بيروت – «القدس العربي»: اختتم مهرجان القدس للسينما العربية فعالياته عشية الأحد بإعلان نتائج لجان التحكيم، حيث فاز «بركة العروس»، الفيلم اللبناني بجائزة أفضل فيلم روائي. وقد نوه العاملون في الفيلم بهذه النتيجة واعتبروها عزيزة على قلوبهم، وأنها جائزة لكل من عمل على هذا الشريط السينمائي.
و«بركة العروس» من توقيع المخرج باسم بريش، ويقع في خانة الانتصار لقضايا النساء، وعلاجها عبر الشاشة الذهبية. بطلته الممثلة القديرة كارول عبور، التي سبق وفازت بجائزة أفضل أداء تمثيلي، عن دور سلمى. إنها المرأة التي لا تتكلّم. تعيش وحيدة وكأنها تتقصد النأي عن الآخرين. يلفّها الشرود، وتتنقّل بهدوء في مكانها الخاص، وكأنها تحسب حساباً لكل خطوة. عيناها دائمتا التحديق في المدى البعيد، دون قدرة على بث أي من ذبذبات الحالة المطمئنة المستكينة، وكأن جسدها ينوء بحمل ثقيل، وعقلها يدور في دوّامة من الذكريات المرّة. ماضي سلمى الأليم يخرج من قمقمه فجأة مع وصول ابنتها ثريا، التي أدت دورها الممثلة أمية ملاعب. عادت ثريا مُطلّقة وفي أحشائها جنين. لا حوار بين الأم والإبنة. يجمعهما الألم والشرود والحركة البطيئة.
لم يلتق جسد الابنة بجسد الأم، ولو حتى بقبلة عابرة أو بسلام اليدين. لقاء افتقد العاطفة الطبيعية بين أم وابنة، وتميز بالبرودة، لم يتخلله كلام. لكنّ التضامن والإيجابية بينهما كنساء ظهر عندما ساعدت الأم ابنتها، ممسدة على بطنها للتخلُّص من بقايا الجنين. هو التضامن أيضاً في مواجهة كافة أثقال الحياة. فاض حنان الأم، ولم تُسجل أية ملامسة، عندما غفت تحت أقدام ابنتها على السرير نفسه.
أجواء الفيلم حزينة قاتمة والنطق خلال دورانه يمكن احصاؤه. بديل النطق ظهر بقوة حضور كارول عبود، حين كانت تنفرد مع استقلالها التام، الذي بنته في قرية جبلية هادئة. هذا الاستقلال اهتزت جذوره مع وصول ثريا لتنسكب الآلام الداخلية الخاصة بكل من الأم والابنة أحدها فوق الآخر، فتتشكل «بركة العروس» وما تحمله من تقاليد وأحداث.
هذا الفيلم الساكت والأليم لبناني الهوية والتوقيع كان له الفوز بجائزة أفضل فيلم روائي في مهرجان القدس للسينما العربية في دورته الثالثة والذي حمل عنوان «هنا القدس».