القاهرة- “القدس العربي”: طالبت منظمات حقوقية في رسالة بعثت بها للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بمراجعة نهج العلاقات مع مصر لمعالجة أزمة حقوق الإنسان.
وجاءت الرسالة في ضوء المشاركة المتوقعة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في قمة الاتفاق على تمويل عالمي جديد، التي ستعقد في باريس يومي الخميس والجمعة المقبلين.
وكانت سفارة فرنسا لدى القاهرة، أعلنت أن السيسي سيشارك في القمة التي تستضيفها باريس.
وذكرت السفارة، أنه ومن خلال حضوره في فرنسا، سيحمل السيسي صوت مصر هذه الدولة الأفريقية الكبيرة والعربية والمتوسطية التي تبحث في مواجهة العديد من التحديات عن تعزيز استراتيجيتها في خدمة نمو مستدام للشعب المصري.
وجاء في الرسالة التي وقع عليها 14 منظمة حقوقية محلية وأجنبية، أنه على مدى سنوات، بات موثقا تورط الأسلحة وتكنولوجيا المراقبة المنقولة لمصر من الدول الأوروبية- بما في ذلك من فرنسا- في أزمة حقوق الإنسان المتواصلة، التي تم توثيقها واستنكارها لسنوات.
ودعت المنظمات فرنسا لمراجعة نهج العلاقات مع مصر ومراعاة كامل مسؤوليتها في هذا الصدد؛ وأعربت عن القلق المتنامي من القيود غير القانونية التي تفرضها السلطات المصرية على الحق في حرية الصحافة، وحرية التعبير، وتكوين الجمعيات، والتجمع السلمي، والقيود الصارمة المفروضة على المجتمع المدني، فضلًا عن قمعها للمعارضة السلمية، وإساءة توظيف تشريعات مكافحة الإرهاب لإسكات المعارضين.
وبحسب الرسالة: لا يزال آلاف الأشخاص قيد الحبس، احتياطيا أو تنفيذا لأحكام قضائية، بسبب ممارستهم السلمية لحقوقهم الإنسانية، بمن في ذلك عاملين في منظمات مصرية مستقلة، ومدافعين عن حقوق الإنسان ونشطاء في مجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وحقوق الأقليات، فضلاً عن محامين وصحافيين وأكاديميين وصانعات محتوى على وسائل التواصل الاجتماعي وفنانين.
وأكدت المنظمات الحقوقية في رسالتها، أن السلطات المصرية تواصل إنكار حقوق مجتمع الميم عين واستهدافهم بسبب ميولهم الجنسية الحقيقية أو المتصورة أو هويتهم الجنسية، من خلال الاحتجاز التعسفي والملاحقة القضائية والعنف وسوء المعاملة في أماكن الاحتجاز.
كما تحدثت الرسالة، عن مواصلة السلطات المصرية ارتكاب التعذيب والانتهاكات المنهجية واسعة النطاق في أماكن الاحتجاز، بما في ذلك بحق النساء، في ظل ظروف احتجاز مزرية، إضافة إلى إصدار مئات أحكام الإعدام سنويًا.
وتناولت الرسالة، دعوة السيسي للحوار الوطني في عام 2022، وقالت إنها جاءت مع تدهور مقلق في الوضع الاقتصادي والاجتماعي؛ الأمر الذي وصفه المحللون بأنه محاولة لتحميل المسؤولية عن الضائقة التي تمر بها البلاد لدائرة أوسع، واسترضاء الحلفاء الغربيين والمانحين بوهم الانفتاح السياسي.
ولفتت الرسالة، إلى مطالب الحركة المدنية الديمقراطية- ائتلاف من حركات وأحزاب معارضة ديمقراطية- بمطالب لخلق بيئة تفضي لانفتاح سياسي هادف، وعلى رأس هذه المطالب إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين السلميين.
وتابعت المنظمات: منذ ذلك الحين، تسلط السلطات المصرية الضوء على خبر إطلاق سراح قرابة 1100 شخص، بينهم شخصيات معارضة بارزة، بينما في المقابل، ومنذ أبريل/ نيسان 2022، تم اعتقال أكثر من 3600 آخرين خلال الفترة نفسها، وفقًا للجبهة المصرية لحقوق الإنسان.
وزادت: ولا يزال نشطاء المعارضة السلمية يتعرضون للإخفاء القسري والمحاكمات السياسية والاعتقال التعسفي حتى مع استمرار “الحوار الوطني” ومن بينهم أعضاء في أحزاب الدستور والكرامة والناصري والحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي المشاركة في الحوار.
وأعربت المنظمات عن مخاوفها من احتمالية تخلف مصر عن سداد مستحقات الاقتراض المفرط على مدى سنوات، الذي كان غرضه تعزيز القوة، وتركيز السياسة الاقتصادية على المشاريع العملاقة، المشكوك في جدواها والتي تفتقر لدراسات الجدوى، وتنطوي على عطاءات وصفقات مبهمة.
وبينت أن نموذج الحكم غير المستدام القائم في مصر عزز من سيطرة أجزاء من الدولة، لا سيما الجهاز العسكري، على قطاعات كبيرة من الاقتصاد وعلى توزيع رأس المال، على حساب القطاع الخاص الذي تقلص خلال السنوات القليلة الماضية، وعجز عن توفير الوظائف التي يحتاجها المصري.
ولفتت الرسالة، إلى التقرير الذي صدر مؤخرًا عن صندوق النقد الدولي، وأكد أن تأثير ثورة يناير/ كانون الثاني 2011 على النمو الاقتصادي في مصر كان ضئيلا، ليمثل ردا على السيسي الذي عادة ما يلقى باللوم فيما يخص المحنة المصرية على عوامل خارجية أو على الثورة.
وتناولت الرسالة ميزانية 2023-2024، التي تم اعتمادها مؤخرًا من جانب البرلمان، وخصص أكثر من 56 في المئة من قيمتها لخدمة الدين في مقابل مبالغ غير كافية للخدمات الأساسية، علما بأنه لم يتم سد العجز في الميزانية حتى الآن.
الانتخابات الرئاسية المقررة خلال الأشهر المقبلة، ستجرى في سياق مغلق تماما بحسب الرسالة، التي تناولت إلقاء القبض على عدد من أقارب ومؤيدي السياسي المعارض أحمد الطنطاوي بمجرد إعلان نيته الترشح في الانتخابات.
كما تناولت الرسالة واقعة اقتحام بلطجية، يزعم انتمائهم للكتلة البرلمانية المؤيدة للسيسي “مستقبل وطن”، مقر انتخابات نقابة المهندسين، بعدما أسفرت نتائج الاستفتاء عن قيادة مستقلة للنقابة.
ودعت المنظمات الرئيس الفرنسي، إلى عدم دعم مزيد من عمليات بيع الأسلحة أو المعدات العسكرية لمصر، والتي ارتفعت مشترياتها خلال العقد الماضي لدرجة أنها أصبحت ثالث أكبر مشتر للأسلحة في جميع أنحاء العالم في 2016 – 2020.
وقالت، إن الأمر لم يعد يتعلق فقط باستخدام الأسلحة وأنظمة المراقبة بشكل واضح ومتكرر في انتهاك القانون الدولي لحقوق الإنسان في مصر، وإنما أصبحت حاليًا هذه الصفقات نفقات لا تستطيع الدولة تحمل تكاليفها، تزيد أعباء ديونها أو استخدام مواردها الشحيحة، التي هي في أمس الحاجة للتنمية.
وطالبت المنظمات الرئيس الفرنسي، بحث السيسي، على عدم الاكتفاء بالإفراج المشروط عن عدد محدود من الأشخاص قيد الاحتجاز؛ وإنما إحداث تغيير حقيقي في السياسة ينطلق من الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المدافعين عن حقوق الإنسان خلف القضبان وكل الأشخاص المحتجزين تعسفيا لممارستهم حقوقهم في حرية التعبير والتجمع السلمي، واتخاذ خطوات ملموسة لإعادة فتح المجال العام.
وأكدت المنظمات على ضرورة إدخال تعديلات سريعة وجذرية على بعض التشريعات بما في ذلك قانون تنظيم العمل الأهلي، وقانون مكافحة الإرهاب، وقانون مكافحة الجرائم الإلكترونية، وقانون حماية المرافق العامة، وقانون التجمهر، وقانون التظاهر وقانون الكيانات الإرهابية، واتخاذ تدابير فعالة قبل الانتخابات المقبلة، تضمن السماح للمواطنين بممارسة حقهم في المشاركة في الشؤون العامة، بما في ذلك رفع القيود الصارمة التي يفرضها القانون والممارسة على وسائل الإعلام المستقلة والمنصات الرقمية، ومنها حجب المواقع الإلكترونية لوسائل الإعلام ولمنظمات المجتمع المدني.