“الكابنيت” يتهم إيران واليمين يسائل الجيش وينادي بـ”الانتقام”.. ونتنياهو: ماذا عن السعودية؟

حجم الخط
0

تواجه إسرائيل مشكلة متزايدة من الإرهاب الفلسطيني في الضفة الغربية، ينزلق جزء منه إلى حدود الخط الأخضر. نحو 80 في المئة من منفذي العمليات في الضفة خرجوا من جزئها الشمالي- نابلس وجنين، سابقاً، لكن إشارات الإرهاب تتوسع اليوم إلى مناطق أخرى مثل الخليل وطولكرم، ويساهم في هذا التوتر المتزايد عمليات انتقام من قبل إرهابيين يهود، ومن الطبيعي أن تتصاعد النار مع وجود وزراء وأعضاء كنيست في الائتلاف يشجعون علناً على مثل هذه الأفعال.
العملية التي جرت صباح الإثنين وقعت في مفترق الكباش، في المدخل الجنوبي للخليل. خلية فلسطينية مسلحة تجاوزت بسيارتها سيارة إسرائيلية وأطلقت عليها النار، أصابت السيارة الإسرائيلية بحوالي 20 رصاصة. بت شيفع نغري، وهي من سكان المستوطنة القريبة “بيت حجاي”، قتلت بهذا الإطلاق، وأصيب سائق السيارة إصابة بالغة، في حين أن ابنتها (12 سنة) خرجت بدون أضرار. من أطلقوا النار نجحوا في الهرب. الجنود الذين في برج المراقبة القريب سمعوا أصوات إطلاق النار من مسافة معينة، لكنهم لم يشخصوا مصدره ولم يطلقوا النار.
بشكل عام، ينجح “الشاباك” والجيش الإسرائيلي في حل لغز معظم العمليات في الضفة. في الواقع، ما زالت المطاردة مستمرة بحثاً عن الفلسطيني الذي قتل أباً وابنه من سكان أسدود في بلدة حوارة جنوبي نابلس السبت الماضي. ولكن يمكن التقدير وبترجيح عال أن هوية المسؤولين في الحادثتين ستعرف، وسيتم اعتقالهم أو سيقتلون. ولكن نجاح حل لغز العمليات، مثل نجاح معظم جهود الإحباط التي يقوم بها جهاز الأمن في الضفة في وقت مبكر، لا تحل المشكلة العامة أكثر. في الضفة، وبشكل خاص في الأشهر الأخيرة، التقت جهود خارجية مركزة مع دافعية داخلية متزايدة، والنتيجة ارتفاع حاد في عدد العمليات.
في تشرين الأول في السنة الماضية، عشية الانتخابات الأخيرة للكنيست، ثارت عاصفة عندما نشرت بيانات تشير إلى أن سنة 2022، وقبل نهايتها، هي الأكثر قتلاً للإرهاب الفلسطيني منذ ما سمي للحظة بـ “انتفاضة الأفراد” في 2015. أما أمس، فتجاوز عدد القتلى في هذه السنة ذروة الرقم القياسي في السنة الماضية، وبقي أربعة أشهر على نهاية السنة. ما فهمته حماس منذ فترة يفهمه الآن المزيد من اللاعبين الإقليميين، من بينهم إيران و”الجهاد الإسلامي” والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. هذه القيادات الموجودة خارج الضفة، ترسل الأموال إلى الداخل وكذلك التعليمات، وأحياناً السلاح.
يعتمد رجالها على افتراض بأنها ستصل إلى المخرب المنفرد أو إلى التنظيم المحلي. العلاقة بالبنية التحتية التقليدية للإرهاب في الضفة مثل التي تشغلها حماس، أقل أهمية. الضفة هي الملعب المفضل للاعبي الخارج، لأن كل حادثة هناك تحمل في طياتها فائدة زائدة – ضعضعة حكم السلطة الفلسطينية. إحباط معظم العمليات لا يعد أمراً مهماً عندها، يكفي نجاح واحد كل بضعة أيام. هذه المرة، مر أقل من 48 ساعة بين العمليتين في نابلس والخليل، للحفاظ على المنطقة مشتعلة وإسرائيل قلقة.
شرك آخر
يأتي هذا التصعيد في وقت ولاية الحكومة المتطرفة والأكثر وحشية في تاريخ الدولة. نفس الوزراء وأعضاء الكنيست الذين تطاولوا على الحكومة السابقة بشكل وحشي بسبب ارتفاع عدد العمليات في ولايتها، يبحثون الآن عن عنوان آخر كي يلقون عليه المسؤولية. لحسن حظهم، فقد أعدوا مسبقاً قائمة عناوين، بواسطة اتهامات سابقة وجهت لوزير الدفاع ورئيس الأركان ورئيس “الشاباك” وقائد المنطقة الوسطى. في الساعات التي أعقبت العملية، سمعنا وزيرة في الحكومة تتهم وزير الدفاع يوآف غالنت، الذي حسب قولها صمم على إبقاء شوارع رئيسية في الضفة مفتوحة أمام حركة الفلسطينيين، وطالب عضو كنيست في الائتلاف بالقيام بعملية انتقام.

