الجولان.. بين “توربينات الأبرتهايد” وغضب الطائفة الدرزية

حجم الخط
0

احتجاج أبناء الطائفة الدرزية على مشروع التوربينات الذي تطور في الأيام الأخيرة في هضبة الجولان وانزلق إلى مناطق أخرى في الشمال وفي الكرمل، ليس حدثاً صدفياً ومحدداً، بل هو نتيجة تراكم الغضب والإحباط. هذه أحاسيس وجدت أمس تعبيراً من خلال التصادم العنيف، مثل إغلاق شوارع رئيسية وتشويش حياة مئات آلاف السكان في الشمال.
رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، وجد أمس وقتاً بين كل أعماله للالتقاء مع الزعيم الروحي للطائفة، الشيخ موفق طريف، لمناقشة الأزمة. وذلك بحضور رئيس “الشاباك” رونين بار وبدون مشاركة وزير الأمن الوطني إيتمار بن غفير. هذه الحقيقة تشير إلى أنه أدرك الإمكانية الكامنة في الاشتعال، ليس فقط على الصعيد الآني للعنف وتقويض النظام العام، بل رأى قضية للأمن القومي ذات تداعيات على شبكة العلاقات الخاصة بين الدولة والطائفة الدرزية.
نضال الطائفة الدرزية في إسرائيل من أجل المساواة في الحقوق الكاملة والتوق إلى الاندماج على أساس المساواة، يختلف بشكل تام عن مقاربة الدروز الذين يعيشون في هضبة الجولان، حيث معظمهم لا يزالون يعتبرون أنفسهم سوريين، بدون صلة بدرجة التماهي مع النظام الحالي في دمشق أو بدرجة الإيمان أن بإمكانهم العودة إلى الحضن السوري من خلال اتفاق سياسي مستقبلي. مع ذلك، يختفي الخط الأخضر في قضايا مبدئية مثل النضال على الأرض ومن أجل الكرامة أو من أجل الهوية، وهناك تحفظ وتماه كامل. هذه رؤية وجدت تعبيرها خلال السنين أيضاً في أزمات سابقة وحتى في أحداث أمنية وسياسية، ضمنها الحرب الأهلية في سوريا، التي ساعد فيها أبناء الطائفة في إسرائيل وفي هضبة الجولان إخوانهم في جبل الدروز أو مساعدة أبناء الطائفة في لبنان. التفكير بأن المواجهات في هضبة الجولان، حيث شباب وشيوخ مصابون، ستمر بهدوء في الجليل وفي الكرمل، هو تفكير ساذج. كل صورة خرجت أمس من هضبة الجولان كان لها صدى بعيد وأخرجت الكثيرين إلى الشوارع في دالية الكرمل ويركا وجولس.
مع ذلك، يجب فحص الأحداث في الأيام الأخيرة على مستويين: المستوى المحلي الذي يتعلق بالدروز في هضبة الجولان. والمستوى العام الذي يتعلق بوضع الطائفة الدرزية في إسرائيل. النضال ضد التوربينات الموجودة في هضبة الجولان بدأ قبل بضع سنوات. المشروع الذي اعتبر في البداية مدنياً – اقتصادياً لتأجير الأراضي من أجل إنتاج الكهرباء الخضراء ووجه بمعارضة شديدة، وتنبع أسباب ذلك من تأثيره على الأراضي الزراعية لسكان القرى ومن الخوف الإضرار بالطابع القروي في المنطقة، ومن الجانب الوطني – السياسي للمشروع الذي اعتبر تعاوناً اقتصادياً مع مشروع إسرائيلي على أراض سورية.
في الوقت نفسه، تحذر الطائفة الدرزية في إسرائيل منذ بضعة أشهر من انفجار الغضب على خلفية الأزمة في مجال التخطيط والبناء. الشيخ طريف ومنتدى رؤساء السلطات الدرزية نقلوا قبل أشهر رسالة لحكومة إسرائيل، حذروا من انفجار وعاء الضغط الذي مصدره ازدياد الغرامات التي تفرض على أبناء الطائفة بسبب البناء غير القانوني استناداً إلى قانون “كمنتس”. وحذروا أيضاً من عدم الدفع قدماً بخطط هيكلية وعدم توسيع خطط البناء في القرى الدرزية، الأمر الذي يسرع البناء غير القانوني. هذا التحذير وجد تعبيرها أيضاً في إلغاء الاستقبال التقليدي في هذه السنة في منطقة قبر النبي شعيب وفي يوم الذكرى، حيث طرح طلب عدم استقبال وزراء الحكومة.
تجاهل نتنياهو في تصريحاته، هذه المطالب وأوضح بأن “دولة إسرائيل هي دولة قانون”، وأن “جميع المواطنين في إسرائيل ملزمون باحترام القانون”. ولكن نتنياهو نسي بأن دولة القانون هذه قد صادقت على قانون القومية وقانون “كمنتس”، وهي من خلال هذه القوانين تميز ضد غير اليهود، حتى لو كانوا دروزاً أو أخوة في الدم. في ساعة الاختبار يجب أن يكون لمفهوم “أخوة في الدم” معنى حقيقي. ولكن لسبب ما، نكتشف كما في كل مرة بأنه عرض فارغ.
جاكي خوري
هآرتس 22/6/2023

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية