لندن- “القدس العربي”: قالت مجلة “بوليتكو” إن الصين أرسلت معدات عسكرية لروسيا كافية لتسليح جيش بأكمله.
وجاء في تقرير أعده كل من سارة آن أروب وسيرغي بانوف ودوغلاس بوسفين أن شركة شنغهاي أتش وين الصينية نشرت في آذار/مارس على موقعها: “هذا الربيع جاء واحد من زبائننا إلى الشركة للتأكيد على أسلوب ونوعية الستر الواقية من الرصاص، وفحص بشكل جيد كفاءة الستر”، وأكد الزبون “مباشرة كمية الستر الواقية والرغبة الفورية بالشراء”.
ولم يتم التأكد من هوية الزبون، لكنه على الأرجح روسي، وبحسب سجل الزبائن الذي حصلت عليه المجلة، فإن المشترين الروس أعلنوا عن طلبات بمئات الآلاف من الستر الواقية من الرصاص والخوذ من شركة شنغهاي أتش وين. وتكشف أدلة كهذه أن الصين، رغم دعوتها للسلام إلا أنها تقترب من الخطوط الحمر في تقديمها سلعا غير فتاكة ولكنها مفيدة للجيش لروسيا وتترك أثرها على الحرب التي بدأها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ضد أوكرانيا قبل 17 شهرا. وتضيف المجلة أن ستر الحماية والخوذ كافية لحماية معظم الجنود الذين تم حشدهم للحرب في أوكرانيا.
وهناك أيضا المسيرات التي يمكن استخدامها لتوجيه الطلقات المدفعية او إسقاط قنابل، والمعدات البصرية الحرارية من أجل استهداف العدو ليلا.
تؤشر هذه الشحنات إلى ثغرة استخدمتها الصين في العقوبات التي فرضها الغرب لشل آلة الحرب الروسية
وتؤشر الشحنات إلى ثغرة استخدمتها الصين في العقوبات التي فرضها الغرب لشل آلة الحرب الروسية. فالصفقات هي ما يطلق عليها التكنولوجيا ذات الاستخدام المزدوج العسكري والمدني وتترك مساحة لحرمان السلطات الغربية التي تحاول مواجهة القوة الاقتصادية الصينية. وأكدت بيانات الجمارك حجم الصادرات الصينية للمعدات ذات الاستخدام المزدوج.
وفي الوقت الذي تعتبر فيه أوكرانيا زبونا للصين إلا أن ورادتها من المعدات التي غطاها التقرير انخفضت بشكل كبير. فقد استوردت روسيا مسيرات من الصين بقيمة 100 مليون دولار وأكثر بثلاثين ضعفا مما استوردته أوكرانيا. وزادت صادرات الصين من السيراميك، وهو مكون في الستر الواقية بنسبة 69% بقيمة 225 مليون دولار. فيما انخفضت بنسبة 61% بالنسبة لأوكرانيا بقيمة 5 ملايين دولار.
وتقول هيلينا ليغاردا، المحللة المختصة بالسياسة الدفاعية والخارجية الصينية في معهد ميركاتور للدراسات الصينية في برلين: “ما هو واضح أن الصين ورغم كونها لاعبا محايدا، تقوم في الحقيقة بدعم مواقف روسيا في الحرب”. وأضافت، أن الستر الواقية، والتصوير الحراري وحتى المسيرات التجارية التي يمكن أن تستخدم في العمليات الهجومية و”هناك هذا الوضع حول كيفية التعامل مع هذه المكونات والمعدات” و”لا أتوقع أن يكون الاتحاد الأوروبي قادرا على فرض عقوبات على ذلك”.
وشهدت شركة شنغهاي أتش وين مثل غيرها من الشركات، التي تنتج معدات ذات استخدام مزدوج، زيادة في التجارة مع روسيا منذ بداية الغزو الشامل لأوكرانيا. وقال ممثل مبيعات في الشركة “بسبب الحرب، فإن الكثير من الشركات التجارية بحثت عنا وسألتنا؟ هل تصنعون هذا النوع من الستر؟ وجاءتنا الكثير من الاستعلامات”. وقال الممثل إن الشركة لم يسمح لها بالتصدير المباشر إلى روسيا وبدون موافقة من الجيش وحصولها على وثيقة تظهر الجهة التي ستنتهي إليها السلع.
وتشير السجلات التي توثق إعلانات المطابقة ومن أي شخص له قدرة على الوصول إلى الإنترنت الروسي ومطلع على تصنيفات الجمارك الدولية إلى هذا الواقع.
وكشفت المجلة في تقرير سابق عن توفر رصاص القناصة الأمريكي لدى الجيش الروسي، إذ تم الحصول عليه من السوق السوداء.
ولكن البيانات تعطي المشتري فرصة للتأكد من أن المنتج أصلي، ويمكن بالتالي استيراد السلع بدون موافقة الصانع. ولو تم التبادل عبر وسطاء، فالجهة المنتجة قد لا تكون على علم بأن بضائعها تصل إلى روسيا. لكن السجل، يمكن البحث فيه ويمكن العثور على المشتري الحقيقي للمنتجات الصينية.
واحدة منها هي شركة سيلفا التي تتخذ من شرق سيبيريا مقرا لها. وقدمت بيانات في كانون الثاني/يناير من هذا العام تقدم تفاصيل حول طلب من 100 ألف سترة واقية و100 ألف خوذة، والجهة المصنعة؟ هي شنغهاي أتش وين. وتظهر البيانات أن عمليات الاستيراد ربما تمت عبر شركة وهمية ومبيعات “ليوم واحد” المعروفة في روسيا والتي يقوم بإنشائها لاعبون يريدون التستر على التعاملات المالية. وعادة ما تكون جديدة ومسجلة في مكان سكني غامض ولديها طاقم عمل صغير وأرصدة قليلة. وعادة ما لا تحمل البيانات المالية أي معلومات عن الأرباح. وبحسب السجلات العامة، سجلت سيلفا في نهاية أيلول/سبتمر ولم تعلن عن أي موارد لعام 2022. وحاولت المجلة الاتصال هاتفيا مع الشركة باستخدام الرقم المذكور في بيانات التسجيل لكنه حولها إلى بريدها الإلكتروني.
وهناك شركة أخرى روسية اسمها ريكا والتي أعلنت عن شراء كمية قليلة من الستر الواقية من شركة شنغهاي أتش وين. وقبل كانون الثاني/يناير، أعلنت ريكا عن شحنة من الخوذ من شركة اسمها ديكون شنغهاي والتي اشتركت بنفس العنوان مع شنغهاي أتش وين. وقال ممثل للشركة إن الشركتين هما تابعتان لبعضهما البعض. وقال امرأة من ريكا “نحن نشتري داخل روسيا وليس الصين. ولكن الإنكار لم يكن ممكنا لأن ريكا اشترت إلى جانب سترا واقية، معدات حرارية بصرية من الصين.
وتم التأكد من ذلك من خلال بيانات الجمارك التي حصلت عليها المجلة والتي كشفت أكثر من 220 شحنة بقيمة 11 مليون دولار للمعدات الحرارية البصرية والستر الواقية. وهناك شركة روسية ثالثة وهي ليغيتيلكوم والذي يظهر موقعها على الإنترنت أنها شركة شحن في موسكو ويبدو أنها اشترت 100 ألف خوذة و100 ألف قطعة من الملابس الخارجية وأنتجتها ديكون شنغهاي.
ولم يقل رجل اتصلت المجلة به إن كانت شركة ليغيتيلكوم قد زودت الجيش الروسي: “هذا نشاط تجاري ولا نكشف عن نشاطاتنا التجارية”. وهناك شركة بوزيترون ومقرها في روستون اون دون، في جنوب روسيا، واستوردت خوذ لينة بقيمة 60 مليون دولار من شركة بيجين كي أر ناتشرال في الفترة ما بين تشرين الثاني/نوفمبر وكانون الأول/ديسمبر 2022.
تكشف التكنولوجيا المزدوجة ذات المصدر الصيني مكامن الضعف في نظام العقوبات الغربي ضد روسيا، وعدم قدرته على اتخاذ إجراءات ذات معنى
وإلى جانب الستر الواقية التي تكفي لإمداد جيش بأكمله، بدا استيراد المسيرات موزعا على عدة شركات وأفراد، فإلى جانب بوزيترون، اشترت دي جي أي وتوابعها مثل غيغانتشينا وفوجوك مسيرات تجارية. وتكشف التكنولوجيا المزدوجة ذات المصدر الصيني مكامن الضعف في نظام العقوبات الغربي ضد روسيا، وعدم قدرته على اتخاذ إجراءات ذات معنى. وهناك التكنولوجيا الغربية التي تصل إلى روسيا عبر الصين. وتعرف روسيا الثغرات الصينية وتقوم باستخدامها من أجل مواصلة حربها في أوكرانيا. وهذا موضوع كان محل اهتمام وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن الذي أكد أن بيجين تعهدت بعدم تزويد روسيا بأسلحة فتاكة لاستخدامها في أوكرانيا، لكنه لم يخف قلقه من هذا الوضع. وعبرت فرنسا عن قلقها من تزويد الصين تكنولوجيا ذات الاستخدام المزدوج لروسيا.
وقال إيمانويل بون، المستشار البارز للرئيس إيمانويل ماكرون في مؤتمر أسبن الأمني: “هناك إشارات على أنهم يقومون بأشياء لا نريدهم القيام بها”، مضيفا “حسنا، هناك معدات عسكرية، وحسب علمنا لا يشحنون قدرات عسكرية هائلة إلى روسيا ولكننا لا نريد ذلك”. وفي النهاية، فلا يمكن للغرب فعل الكثير إزاء التكنولوجيا المزدوجة، فقط الولايات المتحدة تستطيع وهو ما فعلته مع إيران لوقف نشاطها النووي. والاتحاد الأوروبي ليست لديه القوة لفعل ذلك، لأن اليورو ليس شائعا في الأسواق العالمية مثل الدولار.