الجماهير ملت الوعود… واشتاقت للإنجازات… والزنازين يجب أن يهجرها أهلها إلى غير رجعة

حسام عبد البصير
حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي» : وكأنها تبث للجماهير المكتوية بنار الغلاء والقهر إنجازا تاريخيا حددت الحكومة اليوم الثلاثاء 1 أغسطس/آب، موعدا للكشف عن خريطة قطع التيار الكهربائي خلال المرحلة المقبلة، وأشار مجلس الوزراء، عن خطة تخفيف أحمال الكهرباء، التي سيتم تنفيذها بدءا من الساعة الثانية عشرة ظهرا، في المحافظات المختلفة، بعد التنسيق بين وزارتي الكهرباء والبترول. وسيتم نشر خطة تخفيف الأحمال في كل محافظة تباعا، وفقا لجداول تتضمن المدن والأحياء المختلفة، والتوقيتات الزمنية.. وأسفرت خطة تخفيف الأحمال عن حرج بالغ منيت به السلطة الحاكمة، التي ظلت تروج طيلة السنوات الماضية لمشاريع عملاقة في مجال الكهرباء، حيث دشنت العديد من المحطات العملاقة، غير أن الحكومة انتهى بها الأمر لأن تتعرض لانتقاد واسع، بعد أن عادت ظاهرة انقطاع التيار الكهربائي في عموم مدن وقرى مصر.
ومن أخبار البرلمان: تقدم النائب فريدي البياضي عضو مجلس النواب عن الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، بسؤال لرئيس مجلس الوزراء، ووزيرة الثقافة بشأن قرار إزالة درب 17/18 للفنون. وأوضح البياضي، “هذه المؤسسة التي صدر للأرض المقامة عليها في قرية الفسطاط للفنون والفخار في مصر القديمة، قرار تخصيص من محافظة القاهرة منذ 23 عاما وباشرت درب 17/18 نشاطها منذ ما يقارب 20 عاما مزارا عالميا، وشعاع نور من الفن، ونقطة جذب للسياحة الفنية العالمية”. وتساءل النائب: “هل أصبح بناء الطرق والأحجار أهم من تشجيع الفنون والأفكار؟ هل المنفعة التي ستعود علينا من توسيع طريق، أكبر من الضرر الذي سيقع علينا من غلق المجال أمام الفنانين، ووأد أفكار المبدعين، وتشويه سمعة مصر أمام رواد هذا المركز من فنانين عالميين وأمام سائحين مهتمين بمجالات الفن والإبداع؟”. وأضاف، “الفنان الذي يمتلكه ويديره، فنان معروف دوليا في مجال الفنون الخزفية والتشكيلية، شارك في العديد من المعارض المحلية والدولية، سواء بمفرده أو بالاشتراك مع فنانين مصريين وعالميين مختلفين، وتم إدراجه في عدد من الموسوعات الفنية المحلية والعالمية، وحصل على العديد من الجوائز الدولية تقديرا لإبداعه ودوره الفني”. وأشار البياضي، إلى نجاح المؤسسة خلال السنوات القليلة الماضية في تنظيم أكثر من 40 معرضا، منها معارض حازت تقديرا واسعا محليا وعالميا، مثل معرض كارد بلانش ك – كايروغرافي للتصوير، ومعرض الحرية والسلام، بالتزامن مع يوم السلام العالمي، وهو جزء من الاحتفال العالمي بالسلام، ومعرض خضرا، ومعرض ضد التحرش. وأوضح أن محافظة القاهرة بدأت بالفعل في نزع ملكية بعض العقارات والأراضي المجاورة لمشروعه للمنفعة العامة لتوسيع طريق، وعلم صاحب المشروع (شفاهية) من رئيس الحي أن قطعة الأرض المخصصة لانتفاع الطالب، والمبنى المقام عليها المملوك له ضمن خطة نزع الملكية.
ومن أخبار الأمن العام: تمكنت الأجهزة الأمنية في مختلف مديريات الأمن على مستوى الجمهورية، من تنفيذ 1445 حكم جناية، على مدار أسبوع. يأتي ذلك في إطار مواصلة الحملات الأمنية المكثفة لمواجهة أعمال البلطجة وضبط الخارجين على القانون وحائزي الأسلحة النارية والبيضاء وإحكام السيطرة الأمنية..
أقرب للوهم

سيل من الدعايات ينهال على رؤوس المصريين حول بناء الجمهورية الجديدة، هذا السيل من وجهة نظر عمر عسر في “درب” لا يكشف تفاصيل هذه الجمهورية، أو الفروق التي تميزها عن سابقاتها، كما أن من يحركونه لا يعبؤون بتوضيح فكرة الجمهورية ذاتها، سواء أكانت جديدة أو قديمة. كل المطلوب من المواطنين هو الابتهاج بالوعد وانتظار تحققه والصبر على التضحيات المطلوبة للانطلاق نحو الجمهورية الموعودة. مظاهر الجمهورية الجديدة تتلخص في عاصمة إدارية كثرت الانتقادات الموجهة إلى حجم استثمارتها من المتخصصين والمتابعين، وكان رد رأس السلطة أن هذه الاستثمارات لم تمس الميزانية العامة للدولة، وأن فلسفة المشروع تتلخص في أن مصر حولت “التراب إلى ذهب” بأن باعت أرضا خالية بمئات الملايين، هذا الرد يأخذك من السياسة إلى علوم الخيمياء المندثرة، وتعاويذ تحويل الرصاص أو (التراب في حالتنا) إلى ذهب. ومن مظاهر الجمهورية الموعودة، حديث متصل عن الرقمنة ورفع كفاءة الأداء الحكومي واستيراد أحدث آليات وبرامج الإدارة من الدول التي سبقتنا (وما أكثرها)، وبالطبع لا يخفى على من يتعاملون مع الجهات الحكومية أن هذه الأقاويل مجرد “كلام للاستهلاك اللحظي” لا يسنده واقع ولا يدعمه دليل، وشاركت الملكة البطلمية كليوباترا في إثبات زيف هذه الدعايات. كليوباترا هو الاسم التجاري لأشهر سيجارة شعبية مصرية. صار العثور عليها وشراؤها حدثا يستحق التعب. السعر الرسمي المسجل على علبة “كليوباترا” 22 جنيها والسعر الذي فرضه التجار هو 45 جنيها بزيادة تقارب 105% من السعر الرسمي، ولم يقتصر ارتفاع الأسعار على “كليوباترا” وحدها فبقية الأصناف تبعتها في الزيادة.

الأدلة صارخة

لم يخجل مرددو دعايات الجمهورية الجديدة من هذا الانفلات في السوق وما تزال “حواراتهم” وفق ما قاله عمر عسر، تملأ هواء الفضائيات، ومقالاتهم (التي لا يقرأها أحد) تغرق الفضاء الإلكتروني، رغم أن المدخنين منهم يشترون السجائر بأسعار خارج رقابة السلطة التي يزعمون أنها تبني جمهورية جديدة. وبعيدا عن التدخل في مشاعرهم الداخلية، والسؤال عن حمرة الخجل يحق لنا أن نسألهم عن توقعاتهم بشأن تصديق الناس لهم. اشتكى رأس السلطة في أحد لقاءاته من عدم تصديق الناس لما “يتحقق من إنجازات” وتكذيبهم للتصريحات الحكومية، ولعل انفلات أسعار السجائر وتقاعس السلطات عن دورها الرقابي يحمل إجابة للأسئلة من هذا النوع. المواطن الذي يطارده الغلاء في يقظته وكوابيسه (الأحلام كما يقول علم النفس انعكاس أو استعادة للواقع) قد يقتنع بأن الظروف الدولية أثرت في الأسعار في مصر تحديدا بأكثر مما أثرت في بقية دول العالم، لكن ما مبرر صمت السلطات عن رفع جنوني لأسعار سلعة هي التي حددتها، كيف يمكنه تبرير هذا؟ نعتز جدا (على مستوى الهتاف والتفاخر الفارغ) بتاريخنا وها هي الملكة كليوباترا تفضح عجزنا عن ضبط حاضرنا وتكشف أننا لسنا على قدر مسؤولية تشكيل مستقبلنا، وأكثر ما أخشاه أن يوجه الاتهام للملكة الراحلة (توفيت قبل 2053 عاما) بإشاعة الإحباط أو بث شائعات كاذبة.

حكومة المصائب

من أبرز المعارك التي تعرضت لها الحكومة وعدد من الوزراء تلك التي قادها صبري الديب في “المشهد”: لا اعتقد أن هناك دولة سوية في العالم من الممكن أن تقبل بذلك العبث والارتفاع المتوالي وغير الطبيعي لأسعار كل السلع في الأسواق المصرية، الذي وصل إلى حد أن التجار باتوا يحققون من تجارة السجائر فقط مكاسب تزيد عشرات المرات عمّا تحققه الشركات المنتجة، لدرجة أن تجارتها في مصر باتت تحقق أرباحا تزيد عن تجارة المخدرات. معالي رئيس الوزراء.. السجائر مجرد نموذج مصغر لحالة الكوميديا السوداء التي تعيشها مصر، ورغم أن كامل مجلس الوزراء يعلم أن الأزمة مفتعلة، إلا أنها تطرح عشرات الأسئلة، التي باتت في حاجة إلى إجابة، في مقدمتها من يحمي كبار التجار، وهل وصلت بهم الجرأة إلى حد تخزين سلع من تلقاء أنفسهم، لدرجة تصل إلى حد الأزمة، وعرضها بضعف الثمن المعلن، ولماذا لا تتحرك الحكومة، وماذا يمنعها؟ واضح أن الشعب هو إللي مابيعرفش يشتري. يقول محافظ البنك المركزي: على الرغم من توقع البنك الدولي ارتفاع حجم تحويلات المصريين العاملين في الخارج إلى نحو 32.3 مليار دولار هذا العام، إلا أن البيانات المعلنة أكدت تراجع تلك التحويلات خلال النصف الأول من العام الحالي بنسبة 23% بإجمالي بلغ نحو 12 مليار دولار فقط، في مقابل 15.6 مليار دولار خلال الفترة نفسها من العام المالي الماضي. معالى المحافظ، توقعوا مزيدا من التراجع طالما استمر غض الطرف عن المافيا التي تشكلت في كل دول الخليج منذ عام 2013 لجمع تحويلات المصريين، ولاسيما أنها تعمل وفق استراتيجية نجحت وستنجح في حرمان مصر من تحويلات تزيد 10 أضعاف عمّا يتم تحويله بالطرق الشرعية، من خلال أسعار تزيد عن السوق السوداء، وسرعة في إيصال مقابل العملات بالجنيه المصري خلال دقائق عن طريق النصف الثاني من أفراد المافيا الذين باتوا ينتشرون في القرى والمدن المصرية كافة، ويعملون في العلن وبمنتهى الأريحية.. وغلاوة النبي تتحركوا..

«خلي الشعب يلبس»

واصل صبري الديب هجومه على من اعتبرهم أضلعا رئيسية في الغلاء: الرئيس التنفيذي للشرقية للدخان نفى مسؤولية الشركة عن الارتفاع غير المسبوق، أو المبرر لأسعار السجائر في الأسواق المصرية، وأكد أن سعر العلبة التي تطرحها الشركة بـ24 جنيها تباع الآن بسعر يزيد على الـ50 جنيها، والأخطر ما كشف عنه رئيس شعبة السجائر والدخان في اتحاد الصناعات، من أن التجار حققوا أرباحا تزيد على الـ100 مليار جنيه؛ نتيجة لتخزين وبيع السجائر بأسعار مضاعفة.. معالي الوزير، لن أسألك عن دور أجهزة الوزارة في ضبط الأسعار؛ لأني تعبت زي كل المصريين، لكن وغلاوة الدكتور مصطفى مدبولي، بطلت تشرب سوبر ولا بتشتريها زي الشعب بـ50 جنيها. أما وزير التعليم فقد صب الكاتب عليه غضبه للأسباب التالية: السمنة ليست سبة أو عارا، واستبعادك عددا من المتقدمين لمسابقة الـ30 ألف معلم بسبب الوزن الزائد لا يستند لقانون أو دستور، ولا يتماشى مع أقل مبادئ الإنسانية، ولو أردنا تطبيق ذات المعيار على الجميع، لكان أغلب قيادات الدولة هم أول الضحايا. معالي الوزير الـ240 ألف شاب الذين تقدموا للمسابقة جميعهم من الفقراء، الذين لا وساطة لهم إلا الله، وأقصى طموح أي منهم الحصول على وظيفة، يعلم يقينا أنها لن تدر عليه سوى الحد الأدنى للأجور الذي يقل عن الـ100 دولار شهريا، أي أنه سيعيش منها تحت مستوى خط الفقر المقرر عالميا.. واضح أن الناس فهمت غلط، وحضرتك محتاج “مودلز” مش معلمين. اما آخر من هاجمهم الكاتب فكان محافظ القاهرة: كتبت في مقال سابق محذرا من خطورة احتلال باعة وكالة البلح لميدان الإسعاف أسفل كوبري أكتوبر في شارع الجلاء، وإن تركهم على تلك الصورة الهمجية لا يعنى سوى أنهم باتوا يمتلكون هيبة تفوق هيبة الدولة، وتوقعت أن يكون هناك تحرك لوقف التعدى على واحد من أكبر ميادين القاهرة. غير أن الكارثة أنكم تجاهلتم الأمر وكأنه لا يعنيكم، وتركتم الباعة يواصلون الزحف مدججين بمئات “الاستاندات” المحملة بالآلاف من قطع الملابس، حتى وصلوا إلى شارع رمسيس، وحولوا الرصيف المقابل لنقابة المحامين ودار القضاء العالي إلى سوق مفتوح للملابس الكانتو.. يلا خلي الشعب يلبس.

النصر قاب قوسين

دفع الشعب الفلسطيني أفدح الأثمان للانقسام في الصف الوطني والصراعات بين بعض الفصائل، ووقوع غزة تحت سلطة «حماس» بينما بقيت حكومة رام الله تحكم ما تبقى من الضفة الغربية، وانتهزت إسرائيل هذه الفرصة، كما أوضح جلال عارف في “الأخبار”، لتستكمل حصار غزة، وتمضي في الاستيطان اليهودي في القدس والضفة، ولتغتال اتفاقيات أوسلو ثم تمضي لاغتيال حل الدولتين وسط صمت دولي على جرائمها التي لا تتوقف ضد شعب فلسطين وضد الإنسانية، ومع جهود متواصلة لفرض التطبيع المجاني مع الدول العربية على حساب قضية فلسطين وأمن الأمة العربية كلها، ورغم ذلك كله، فإن شعب فلسطين المناضل لم يستسلم، والدم الفلسطيني أبقى القضية المقدسة حية، رغم بشاعة الاحتلال وحماقة الانقسام. تجاوز الشعب الفلسطيني صراعات الفصائل وفرض الوحدة في التصدي للعدو، وخرجت أجيال جديدة من الشباب ترفع راية النضال الموحد، وتسبق في حركتها مواقف كل من يضع مصلحة فصيل أو جماعة فوق المصلحة الوطنية. الآن.. ومع أخطر الهجمات الصهيونية مع حكومة فاشية تريد حسم المعركة مع الفلسطينيين باستباحة الأرض ومضاعفة الاستيطان ووضع الفلسطينيين أمام خيار الرضوخ أو القتل أو التهجير.. هل سنرى جديدا في اجتماع الفصائل الفلسطينية في القاهرة، يعيد الأمل في استعادة الوحدة الوطنية في مواجهة الخطر الصهيوني المتعاظم؟ هذا هو السؤال الذي يطرح نفسه على القيادات الفلسطينية، والذي ينتظر إجابة شعب فلسطين ومعه كل الشعوب العربية. إن ما رأيناه في معارك «جنين» و «نابلس» مؤخرا لم يكن درسا للصهاينة فقط، ولكنه كان درسا للجميع بأن الدم الفلسطيني يعرف كيف يتوحد في مواجهة العدو، وأن الشباب الفلسطيني لن يقبل انقساما يبدد الجهد الذي ينبغي أن لا يشغله شيء عن معركة المصير الفلسطيني الواحد، وأن باب المقاومة مفتوح أمام الجميع ليقاتلوا بالرصاص وبالسياسة وبكل أدوات النضال الوطني. فلنأمل خيرا هذه المرة، أو فلتتحمل الفصائل إصرارها على استمرار أوضاع لم يعد في إمكان الشعب الفلسطيني أن يصبر عليها، وهو يرى أغلى التضحيات التي يقدمها في معركة المصير تقابلها الفصائل باستمرار الصراعات.. فلنأمل خيرا هذه المرة.

لذا لسنا أحرارا

كان الحكماء من أجدادنا على حد رأي فاروق جويدة في “الأهرام” يقولون من يملك طعامه يملك قراره، وكانت شعوب العالم تحارب لكي توفر غذاءها.. وقد احتلت أوروبا نصف الكرة الأرضية لكي تبني أوطانها، احتلت إنكلترا الهند ومعظم الدول العربية لكي تقيم الصناعة وتوفر الغذاء، واحتلت مصر من أجل زراعة القطن.. واحتلت فرنسا غرب افريقيا واستولت على موارد وثروات الشعب الجزائري مئة عام.. وكان توفير الطعام هدف أوروبا من أجل إطعام شعوبها، وكان التحدي الأكبر أن تنتج ما يكفيها.. أمام مليارات البشر في الصين والهند كان توفير الطعام هو الهدف أمام دول مثل إندونيسيا وباكستان وإيران وروسيا.. وعندما حلت على دول العالم أزمة الغذاء، بدأت سياسات المنع فكانت أزمة القمح بسبب حرب روسيا وأوكرانيا وارتفعت أسعار القمح وأصبح سلعة تتحكم في الأسواق، وتوقفت الهند عن تصدير الأرز ثم سارت خلفها روسيا.. ولم يكن غريبا أن تتحكم دولتان في أسواق الغذاء في العالم.. وهناك دول تعيش على الأرز والقمح.. من هنا نعود إلى جوهر القضية وهو الاكتفاء، بحيث تنتج كل دولة ما يكفيها من الغذاء ويصبح قرارها في يدها ولا تخضع أمام حسابات دولية تتحكم في الأسعار والسلع، وتفرض قرارها على الجميع.. من كان يصدق أن يحكم القمح والأرز القرار السياسي في العالم ويصبح قوة تتجاوز القدرات العسكرية.. كان قرارا حكيما أن تتوسع مصر في زراعة محصول القمح وأن ترفع أسعار توريده من الفلاح وربما جاء يوم نوفر فيه ما يكفينا من الغذاء، دون أن نستعين بموارد الآخرين وحتى لا يصبح الغذاء وسيلة ضغط أو ابتزاز.. لقد وضعت الهند العالم أمام موقف صعب حين قررت وقف تصدير الأرز، كما اتخذت روسيا القرار نفسه، ويجد العالم نفسه أمام أزمة خطيرة تهدد ملايين البشر.

