الجزائر- “القدس العربي”: قال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، في اليوم الثالث من زيارته للصين، إن بلاده تخطو بثبات للارتقاء إلى مرحلة جديدة كقوة عسكرية واقتصادية ودبلوماسية في القارة الأفريقية”.
وجاء حديث تبون بمناسبة لقاء جمعه بالوزير الأول الصيني لي كيونغ، بقصر الشعب في بكين، أكد فيه أن الصين أصبحت من بين أقوى دول العالم اقتصاديا ودبلوماسيا وعسكريا”، وعبّر في نفس الوقت عن طموح الجزائر للتحول إلى قوة في القارة الإفريقية والوصول إلى نتائج إيجابية في أقرب وقت”، مؤكدا حاجة بلاده “للخبرة الصينية”.
وأكد الرئيس الجزائري “استعداد الجزائر للتعاون مع الصين في كافة الميادين كاستغلال المناجم وتطوير بناء المصانع”، مشيدا في نفس السياق بمشروع بناء مصنع لبطاريات السيارات الكهربائية في الجزائر من طرف الشريك الصيني وكذا مشاريع الصناعات الالكترونية.
من جانبه، أكد الوزير الأول الصيني أن بلاده تسعى لجعل زيارة الدولة التي يقوم بها الرئيس تبون في الصين “انطلاقة جديدة في العلاقات” بين الصين والجزائر لتحقيق طموحات الشعبين.
وفي لقاء آخر جمعه برئيس اللجنة الدائمة للمجلس الوطني الشعبي الصيني زوا ليجي، شدد تبون على أن “الجزائر تساند قرارات الصين على الصعيد العالمي”، منوها في ذات الإطار بـ”دعم الصين لقرارات الجزائر “متمنيا أن يكون هناك تنسيق محكم بين الجزائر والصين في مجلس الأمن للأمم المتحدة”. وأضاف أن “الفكر التحرري للجزائر لم يتغير وأن استقلال الجزائر تحقق بثمن غال”.
وفي بيان مشترك بين الجزائر والصين عقب المحادثات الموسعة وعلى انفراد التي جمعت الرئيسين عبد المجيد تبون، وشي جين بينغ، اتفق البلدان على مواصلة تكثيف التشاور السياسي وتوثيق التعاون الأمني مع تعميق الشراكة الاقتصادية وتعزيز التعاون العملي بين البلدين في كافة المجالات.
وفي الشق الاقتصادي، أكد الجانبان عزمهما على “تعميق الشراكة الاقتصادية وتعزيز التعاون العملي بينهما في كافة المجالات والعمل على زيادة حجم التبادل التجاري وتسهيل صادرات الجزائر غير النفطية إلى الصين وزيادة حجم الاستثمارات النوعية الصينية بين البلدين في ظل الامتيازات المتعددة التي يقدمها قانون الاستثمار الجديد في الجزائر”.
كما اتفقا في إطار “رؤية الجزائر الجديدة” ومبادرة “الحزام والطريق” على “تعميق التعاون في العديد من المجالات بما في ذلك صناعة السيارات وعلوم الفضاء والزراعة والثقافة والسياحة وبناء الموانئ والخدمات اللوجستية وتحلية المياه والبنى التحتية والصناعات التحويلية والتعدين والقطاع المالي والاقتصاد الرقمي والطاقة والمناجم والتعليم والبحث العلمي وتدريس اللغة الصينية والإعلام والإدارة الضريبية والجمارك ومكافحة الفساد”.
وبخصوص المسائل الدبلوماسية، أكد الجانب الجزائري مجددا على “الالتزام بمبدأ الصين الواحدة وعلى أن تايوان جزء لا يتجزأ من الأراضي الصينية ومعارضة (استقلال تايوان) بأي شكل من الأشكال ودعم الموقف الصيني في المسائل المتعلقة بحقوق الإنسان وشينجيانغ وهونغ كونغ والتبت وغيرها، ومعارضة محاولات تسييس قضية حقوق الإنسان أو استعمالها كوسيلة ضغط في العلاقات الدولية”. في المقابل، أعرب الجانب الصيني عن “دعمه لجهود الجزائر الرامية إلى صيانة أمنها القومي واستقرارها”، مشيدا بـ”النهج التنموي الذي تبنته لتحقيق نهضة اقتصادية شاملة”.
وأبرز البيان المشترك، أن الجانب الجزائري أبلغ مجددا الجانب الصيني بالخطوات التي قام بها لطلب انضمام الجزائر إلى مجموعة “البريكس” والدوافع التي تكمن وراء هذا المسعى، لاسيما “التحولات الجوهرية التي يعرفها الاقتصاد الجزائري وتطلعاته لمواكبة التطورات الراهنة التي يشهدها الاقتصاد العالمي”، حيث رحب الجانب الصيني بـ”رغبة الجزائر الإيجابية في الانضمام إلى هذه المجموعة ويدعم جهودها الرامية لتحقيق هذا الهدف”.
وبشأن القضية الفلسطينية، أكد الجانبان على “ضرورة إيجاد حل وفقا للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية التي تكرس حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة ذات السيادة الكاملة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية لتحقيق الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط في ظل الاحترام المتبادل والالتزام بالمبادئ القائمة على العدل والإنصاف”، مع تأكيد “دعمهما لمساعي دولة فلسطين للحصول على العضوية الكاملة في منظمة الأمم المتحدة والمنظمات ذات الصلة”.
وفي هذا الشأن، ثمن الجانب الصيني الجهود الحثيثة التي بذلها الرئيس الجزائري من أجل لم شمل الفصائل الفلسطينية وتحقيق المصالحة والوحدة الفلسطينية، والتي توجت بصدور “إعلان الجزائر”، كما ثمن الجانب الجزائري ما طرحه الرئيس شي جينبينغ لعدة مرات من المبادرات والرؤى حول حل القضية الفلسطينية.
وبخصوص قضية الصحراء الغربية، أعلن الجانبان “دعمهما للجهود الرامية للوصول إلى حل دائم وعادل في إطار الشرعية الدولية، لاسيما قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، بما يكفل لشعب الصحراء الغربية تقرير مصيره في سياق ترتيبات تتماشى مع مبادئ ميثاق الأمم المتحدة ومقاصده”، كما عبرا عن “دعمهما لجهود الأمم المتحدة في هذا الصدد”.
وفيما يتعلق بالوضع في أوكرانيا، دعت الصين والجزائر إلى “تسوية الخلافات بالوسائل السلمية عبر الحوار والتفاوض والتمسك بالقانون الدولي المعترف به وأهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة”، مع التأكيد على أنه “لا يجوز تحقيق الأمن لدولة ما على حساب الدول الأخرى”.
وتوقف الجانبان اللذان يتمتعان بعلاقات قوية مع روسيا، عند “ضرورة الاهتمام بالانشغالات الأمنية المعقولة للدول المعنية وحلها بشكل ملائم وعدم استعمال العقوبات أحادية الجانب وغيرها من الإجراءات القسرية، تفاديا لانتهاك القانون الدولي والمساس بالظروف المعيشية لشعوب الدول المعنية، وضرورة التخفيف من حدة الانعكاسات الإنسانية التي قد تنجم عنها وبذل كل الجهود لخفض التصعيد بما يسهم في إيجاد حل سلمي لهذه الأزمة”.