رئيس موساد سابق: المضي بـ”التشريع” والتهديد الإيراني لا يلتقيان

حجم الخط
0

أقيمت إسرائيل قبل 75 سنة على أساس فهم استراتيجي بأن كل يهود العالم واليهود الذين كانوا هنا في دولة إسرائيل، لا خيار أمامهم سوى إقامة دولة يهودية وديمقراطية. شهدنا في سنوات سابقة خلافات وأزمات وطنية، خارجية وداخلية، وشروخاً ومنازعات، لكننا عرفنا أن دولة إسرائيل ووجودها فوق كل خلاف، فوق كل شرخ، وعملنا جميعاً بموجب ذلك. تجادلنا في مواضيع جوهرية كانت مبدئية لنا جميعاً؛ أحياناً توصلنا إلى توافقات، أحياناً بقينا منقسمين في مواقفنا، لكن هناك أمرين لم نلمسهما وأبقيناهما خارج الخلاف والجدال: أمن دولة إسرائيل ومواطنيها، ووحدة الشعب بكل أطيافه.

حسب الفهم التاريخي لتاريخ الشعب اليهودي وتحليلي الاستراتيجي الشخصي، ولمعرفتي لكل الأجزاء التي نتشكل منها كدولة، لا يمكن لوجود دولة إسرائيل بكل أطيافها وطوائفها وأساليبها وأنواعها، أن يبقى إلا بفضل الفهم المتبادل، والأخوة والسلام بيننا نحن الإسرائيليين جميعاً.

كما هو معروف لكل مواطني إسرائيل، تشكل إيران في هذه الأيام تهديداً مركزياً على أمننا. الحرس الثوري للجمهورية الإسلامية حاضر ويعمل بشكل مكثف خارج حدودها أيضاً، في شمال الشرق الأوسط، في العراق، في سوريا ولبنان. إيران تواصل من طهران نفسها، ومن فروعها، نشاطات الإرهاب الموجهة للمس بمواطني إسرائيل وباليهود في أرجاء العالم، وتواصل ضخ سلاح متطور بكميات هائلة إلى دول العدو – وهكذا تتحدى أمننا القومي أكثر فأكثر.

في الماضي، حتى في الأيام التي كنا مختلفين فيها حول الطريقة التي علينا أن نستخدمها في الساحات المختلفة ضد إيران، سواء في الساحة الدولية أو الساحة المحلية، أو في إيران نفسها، أدرنا المداولات في داخلنا باستقامة وبصدق شديد، في ظل إعراب كل واحد في إطار مسؤوليته عن رأيه وموقفه، حتى اتخاذ قرار مشترك ومتفق عليه بيننا جميعاً. فأمن الدولة متداخل جداً في وحدتنا، كان دوماً أمام ناظرينا، نحن رؤساء الأجهزة الأمنية والقيادة السياسية.

لقد شكلت الأشهر الأخيرة، من ناحيتي، على المستوى الشخصي، تحدياً لم ألتقِ مثيلاً له طوال الـ 42 سنة انشغالي بالأمن القومي – بداية في الجيش الإسرائيلي، كمقاتل وقائد في الخدمة القتالية، ولاحقاً في الموساد وفي جملة مناصب تنفيذية حتى منصب رئيس الموساد، ولاحقاً كرئيس هيئة الأمن القومي. وعليه، فقد عملت في الفترة الأخيرة بأفضل ما أستطيع كي أربط بين الناس المختلفين، من فئات مختلفة، ذوي آراء مختلفة، بهدف مركزي واحد، وهو الوصول إلى إجراء أصح من الحوار. لأسفي، لم تنجح جهود الآخرين ولا جهودي.

في الأيام الأخيرة بدأ يتعاظم داخلي وبقوة إحساس بالمسؤولية القومية الذي ينبع من كوني ابناً لشعب إسرائيل، مواطناً في دولة إسرائيل ورجل أمن. وظفت كل أيامي وليالي وجهودي في العقود الأربعة الأخيرة لتعزيز أمن وتحصين دولة إسرائيل، هذه الكلمات التي تكتب هنا والآن تخرج من قلبي القلق والمتألم، ومن عيني اللتين تريان ما يجري في دولة إسرائيل، بيننا نحن الإسرائيليين جميعاً.

ألاحظ الآن أن الجدال والخلاف، حتى لو كانا صحيحين ومناسبين أن يكونا في مطارحنا، ينزعان عباءة الأمن بشكل يعرض حصانة دولة إسرائيل الأمنية القومية للخطر، على المدى الزمني الفوري. كقائد في جهاز الأمن طوال سنين، أدعو كل الذين يخدمون دولة إسرائيل في أجهزة الأمن كلها، في الاحتياط وفي التطوع، لإبقاء الخلاف خارج حدود الجيش وأجهزة الأمن بشكل قاطع. في هذه اللحظة التي يحوم فيها التهديد الإيراني فوق رؤوسنا في عدة جبهات، علينا أن نتأكد من أن حصانة إسرائيل الأمنية لا تتضرر لا سمح الله.

وعليه، كابن جيل تاسع في إسرائيل، أحفاد وأبناء مقاتلي التنظيمات السرية، ممن أسسوا البلاد وبنوها، وكمن استمد الإلهام من اليهودية المحبة والمعانقة، من زعماء مصممين، ليبراليين وديمقراطيين، ممن هم مثلي آمنوا بالديمقراطية وباليهودية في تداخل لا مثيل له، فإني أدعو إلى وقف إجراءات التشريع والوصول بشكل فوري وعاجل إلى حوار بين الجماعات المختلفة التي تمثل آراء مختلفة بهدف الوصول إلى ذاك الإجماع الوطني الذي كان على مدى سنوات وجود دولة إسرائيل نوراً تسير على خطاه.

يوسي كوهن

يديعوت أحرونوت 23/7/2023

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية