تشهد الأخطاء الطبية في مستشفيات قطاع غزة تصاعداً ملحوظاً خلال الآونة الأخيرة، بعد أن سجل إصابة العديد من المواطنين بإعاقات دائمة إضافة إلى تسبب الأخطاء بإزهاق أرواح عدد من المواطنين، جراء الاستهتار من قبل الأطباء بالمرضى، وسط تجاهل وامتناع واضح من قبل وزارة الصحة في غزة عن معاقبة الأطباء المتورطين، وعدم وجود قانون فلسطيني رادع للحد من تصاعد الظاهرة. ويعود الارتفاع المتصاعد لأعداد الذين قضوا أو أصيبوا بإعاقات نتيجة الأخطاء الطبية إلى أسباب رئيسية ومنها، هجرة الكفاءات الطبية بسبب الظروف المعيشية الصعبة المترتبة على الانقسام الفلسطيني، وتشغيل المستشفيات لأطباء بخبرة متدنية وبأجور متدنية.
ويلجأ غالبية كبيرة من سكان القطاع إلى إجراء العمليات الجراحية داخل مستشفيات غزة بشكل مجاني، نظراً لعدم مقدرتهم على العلاج في الدول المجاورة، ويضطر المواطنون لتسليم أرواحهم لأطباء من أصحاب الخبرة المتدنية، وبالتالي تقع المصائب الطبية. وتتنوع حالات الإهمال الطبي من إساءة معاملة المريض وإعطاء كمية مرتفعة من المخدر لا تتلاءم مع سنه أو وزنه، وإعطاء وحدات دم ملوثة، وترك مواد في بطن المريض وعدم دقة التشخيص.
وعبرت منظمات حقوقية في قطاع غزة عن قلقها من تزايد الأخطاء الطبية في المؤسسات الصحية، ووفق مؤسسات حقوقية متابعة لظاهرة الأخطاء رصدت منذ نهاية العام الماضي حتى مطلع الحالي، تسجيل أكثر من65 خطأ طبياً ويعد هذا الرقم كبيراً نسبياً عند مقارنته بالعام 2019 الذي سجل فيه حوالي 40 حالة، ومن أشكال الأخطاء الطبية التي تم رصدها الوفاة أثناء أو عقب إجراء عمليات الولادة العادية أو القيصرية، والوفاة أثناء أو بعد عملية علاجية، أو وفاة خدج بالحضانات أو أخذ أدوية فاسدة أو مهربة.
ويزداد قلق المواطنين بعد أن باتت أخبار الأخطاء الطبية تتوارد بوسائل الإعلام بشكل شبه يومي، فما أن يتناسى الناس قضية خطأ طبي لمريض ما وإلا وتأتي قصة أخرى. فحادثة الطفل مراد الحوراني التي أشعلت مواقع التواصل والاجتماعي، أثارت حالة من الخوف والسخط في صفوف السكان. وفي تفاصيل ما جرى للطفل بدأت قصته عندما اتصل مدير مدرسته بوالده يخبره بنتيجة فحص أجرته لجنة طبية زارت المدرسة، مفادها أن هناك مشكلة في خصية الطفل وعليه التوجه به إلى المستشفى في أسرع وقت، توجه الوالد لأحد المستشفيات الكبرى في مدينة غزة لإجراء عملية جراحية صغرى، ليعود الطفل مشلولًا فاقداً للحركة والنطق والبصر والسمع لا يستجيب لا يفعل شيئاً سوى البكاء، والألم والحسرة رافقا والديه لعجزهما عن فعل أي شيء يعيد طفلهما إلى ما كان عليه سابقاً.
قضية الطفل مراد أعادت لأذهان الغزيين حوادث الأخطاء الطبية التي تعرضت لها شريحة كبيرة من المواطنين، وبادروا بمشاركة والد الطفل وعائلته في وقفات احتجاجية أمام وزارة الصحة، من أجل وضع حد لوقف تصاعد الظاهرة وتحويل الأطباء للتحقيق ومعاقبتهم على أفعالهم، والعمل على نقل الطفل مراد للخارج من أجل الحصول على العلاج اللازم حتى يستعيد عافيته.
يقول والد الحوراني «أصبت بصدمة كبيرة من الواقع المأساوي الذي تعرض له طفلي، من جراء خطأ طبي فادح خلال إجراء عملية صغرى لا يتعدى وقتها عشر دقائق، لكن العملية استغرقت ما يزيد عن ساعة، نتيجة خلل تسبب به أحد الأطباء المشرفين على العملية، أدى إلى حدوث إعاقة مستدامة للطفل، حيث يعاني حالياً من وضع صعب وهو عبارة عن جثة هامدة، مع العلم أنه لم يعان من أي مشاكل صحية سابقاً». وأضاف لـ«القدس العربي» أن «المستشفى قام بتحويل الطفل بعد إجراء العملية مباشرة إلى أحد مستشفيات الضفة الغربية، في محاولة لإنقاذه دون توضيح ما جرى معه من مضاعفات، لكن صعوبة الحالة وتعرضه لخطأ طبي كبير، لم تتح الفرصة أمام طاقم الأطباء في الضفة الغربية لإعادة الحالة إلى ما كانت عليه سوى إنعاشه من الغيبوبة، وهنا كانت الصدمة بالنسبة لنا عندما عاد على كرسي متحرك». ولفت إلى أنه يواصل برفقة عائلته وأصدقائه والعديد من المتضامنين، الاعتصام أمام وزارة الصحة في غزة للمطالبة بإيجاد حل فوري لطفله الذي بات على كرسي متحرك وتجاهل الطبيب والوزارة لما حدث، مطالباً الوزارة بالعمل على تحويل الطفل إلى مستشفيات إسرائيل أو خارج فلسطين قبل فوات الأوان، محملاً إياها كامل المسؤولية المهنية والأخلاقية عن ما حدث.
يذكر أن وزارة الصحة في غزة وبعد تصاعد الوقفات التضامنية مع الطفل الحوراني، قالت في بيان لها إن الطفل تعرض لحدث استثنائي خلال العملية الجراحية التي أجريت له في مجمع الشفاء الطبي، ما أدى إلى توقف مفاجئ للقلب، الأمر الذي استدعى دخوله العناية المركزة ومن ثم تحويله للعلاج في الخارج لإعطاء فرصة للعلاج، وشكلت الوزارة لجنة تحقيق مهنية للوقوف على ملابسات العملية الجراحية، وتحديد مسببات المضاعفات، مشددةً على وقوفها أمام مسؤولياتها القانونية والإدارية والأدبية تجاه الحالة، بما في ذلك تذليل العقبات كافة لإتمام رحلة الشفاء داخل قطاع غزة وخارجه.
هذه ظاهرة طبيعية في ظل الحصار وانعدام الخبرات التراكمية وانعدام التدقيق في البرامج الجامعية ومناهجها خاصة الصادرة من بعض الدول!! من المهم اقامة برامج لتدريب الاطباء الفلسطينيين من خلال اتفاقيات تفاهم وشراكة وتوأمة مع الحكومات والمستشفيات في دول المنطقة وخارجها,,,, الصحة كما الاقتصاد والتعليم لا يمكن ان تنمو بشكل مستقل في ظل الاحتلال والحصار,,, ويجب العمل على بناء المعرفة الاساسية لبناء المجتمع عبر التدريب والتشبيك الاقليمي والدولي,,,, لا يجب البحث وفقط عن الدعم المالي،، ولكن عن المعرفة بشكل اساسي,,,,