الخليل – «القدس العربي»: الخليل، هي المدينة التي حملت من الأسماء الكثير، مثل «خليل الرحمن» أي صديق الله، ابراهيم عليه السلام، فيما جاء اسم «مدينة الأربع»، لوقوعها على أربع تلال. كما عرفت في بعض الأزمنة باسم «مامر» وغيرها من التسميات، ويعرف عن المدينة أنها مسكونة منذ خمسة آلاف عام متواصلة، كما تعتبر مقدسة للأديان الثلاثة الإسلام، والمسيحية، واليهودية.
وتعتبر البلدة القديمة في الخليل من أقدم بلدات فلسطين، وذلك لكونها من أقدم المدن المسكونة في العالم، أما سوق البلدة القديمة بأقواسه والمتاهة الهائلة من الزقاق، فتستحق الإستكشاف، حيث تبيع محلاتها كل شيء من الفخار، ومنحوتات خشب الزيتون والزجاج والفواكه الطازجة والمجففة، كما يحول العنب المنتج فيها، إلى مربى وإلى أنواع أخرى من الحلوى، بينما تطورت حرف الفخار والزجاج التقليدية إلى مستوى المصانع والورش الصغيرة.
وتقع مدينة الخليل، جنوب الضفة الغربية، على بعد 35 كيلومتراً من القدس المحتلة، وأسست على يد الكنعانيين في العصر البرونزي، لكنها اليوم تعتبر أكبر مدن الضفة الغربية من حيث عدد السكان والمساحة، لكن أكثر ما يميزها حالياً، هو أهميتها الاقتصادية، فقد باتت من أهم وأكبر المراكز الاقتصادية في الضفة الغربية.
كما تُعد المدينة، ذات أهمية دينية، خاصة للديانات الإبراهيمية الثلاث، حيث يتوسط المدينة الحرم الإبراهيمي، الذي يحوي مقامات للأنبياء إبراهيم، وإسحق، ويعقوب، وزوجاتهم، وسنتحدث عنه بالتفصيل فيما بعد.
وتتميز مدينة الخليل، بكثرة ينابيعها، حيث شكلت جبالها وأوديتها، موارد مائية لا تنتهي، وجعلها في مقدمة المدن الفلسطينية زراعياً، أما أهم العيون والينابيع فيها فهي عين قشقله، عين عرب، عين ديربحه، عين نمرة، عين سارة، عين القرنة، عين العسكر، عين ننقر، عين خير الدين، عين واد الجوز، عين الحمام ، العين الجديدة في تل الرميدة، وكذلك عين الطواشي على باب الحرم الإبراهيمي من الشمال، عين المسجد «العين الحمراء»، وغيرها من الينابيع والعيون.
ولم تتوقف الخليل عند بلدتها القديمة وأحياءها الأقدم، بل جاءت أحياء جديدة لتنضم إلى المدينة، مثل عين سارة، وادي التفاح، الرامة، قيزون، نمرة، المسكوبية، البصة، وادي الهريا، الضحضاح، الجامعة، الشعابة، عين بني سليم، ضاحية الزيتون، ضاحية موظفي البلدية، بئر حرم الرامة، والكثير من الأحياء الأخرى التي باتت لا تعد.
فيما تتميز البلدة القديمة من الخليل بعراقتها، حيث يعود تاريخ مبانيها إلى العهد الأيوبي والمملوكي والعثماني، وتمتاز بنظامها المعماري الرائع وفيها العديد من المباني الأثرية والتاريخية والقناطر والأزقة والأسواق القديمة، أما أهم أحياءها فهي حي الشيخ علي البكاء، القزازين، السواكنة، القلعة، بني دار، العقابة، حي المحتسبيين، المدرسة، قيطون، المشارقة، الأكراد، حي المشارقة الفوقا، وحي الحوشية.
وتضم الخليل مجموعة من المعالم الدينية والتاريخية والسياحية التي تشجع السياح على زيارة المدينة، وخاصة البلدة القديمة، التي تضم مجموعة من المعالم السياحية والأبنية التاريخية المهمة، مثل المسجد الإبراهيمي، إلى جانب وجود مجموعة من المتاحف أهمها: متحف الخليل، وتوجد فيها مجموعة من المنتزهات والحدائق العامة أهمها: منتزه الكرمل.
والكنعانيون هم أول من استوطن المنطقة وأقاموا فيها الكثير من مدنهم وقراهم، وبنوا الخليل القديمة، التي بقي منها بعض الآثار التي تدل على مكانها. كما تحوي آثارا رومانية وبيزنطية وأموية وصليبية ومملوكية وعثمانية، مما يسهل دراسة الاكتشافات الأثرية في منطقة الخليل وقضائها، من حيث خصائصها ومميزاتها ومواصفاتها والمادة الخام المستخدمة وطبيعة الرسومات.
وقد تأثرت الخليل سلباً بعد احتلال إسرائيل لها في العام 1967، خاصة عندما شرع المستوطنون اليهود في الاستيطان في محيط المدينة، ثم في داخلها، ما أثر على وضع المدينة السياحي، بشكل سلبي إلى حد كبير.
المسجد الإبراهيمي
شُيد المسجد الإبراهيمي، فوق المغارة التي تحوي مدافن أبو الأنبياء، إبراهيم وزوجته سارة وأبنائهما إسحق ويعقوب عليهم السلام، والذي يبدو لناظره في قلب البلدة القديمة، شامخا متحديا لكل السنين التي عاشها، دون أن تقلل هذه السنين من صلابته وجماله، بل زادته عراقة وشموخا.
ويعتبر المسجد الإبراهيمي، من المباني التاريخية التي ترقى إلى العالمية، من حيث القدم والقدسية، فقد كانت أسواره شاهدا على أحداث هامة في تاريخ البشرية، على مدار أكثر من ألفي سنة، وكان صرحاً معمارياً يدل على أهمية هذا الموقع منذ القدم، ولعل أول ما وصلنا من مظاهر الاهتمام بالمغارة والحرص على حمايتها هو بناء السور الضخم «الحير» حولها، وقد أشارت الدراسات أن تشييده تم في عهد هيرودوس في العقد الأخير قبل الميلاد، وعلى الرغم مما عاشته المنطقة من أحداث تاريخية وتعاقب الدول والشعوب، إلا أن البناء قد حافظ على تكوينه وجمال عمارته، إلى أن جاء الأمويون في الفترة ما بين الأعوام (660 – 750) وأقاموا مسجدا داخل الحير، وكانت قبة المسجد تعلو قبر إبراهيم عليه السلام، وتعاقبت الدول الإسلامية على المدينة، محافظة على مكانته وأهميته كأحد أهم مساجد العالم الإسلامي.
لكن ومع غزوة الصليبيين للمدينة في العام 1099 للميلاد، حولوا هذا المسجد إلى كنيسة حتى جاء القائد الإسلامي صلاح الدين الأيوبي عام 1187 واسترد البلاد، وأعاده إلى حاله السابق كمسجد، ووضع فيه المنبر المشهور لأهميته ومكانته وعرف باسم المسجد الإبراهيمي الشريف.
ثم بعد ذلك، جاء العصر المملوكي، لتزداد أهمية المدينة، حيث ازدادت رحلات الحجاج إليها، وأصبحت تجذب الصوفيين من مختلف أرجاء العالم الإسلامي، وحرص المماليك على توسيع مرافق المسجد من خلال عدة أعمال معمارية وإنشائية واسعة دون المساس بملامحه القديمة الأصيلة، ليستوعب الأعداد الكبيرة من رواده وزائريه من مختلف أرجاء المعمورة، أما في العصر العثماني، فقد حرص الحكام على حماية المبنى والحفاظ على طابعه الخلاب وعمارته الساحرة، دون إضافة ملحقات جديدة كبيرة قد تغير من ملامحه.
وبعد انتهاء الانتداب البريطاني على فلسطين، انتقلت إدارة الضفة الغربية إلى المملكة الأردنية الهاشمية، التي حرصت على توسيع الفضاءات حول المسجد الإبراهيمي، لإبراز جمال عمارته وتوفير الساحات المفتوحة من حوله، وذلك في أواسط العقد السادس، إلى أن سقطت المدينة بيد الاحتلال الإسرائيلي عام 1967، وبدأت البؤر الاستيطانية في الانتشار حوله، حيث مارس المستوطنون اعتداءات شبه يومية على رواد وزائري المسجد، ووضع جيش الاحتلال العديد من القيود على وافديه في الدخول.
وارتبط اسم الحرم الإبراهيمي في عام 1994 بالمجزرة التي نفذها المتطرف اليهودي باروخ غولديشتاين بحق المصلين في الحرم، حيث قتل العشرات داخل المسجد أثناء صلاتهم، وعلى أثرها أغلق الجيش الإسرائيلي بعض قاعات وأجزاء المسجد أمام المسلمين، وتم تحويله لأماكن خاصة بالعبادة لليهود.
وعلى الرغم من اتساع المدينة وامتداد أحيائها لمساحات شاسعة خارج البلدة القديمة، إلا أن المسجد الإبراهيمي ما زال القلب الحي في المدينة، والشاهد على تاريخها منذ آلاف السنين، وله المكانة العالية في قلوب أهل المدينة وروادها.
تكية سيدنا ابراهيم
وهي جمعية خيرية، تقع بالقرب من المسجد الإبراهيمي، تقدم الطعام المجاني للفقراء والأسر المحتاجة على مدار العام، وخصوصًا في شهر رمضان، ما جعل مدينة الخليل تكتسب شهرة واسعة أنها «المدينة التي لا تعرف الجوع أبدًا». يعود عمر هذه التكية إلى العام 1279، حين أنشأها السلطان قالون الصالحي في زمن صلاح الدين الأيوبي، ويقول أهالي الخليل إن تاريخ التكية يعود إلى عهد النبي إبراهيم الذي وُصف أنه «أبو الضيفان» حيث كان لا يأكل إلا مع ضيف، كما كان يقدم الطعام لعابري السبيل من المكان ذاته الذي توزع فيه التكية الطعام هذه الأيام.
بركة السلطان
تقع بركة السلطان، وسط مدينة الخليل إلى الجنوب الغربي من المسجد الإبراهيمي، بناها السلطان سيف الدين قلاوون الألفي، الذي تولى السلطة على مصر والشام أيام المماليك، بحجارة مصقولة، وقد اتخذت شكلا مربعا بلغ طول ضلعه أربعون مترا تقريبا.
متحف الخليل
يقع في حارة الدارية قرب خان الخليل، وكان في الأصل حماما تركيا عرف باسم حمام إبراهيم الخليل، وبقرار من الرئيس ياسر عرفات حول إلى متحف البلوطة.
كنيسة المسكوبية
وتقع في حديقة الروم الأرثوذكس غربي المدينة، بنيت في مطلع القرن الماضي، من الحجر على أرض مساحتها 70 دونما، وهي الموقع الوحيد الخاص بالمسيحيين في المدينة، كما تعرف باسم الكنيسة الروسية، لأنها تخضع لإدارة الروم الأرثوذكس من الروس.
المقدسية
وهي شجرة ضخمة، تقع بالقرب من كنيسة المسكوبية، على جبل الجلدة، يرجح أن عمرها يزيد عن خمس آلاف سنة، لكن لا يسمح لأحد بالدخول إليها حفاظا عليها.
رامية الخليل
رامية الخليل، عرفت سابقاً باسم بئر حرم الخليل، وهي تقع بالقرب من مدخل مدينة الخليل الشمالي الشرقي، وعرفت المنطقة في عهد الإمبراطور الروماني هدريان، كمركز تجاري مهم. حجارة بنائه مماثلة لحجارة المسجد الإبراهيمي، لم يتبق منها سوى ثلاثة مداميك في بعض المواقع وتوجد في المنطقة الجنوبية للموقع بئر مسقوفة بنيت بالحجارة إلا أن السقف محطم من بعض جهاته، وبالقرب من البئر توجد أحواض حجرية صغيرة تستخدم لسقي الحيوانات.
فادي أبو سعدى
الخليل… اسمها الكنعاني القديم هو ( خل إيل = صديق الله )… وبالتالي فإن لقب النبي ابراهيم ( الخليل) مأخوذ من اسم المدينة الكنعاني وليس العكس.