برلين- “القدس العربي”: أقر مجلس الوزراء الألماني، الأربعاء، تعديل قانون جهاز الاستخبارات الخارجية (بي إن دي)، الذي يرمي إلى أهداف من بينها تعزيز حماية الجهاز من التعرض للتجسس.
وأفادت تصريحات من مصادر حكومية بأن مجلس الوزراء برئاسة المستشار أولاف شولتس وافق خلال جلسته المنعقدة في قصر الضيافة الحكومي شمالي برلين على مشروع القانون المقدم من ديوان المستشارية.
وبحسب الموقع الرسمي للحكومة الألمانية، فإن هذه التغييرات تهدف إلى توفير حماية أفضل لعمل جهاز المخابرات (بي إن دي). ومن المقرر أن يتم الكشف عن أنشطة التجسس المحتملة التي تقوم بها أجهزة استخبارات أخرى في مرحلة مبكرة من خلال الضوابط. وينطوي ذلك على وجه الخصوص على تأمين ما يسمى بالمعلومات السرية، أي الوثائق التي تتطلب السرية. على سبيل المثال، يجب أن تكون صلاحيات إجراء عمليات تفتيش الأشخاص والحقائب والمركبات والغرف منصوصا عليها في القانون.
ويتيح التعديل إجراءات من بينها تفتيش أشخاص وحقائب وسيارات حتى رغم عدم وجود اشتباه وذلك بغرض تحسين حماية جهاز المخابرات من التجسس في المستقبل. كما تضمن المشروع أيضا ضرورة فحص الأجهزة الخاصة مثل الهواتف الذكية في حال وجود اشتباه. وورد في مشروع القانون: “ينبغي اكتشاف الأنشطة التجسسية المحتملة من جانب أجهزة استخبارات أخرى مبكرا عن طريق إجراءات التفتيش”.
وكانت السلطات الألمانية ألقت القبض على موظف في جهاز الاستخبارات الخارجية في كانون الأول/ديسمبر الماضي للاشتباه في قيامه بالتجسس حيث يُعْتَقَد أنه قام بعد الحرب الروسية على أوكرانيا بنقل معلومات حصل عليها من خلال عمله إلى روسيا.
يذكر أن تعديل قانون الاستخبارات يأتي أيضا في إطار رد برلين على قضية التجسس الروسية على الجهاز في العام الماضي.
وفقا لصحيفة بيلد الألمانية، فإن وزير الاقتصاد الألماني ونائب المستشار روبرت هابيك (من حزب الخضر) لم يعلم من جهاز المخابرات الألماني أن روسيا ستغزو أوكرانيا في غضون ساعات قليلة – ولكن من موظفي وكالة المخابرات المركزية الأمريكية.
ووفقا للصحيفة الألمانية، فقد زارت الممثلة التجارية الأمريكية كاثرين تاي الوزير هابيك في ألمانيا، وكانت المحادثة في الواقع حول واقع الأجور. لكن تاي ظهرت برفقة عملاء وكالة المخابرات المركزية. وطلبوا من هابيك “محادثة سرية” بعد اللقاء.
تم إبلاغ الوزير “بشكل عاجل للغاية” بأن “الغزو الروسي سيبدأ في الليلة المقبلة”. كما علم هابيك من موظفي وكالة المخابرات المركزية “أن قاذفات الصواريخ الروسية جاهزة للإطلاق وأن الطائرات المقاتلة محملة بالقنابل”.
والسبب البسيط هو أن الأمريكيين افترضوا على ما يبدو أن رئيس الحكومة الألمانية “لديه نفس المعلومات ونفس التحليل الذي لديهم”. لكن ذلك لم يكن صحيحا.
وبعد زيارة الضيوف الأمريكيين، شعر هابيك وفريقه “بالخوف”. وتم طرح سؤال “هل لم يكن لدى رئيس جهاز الاستخبارات برونو كال وعملائه أي فكرة عن الهجوم الروسي؟”، لذلك فإن الحاجة إلى التغيير في عمل هذه المؤسسة الهامة طرح في الحقيقة مع بدء المعارك على الجبهة الأوكرانية.
الأمر نفسه تكرر بعد تمرد فاغنر، إذ عقدت لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الألماني جلسة سرية مع برونو كال، رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية بخصوص الوضع في روسيا وأوكرانيا. يشار إلى أنه كانت هناك انتقادات ولاسيما من داخل أحزاب الائتلاف الحاكم (حزب المستشار أولاف شولتس الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر والحزب الديمقراطي الحر) لأن جهاز (بي إن دي) علم بالتمرد في وقت متأخر وذلك على عكس أجهزة في دول أخرى شريكة مثل الولايات المتحدة.
من جانبها، كشفت بوابة “ذا بيونير” الإخبارية عن وجود تفكير داخل حزب المستشار الألماني شولتس بشأن إقالة كال الذي يدير الجهاز منذ عام 2016. وتعتزم اللجنة المسؤولة عن مراقبة عمل أجهزة الاستخبارات الاجتماع مرة أخرى بعد ظهر اليوم للنظر في الوضع في روسيا وأوكرانيا والنظر في الاتهامات الموجهة لجهاز الاستخبارات ورئيسه، وسيحضر كال هذه الجلسة أيضا لتقديم إفادة والرد على أسئلة اللجنة.
وكانت المحكمة الدستورية الاتحادية أصدرت في أيلول/سبتمبر الماضي قرارا اعتبر لوائح معينة خاصة بالمكتب الاتحادي لحماية الدستور (الاستخبارات الداخلية) غير متوافقة مع القانون الأساسي. وانطبق هذا القرار أيضا على جهاز الاستخبارات الخارجية لأن الفقرة الواردة في قانون الاستخبارات الخارجية والخاصة بنقل البيانات المتعلقة بأشخاص على سبيل المثال إلى مكاتب الادعاء العام والشرطة تستند إلى اللوائح الواردة في قانون الاستخبارات الداخلية.
وانتقد العديد من الاتحادات والمنظمات ضيق الفترة المحددة لها (يوم واحد) لإبداء ملاحظاتها على مشروع القانون.
وأصدر المجلس أيضا قرارا بتعديل قانون جهاز حماية الدستور (الاستخبارات الداخلية) المتعلق بلوائح نقل البيانات وكذلك أيضا قانون جهاز الاستخبارات العسكرية.