير المخزون الوطني من المنتجات الغذائية والحفاظ على توازن العرض والطلب.
الفريق النيابي المذكور أبرز في ورقته التقديمية للمقترح أن الوكالة ستكون مكلفة كذلك بمراقبة سلسلة التوزيع والتموين والحرص على اشتغالها الطبيعي، والإسهام في تطوير الصناعة الغذائية وتوجيه المستثمرين إلى هذا القطاع، وتحليل المخاطر التجارية في مجال المنتجات الغذائية، وتوجيه التوصيات للسلطات العمومية.
إضافة إلى ذلك، يوضح حزب «التقدم والاشتراكية»، فإن الوكالة المقترحة ستتكلف بالسهر على تنظيم ومراقبة الأسواق، والقيام بعمليات مراقبة وتفتيش مخزونات المنتجات الغذائية بها، وتأهيل أسواق الجملة، وإحداث أسواق جديدة للجملة، بالإضافة إلى مصادرة كل منتَج موجه للاستهلاك لا تتوفر فيه شروط السلامة الصحية، ومكافحة المسلك غير القانوني للمنتجات الغذائية.
بالنسبة للمغاربة، فإن شهر رمضان قد حل، والاشتغال على مقترح الوكالة لضرب الاحتكار والمضاربة، يستلزم قبل ذلك إجراءات آنية حتى يمر الشهر الفضيل دون مفاجآت غير سارة على مستوى الأسعار، أما الاشتغال المستقبلي فيجب أن يكون التفكير فيه متواصلاً ودائماً.
يشار إلى أن عدداً من المنتجات الغذائية شهدت انخفاضاً ملحوظاً في أثمانها، ونجد الخضر والفواكه قد عادت إليها عافيتها بعد زوال حمى الأسعار في مرحلة اتسمت بـ»سعار» المضاربين والمحتكرين، على حد تعبير المغاربة.