خطاب مرفوض كهذا سبب في السابق مذبحة في حوارة بعد قتل الأخوين الإسرائيليين في المكان في نهاية شباط. والسبت، بعد العملية القاتلة الأخيرة في حوارة، خرج مستوطنون لرشق الحجارة على السيارات الفلسطينية. في إحدى الحالات، أطلقت قوة للجيش الإسرائيلي النار وأصابت إسرائيلياً ملثماً، في الوقت الذي كان فيه هذا الشخص يرشق الحجارة. من المرجح أننا سنشاهد محاولات مشابهة لهجمات عنيفة في الخليل ونابلس عقب عملية أمس.
مع مرور الوقت قد ينمو تهديد كبير من الضفة على استقرار الحكومة، ويربط المبادرات التشريعية للانقلاب النظامي بشكل وثيق. حزبا اليمين المتطرف، “الصهيونية الدينية” و”قوة يهودية”، لهما أجندة واضحة تربط بين توسيع المستوطنات وتقويض مكانة السلطة الفلسطينية وبين استمرار التشريع. ولكن مع مرور الوقت، سيجد هذان الحزبان، بالأساس “قوة يهودية” التابع لإيتمار بن غفير، صعوبة في التوفيق بين خطابه القاطع (الاتهامات التي وجهتها للحكومة السابقة) وبين حقيقة أن الحكومة الحالية لا تتصرف حتى الآن بشكل مختلف عن خصومها السياسيين في مواجهة تزايد الإرهاب في “المناطق” [الضفة الغربية].
كثيرون من مؤيدي اليمين سمعوا في السابق وصدقوا كذب هذه الحكومة وتلاعبها، وهذا تضليل كبير. إن استمرار تدهور الوضع الأمني في الضفة، الذي يشعر به المستوطنون إزاء ازدياد عمليات إطلاق النار وأعمال رشق الحجارة على الشوارع، سيعقد وضع الائتلاف.
في المقابل، رئيس الحكومة نتنياهو واقع في شرك آخر. إذا استجاب لنداءات الانتقام من قبل الجناح المتطرف جداً في حكومته، فبذلك قد يخاطر بما يراه حبلاً محتملاً لنجاته من الأزمة السياسية العميقة – إمكانية التوقيع على اتفاق تطبيع مع السعودية. تبث الرياض اليوم عن طريق الوسطاء في الإدارة الأمريكية بأنها تنتظر بادرات حسن نية إسرائيلية للفلسطينيين كجزء من الاتفاق. النظام السعودي لم يعد متحمساً جراء التصعيد الذي يحدث في “المناطق”، الذي سيكون مقروناً أيضاً بأعمال عنف لليمين المتطرف في إسرائيل ضد الفلسطينيين.
عاموس هرئيل
هآرتس 22/8/2023

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية