نواكشوط- «القدس العربي»:
انتقد العلامة اباه ولد عبد الله رئيس هيئة علماء موريتانيا (شبه رسمية) في تصريحات تم تداولها الأحد على نطاق واسع عبر الفيسبوك ومجموعات الوتساب “تباطؤ الحكومة الموريتانية في تنفيذ حد القتل بحق الشاب الذي سب النبي صلى الله عليه وسلم قبل عشرة أيام، في إجابته على سؤال التربية الإسلامية في امتحان البكالوريا”.
وأحالت وزارة التهذيب الموريتانية الأسبوع الماضي ملف الشاب ساب النبي للجهات المعنية؛ وأكدت في بيان الإحالة أنه “في إطار سير عمليات تصحيح أوراق المترشحين للبكالوريا الدورة العادية 2022- 2023، وخلال محطة مرحلة التوهيم، تمت ملاحظة وجود ورقة إجابة تضمنت “إساءة للجناب النبوي الشريف” والعياذ بالله، وبعد انتهاء محطة التوهيم تمت إحالة البيانات ذات الصلة بهوية ورقة الامتحان للجهات المعنية لاتخاذ ما يلزم وفق صلاحيات القضاء، والمجلس الأعلى للفتوى والمظالم، وعلماء البلد”.
واستغرب رئيس هيئة العلماء في تصريحاته “مضي عشرة أيام مضت على الإساءة للنبي صلى الله عليه وسلم، دون أن تتخذ فيها السلطات إجراء واحدا، خوفا على مسار تصحيح الباكالوريا”.
وقال “فرح من فرح بالنجاح، وتحسر من رسب، ولا وجها واحدا تمعر من الإساءة للنبي، وسارت الأمور وكأن شيئا لم يكن!!”.
وزاد “أجلت السلطات النظر في الإساءة للنبي صلى الله عليه وسلم إلى أن تجد وقتا لها، وهذا تصرف عجيب جدا، وكأن القضية مسألة ثانوية؛ والأدهى والأمر إحالتها لمجلس الفتوى والمظالم، مع أن هذه مسألة فوق الفتوى والمظالم، هذه مسألة توجه مباشرة لولد الغزواني من غير تأخير ولا تأجيل”.
وقال “في الحديث أن رجلا كانت له زوجة وكانت تسب النبي صلى الله عليه وسلم، وكان ينهاها ولم تمسك عن ذلك فقتلها، وذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم وأقره عليه، ومالك بن أنس إمام دار الهجرة قيل له: إن علماء في العراق ترخصوا للساب في التوبة، فغضب غضبا شديدا وقال: ما بقاء الأمة بعد شتم نبيها.. يُقتلْ يُقتلْ يُقتلْ”.
وأضاف “أجمعت الأمة مع وجود الأدلة الكثيرة، على أن ساب النبي صلى الله عليه وسلم يقتل فقط، وأقل ما يمكن من النصرة هو الغضب والإنكار بالقلب واللسان، والنبي صلى الله عليه وسلم غني عن دفاعنا ونصرتنا ولكن هذا امتحان من الله تعالى للمحبين، ولا حول ولا قوة إلا بالله”.
وتأتي هذه القضية التي سينظر إليها دوليا، من زاوية حقوقية وبأنها مس بحرية التعبير، في وقت عصيب ومحرج بالنسبة للحكومة الموريتانية: فإما أن تترك الملف نائما وهو ما سيثير عليها الرأي العام في ظرف داخلي متوتر أصلا بسبب الانتخابات الأخيرة، وإما أن تجاري الرأي العام المحلي بمحاكمة الطالب المسيء وإعدامه حداً، وهو ما سيثير الهيئات الحقوقية الدولية ويعيد ملف موريتانيا الحقوقي إلى الرقابة الحقوقية بعد أن تمكنت حكومة الغزواني بجهد جهيد من تحسينه على المستوى الدولي.
وتأتي هذه القضية، التي يتوقع أن تثير احتجاجات قوية إذا لم تتخذ فيها السلطات القضائية قرارا سريعا، لاحقةً لحادثة 2014 التي انفجرت إثر مقال كتبه المسمى ولد إمخيطير، يسيء إلى الرسول الكريم، وصدر بحقه حكم بالإعدام، واستمرت الاحتجاجات المطالبة بإعدامه منذ ذلك التاريخ إلى عام 2019، والحكومة متلكئة في تنفيذ الحكم بسبب ضغوط الهيئات الحقوقية الدولية.
ووجدت حكومة الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز مخرجا، لم يرض عنه الرأي العام الموريتاني إلى اليوم، يقضي باستتابة الكاتب وإطلاق سراحه وهو ما تم بالفعل أمام مجموعة من العلماء، وتمكن بعده الكاتب الساب من السفر إلى فرنسا ليعيش لاجئا فيها.