اين المال؟

حجم الخط
0

تعقيب سفير الاتحاد الاوروبي لاسرائيل، آندرو ستاندلي، على كاريكاتير نشر في 3/4/2013 في هذه الصفحة واتهم الاتحاد بتمويل منظمات الارهاب، هو تعقيب مفهوم. فقد استنكر السفير بشدة الادعاء الذي طرح في الرسم، وبسط اجندة الاتحاد الاوروبي الساعية الى ‘الوصول الى الحل بوسائل سلمية للنزاع من خلال مفاوضات تؤدي الى دولتين يتمكن الاسرائيليون والفلسطينيون فيهما من العيش جنبا الى جنب بسلام وبأمن’. وفصل السفير التمويل الذي يقدمه الاتحاد للمجتمع الفلسطيني، ولكنه لم يعنَ بالعديد من المواضيع المرتبطة بهذا التمويل، والتي تؤثر سلبا على فهم الجمهور الاسرائيلي للاتحاد والدول الاعضاء فيه.
ويتضمن الجانب المركزي من التمويل مبالغ طائلة تأتي من الاتحاد لمنظمات غير حكومية فلسطينية واسرائيلية تدعي الدفاع عن حقوق الانسان ولكنها عمليا تعمل على تشويه صورة اسرائيل. وتتم سياقات التمويل لهذه المنظمات بشكل غير شفاف وتحت ستار من السرية تمنع الرقابة على اموال دافعي الضرائب الاوروبيين.
مثال على ذلك هو التمويل الذي يمنح لـ ‘المركز الفلسطيني لحقوق الانسان’، المنظمة التي يدعمها الاتحاد وتستغل امواله، ضمن امور اخرى، للكفاح القانوني ضد مسؤولين اسرائيليين كبار. وتستخدم المنظمة تعبير ‘أبرتهايد’ لاغراض سياسية وفي صالح حملة المقاطعة ضد اسرائيل، والتي تتصدرها مع مجموعات اخر تتمتع بأموال الاتحاد مثل ‘ائتلاف النساء للسلام’ و ‘الحق’.
وهكذا، فانه نشأ بين المنظمات والاتحاد الاوروبي وضع من ‘الدائرة المغلقة’، وسياسة الاخير تجاه اسرائيل تتأثر بالمنظمات التي يمولها. ودليل على ذلك هو التطابق بين تقارير المنظمات واستنتاجات الاتحاد بالنسبة لاسرائيل، والتي تعرب عن نفور حاد من سياستها وتدعم الرواية الفلسطينية في مواضيع حساسة عديدة مثل القدس. ويشدد هذا السلوك على انعدام المعرفة لدى الاتحاد وكذا اعتماده على جهات متحيزة في كل ما يتعلق بالنزاع.
دليل آخر صعد الى العناوين الرئيسة مؤخرا فقط، حين نشر مقال وفيه فرية دم لاسامية في موقع المنظمة الفلسطينية ‘مفتاح’ التي اقامتها حنان عشراوي ويمولها الاتحاد مباشرة. هذه منظمة مركزية في حملة نزع الشرعية ضد اسرائيل ولها تأثير شديد على خطاب حقوق الانسان في اطار النزاع. وجاء في المقال ان ‘معظم الاساطير والقصص التاريخية عن طقوس الدم لليهود في اوروبا تستند الى نصوص حقيقية وغير زائفة؛ فقد استخدم اليهود دم المسيحيين في الفصح اليهودي’. وتمثل هذه الحالة الاستخدام للاموال الاوروبية لنقل رسائل لاسامية ولااسرائيلية، وكذا غياب آلية الرقابة على ما يتم فعله بهذا التمويل. فهو لا يدفع الى الامام بالسلام ولا يساهم في تحسين الوضع في السلطة الفلسطينية، بل يؤدي بالذات الى الفرقة بين الطرفين. والسؤال المطروح هو هل يعرف الاتحاد الاوروبي بالصلة بين الاموال التي ينقلها ومساهمة هذه الاموال في احتدام النزاع وذلك بدلا من حث هدفه المعلن في المصالحة بين الطرفين؟
لقد ادعى السفير ستاندلي في مقاله بان ‘الكاريكاتير المنشور لم يخدم باخلاص قراء ‘معاريف’ في أنه شوه الواقع بدلا من عرض صورة حقيقية’. ومع ذلك، فان الاتحاد الاوروبي بالذات لا يقدم الصورة الكاملة حين يخفي الحاصلين على تمويله ويمتنع عن تقديم التفسيرات. يدعي السفير بان هذا ينبع من عدم فهم الجمهور ولكنه يتجاهل حقيقة أن عدم الفهم تنبع بالذات من سياسة الاتحاد.

‘ بروفيسور في العلوم السياسية في جامعة بار ايلان ورئيس معهد البحث NGO Monitor
معاريف 9/4/2013

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية