الرباط- “القدس العربي”:
يرى مراقبون مغاربة، أن المغرب والعلاقات معه تحتل أحد موضوعات الصدارة في التنافس السياسي الجاري حاليا في إسبانيا، بين اليمينيين والاشتراكيين ومن يدور في فلكهما. ذلك أن العلاقات بين مدريد والرباط حاضرة بقوة، لا سيما في ما يتعلق بقضايا الأمن والهجرة السرية، ومقترح الحكم الذاتي، ومدينتي سبتة ومليلية، واتفاقية الصيد البحري ورسم الحدود البحرية وغيرها.
المحلل السياسي المغربي محمد بودن، رئيس “مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتي”، أوضح أن الانتخابات العامة الإسبانية أفرزت توازنا رفيعا في القوة رغم تقدم “الحزب الشعبي” بـ136 مقعدا على “الحزب الاشتراكي” بـ122 مقعدا، وحزب “فوكس” اليميني بـ33 مقعدا، على حزب سومار الذي حصل على 31 مقعدا.
وبالرغم من النتائج غير الكافية لـ”الحزب الشعبي” فله الحق في المحاولة والدفاع عن طموحه في تشكيل الحكومة، وقد يفشل في الحصول على الحد الأدنى للأغلبية 176 مقعدا، إذا لم يتمكن من إقناع الأحزاب الصغيرة، وقد تتهيأ الفرصة أمام تحالف اليسار بقيادة “الحزب الاشتراكي”، وبالتالي فالأحزاب الصغيرة “خونتس” و”اسكويرا” و”بيلدو” هي من ستُقرر في السيناريوهات الممكنة بما فيها سيناريو العودة للصناديق مجددا.
من جانبه، يرى عبد العالي الباروكي، الأستاذ الباحث في العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس، في تصريح لـ”القدس العربي”، أن النتائج جاءت تقريبا كما كان متوقعا علاقةً بالترتيب، وإن كان عدد المقاعد التي حصل عليها الحزب الشعبي ليس بالقدر الذي سيسمح له بتشكيل حكومة ذات أغلبية مريحة أو نسبية على الأقل.
واعتبر المحلل السياسي المغربي أن الوقت لا زال مبكرا للحديث عن الحزب الذي سيرأس الحكومة المقبلة في إسبانيا، على اعتبار أن الحزب الشعبي ستكون لديه صعوبة كبيرة في تشكيل الحكومة الجديدة، وإن لم يكن هناك تسهيل من طرف الحزب الاشتراكي لتشكيلها، فلن يتمكن من ذلك، لأن الحزب الاشتراكي إلى جانب مجموعة من الأحزاب الصغيرة يمكنه تشكيل الحكومة، لأن مقاعده ستفوق مقاعد الحزب الشعبي في حال تحالفه مع اليمين المتطرف، وهو ما يحاول أن يتفاداه.
“في جميع الأحوال، مهما كانت التحالفات، فلن يتغير شيء في مواقف الحكومة الجديدة في علاقتها مع المغرب ومصالحه، على اعتبار الالتزام الحاصل بين الدولتين، والشراكة الاستراتيجية التي يحاول المغرب بناءها مع إسبانيا انطلاقا من الإعلان المشترك في الرباط الموقّع في شباط/ فبراير المنصرم، ذلك أن مجموعة من الملفات والاتفاقيات على الطاولة والمواضيع التي تدخل في إطار الشراكات الاستراتيجية في مجالات متعددة وبالتالي من الصعب أن يكون هناك تغيير في جودة هذه العلاقات وكذا من الموقف الإسباني من مقترح الحكم الذاتي” يقول المتحدث.
وفاز حزب الشعب اليميني المحافظ بزعامة ألبرتو نونييس فيخو بـ136 مقعدا خلال الانتخابات النيابية المبكرة التي شهدتها إسبانيا يوم الأحد، متقدما على حزب رئيس الوزراء بيدرو سانشيز حيث حصد الاشتراكيون 122 مقعدا.
وقال فيخو أمام مقر حزبه في مدريد: “بصفتي مرشح الحزب الذي حصل على أكبر عدد من الأصوات، أعتقد أن من واجبي محاولة تشكيل حكومة”، وذلك رغم عدم حصوله مع حليفه المحتمل الوحيد حزب “فوكس” اليميني المتطرف على الغالبية المطلقة من مقاعد البرلمان.
بدوره، سارع سانشيز للتأكيد على أنه تمكن من الحد من مكاسب المعارضة اليمينية، مشددا على أن اليمين واليمين المتطرف “هُزِما” بالانتخابات التشريعية. وقال أمام ناشطين اشتراكيين مُتحمِّسين تجمعوا خارج مقر الحزب الاشتراكي وسط مدريد: “الكتلة الرجعية للحزب الشعبي ولحزب فوكس هُزمت”، وأضاف: “نحن الذين نريد أن تُواصل إسبانيا التقدم، عددنا أكبر بكثير” وفق تعبيره.