الرباط ـ «القدس العربي» أعد «التجمع العالمي الأمازيغي» تقريرا مفصلا لما قال إنها خروق واختلالات شابت عملية التعداد العام للسكان والسكنى الذي جرى في المغرب خلال أيلول / سبتمبر 2014. وجاء الإعلان عن هذا التقرير بعد أيام قلائل من تقديم المندوب السامي للتخطيط الأسبوع الماضي لنتائج الإحصاء (التعداد) التي كشفت عن كون عدد سكان المغرب وصل إلى 33 مليون و848 ألفا و242 نسمة، منهم 33 مليون و762 ألفا مواطنين و86 ألف و206 أجانب.
وقام وفد عن «التجمع» المذكور الأربعاء الماضي بتسليم تقريره إلى مفوضية الاتحاد الأوربي في الرباط، معتبرا ذلك خطوة أولى ستليها أخريات، ردا على تجاهل المندوبية السامية للتخطيط لتوصيات الأمم المتحدة فيما يتعلق باللغة الأم، وكذا للمعايير الدولية المتعلقة بإجراء الإحصاءات.
وسجل التقرير الذي تلقت «القدس العربي» نسخة منه أن أحمد لحليمي المندوب السامي للتخطيط مارس «تمييزا» ضد اللغة الأمازيغية، رغم أن الدستور المغربي ينص على أن هذه الأخيرة تعد أيضا لغة رسمية للدولة، باعتبارها رصيدا مشتركا لجميع المغاربة بدون استثناء. وقال التقرير إن لحليمي المشرف على الإحصاء طرح سؤال حول «اللغة الأم» في استمارة الإحصاء، متجاهلا بذلك مطالب الحركة الأمازيغية بالمغرب وضمنها منظمة التجمع العالمي الأمازيغي، كما تجاهل بشكل متعمد ما ورد في تقرير الأمم المتحدة المراجع والمنقح من طرف شعبة الإحصاءات للأمم المتحدة برسم دورة إحصاءات 2010، الذي أورد فيما يخص اللغة ثلاثة أنواع من البيانات المتعلقة باللغة الأم يمكن جمعها في التعداد، وتشمل ما يلي: اللغة الأم التي تُعرف بأنها اللغة التي يتكلمها الفرد في طفولته المبكرة، ثم اللغة المستخدمة عادة والتي تعرف بأنها اللغة التي يتكلمها الفرد في الوقت الراهن أو في أغلب الأحيان في منزله، وأخيرا القدرة على التخاطب بلغة معينة أو أكثر.
ومن جهة أخرى، عاب التجمع الأمازيغي العالمي على المندوبية السامية للتخطيط ممارستها نوعا من «التمييز» ضد المرأة، إذ فرضت على باحثي الإحصاء أخذ المعطيات من الأب فقط دون الأم، خارقة بذلك مضمون المواثيق الدولية لحقوق الإنسان والمعاهدات التي وقع عليها المغرب بخصوص المساواة بين النساء والرجال، كما خرقت نص الدستور المغربي الذي يعتبر أن الرجل والمرأة يتمتعان على قدم المساواة بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، كما ينص الدستور على أن الدولة تسعى إلى تحقيق مبدأ المناصفة بين الرجال والنساء، وتُحدث لهذه الغاية، هيئة للمناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز.
وأورد التقرير أمثلة لما صدر عن نساء في مواقع المسؤولية في المغرب من احتجاجات على ذلك التمييز ضد المرأة، إذ أن تعداد السكان أغضب شرفات أفيلال (الوزيرة المنتدبة المكلفة بالماء) بسبب تخصيص ركن رب الأسرة للزوج، كما أن بسيمة الحقاوي (وزيرة التضامن والأسرة والتنمية الاجتماعية) دخلت في جدل مع باحث إحصاء بسبب اقتصار صفة رب الأسرة على الرجل، ودعت إلى تعديل استمارة التعداد لتنسجم مع الدستور المغربي. ومن جهتها دخلت النائبة البرلمانية أمينة ماء العينين في جدل مماثل مع باحثة إحصاء حين سألتها عن رب الأسرة الذي يصرف على البيت.
وتوقف التقرير عند ما سماه «استغلال الدين» في التعداد العام للسكان والسكنى في المغرب، حيث أوضح أنه في مقابل مقاطعة التجمع العالمي الأمازيغي للتعداد لجأت السلطات إلى منابر الجمعة في مختلف مساجد المغرب من أجل حثّ المصلين والمصليات على إنجاح عملية التعداد، وذلك من خلال خطبة موحدة وزعت على الخطباء بعدد من مدن وقرى المملكة، معتبرة التعداد «مقصدا شرعيا عظيما وهدفا دينيا».
الطاهر الطويل