لوبوان: العداء بين الجزائر والرباط يلوث بشكل خطير الشبكات الاجتماعية ووسائل الإعلام على جانبي الحدود

حجم الخط
0

باريس – “القدس العربي”:

قالت “مجلة لوبوان” الفرنسية إن العاصفة بين الجزائر والرباط التي لا تعرف لها فترة راحة، يغذيها اليوم المئات من مستخدمي الإنترنت، بما في ذلك المتصيدون الذين يبدون منظمين جيدًا من كلا الجانبين، لتشويه السمعة والهجوم والانتقاد والإهانة في كثير من الأحيان.

قبل فترة طويلة من قطع العلاقات بين الجزائر والرباط في أغسطس عام 2021، أصبحت شبكات التواصل الاجتماعي ساحة يتصادم فيها الجزائريون والمغاربة الذين لم يعرفوا بعضهم البعض. جيل كامل من الشباب من كلا البلدين يعيشون فقط في الخيال البغيض الموروث من عقود من العداء والتوتر بين البلدين المغاربيين الجارين.

آخر اندلاع للحمى، تمثلت في إعادة رواد إنترنت من البلدين استخدام التصريح الأخير للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، خلال مقابلة مع قناة الجزيرة الإخبارية القطرية، والذي اعتبر فيه أن العلاقات بين الجزائر والمغرب وصلت إلى “نقطة اللاعودة”. وقد لقي هذا التصريح صدى واسعا، منذ نهاية شهر أبريل- بداية شهر يونيو، في هاشتاغ فيروسي انتشر كالنار في الهشيم، مما أدى إلى إشعال الأخبار على كلا الجانبين.

وأشارت “لوبان” إلى بعض التغريدات، على غرار التغريدة التالية: “بصفتي مواطن جزائري، أطلب من دولتي وحكومتها إقامة جدار عازل مع الجار المغربي، يجب علينا أيضًا مراجعة المواعيد النهائية للمواطنين المغاربة للإقامة في الجزائر”، مرفقة بهاشتاغ “نقطة اللاعودة”.

في المقابل، تناولت تغريدات تصريحات للداعية المغربي محمد الفزازي يقول فيها إنّه يفضل تناول التمر الإسرائيلي على التمر الجزائري، مؤكدا أن “نتنياهو لم يفعل بالشعب والبلد (المغربي) ما فعله شنقريحة (قائد الجيش الجزائري)”.

ومؤخرا، أثار فصل الصحافي المغربي عبد الصمد ناصر من قناة الجزيرة عاصفة جديدة. وبحسب تغريدات جزائرية ومغربية، فإن الصحافي طُرد بسبب دعوته عبر تويتر للدفاع عن شرف المرأة المغربية لأن بعض وسائل الإعلام الجزائرية كانت تتحدث عن “انتشار” الدعارة في المغرب.

ينتشر العداء أيضًا حول الملكيات الثقافية، مما يتسبب في اشتباكات لا نهاية لها على الشبكات الاجتماعية حول تأليف أو ملكية الزليج والهايك والكسكسي والراي والقفطان والموسيقى الأندلسية.

الإعلام في حالة حرب

وتابعت “لوبوان” القول إن هذه الحروب تقودها أيضًا وسائل الإعلام على جانبي الحدود، إذ لا يكاد يمر يوم دون عناوين الصحف أو الصفحات الأولى للمواقع الإخبارية التي تتحدث عن “عمل عدائي” و”مؤامرة” و”كراهية”، إلخ. الاتجاه الأخير في الجزائر، على سبيل المثال، هو حملة إعلامية ضخمة حول “المحاولات المغربية لإغراق البلاد بأطنان من المخدرات”.

وتحدثت وسائل إعلام جزائرية أن “الطوابع المغربية تحتوي على مواد تهدف إلى إحداث العقم بين الشباب الجزائري”!. وعلى الجانب المغربي، كثيرا ما تطلق وسائل الإعلام الاتهامات والخلافات التي تستهدف الجزائر، في مقدمتها، دعمها لجبهة البوليساريو. ومن المفارقات أن بعض وسائل الإعلام الجزائرية تنتقد نظيرتها المغربية لما تمارسه هي نفسها.

الدعوة إلى التهدئة

في أكتوبر عام 2022، وجهت سناء بن عاشور (أستاذة تونسية في القانون العام بكلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية في تونس)، وكامل داود (كاتب وصحافي جزائري)، وليلى سليماني (روائية مغربية- فرنسية)، نداء لمحاولة درء الكراهية المتراكمة.

جاء في هذا النداء: “اليوم، اللا مسؤولية والتهور والغرور والمعلومات الخاطئة تؤدي فقط إلى التوترات. لقد دخلنا في حروب ونشعر بضرورة التنبيه وإعطاء صوت للأمل والنضج […] هل سنمتلك الشجاعة لتحمل أخطائنا وأنانيتنا في مواجهة الأجيال القادمة؟”.

وفي 2 يونيو، دعا الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الجزائريين والمغاربة إلى “تجنب الفتنة”. ودعا “حكماء” البلدين إلى وضع حد لـ”التوترات” و”الكراهية”، مذكرا بأن الجزائريين والمغاربة يشكلون “روحًا واحدة، أملا واحدا وألماً واحداً”.

وتابعت “لوبوان” مشيرة إلى أن الرئيس الجزائري الراحل محمد بوضياف دان في كتابه الصادر عام 1964- في ذلك الوقت كان معارضًا في المنفى- “الدعاية” من كلا الجانبين والتي رافقت الصراع المسلح على الحدود الذي بدأ في أكتوبر 1963 (حرب الرمال).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية