لندن ـ «القدس العربي»: اشتعلت موجة من الجدل والتكهنات على شبكات التواصل الاجتماعي في مصر والعديد من الدول العربية فور إعلان زامبيا عن ضبط طائرة خاصة قادمة من مطار القاهرة ومحملة بالدولارات والذهب والأسلحة، واعتقال عشرة أشخاص كانوا على متنها من بينهم ستة مصريين، وهو ما فتح ملف الأموال المهربة من مصر إلى الخارج، وتسبب بالعديد من التساؤلات حول هذه الأموال ولحساب من يتم تهريبها. وذهب الكثيرون إلى القول إن الطائرة التي تم ضبطها تدل على أن هذه الطريقة مستخدمة في تهريب الأموال ومن المؤكد أنها حدثت عشرات المرات في السابق دون أن يتم القبض على الفاعلين ولا اكتشاف الأمر، خاصة وأن البيانات الخاصة بالطائرة ذاتها، وهي طائرة خاصة مستأجرة «تشارتر» كانت قد نفذت عشرات الرحلات الجوية ذهاباً وإياباً من مطار القاهرة.
ومن المعروف أن مصر تعاني من أزمة حادة في العملة الصعبة وشح في الدولار الأمريكي اللازم لشراء السلع المستوردة من الخارج، وهذه الأزمة هي التي أدت بشكل أساس إلى الهبوط الحاد في سعر صرف الجنيه المصري والذي فقد أكثر من 50 في المئة من قيمته خلال عام واحد فقط.
وأعلنت السلطات المحلية في زامبيا مساء الثلاثاء الماضي احتجاز طائرة خاصة قادمة من العاصمة المصرية القاهرة، وعلى متنها ملايين الدولارات، وعدد كبير من القطع الذهبية، وكميات من الأسلحة والذخائر.
وقال مدير عام هيئة مكافحة المخدرات في زامبيا ناسون باندا خلال مؤتمر صحافي رسمي إن السلطات احتجزت عشرة أشخاص بينهم ستة مصريين للتحقيق معهم، بعد أن تم ضبط 5.7 مليون دولار نقداً، ومئات القطع الذهبية، وخمسة مسدسات والطلقات الخاصة بها، وكانت هذه المضبوطات جميعاً على متن الطائرة.
وجاءت هذه الحادثة لتشعل من جديد الحديث عن تهريب الأموال من مصر والذي يجري الحديث عنه منذ مدة، حيث كان الفنان والناشط المصري المعارض عمرو واكد كتب في تغريدة على «تويتر» قبل أسابيع إن مسؤولين كبارا في مصر بدأوا بتهريب أموالهم إلى الخارج، وإن عدد الذين يقومون بالتهريب ازداد في الآونة الأخيرة.
وسرعان ما هيمنت قصة طائرة زامبيا على شبكات التواصل الاجتماعي في مصر والعديد من الدول العربية، حيث أصبح اسم «مطار القاهرة» و«زامبيا» وغيرهما على قائمة الوسوم الأكثر تداولاً والأوسع انتشاراً في مصر لعدة أيام، كما أطلق نشطاء الهاشتاغ «#الشعب_يريد_إسقاط_النظام» والذي سرعان ما تصدر الوسوم الأوسع انتشاراً والأكثر تداولاً في مصر طوال اليوم التالي للكشف عن الطائرة المحتجزة في زامبيا.
وكتب الإعلامي المصري المعروف أسامة جاويش تغريدة قال فيها: «هل فيه علاقة مباشرة بين الطائرة الموقوفة في زامبيا وبين جهات سيادية مصرية؟ بالبحث عن تواريخ رحلات الطائرة رقم T7WSS ووجهاتها وجدنا تزامنها مع بعض الأحداث والزيارات المرتبطة مباشرة بجهات سيادية مصرية ربما كانت عن طريق المصادفة وربما كانت في مهمات رسمية».
كما طرح في تغريدة ثانية على منصة إكس (تويتر سابقاً) جملة من الأسئلة، وجاء فيها: «ليه مفيش بيان رسمي؟ ليه معظم رحلات الطيارة لها علاقة بملفات سيادية؟ هل المخابرات العامة تحديدا لها علاقة؟ ليه مالك الطيارة طلب حجب اسمه في سان مارينو؟ ليه الصحف المصرية حذفت الخبر بعد نشره؟ إزاي الملايين والسلاح والذهب ده عدى من المطار».
ونشر موقع «مدى مصر» يقول إن «الطائرة المحتجزة في زامبيا يرجّح أنها لم تخضع للتفتيش في مطار القاهرة لأنها كانت ترانزيت ولم يدخل طاقمها الأراضي المصرية لذلك لم يتم تفتيش حقائب الركاب».
ونشر عمر الفطيري صورة لوزير الداخلية وتظهر الطائرة ذاتها المحتجزة في زامبيا خلفه، حيث تبين أن الوزير استخدمها سابقاً في مهمة رسمية، وكتب الفطيري يقول: «طائرة الحكومة تهرب أموال الشعب.. وزير الداخلية بنفسه نازل من الطائرة نفسها يوم الثلاثاء 28 شباط/فبراير 2023».
