الرباط ـ «القدس العربي»: احتشد أمام مقر وزارة العدل والحريات المغربية في الرباط المئات من اتباع السلفية المعتقلين سابقا وعائلات زملائهم الذين لا زالوا قيد الاعتقال للمطالبة بتنفيذ اتفاق مع السلطات قبل أربع سنوات واتهموا الجهات المعنية بالتهرب من الحوار معهم وهو ما يدفع بعضا منهم للالتحاق بالتنظيمات المتشددة.
وتقول السلطات ان التحاق بعض هؤلاء بتنظيمات متشددة مثل تنظيم الدولة الإسلامية يعرقل تنفيذ الاتفاق المعروف بـ «اتفاق 25 آذار/ مارس 2011» والذي ينص كما يقولون على»إطلاق سراح كافة المعتقلين الإسلاميين على دفعات وتمتيعهم بحقوقهم كمعتقلين سياسيين».
وتقول اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين التي دعت للاحتجاج أمس الاربعاء، إن الاتفاق المذكور تم بحضور كاتب وزارة العدل والمندوب العام السابق للسجون والأمين العام لمجلس حقوق الإنسان، وينص على «مراجعة الملفات القابلة للمراجعة والتي استنفذت كل وسائل الطعون، ومعالجة القضايا العالقة معالجة عادلة، وفي أقرب الآجال وتفعيل مسطرة العفو».
وقال عبدالرحيم الغزالي، الناطق الرسمي باسم اللجنة المشتركة ان «الحكومة ما تزال تغلق باب الحوار في وجه ممثلي المعتقلين» رغم النداءات العديدة التي وجهتها للحوار مع المصالح الحكومية والمؤسسات الدستورية دون استجابة وقال ان هذا «لن يثنينا عن الاستمرار في نضالنا إلى حين تحقيق مطالبنا بكافة الطرق» مشددا على أن وقفة اليوم (أمس الاربعاء) تعبير عن النية الحسنة في دفع الدولة إلى طي ما يسمى بملف السلفية الجهادية، وأننا مستعدون لمد أيدينا إلى كل الأطراف التي تريد أن تجد حلا لهذا الملف».
ونظمت اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين في أوقات سابقة وقفات أمام المساجد والبرلمان ومقر حزب العدالة والتنمية (الحزب الرئيسي بالحكومة) للاحتجاج على تجاهل مطالبهم وتنفيذ الجهات المعنية الاتفاق معهم.
ونادى المحتجون من خلال الشعارات التي رفعوها بتسريع الأحكام والبت في القضايا لدى المجلس الأعلى ومحاكم الاستئناف في أفق شهر، ومراجعة كافة الملفات القابلة للمراجعة، التي استنفدت كل وسائل الطعون، ومعالجة القضايا بصورة عادلة، فضلا عن تفعيل مسطرة العفو عند أول مناسبة وطنية.
ويقول المحتجون إن على الدولة أن تمتع المعتقلين الإسلاميين بحقوقهم كاملة غير منقوصة، في انتظار تنفيذ بنود الاتفاق وقال رضوان الغريبي العروسي، نائب رئيس اللجنة المشتركة «لقد شهد الوزير (مصطفى) الرميد (وزير العدل والحريات) نفسه أيام كان حقوقيا، في 25 آذار/ مارس 2011، على الاتفاق، الذي جرى بين ممثلي السجناء، وكاتب وزارة العدل، ومحمد الصبار الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الانسان (رسمي) والمندوب العام السابق لإدارة السجون حفيظ بنهاشم.
وأوضح أن الاتفاق كان بمثابة قرار سياسي لحل الملف حلا شاملا، ونقل عنه موقع هسبرس «عقدنا مع الرميد لقاءين، ووجدنا أن الاتفاق قد تم التنكر له بالكامل، حيث صار يقول إنه لم يعد هناك شيء اسمه اتفاق الخامس والعشرين من مارس، الذي كان قد وضع آليات تمهد للإفراج عن المعتقلين الإسلاميين».
وأضاف العروسي وهو معتقل سابق أن ملك المغرب نفسه تحدث عن وجود خروقات في ملف المعتقلين الإسلاميين في المغرب، كما أكدت ذلك تقارير صادرة عن منظمات حقوقية، وقال «ذاك تحديدا ما يدفعنا إلى تأمين محاكمة عادلة للمعتقلين الإسلاميين، لقد أطلقوا بالفعل سراح 196 معتقلا في نطاق السلفية الجهادية، لكننا صرنا نحس أنهم صاروا بعد تمتيعهم بالحرية رهائن الظرفية السياسية، الداخلية منها والخارجية».
وقال محمد الصبار، الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، ان من بين العوامل التي تسبب عرقلة ملف السلفية وتعقيده، سفر بعض المعتقلين السابقين إلى مناطق التوتر وضمنها سوريا.
وكان قد أضاف في وقت سابق خلال ندوة نظمت في وكالة الانباء المغربية بعدم موضوعية أن يشارك عضو من اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين في اجتماعات مع المسؤولين لإثبات حدوث مراجعات لدى هذه الفئة، ليسافر إلى سوريا في آخر المطاف ويجب أن «يقدم هؤلاء المعتقلون إشارات قوية للدولة والمواطنين لطمأنتهم».
كما دعا في الندوة نفسها عبد العالي حامي الدين، رئيس منتدى الكرامة لحقوق الإنسان إلى ضرورة تقديم مقاربة جديدة في ملف المعتقلين على خلفية قضايا الإرهاب تكون قائمة على «نظرة متوازنة تؤمن بأن بلادنا في حاجة إلى الأمن، ولكن تؤمن أيضا بأن العديد من التجاوزات حصلت في هذا الميدان». وضرورة إبداع خطوات في هذا الميدان «سواء من طرف الدولة أو من طرف المعتقلين الذين عليهم أن يعطوا الإشارات الضرورية لطمأنة المجتمع وطمأنة الدولة.» وقال هناك مجموعة من المعتقلين الذين يمكن للدولة أن تتقدم بإشارة في حقهم من الذين لم يتورطوا في قضايا دم وليست لهم أي علاقة بممارسة العنف وأيضا الذين عبروا عن مراجعات مهمة داخل السجون لا بد من التقاطها».
وقال بضرورة التعاطي مع ملف السلفية بانتهاج مقاربة حقوقية وفكرية واجتماعية وحوارية مع المعتقلين الذين «يجدون أنفسهم بعد خروجهم من السجن في أحضان أفكار تدعوهم إلى الانتقال إلى أماكن التوتر،» وهي ظاهرة «لا يمكن ان نقف عاجزين ومكتوفي الأيدي أمام هذه الظاهرة التي بدون شك ستهدد أمن بلادنا».
وقال رضوان الغريبي العروسي حول التحاق كثير من السلفيين المفرج عنهم بالعراق وسوريا قد عقد ملفهم بعد عدم إظهارهم حسنا في النيات «أين هي حسن النيات عند الدولة، وماذا قدمت لإدماج من خرجوا من السجن. بالعكس من ذلك ثمة مضايقات وملاحقات».
وتساءل المتحدث عن الطرف الذي سمح لمن مضوا إلى «داعش» بالخروج «ألم يخرج أولئك عبر المطارات.. لقد انتهجت الدولة سياسة إفراغ الساحة للتخلص من حركية كانت قائمة في المجتمع»، مستطردا أن الدولة ضغطت أمنيا على المعتقلين الإسلاميين سابقا مما لم يعد يرى المعتقلون معه ملجأ سوى سوريا وتقديم أنفسم فداء.
محمود معروف