دمشق – «القدس العربي»: في سياق التصعيد الروسي المستمر منذ انتهاء جولة “أستانة – 20″ الأخيرة قبل أيام، قتل 10 مدنيين وأصيب أكثر من 30 آخرين،أمس الأحد، في مجزرة ارتكبتها المقاتلات الحربية الروسية باستهدافها سوقاً للخضروات والفواكه على أطراف مدينة جسر الشغور في ريف إدلب، شمال غربي سوريا، وسط موجة نزوح واسعة.
وقال الناشط الإعلامي محمد الخطيب من ريف إدلب لـ”القدس العربي” إن 10 مدنيين قتلوا وأصيب أكثر من 30 آخرين في استهداف سوق الهال الشعبي على أطراف مدينة جسر الشغور تزامناً مع عدة غارات استهدفت غربي مدينة إدلب ومناطق جبلة الزاوية.
هجوم على سوق للخضار
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس “قتل تسعة مدنيين بينهم طفلان جراء هذه الغارات الجوية” التي استهدفت سوقا للخضار والفاكهة في محافظة إدلب. كما قُتل أربعة أشخاص في غارة أخرى على أطراف مدينة إدلب، حسب المصدر نفسه. وأوضح مدير المرصد أنّ “هذه الغارات الروسية هي الأكثر دموية في سوريا هذا العام وهي بمثابة مجزرة”.
وقال الدفاع المدني السوري، إن المجزرة تبعها “قصف مدفعي لقوات النظام وروسيا استهدف مسجداً ومنازل في قرية آفس شرقي إدلب، ما تسبب في دمار في المسجد ومنزل سكني، كما تعرضت أطراف مدينة سرمين لقصف مدفعي مماثل”.
وأفادت مصادر محلية، بأن طائرات حربية عدّة تتبع لسلاح الجو الروسي قصفت بصواريخ شديدة الانفجار أبنية سكنية في المزارع المحيطة بمدينة إدلب، ما أسفر عن إصابة مدنيين بجروح، حيث عملت فرق الدفاع المدني السوري على إسعاف الجرحى ونقلهم إلى المشافي والمراكز الطبية.
وبعد المجزرة التي أسفرت عن سقوط 10 قتلى، نشر الدفاع المدني السوري الذي وصف القصف بأنه “جريمة ضد الإنسانية”، مقاطع مرئية تظهر الدمار بعد سلسلة من الغارات الجوية على سوق الهال الذي يضم عربات وحافلات لبيع الخضار والفواكه، وسط اكتظاظ المكان بالأهالي الذين يستعدون لاستقبال عيد الأضحى.
ويظهر في مقاطع الفيديو حطام وأكوام من الخضار المرمية على الأرض وبقايا دماء وقطع زجاج مكسور متناثرة على الأرض بسبب تحطم السيارات.
ونشرت منظمة الخوذ البيضاء صوراً مؤلمة لعمليات الإسعاف والإنقاذ، مرفقة بمنشور قالت فيه “على مشارف العيد خرجوا آملين الحصول على قوت يومهم، لتحرمهم الطائرات الروسية وغاراتها الإرهابية أمس الأحد على سوق الخضار في جسر الشغور، من هذه الفرحة وتسلبهم حياتهم، عشرات العوائل سيمر عليها العيد حزيناً وعشرات الأطفال سيفقدون حضن آبائهم وفرحة العيد بسبب إجرام النظام وروسيا بحق المدنيين”.
مدير منظمة “منسقو استجابة سوريا” د.محمد حلاج قال لـ “القدس العربي” إن المقاتلات الحربية الروسية استهدفت عدة مناطق في شمال غرب سوريا بينها مناطق مكتظة بالسكان المدنيين وأحياء سكنية وأسواق شعبية، في مدينتي جسر الشغور وإدلب، إضافة إلى مناطق اخرى في ريف إدلب الجنوبي وريف اللاذقية خلفت أكثر من 11 ضحية من المدنيين كما تجاوزت الإصابات 34 مصاباً.
وتحدث حلاج عن موجة نزوح واسعة شهدتها مناطق جسر الشغور وأطراف مدينة إدلب، لافتاً إلى أن هذه المناطق هي من أكثر البقع الجغرافية التي استقبلت المتضررين من الزلزال المدمر الذي ضرب المنطقة في شهر شباط الفائت، مبيناً أن عشرات العوائل توجهت إلى مناطق آمنة نسبياً خوفاً من عودة القصف.
تزامناً، أدانت منظمة “منسقو استجابة سوريا” في بيان الأحد، الاستهداف المباشر للمدنيين ضمن المدن والقرى، واعتبرت ان القصف من شأنه “إفراغ تلك المدن والبلدات من سكانها في خطوة لإحداث تغيير ديموغرافي في المنطقة”.
وقال البيان “إن غياب الملاحقات القانونية عن الجرائم التي ترتكبها قوات النظام السوري وروسيا بحق المدنيين في محافظة إدلب والانتهاكات المستمرة من قبل ما يسمى الضامن الروسي ساعده على ارتكاب المزيد من الانتهاكات وعمليات التصفية الممنهجة بحق السكان المدنيين في محافظة ادلب”.
واعتبر أن “لغة الادانات الروتينية من قبل المنظمات الدولية والحقوقية والمجتمع الدولي لم تعد مجدية في إيقاف الأعمال الارهابية التي تقوم بها قوات النظام السوري وروسيا، ولا بد من تقديم المسؤولين عن تلك الأعمال الوحشية إلى المحاكمة والمحاسبة القانونية ضمن المحاكم الدولية لجرائم الحرب”.
المجزرة الأولى من نوعها خلال العام الجاري، أشعلت غضب الشارع السوري المعارض، ورصدت “القدس العربي” مواقف وإدانة من قبل ناشطين وباحثين وحقوقيين.
ردود شاجبة للمجزرة
الباحث السوري فراس فحام اعتبر أن المجزرة “تسخين ميداني بعد إعلان روسيا عن خطة للتطبيع بين تركيا والنظام السوري” وأضاف “تصعيد روسي مستمر منذ انتهاء جولة أستانة – 20 يتمثل بقصف للطائرات على ريفي اللاذقية وإدلب حيث تقترب الغارات تدريجياً من التجمعات السكنية في مركز إدلب بعد أن تركزت في الأيام الأولى على المناطق الجبلية”.
وكتب الإعلامي قاسم الفراتي يقول “في بلدي لا مكان لفرحة العيد هناك الموت فقط!! مجزرة مروعة ترتكبها طائرات الاحتلال الروسي وقوات نظام الأسد جراء قصفها بلدة مرتين على أطراف مدينة إدلب وسوق شعبي في جسر الشغور في ريف ادلب الغربي”.
وعقب يوسف قردوش المقيم في إدلب يقول “إلى متى سنبقى تحت رحمة الإجرام الأسدي والروسي.. لا نعلم هل نحن أحياء أم أموات ننتظر هؤلاء المجرمين لكي يقتلونا ويرهبونا كل يوم”. فيما اعتبر مؤيد المحمد أن المجزرة عبارة عن “رد روسي على تمرد فاغنر بارتكاب مجزرة بحق المدنيين في جسر الشغور بريف إدلب، إضافة إلى أكثر من 23 غارة”.
وكتب الناشط الإعلامي سومر عيد يقول “عادت الطائرات الروسية إلى مهامها في استهداف الضعفاء العزل، وارتكاب المجازر بحق الأبرياء.. عادت لتريق دمائنا نحن، عادت لتيتم أولادنا، عادت لتكسب المزيد من القهر على جراحنا، عادت لتعيدنا إلى الخيام مرة أخرى، عادت لتمرغ أنوف المعارضة التي تفاوض عنا وباسمنا.. عادت لأن لقمتنا مغمسة بالدم”.