ونشر هيثم غنيم تغريدة مدعمة بالصورة، وكتب يقول: «من يملك الطائرة؟ صورة التقطت في شهر نيسان/أبريل 2022 تظهر إبراهيم العرجاني برفقة ابنه عصام العرجاني بجوار الطائرة T7-WSS والتي تم احتجازها لاحقاً في زامبيا بعد وصولها من مطار القاهرة.. ووفق المعلومات التي وجدتها، فإن عصام حصل على رخصة الطيران التجاري (CPL) في أكتوبر 2022».
وكتب حساب «نحو الحرية» يقول في تغريدة: «صحافة السيسي الرخيصة تروج أخباراً كاذبة، مفادها أن الطائرة التي تنقل الأموال للخارج لم تكن قادمة من مطار القاهرة، بل من لبنان، لكن السلطات الزامبية كشفتهم وبالأدلة، والآن وضعهم صعب بعد ثبوت تهريب الأموال والذهب والمخدرات».
وغرد أسامة الأشقر: «ليه الصحف المصرية حذفت خبر الطائرة؟! دور بنفسك عن الخبر، تدخل علي رابط الجريدة مش هتلاقي حاجة! مين متحكم للدرجة دي في جهاز سامسونج؟ ايه مصلحة صاحب السلطان القوي ده انه يحذف الخبر وكأننا بنسمع الاخبار من راديو ايام عبدالناصر وانتصرنا؟».
وكتب الصحافي سليم عزوز: «تصحيح الخبر قرار مهني، حذف الخبر قرار سياسي. لماذا حذفت جريدة «المصري اليوم» خبر طائرة التهريب المصرية؟! العالم كله علم بأمر الفضيحة لا داعي لأن تدفنوا رؤوسكم في الرمال، ماذا يفيد حذف الخبر؟».
وفي السياق، سخر مدونون من بيانات الجمارك المصرية التي تعلن فيها ضبط أدوية ومستحضرات تجميل ونظافة أو سجائر وعجزها عن ضبط طائرة محملة بملايين الدولارات والذهب والأسلحة.
وكتب عابد خضر ساخراً: «رجالة الجمارك الاشاوس لو واحد داخل ب 5 علب أدوية ناقصة في السوق بياخدوهم منه.. وفي مطار القاهرة عدى من تحت إيديهم خمس بنادق و100 كيلو دهب و5 مليون دولار».
ونشرت ناشطة تُدعى «إيما» صورة لرجال الجمارك المصرية وهم يلتقطون الصور مع شحنة صابون مصادرة من مسافر قادم من الإمارات، وكتبت تعلق: «جمارك مطار القاهرة أحبطو تهريب كمية من الصابون.. بس مشافوش مغارة علي بابا اللي خرجت من مصر على طيارة خاصة! عاش الوحوش».
وعلقت شيرين عرفة: «إنت متخيل أن مطار القاهرة الذي صادر منذ أيام مجموعة عملات قديمة مع راكب مصري يهوى جمع العملات (وهي هواية مشروعة يمارسها الملايين حول العالم) ومن قبلها صادر مصاغ راكبة مصرية، لم يستطع اكتشاف طائرة كاملة خرجت بالأمس تحمل أكثر من 100 كجم ذهب و5 مليون دولار وأسلحة وبنادق وطلقات رصاص».
وانتقد الإعلامي المصري الموالي للنظام، خالد أبو بكر، الصمت الرسمي على احتجاز الطائرة في زامبيا، قائلا: «الأخبار والتفاصيل باتت ترد من وسائل الإعلام الأفريقية».
وفي ذات السياق قال المحامي طارق العوضي إنه من المعيب أن يتابع المواطنون خبرا مثل هذا من على وسائل الإعلام الأجنبية في ظل الصمت الحكومي مطالبا وزارة الخارجية المصرية بنشر بيان حول حادثة الطائرة على غرار نظيرتها الزامبية.
وقال الكاتب المصري شريف عثمان إن «رجل الأعمال المصري الوحيد الذي يملك طائرة من ذات طراز تلك التي أوقفت في زامبيا، هو محمد أبو العينين».
بدوره ذكر الصحافي المصري أحمد الشرقاوي أن محاولة الحديث عن وجود مخدرات على متن الطائرة هدفه صرف نظر المصريين عن «تهريب ثروات الجنرالات خارج البلاد لتسبقهم إلى الخارج كما أنها تغير القضية إلى جريمة دولية منظمة، لا جريمة محلية تقوم بها العصابة الحاكمة لمصر» وفق تعبيره.
يشار إلى أن الحكومة المصرية التزمت الصمت حيال ما أعلنته زامبيا وتركت الباب مفتوحاً أمام التكهنات بالنسبة للمصريين الذين يمرون في أزمة اقتصادية خانقة أدت إلى هبوط سعر صرف الجنيه، وهو ما أدى إلى ارتفاع كبير في أسعار السلع والمواد الأساسية.