القاهرة- “القدس العربي”:
حذرت منظمات حقوقية، السلطات المصرية من ممارسة العقاب الجماعي في سجن بدر ودعت لتشكيل لجنة اممية لمراقبة أوضاع السجون، في وقت تواصل تسريب رسائل من السجناء تتحدث عن الانتهاكات التي يواجهونها.
وأعربت 37 منظمة حقوقية مستقلة في بيان، عن قلقها إزاء الانتهاكات الصارخة والجماعية لحقوق الإنسان في مركز الإصلاح والتأهيل (بدر)، في ظل الأنباء الأخيرة بشأن محاولات الانتحار المتكررة وحالات الإضراب عن الطعام بين المعتقلين، كنتيجة لهذه الانتهاكات.
ومن بين المنظمات الموقعة على البيان، مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، مبادرة الحرية، والتحالف الإقليمي للمدافعات عن حقوق الإنسان، والجبهة المصرية لحقوق الإنسان، والخدمة الدولية لحقوق الإنسان، والشهاب لحقوق الإنسان.
وقالت المنظمات في بيانها: لم نتمكن حتى الآن من التحقق بشكل كامل من هذه الأنباء بسبب الافتقار للشفافية ورفض السلطات المصرية السماح بتفقد المنظمات الحقوقية المستقلة لأوضاع السجون، فضلاً عن حرمان الأهالي من حق الزيارة.
ودعت المنظمات المجتمع الدولي، بما في ذلك حلفاء مصر المؤثرون والأمم المتحدة والهيئات الفاعلة في المجتمع المدني الدولي، لمطالبة السلطات المصرية بالشفافية فيما بتعلق بأوضاع السجون في مصر.
وطالبت المنظمات، بالسماح للجنة الدولية للصليب الأحمر ولجماعات حقوق الإنسان المستقلة بتفقد السجون ومرافق الاحتجاز؛ وفتح تحقيقات مستقلة في مزاعم ارتكاب مخالفات وانتهاكات جسيمة داخلها؛ ومحاسبة مرتكبيها.
وطالبت المنظمات، بتشكيل آلية أممية مستقلة تتولى مراقبة وتقييم أوضاع حقوق الإنسان في مصر؛ يتم تكليفها بالتحقيق والإبلاغ عن مثل هذه الانتهاكات في أماكن الاحتجاز، وإرساء المزيد من الشفافية في نظام السجون المصرية، والسماح بالوصول المستقل والدولي للسجون بجميع أقسامها ومرافقها وتفقد أوضاعها، وخاصة اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
كما طالبت، بإلغاء قرار وزير العدل رقم 8901/2021، الذي يبيح عقد جلسات تجديد الحبس الاحتياطي دون حضور المحتجز للمحكمة.
وأكدت المنظمات، على ضرورة استئناف الزيارات للسجناء طبقا لمواد لائحة السجون، وإلغاء الضوابط الخاصة بالزيارات السارية منذ أغسطس/آب 2020 بسبب تفشي جائحة كورونا وقتها.
4 حالات وفاة
وزادت المنظمات: بدء نقل السجناء لمجمع سجون بدر في يونيو/ حزيران، تم الإبلاغ عما لا يقل عن 4 حالات وفاة، بينهم 3 حالات تقاعست السلطات عن استغاثتهم بالمساعدة الطبية.
أشكال أخرى من الانتهاكات تصل بعضها حد التعذيب، بداية من الأضواء الساطعة في الزنازين على مدار الـ 24 ساعة، وحتى تقييد السجناء داخل الزنزانة دون طعام أو شراب لأيام. كما أبلغ بعض السجناء عن تعرضهم للصعق بالصدمات الكهربائية عقابًا على مطالبتهم تحسين هذه المعاملة أو تغيرها. كما تعرض السجين عمر محمد علي للتحرش الجنسي من قبل أفراد الأمن داخل السجن، عقب نقله لسجن بدر أكتوبر الماضي، بحسب بيان المنظمات الحقوقية.
وزادت المنظمات: بالإضافة إلى منح حقوق الزيارة بشكل انتقائي وتعسفي، ورهن تنفيذها برغبة وتقدير مسؤولين أمنيين. وفي بعض الحالات، يتم حرمان السجناء من الزيارات لسنوات. كما تستمر سلطات السجون في منع إدخال الأدوية والاحتياجات الشخصية المرسلة من الأهالي للمحتجزين. وبعد السماح بحضور السجناء لجلسات تجديد حبسهم عبر الإنترنت، وحرمانهم حق التواصل مع محاميهم، منذ 20 فبراير/ شباط الماضي حتى 8 مارس الجاري.
لم تعقد معظم جلسات تجديد الحبس لسجناء (بدر 3) حتى عبر الإنترنت بحجة تعطل شاشة العرض، وفي سجن (بدر 1) تم تأجيل معظم جلسات تجديد الحبس في 7 و8 مارس للسبب نفسه. وقد بلغ عدد المحتجزين المؤجلة جلسات تجديد حبسهم في سجن بدر 918 سجينًا حتى الآن.
ورغم تكرار ادعاء الحكومة المصرية بالإصلاح، والترويج لسجن بدر باعتباره نموذجا للتجديد والتحديث؛ تستمر هذه الانتهاكات داخله بلا هوادة، ويحظى مرتكبوها بإفلات تام من العقاب. كما تكرر فشل مكتب المدعي العام في التحقيق بجدية في مزاعم سوء المعاملة والتعذيب داخل السجن، بما في ذلك وقائع تسببت في وفاة معتقلين، وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، أثناء إحدى جلسات التجديد، التي لم يُسمح للمتهمين فيها إلا بالحضور عبر الإنترنت، قطع القاضي عن المتهمين الاتصال بمجرد أن بدأوا شكواهم من الانتهاكات بحقهم في السجن. وفي جلسة 13 مارس/آذار الماضي تكرر الأمر نفسه، إذ ذكر عدد من المتهمين بسجن (بدر3)، أنهم تعرضوا لانتهاكات من بينها التعذيب، وقد رفض رئيس المحكمة إثبات أقوال المتهمين بشأن تلك الوقائع في محضر مستقل أو فتح تحقيق بشأنها.
وبدأ الحديث عن الانتهاكات داخل السجن مع أول رسالة سرّبت من السجن في الثالث والعشرين من فبراير/ شباط الماضي، التي كشفت عن حجم الانتهاكات التي يتعرضون لها.
وتحدثت الرسالة عن محاولات انتحار شهدها السجن نتيجة الانتهاكات، إضافة إلى تنظيم عدد من السجناء إضرابا شاملا.
رسالة سابعة
وفي آخر رسالة سربت من السجن، وحملت عنوان الرسالة السابعة: نداء من خلف أسوار السجن.
وجاء فيها: إلى أحرار العالم، إلى ضمير الإنسانية، إلى أهل الرأي والقرار، إلى العلماء، إلى جمعيات حقوق الإنسان، إلى المنظمات الدولية، إلى الناس جميعاً، نحن المعتقلين فى سجن بدر 3 نرسل لكم هذه الرسائل التي تعبر عن مدى ما نحن فيه من معاناة وألم وما نتعرض له من تضييق وتعذيب نفسي، نحن في حالة إخفاء قسري بكل المقاييس، نحن لا نرى الشمس ولا نستنشق الهواء، نحن لا نعرف شيئاً عن العالم الخارجي، لم نر أولادنا ولا زوجاتنا منذ سنوات طالت بنا وبهم.. تركناهم أطفالاً صغاراً وأصبحوا الآن شباباً ورجالا، لم نسعد برؤيتهم حتى من خلف الأسوار.
وزاد السجناء: ما كل هذا الإجرام في حق الإنسانية، لقد بلغ الحال بعشرات المعتقلين حتى اقبلوا على الانتحار، عساهم يتخلصوا من هذا الجحيم، هل تدركون مدى الألم النفسي الذي يدفع شاباً في ريعان شبابه للانتحار.
وتحدث السجناء في رسالتهم، عن تهديد أحد مساعدي وزير الداخلية المصرية لهم بعد قوله: أنتم 500 شخص يمكن أن نقتلكم في ساعة واحدة، وأمام ثبات وصمود المعتقلين في وجهه ارتدت كلماته عليه فانصرف مذعوراً.
وواصل السجناء في رسالتهم: الحكم العسكري جحيم على كل المصريين ومن حق المصريين أن يعيشوا أحراراً مثل كل الشعوب المتقدمة ولا بد أن ينهض الجميع لإزاحة هذا النظام الظالم الفاسد الجاثم على صدورنا منذ عشر سنين، ولقد ثبت بضع مئات من المعتقلين العزل أمام بطش هؤلاء وأمام تهديدهم ووعيدهم، وتعالت الصيحات المطالبة بالحرية والكرامة، ليس لنا فقط وإنما لكل مصري حر كريم.