هيستريا الكباري

ترى سوزان حرفي في “المشهد”، أن الوقت حان لرحيل حكومة الدكتور مصطفى مدبولي؛ معددة أسباب رحيلها: إدارة أزمة الكهرباء نموذج دال على انتهاء صلاحية هذه الحكومة وفشلها؛ نعم فشل عبّر عنه ما سمّاه رئيس الحكومة (أزمة)؛ لكنه لم يتعامل معها بما تستدعيه الأزمة من سرعة ومرونة وتخطيط؛ وضاعف الخطأ تراجع المواطن على أجندة حكومة؛ مفترض أنها تعمل لدى الشعب وليس العكس. ففي ظل درجات حرارة هي الأعلى على مدار التاريخ؛ اختارت الحكومة الاستمرار في ضخ الغاز للخارج بالنسب السابقة نفسها؛ على الرغم من تراجع الإنتاج المحلي بنسبة تقترب من 20%؛ ليكون انقطاع الكهرباء؛ أو (تخيف الأحمال) هو الحل الذي ارتأته الحكومة المنعزلة عن الشارع سياسيا وشعوريا. أزمة الكهرباء ليست الأولى، فقد سبقتها أزمة ديون؛ وأزمة عملة صعبة؛ ومشروعات لم تراع أوليات المواطن ولا احتياجاته الأساسية؛ وغلاء بثلاثة وأربعة وستة أضعاف عن السعر، قبل قرار تحرير الصرف في 2016.. لم يقابله إنتاج ولا زيادة مدخلات إلا بزيادة الضرائب، في وقت يتطلب التدخل لتخفيف العبء. أزمة تتلو أخرى؛ دون حلول؛ ولن أخوض في جدوى الطرق والكباري والتوسع فيها بهذه الهيستريا؛ ولا مشاريع البنية التحتية التي قد تفيد مستقبلا؛ وبإقرار أن ذلك تحقق فعلا؛ وأن حكومة الدكتور مصطفى مدبولي أنجزته؛ فقد صار لزاما النظر للتداعيات؛ وما خلفته من أزمة اقتصادية خانقة وغضب شعبي وصل منتهاه، فتكون قرارات الحكومة من عينة قطع الكهرباء؛ ورفع الفائدة بنسب مقلقة؛ واللهث وراء الدولار دون السؤال عن مصدره ما يحولها من ممثل لدولة عريقة إلى متعهد غسيل أموال؛ كحال بلاد قدمت الخبز على القيمة.. أخطأت الحكومة في الإدارة أولا؛ وها هي تذنب في التعامل مع التبعات؛ ولو كنت مكان رئيسها لتقدمت بالاستقالة؛ وبما أنه لم يحدث فإن السؤال إن لم يكن الآن فمتى يتخذ قرار الإقالة؟ فمصر مقبلة على استحقاقات انتخابية؛ تستدعي تشكيل حكومة جديدة تشعر بالشعب وتقدم أولوياته وتتميز بالحس والأفق السياسي؛ وتعيد بناء جسور الثقة بينها وبين الشارع وتتخذ منه ظهيرا وشريكا؛ أم أن الانتخابات ستتم بمعزل عن الرأي العام الغاضب الناقم..

منسي في زنزانته

وحده تذكر يحيى حسين عبد الهادي في موقع “ذات مصر” عصام سلطان: كان ذلك في سنة 2010 بعد عودة الدكتور محمد البرادعي إلى مصر.. كُنتُ والصديقان عصام سلطان وَعَبد الرحمن يوسف في سيارة عصام مُتَّجِهين إلى مدينة المنصورة ضمن رَكْبِ الجمعية الوطنية للتغيير، بدعوةٍ من الدكتور محمد غنيم. كانت سحابة الأمل تُظللنا جميعا في هذه الأيام.. قُلْتُ لهما إنني أتمنى زوال الغُمَّةِ سريعا.. ليس فقط لتعودَ مصرُ إلى شعبها.. ولكن أيضا ليتفرغ كُلٌّ مِنَّا لِعمَلِه الذي يُحِّبُه.. فأعود إلى الإدارة، مِهنتي وهوايتي التي حُرِمْتُ من ممارستها وتدريسها بعد معركة عمر أفندي.. وينطلق عبد الرحمن يوسف بإبداعه إلى آفاق الشعر الرحبة بدلا من التمترس حول هجائيات نظام مبارك.. فقاطعني عصام سلطان بضحكته المميزة: (أمَّا أنا فسأظل كما أنا.. مُحامٍ أسعى لِرَدِّ الحقوق لأصحابها.. كُلُّ ما سيستجد هو أن قضايا السياسيين ستنتهي بانتهاء السلطة المستبدة). زالَ حُكمُ مبارك فعلا، كما تمنينا، لكن عصاما لم يستمر كما كان وكما تَمَنَّى.. ولَم تنتهِ القضايا السياسية من مكتبه، وإنما صار هو نفسه قضية سياسية حزينة كاشفة.. وأُغلِقَ مكتبُه وشُطِبَ المحامي المتألق من نقابة المحامين. في 29 يوليو/تموز 2013 (أيْ منذ عشرة أعوام) أُلقِيَ القبضُ على عصام سلطان.. ورغم أن فَضَّ رابعة حدث بعد القبض عليه بأسبوعين إلا أنه حوكِمَ في القضية المُسَّماة (فَضّ اعتصام رابعة) وحُكِمَ عليه بالمؤبد.
عقد من الصبر

مضى يحيى حسين عبد الهادي في حسرته على رفيق الزنزانة: عشرة أعوامٍ في حبسٍ انفراديٍ معزولا عن الدنيا.. في السنوات الأربع الأولى من حبسه لم يُسمح لزوجته الدكتورة نهى وأبنائه أسامة وحبيبة وآمنة بزيارة عائلهم إلا مَرَّاتٍ معدودة من خلف حاجزٍ زجاجىٍ يسمح بالرؤية فقط، لا يسمعهم ولا يسمعونه إلا من خلال تليفون.. والزيارة كلها خمس دقائق لهم جميعا، أي أقل من دقيقة ونصف الدقيقة، لكلٍ من الزوجة والابن والبنتين.. مع مضايقاتٍ في إدخال طعام الزيارة، وصلت حَدَّ السماح بإدخال نصف سمكةٍ وإعادة نصفها الآخر (وقد أشرتُ إلى هذه المهزلة في “الأهرام” 2015 قبل أن أُمنَع لاحقا.. وكتبَ أيضا وقتها كلٌ من الأستاذ/ حمدي رزق والدكتور/ مصطفى النجار رَدَّ اللهُ غيبته). لكن هذه الزيارات الشحيحة والمؤلمة توقفت تماما منذ ست سنواتٍ.. تزوج فيها أبناؤه الثلاثة، دون أن يَعرف.. هو أصلا لا يعرف شيئا مما يحدث في الدنيا ولا نعرف شيئا عنه ولا عن صحته.. يحدث هذا لمحامٍ نابهٍ غير بذيء ولا سليط اللسان.. لم يَقتل ولم يستخدم سلاحا إلا الحُجَة القانونية في ساحات العدالة، ولم يُرصَد في يومٍ من الأيام مدافعا عن جاسوسٍ أو فاسد أو داعرٍ، بل على العكس، كان يُبادر إلى التطوع للدفاع عن ضحايا الفاسدين وخصومهم (تطوع للدفاع عن كاتب المقال في نحو عشرين دعوى كَسَبَها جميعا). كانت لِعصام سلطان (كما لأيِّ مُنشغلٍ بالشأن العام) آراءٌ سياسية قد تختلف مع بعضها وقد أختلف أنا.. لكنها تظل (آراء) لا تبرر ما يحدث لصاحبها.. دخل عصام السجن وعمره 49 عاما وهو الآن في عامه التاسع والخمسين.. إن عشرية عصام سلطان هيَ نفسها عشرية أحمد دومة وعشرية علاء عبد الفتاح وعشرية محمد البلتاجي، مع اختلاف المشارب.. إنها عشرية مصر.. وسيكون خَلَاصُهم مع خلاصها. إن ما يحدث لعصام سلطان وباقي الرهائن في هذا البلد المُختَطَف يتجاوز الظُلم.. فللظلم قواعد.. إنها الخِسَّة.

أثرياء لكن فقراء

عندما اجتمعت دول جوار السودان في القاهرة 13 يوليو/تموز الماضي، أعادت إلى الأذهان دول جوار ليبيا التي كانت تجتمع مرارا من قبل، تابع سليمان جودة في “المصري اليوم”: كانت دول جوار السودان سبع دول هي: مصر، إريتريا، إثيوبيا، جنوب السودان، افريقيا الوسطى، تشاد، ثم ليبيا. وكانت دول جوار ليبيا ست دول هي: مصر، السودان، تشاد، النيجر، الجزائر، ثم تونس. والمعنى أن النيجر التي تعرضت لانقلاب عسكري قبل أيام، تظل دولة قريبة منا على الخريطة بحكم جوارها المباشر مع ليبيا، وما يحدث فيها يهمنا بالتالي، وعلينا أن نظل نراقبه من أماكننا ونتابعه. النيجر دولة أساسية في المعركة على الإرهاب في القارة السمراء بشكل عام، وفي منطقة الساحل والصحراء بشكل خاص، وهذه المنطقة تضم خمس دول تمتد طوليا من شرق القارة عند تشاد إلى غربها عند موريتانيا.. وإذا كان الاتحاد الافريقي قد منح المنقلبين 15 يوما لإعادة الرئيس الذي انقلبوا عليه، فلا أحد يعرف ما إذا كان هذا الإنذار من الاتحاد سوف يعيدهم إلى قواعدهم، ويعيد الرئيس المنتخب إلى القصر؟ أم إنه إنذار لن يفيد في شيء؟ وعلينا أن نلاحظ أن الاتحاد ليس وحده في موقفه، لأن الولايات المتحدة الأمريكية رفضت السلطة الجديدة مثله تماما، وقالت إدارة الرئيس جو بايدن في واشنطن إنها لن ترضى بأقل من إعادة الرئيس محمد بازوم الذي أزاحه المنقلبون، ولا يختلف موقف أوروبا عن موقف أمريكا، لأن الاتحاد الأوروبي قال من مقره في بروكسل ما قالت به الولايات المتحدة.. أما فرنسا التي تعتبر النيجر منطقة نفوذ تقليدي لها، فتشددت جدا في مواجهة ما جرى، وأوقفت كل وجوه التعاون مع السلطة الجديدة، وأعلنت أنه لا بديل عن العودة إلى المسار الدستوري الذي جاء بالرئيس بازوم منتخبا إلى الحكم، ولكن أغرب ما في الموضوع أن قائد مجموعة فاغنر العسكرية الروسية الخاصة، أعلن ترحيبه بما حدث وعرض أن تشارك عناصر من مجموعته في حفظ النظام في البلاد.. أما الصراع في حقيقته فليس إلا على مصالح تخص كل طرف هناك، ولا وجود لمصلحة أهل النيجر في الصورة، وربما كان هذا هو السبب في أن النيجر مصنفة باعتبارها واحدة من أفقر خمس دول في العالم، رغم أنها أعلى دول العالم نفسه إنتاجا لليورانيوم.

تهويد مواز

مخططات تهويد مدينة القدس لا تقتصر على منشآتها الإسلامية، وتجريف معالمها التاريخية، إنما تطمع وفق ما قاله حسين خيري في “الأهرام” للسيطرة التامة على قطاع التعليم العربي في المدينة المقدسة، وقد تمكن الاحتلال من قبل في تعديل 66% من مناهج التعليم الفلسطيني، ويدرس حاليا الطلاب المقدسيون مواد تعليمية يكتنفها التزوير، خاصة التاريخ والجغرافيا، واستبدل اسم وطنهم فلسطين بإسرائيل والقدس بمسمى أورشليم. وتتضمن خطة إسرائيل في قطاع التعليم العربي تهويد 5200 طالب مقدسي سنويا، ووضع الشاباك دراسة تهدف إلى تشجيع الشباب المقدسي على استكمال دراستهم الأكاديمية في مؤسسات التعليم العالي في إسرائيل، ورصدت حكومة الاحتلال 450 مليون شيكل تعادل نحو 128 مليون دولار، وكشف بند رئيسي في الدراسة أن تهويد التعليم العربي سيمر بخطة خمسية، تبدأ من عام 2024 حتى 2028، وتبدو خطورتها في تزايد أعداد الطلاب المقدسيين في جامعات الاحتلال، وحصل 1500 طالب فلسطيني على درجة البكالوريوس من مؤسسات التعليم الإسرائيلية. ويتخوف المراقبون من تحول المخطط الإسرائيلي تجاه أهل شرقي القدس من الإقصاء إلى الاحتواء، وتكمن علة تخوفهم في رغبة الطلاب المقدسيين للحصول على فرصة عمل داخل الكيان، لندرة فرص العمل في أراضي الضفة. ومن جانب آخر أقر الكنيست قانونا يحظر على الطلاب المقدسيين التظاهر بحجة دعم المنظمات الإرهابية، ويقر القانون بتحريم رفع علم دولة معادية أو علم السلطة الفلسطينية، داخل أروقة المؤسسات التعليمية الإسرائيلية. وتوضح التقارير أن المقدسيين ممن يعيشون داخل الجدار العازل وخارجه يعتمدون بشكل كبير على رقم هويتهم الشخصية، للحصول على الخدمات الحياتية كالتأمين الصحي والوطني والمواصلات وغيرها، وتبرز التقارير كذلك محاولة إقصائهم من تعداد السكان، خاصة أنهم ملتزمون بدفع الضرائب كافة التي يدفعها جميع المقدسيين، دون تلقيهم خدمات مقابلها. ورغم السياسة التعسفية في مواجهة الطلاب العرب اعترض مجلس أمناء الجماعات الإسرائيلية على القانون، وفي الوقت نفسه عدد كبير من الطلاب المقدسيين يحتجون في كل مناسبة على فرض حكومة الاحتلال منهجا إسرائيليا يحتوي على تحريف للرواية التاريخية، وينضم إليهم أولياء أمورهم في رفض مخطط الاحتلال.

أزمة القمح

حاول بوتين الذي يتابع مواقفه بدقة عبدالله السناوي في “الشروق” أن يشرح الموقف الروسي محملا الغرب مسؤولية تعطيل اتفاق الحبوب. “أغلب الحبوب المصدرة تذهب للدول الأوروبية الغنية، ولا تستفيد الدول الافريقية الأكثر تضررا بأكثر من 3%”. تجاوز الدفاع إلى الهجوم، باستثارة غضب وحنق الافارقة متعهدا بإمداد ست دول افريقية فقيرة بما تحتاج إليه من حبوب دون مقابل”. روسيا قادرة على تعويض الحبوب الأوكرانية وسد احتياجات القارة وفق القواعد التجارية”. أراد أن يقول إنه إذا ما رفعت العقوبات عن روسيا، فلا توجد أدنى مشكلة غذاء في العالم. كان ذلك داعيا إلى اعتراضات دولية عديدة لخصها أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، “القضية أكبر من أن تلخصها بضع إعانات”. هذا صحيح إلى حد ما، غير أن الغرب يتحمل بدوره قسطا كبيرا من مسؤولية إيقاف صفقة الحبوب، حيث لم يلتزم بأي تعهدات قطعت في إسطنبول برعاية الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأن تحظى الحبوب والأسمدة الروسية بمعاملة مماثلة للأسباب الإنسانية نفسها. القمة الروسية الافريقية الأولى التي عقدت في منتجع سوتشي قبل أربع سنوات، بدت من ضمن توجه دولي تبنته دول كبرى عديدة للرهان على افريقيا الواعدة. احتذت الولايات المتحدة وفرنسا والصين الفكرة نفسها بصور ومقاربات متشابهة، اتفاقات اقتصادية وعسكرية وبروتوكولات تعاون في مجالات التعليم والصحة والثقافة والتقنيات الحديثة ووعود بتحسين البنى التحتية في دول القارة. شيء من ذلك جرى في القمة الروسية الافريقية الثانية، تعهدات ووعود بتوسيع نطاق التعاون الاقتصادي والثقافي والتعليمي إلى مستويات قياسية، لكن البيئة العامة الدولية اختلفت بفداحة على خلفية حرب الاستنزاف الأوكرانية، التي قد تقرر نتائجها مستقبل النظام الدولي.

لديه كوابيسه

أرادت موسكو هذه المرة أن تقول إنها ما زالت لاعبا رئيسيا في الساحة الدولية، وإن نظاما دوليا جديدا يوشك أن يولد لن تنفرد به قوة دولية واحدة على ما كان جاريا في سنوات الحرب البادرة. بقوة الحقائق فإن موسكو التي وصفها عبدالله السناوي بالمنهكة اقتصاديا، أثر حرب الاستنزاف الأوكرانية، ليست جمعية خيرية، لكن الاعتبارات الاستراتيجية دعتها إلى المضي قدما في توثيق علاقاتها بالقارة إلى أقصى حد تستطيعه. كان مثيرا للانتباه أن يشير بوتين إلى المشروع النووي السلمي لتوليد الطاقة الكهربائية في الضبعة في مصر، كمثال عملي لنوع التقنيات الحديثة، التي تمتلكها بلاده. في عام (2019) خيمت الجائحة على العالم، شلت الحياة تقريبا في دول أوروبية عديدة، بدا الاتحاد الأوروبي شبه عاجز عن مد يد العون لدولتين كبيرتين فيه، إيطاليا وإسبانيا، تضررتا بقسوة بالغة من الجائحة.. فيما أدارت الولايات المتحدة أثناء إدارة دونالد ترامب ظهرها لحلفائها المفترضين. في تلك الأوقات القاسية تحركت دولتان كبيرتان، روسيا والصين، للعب دور ملموس في تخفيف وطأة الجائحة. كان ذلك كله مؤشرا على حقائق جديدة تتحرك في بنية النظام الدولي، مدفوعا بطموحه لإعادة بناء النفوذ الروسي في القارة الواعدة، حاول بوتين في القمة الأولى إعادة التمركز فيها بعد سنوات من إخلاء مواقعه إثر انهيار الاتحاد السوفييتي السابق. في القمة الثانية، أراد أن يقول للاعبين الدوليين: نحن هنا، لا يملك أحد حذفنا من على خرائط القوة والنفوذ. بصياغة أخرى فإن القمة الأولى بدت استكشافية للفرص المتاحة.. والثانية، قتالية للحفاظ على فرص روسيا المستقبلية كلاعب دولى كبير.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية