الرئيس الجزائري في تركيا للمرة الثانية.. لغة الاقتصاد تهيمن على علاقات البلدين

حجم الخط
0

الجزائر- “القدس العربي”:

غادر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون الصين باتجاه تركيا التي يزورها للمرة الثانية منذ توليه الحكم نهاية سنة 2019. ورغم التكتم على محتوى الزيارة، إلا أن الطابع الاقتصادي سيكون على الأرجح الغالب عليها، في ظل حزمة المشاريع التي أطلقها البلدان خلال السنوات الأخيرة.

ووفق بيان الرئاسة الجزائرية، فإن زيارة العمل إلى تركيا ستدوم يومي 21 و22 تموز/يوليو الجاري. سيلتقي الرئيس تبون خلال هذه الزيارة بنظيره التركي رجب طيب أردوغان، وهي المرة الأولى التي سيتحادث فيها الرئيسان حضوريا بعد فوز الرئيس التركي بولاية رئاسية جديدة.

وخلال الحملة الرئاسية التركية، تركت عدة إشارات الانطباع بأن تفضيل الجزائر الرسمي حتى ولو لم يكن معلنا للمقتضيات الدبلوماسية، كان يصب في اتجاه بقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لكونه يعد ضامنا لاستمرار العلاقات التي تشهد في فترته تقاربا كبيرا على الصعيد السياسي، حيث تلتقي مواقف البلدين في ليبيا والساحل، وكذلك في الشق الاقتصادي الذي بات يشكل إسمنت العلاقة في ظل تحول تركيا إلى أول مستثمر أجنبي في الجزائر.

وكان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بعد إعلان النتائج من أوائل المهنئين بفوز أردوغان، وبعبارات شديدة الإطراء خاطب فيها نظيره التركي بالقول إن “انتخابكم يعكس حقًا الالتفاف الشعبي حول سياستكم الرشيدة ودعمه المطلق لقيادتكم الحكيمة في مسار التنمية المستدامة وفي تجاوز التحديات الكبرى داخليا وجهويا ودوليا، وهو كذلك اعتراف لما قدمتموه من خدمات جليّة سامية إلى شعبكم الشقيق”.

ولم يكن ذلك غريبا، فقد كان بدوره الرئيس أردوغان أول الزائرين للجزائر عقب وصول الرئيس عبد المجيد تبون نهاية سنة 2019 للحكم وهنّأه بحرارة عكس عواصم أوروبية استقبلت الحدث ببرود. وانطلقت منذ ذلك الوقت علاقة صداقة قوية بين الرجلين، يمكن ملاحظتها في التواصل المستمر عبر المكالمات الهاتفية التي تعلن عنها رئاسة البلدين.

واستبقت الجزائر الإعلان عن فوز أردوغان بتعيين سفير جديد في تركيا، الأمين العام لوزارة الخارجية عمار بلاني الذي يعد من أبرز الدبلوماسيين وأكثرهم حضورا في الفترة الأخيرة، حتى أن البعض رشحه لتولي وزارة الخارجية عقب تنحية الوزير رمطان لعمامرة، ما يعكس وفق قراءات، أهمية تركيا في المعادلة الدبلوماسية الجزائرية.

ويبدو العكس صحيحا أيضا من الجانب التركي، فعادة ما تحظى الشخصيات المهمة بمنصب سفير في الجزائر. وما يشير إلى ذلك، أن الرئيس التركي اختار سفيرة بلاده في الجزائر ماهينور أزدمير غوكتاس لتولي حقيبة الأسرة والسياسات الاجتماعية في حكومته الجديدة. وعرفت غوكتاش المولودة سنة 1982 بشيربوك في بلجيكا، بكونها أول نائبة محجبة، تدخل برلمان بروكسل باعتبارها مواطنة بلجيكية أيضا.

وفي المجال الاقتصادي، ينتظر من الزيارة تعزيز العلاقة القوية بين البلدين، فالجزائر اليوم ثاني شريك تجاري لتركيا في إفريقيا بعد مصر وتظل الوجهة الأولى للاستثمار الأجنبي المباشر التركي في القارة بنحو 5 مليار دولار، فيما يطمح البلدان حاليا لرفع التبادل التجاري إلى 10 مليار دولار، وفق ما سبق للرئيس تبون التأكيد عليه خلال زيارته الأولى لتركيا في أيار/مايو 2022.

ومن أهم الاستثمارات التركية الحالية، مصنع شركة توسيالي للحديد والصلب صادرات بنحو 800 مليون دولار سنة 2022، وهو رقم كبير بالنظر إلى بنية الصادرات الجزائرية المعتمدة أساسا على المحروقات. ويوجد حاليا نحو 1500 مؤسسة تركية تنشط في مختلف المجالات بالجزائر، بينما تتركز الاستثمارات الكبرى في قطاعات الحديد والصلب والنسيج والكيمياء، في حين يعمل الأتراك بقوة في مجال التجارة والسياحة والمطاعم، وتشير التقديرات إلى أن 33 ألف رعية تركي يعيشون بالجزائر.

ولدى البلدين حاليا مشروع مشترك، يتمثل في مصنع لإنتاج مادة البولي بروبيلان، وهي مادة بلاستيكية تدخل في عدة صناعات منها السيارات والنسيج والصيدلة والذي سيقام بمدينة جيهان التركية، بتكلفة مالية تبلغ 1.4 مليار دولار، 66% منها لـ”رينيسانس هولدنج” التركية، و34% لـ”سوناطراك” الجزائرية. وينتظر أن يكتمل المصنع في سنة 2024. كما لتركيا استثمارات مهمة في قطاع النسيج بمنطقة غليزان غربي البلاد.

وفي المجال الدبلوماسي، يمثل الملف الليبي أبرز نقاط التوافق، حيث تشترك الجزائر وتركيا في موقف واحد بخصوص ضرورة دعم حكومة طرابلس وإنجاز انتخابات رئاسية من خلال هذه الحكومة المعترف بها دوليا. كما للبلدين نظرة متقاربة للأزمات في الساحل والمنطقة عموما، مع طموح مشترك في الوصول إلى الأسواق الإفريقية، عبر الاستثمارات المقامة في الجزائر والاستفادة من موقع البلاد في النفاذ خصوصا إلى إفريقيا الغربية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية