العراق يطلب دعماً دولياً لإغاثة ربع مليون لاجئ سوري على أراضيه: هل تنجح تحركاته الدولية في إنهاء الأزمة السورية؟

مشرق ريسان
حجم الخط
0

بين فؤاد حسين أن مواقف العراق أكدت أن تسوية الأزمة السورية لن تتحقق إلا من خلال الحلول السياسية التي تفضي إلى الحد من آثارها السلبية على سوريا ودول المنطقة والعالم.

بغداد ـ «القدس العربي»: في الوقت الذي يستضيف فيه إقليم كردستان العراق، نحو ربع مليون لاجئ سوري منذ اندلاع الأزمة السورية التي دخلت عامها الثالث عشر، وفيما توجه بدعوة لدول العالم إلى دعم الدول التي تستضيف اللاجئين السوريين، حث على أهمية إنهاء الأزمة في ذلك البلد بالطرق السلمية، وإغاثة الشعب السوري المنكوب.

وخلال كلمة ألقاها نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، فؤاد حسين، في المؤتمر السابع لدعم مستقبل سوريا والمنطقة المنعقد في بروكسل، أخيراً، ذكر أنه «من دواعي السرور حضور وفد جمهورية العراق للمشاركة في مؤتمر بروكسل السابع حول دعم مستقبل سوريا والمنطقة الذي تحتضنه العاصمة البلجيكية».
وأضاف: «أقدم الشكر للاتحاد الأوروبي على حسن التنظيم وحفاوة الاستقبال، واضعين أمام أعيننا كل الجهود التي تبذلها دولنا للوصول إلى الحلول التي تكفل وضع حد للأزمة السورية التي دخلت عامها الثالث عشر وإنهاء المعاناة الإنسانية التي يمر بها الشعب السوري».
وطبقاً لرئيس الدبلوماسية العراقية فإنه «لا تزال تداعيات الأزمات الإنسانية الثقيلة تلقي بآثارها الوخيمة على الشعب السوري الذي يمر بفترات وأحوال معيشية صعبة جراء الأزمة المندلعة بالبلاد التي لم تنطفئ نيرانها منذ أكثر من عقد من الزمان، والتي شهد خلالها السوريون ويلات الحرب ونتائجها المدمرة، وواجه مآسي التهجير وصعوبات الغربة، وتحمل ضغط العقوبات وعواقب الحصار، وعانى من النقص الشديد في الخدمات الأساسية كالغذاء والمياه والكهرباء والوقود والصحة، وذاق مرارة العيش في مخيمات اللاجئين وظروفها القاسية هذه المعاناة الآخذة بالاستمرار رغم كل الجهود التي بذلها ويبذلها المجتمع الدولي – دولاً ومنظمات ومؤسسات – للتخفيف من وطأتها التي تهدد الحياة اليومية للسوريين».
وبين أن «جميع مواقف العراق المعلنة أكدت أن تسوية الأزمة السورية وإنهائها، لن يتحقق إلا من خلال الحلول السياسية السلمية التي تفضي إلى وقف تداعياتها والحد من آثارها السلبية على سوريا ودول المنطقة والعالم، وبالشكل الذي يتماشى ومتطلبات قرار مجلس الأمن 2254 ويكفل للشعب السوري الحياة الكريمة والآمنة، ويمكنه من مواجهة الآثار التراكمية للمحن التي تعرض لها والمرتبطة بتأمين الكثير من شؤون حياته وغذائه وسكنه وأمنه، وتجاوز مصاعب واحدة من أكثر الأزمات تعقيداً على النطاق الإنساني».
وأوضح حسين أن «سوريا قد عانت من أضرار وخسائر بشرية ومادية جسيمة بسبب الزلزال المدمر الذي ضربها في شهر شباط/فبراير الماضي وما تبعه من هزات ارتدادية، وفاقمت هذه الأضرار من معاناة مواطنيها الموجودة بالأساس وتركتهم في حاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية لتغطية احتياجاتهم اليومية الضرورية والملحة من مأوى وغذاء وماء ودواء، إذ جاءت كارثة الزلزال التي تضرر منها ملايين السوريين لتزيد المعاناة الإنسانية أكثر سوءاً» مؤكداً «تأييد العراق ما تم اتخاذه من إجراءات لتخفيف القيود والعقوبات المفروضة على سوريا والرفع الجزئي عن مواد الإغاثة لمواجهة التداعيات المدمرة للزلزال، ويشدد العراق على أهمية تسهيل دخول الاحتياجات عبر الحدود ونقاط العبور المتاحة إلى المستفيدين منها ونقل وإرسال مواد الإغاثة لنجدة المتضررين والمحتاجين في جميع أنحاء سوريا، الذين لا يزالون يعانون من تبعات وآثار الزلزال».
وجدد الوزير الاتحادي دعوة بلاده للمجتمع الدولي إلى «التعامل الجدي مع التهديدات التي يمثلها مخيم الهول في محافظة الحسكة في سوريا الذي يضم آلاف الأشخاص من جنسيات مختلفة وأغلبهم من النساء والأطفال من أسر وعوائل عناصر داعش الإرهابي، ويناشد الدول المعنية بالسعي الحثيث لتحمل مسؤولياتها واتخاذ الخطوات اللازمة لترحيل مواطنيها إلى بلدانهم الأصلية وضمان إعادة تأهيلهم واندماجهم ضمن المجتمع وحسب القوانين المرعية في كل بلد، وبالشكل الذي يمكن أن يساهم في إيجاد حل نهائي لحسم موضوع المخيم والحد من مخاطره المستقبلية على المنطقة والعالم».
ولفت إلى «التطورات التي شهدتها العلاقات العربية – السورية، وآخرها قرار جامعة الدول العربية المتخذ بتاريخ 2023/5/7 بعودة سوريا إلى شغل مقعدها في الجامعة وحضور اجتماعاتها لا سيما مشاركتها باجتماع القمة العربية المنعقد في المملكة العربية السعودية بتاريخ 2023/5/19 فإن جمهورية العراق كانت من أوائل الدول التي دعت إلى ذلك انطلاقاً من إيمانها بأن تلك العودة تشكل جزءاً من سياسة الحل للأزمة السورية، وبداية المسار نحو إيجاد التسوية النهائية لها، وضرورة اغتنام كل السبل لوقف تداعياتها وآثارها الوخيمة، وهو ما يستدعي جلوس جميع الأطراف على طاولة الحوار والتفاوض وإظهار العزم والجدية والإرادة للتوصل إلى الحل السياسي الذي يعتبر السبيل الوحيد الذي سيؤدي إلى إنهاء الأزمة وإعادة الأمن والاستقرار إلى الأراضي السورية ووقف معاناة مواطنيها وتهيئة السبل لإعادة إعمار المناطق التي تدمرت بفعل الصراعات وتوفير المتطلبات اللازمة لعودة آمنة وطوعية وكريمة للنازحين داخل سوريا والمهجرين واللاجئين خارجها».
وزاد: «في ضوء ما تعرض إليه المواطنون السوريون من محن إنسانية، فإن العراق قد فتح أبوابه لاستقبال اللاجئين الذين فروا من آثار الصراعات، إذ يستضيف على أراضيه في كردستان العراق قرابة 260 ألف مواطن سوري، عاملهم على قدم المساواة بالمواطنين العراقيين وسمح لهم بمزاولة نشاط العمل في الأسواق، كما وفر لما يتجاوز 35 في المئة منهم ممن يقطنون بمخيمات اللاجئين المتطلبات الأساسية لسبل العيش الكريم والمساعدات المطلوبة لتأمين احتياجاتهم من مواد غذائية وغير غذائية وطبابة وتعليم، وذلك بالتنسيق والتعاون مع مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين وبرنامج الغذاء العالمي، وبالشكل الذي يضمن لهم عودة كريمة وآمنة وطوعية إلى بلادهم حال استتباب الاستقرار والأمن في مناطق سكناهم».
وأكد حسين أهمية «الدعم الدولي لتوفير التمويل اللازم لمساعدة الدول التي تستضيف اللاجئين السوريين على أراضيها ومشاركتها في تحمل أعباء توفير الاحتياجات الأساسية لهؤلاء اللاجئين» فيما أشار إلى تطلع بلاده إلى الخروج بـ«النتائج التي تعزز من الجهود الوطنية والإقليمية والدولية لوقف وإنهاء المعاناة الإنسانية للشعب السوري ووضع حد نهائي وشامل للأزمة السورية، بما يبعث في نفوس السوريين الأمل بمستقبل أفضل وتجاوز جميع الآلام والمآسي التي كابدوها طيلة سنوات اندلاع الصراع».
ومثلت كلمة حسين في المؤتمر، رؤية «الحكومة الاتحادية» في بغداد بشأن الحلول اللازمة والممكنة لإنهاء الأزمة السورية، التي يرى بأنها تُلقي بظلالها على جميع دول المنطقة.
وفي السياق نفسه، أكد وزير الخارجية وجود «فرصة حقيقية» لإدارة الأزمة السورية بشكل مختلف.
جاء ذلك خلال لقاء جمعه بالمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سوريا غيير بيدرسون، على هامش جدول أعمال مؤتمر بروكسل السابع حول دعم مستقبل سوريا والمنطقة.
حسين ذكر خلال اللقاء، حسب بيان صحافي، أن «كلمة العراق تعبر عن الرؤية الواقعية للحكومة العراقية بشأن الحلول الممكنة للأزمة السورية والتي كانت مستندةً على لقاءاته مع العديد من الجهات الإقليمية والدولية وعلى التحليلات والتطورات التي تمر بها المنطقة» مُؤكدًا «وجود فرصة حقيقية الآن لإدارة الأزمة السورية بشكل آخر ومُختلِف».
وأشار إلى أن «هذه الأزمة تلقي بظلالها على دول المنطقة جميعاً، وأن هناك تقدما في تقريب وجهات النظر من خلال مجموعة الاستجابة الوزارية للجامعة العربية والتي تضم خمس دول في عضويتها لتحقيق مناقشات مستفيضة مع الجهات الإقليمية والدولية الفاعلة للوصول إلى حلول سياسية».
وفي هذا السياق أشاد بيدرسون بـ«دور العراق المحوري ودور مجموعة الاستجابة الوزارية بلعب دور الوسيط بين الاتحاد الأوروبي وسوريا، وكذلك القيام بحوارات من شأنها تغيير موقف المجتمع الدولي تجاه سوريا، واقناع الجهات الفاعلة للقيام بإصلاحات من أجل تغيير هذه المواقف والتعاون مع المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا لإيجاد حلول واقعية ومرضية للأزمة السورية».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية