“المسجد الأقصى”… المقدسيون يجيبون عن سؤال: ما أكثر ما تحبون في المدينة؟

حجم الخط
0

توجهات سياسية واجتماعية

على خلفية سياسة إسرائيل والظروف السائدة في أحياء شرقي القدس، وإزاء التوجهات الاقتصادية، يمكن توقع مظاهر لامبالاة سياسية وعدم ثقة وإحباط اجتماعي أو إلى تجند سياسي عام. وبالنظرة السياسية، تميل البيانات للإشارة إلى لامبالاة سياسية كبيرة جداً. وبدءاً من الدورية السنوية الإحصائية للعام 2022 فإن معهد القدس لأبحاث السياسات يوفر بيانات استطلاع بشأن مواقف الجمهور فيما يتعلق بأداء المؤسسات العامة، بما في ذلك الحكومة، وجهاز الصحة، وجهاز التعليم، والشرطة.

تشير البيانات أيضاً إلى أن الفلسطينيين في شرقي القدس عبروا في الأعوام 2018 – 2022 عن ثقة ضئيلة بالمؤسسات الإسرائيلية الثلاث الرئيسية التي استهدفت خدمتهم، وهي: الحكومة، والكنيست، والبلدية. إن عدم رضى الفلسطينيين في شرقي القدس من هذه المؤسسات كان مرتفعاً بشكل خاص مقارنة مع الفئات اليهودية والفئات الأخرى، باستثناء الثقة بالكنيست.

       التدين والمسجد الأقصى

استطلاع (بي.سي.بي.اس.آر) والاستطلاع الذي طلب معهد واشنطن إجراءه، لم يتضمنا أسئلة حول التدين. البيانات الظاهرة من الدوريات السنوية الإحصائية لمعهد القدس لأبحاث السياسات، تشير إلى عدد الأشخاص المنتمين لديانة معينة في القدس، لكنها لا تقترح أي طريقة لتشخيص مقياس ما يدل على تدين الشخص. مع ذلك، يتضمن الباروميتر العربي سؤالاً: “هل تعتبر نفسك متديناً أو متديناً بدرجة معينة أو غير متدين؟”. دلت الإجابات على ارتفاع حاد في نسبة تدين العرب في شرقي القدس في الأعوام 2010 – 2021.

مثلما في قضية فساد الحكومة، فإن بيانات التدين في شرقي القدس تقارن ببيانات التدين في الضفة الغربية. تم هذا من خلال فرضية أن الأمر يتعلق بمجموعات سكانية لديها تشابه ديمغرافي باستثناء أن ظروف حياتها مختلفة. في حالة تدين الشخص، فالمقارنة مع سكان الضفة الغربية مفيدة جداً، لأن البيانات تدل على حدوث ارتفاع حاد في مستوى تدين الشخص في أوساط العرب في شرقي القدس في الأعوام 2010 – 2021، لكن مستوى تدين الشخص في أوساط سكان الضفة الغربية بقي ثابتاً نسبياً. تدل هذه النتائج على أن شيئاً ما يحدث في شرقي القدس ولا يحدث في الضفة الغربية، الذي قد يؤثر على مستوى التدين بطرق مختلفة.

ارتفاع مستوى تدين الشخص في أوساط العرب في شرقي القدس يحظى بتأكيد تجريبي من بيانات الباروميتر العربي التي تم الحصول عليها من إجابات عن السؤالين الآنفين. أولاً، بصورة مناقضة قليلا للمنطق، على خلفية ادعاءات العرب في شرقي القدس، تظهر بيانات الباروميتر العربي أن عدد المستطلعين الذين اعتبروا أنفسهم “متدينين بدرجة معينة” في الأعوام 2010 – 2021، انخفض بصورة حادة.

يتضح أن ادعاءات العرب في شرقي القدس بأن مستوى التدين في المدينة ارتفع، هي ادعاءات خاطئة. بكلمات أخرى، يبدو أن عدد الأشخاص المتدينين في شرقي القدس آخذ في التناقص كما يبدو. في المقابل، نسبة الفلسطينيين في الضفة الغربية الذين اعتبروا أنفسهم “متدينين بدرجة معينة” بقيت ثابتة نسبياً، وحتى ربما ارتفعت قليلاً في تلك الفترة. مع ذلك، يجب تحليل هذه البيانات مع بيانات الباروميتر العربي حول العرب في شرقي القدس وفي الضفة الغربية الذين يعتبرون أنفسهم “متدينين”. وتظهر البيانات أن نسبة المستطلعين العرب في شرقي القدس الذين اعتبروا أنفسهم متدينين في الأعوام 2010 – 2021، ارتفعت بشكل حاد، في حين أن النسبة في الضفة الغربية بقيت ثابتة نسبياً، بل وانخفضت بدرجة ما.

تظهر ثلاثة توجهات بوضوح من البيانات مجتمعة: أولاً، نسبة التدين في مجموعة المقارنة (الضفة الغربية) في الأعوام 2010 – 2021، بقيت ثابتة نسبياً. ونسبة المستطلعين العرب في شرقي القدس الذين اعتبروا أنفسهم “متدينين بدرجة معينة” انخفضت بشكل ظاهر في هذه الفترة. وفي النهاية، نسبة المستطلعين العرب في شرقي القدس الذين اعتبروا أنفسهم “متدينين” ارتفعت بشكل واضح في هذه الفترة. إضافة إلى ذلك، تدل البيانات على أنه في الحقيقة لم يحدث أي تغيير جوهري في نسبة التدين في الضفة الغربية في تلك الفترة، لكن ربما أن الذين اعتبروا أنفسهم “متدينين بدرجة معينة” في شرقي القدس، يعتبرون أنفسهم الآن “متدينين جداً”.

تبرز بيانات استطلاع (بي.سي.بي.اس.آر) النتائج التي تظهر في الباروميتر العربي بصورة أكبر. بشكل خاص، في 2010 وفي 2022 تم سؤال المستطلعين لاستطلاع (بي.سي.بي.اس.آر): ما هو أكثر شيء تحبونه في الحياة في شرقي القدس؟ في السنتين كان الأمر الأهم بالنسبة للمستطلعين العرب في شرقي القدس هو المسجد الأقصى. ولكن في 2010 فقط 44.8 في المئة من المستطلعين أجابوا بأن الحرم هو الأكثر أهمية بالنسبة لهم، في حين أن هذه النسبة ارتفعت في 2022 إلى 55.3 في المئة. يدور الحديث عن ارتفاع بنسبة 23.4 في المئة. في تلك الفترة، نسبة أهمية الأماكن المقدسة الأخرى بالنسبة للمستطلعين انخفضت 68 في المئة تقريباً. بصورة مجتمعة، تشير هذه الاتجاهات إلى أن الحرم أصبح أكثر أهمية لسكان المنطقة، إلى جانب تعزز التدين الفردي في شرقي القدس في الأعوام 2010 – 2022م.

               العمليات الإرهابية في القدس

السؤال الأخير يجب التطرق إليه هو: هل حدث ارتفاع على عدد العمليات الإرهابية التي خرجت من القدس؟ مصدر البيانات هو وزارة الخارجية الإسرائيلية التي تتابع مصابي الإرهاب منذ 27 أيلول 2000، مع التركيز بشكل خاص على الأعوام 2010 – 2023 لأن معظم بيانات الرأي العام التي نوقشت كانت في تلك الفترة.

تشير الإحصائيات إلى حدوث ارتفاع على عدد العمليات في القدس منذ العام 2010. ولكن هذه الأقوال تخفي ثلاثة توجهات تظهر في البيانات: أولاً، في الأعوام 2015 – 2017 حدث ارتفاع حاد في عدد العمليات في القدس (انتفاضة السكاكين). ثانياً، في الأعوام 2018 – 2020 حدث انخفاض في عدد العمليات الإرهابية في القدس. وفي النهاية، حتى كتابة هذه السطور، البيانات من 2023 غير كاملة، لكن يظهر ارتفاع حاد في عدد العمليات في القدس من العام 2021 وحتى الآن.

يمكن تشخيص اتجاه آخر بارز في العمليات الإرهابية التي نفذت في القدس منذ العام 2000، الذي تم شمله في البيانات. 60.7 في المئة من العمليات التي نفذت في القدس بين 2 تشرين الأول 2000 و24 كانون الأول 2008، تحملت المسؤولية عنها كل من حركة فتح وكتائب الأقصى التابعة لها، وحماس و”الجهاد الإسلامي” والتنظيم. في المقابل، من 24 كانون الثاني 2008 فما فوق، لم تشر بيانات وزارة الخارجية إلى أي تنظيم تحمل المسؤولية عن أي عملية في القدس. هذا المعطى يدل على صورة للإرهاب الأكثر انتشاراً في القدس، وهي عمليات الأفراد (الذئاب المنفردة)، وتحليل وزارة الخارجية يؤكد ذلك. في الإجابة على السؤال الذي طرح أعلاه، تظهر البيانات حدوث ارتفاع على عدد العمليات الإرهابية في القدس في الـ 13 سنة الأخيرة، حتى وإن كان هناك تذبذب في هذه الفترة. بشكل كبير، مقارنة مع العمليات الإرهابية في القدس في بداية ومنتصف سنوات الألفين، يبدو أن غالبية العمليات التي نفذت في القدس، تنفذ الآن على يد أفراد دون علاقة رسمية لهم بأي تنظيم مثل حماس أو “الجهاد الإسلامي”.

ديرك ليف

تقدير استراتيجي 10/8/2023

 

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية