القاهرة ـ «القدس العربي»: مع اقتراب موعد إجراء الاستحقاق الرئاسي تصدر المشهد الإعلامي كل ما له علاقة بالمحظورات التي فرضها قانون تنظيم الانتخابات الرئاسية، في شأن دعاية المرشحين. وجاءت تلك المحظورات وفقا لنص المادة 19 من قانون الانتخابات الرئاسية، وفي مقدمتها حظر التعرض لحرمة الحياة الخاصة لأي من المرشحين، وتهديد الوحدة الوطنية، أو استخدام الشعارات الدينية، أو التي تدعو للتمييز بين المواطنين، أو استخدام العنف أو التهديد باستخدامه. ووفقا لـ”فيتو” حظر القانون تقديم هدايا أو تبرعات أو مساعدات نقدية أو عينية أو غيرها من المنافع، أو الوعد بتقديمها، ومنع استخدام المباني والمنشآت ووسائل النقل والانتقال المملوكة للدولة أو لشركات القطاع العام، أو استخدام المصالح الحكومية والمرافق العامة ودور العبادة والمدارس والجامعات وغيرها من مؤسسات التعليم العامة والخاصة ومقار الجمعيات والمؤسسات الأهلية، كذلك حظر القانون إنفاق المال العام وأموال شركات القطاع العام وقطاع الأعمال والجمعيات والمؤسسات الأهلية في أغراض الدعاية الانتخابية، والكتابة بأي وسيلة على جدران المباني الحكومية أو الخاصة لأغراض الدعاية الانتخابية. وبينما يستعد الشارع السياسي للماراثون السياسي شهدت الأسواق ارتفاعا جديدا في أسعار العديد من الأدوية والسلع الغذائية، إذ انتاب الجنون الطماطم التي سجلت 18 جنيها للكيلوغرام، كما تواصل شكوى العديد من المرضى بسبب ارتفاع جديد في أسعار العقاقير، واختفاء أدوية خاصة بأمراض الغدة وبعض الأمراض النادرة.
ومن أخبار الحكومة: أكد سامح شكري وزير الخارجية خلال استقباله فيليب لازاريني المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، حرص مصر على تقديم كافة أوجه الدعم للوكالة، كي تتمكن من تقديم الخدمات الأساسية للاجئين الفلسطينيين، وفق تكليفها الأممي، مشددا على أهمية عدم الربط بين تقديم المساهمات المالية للوكالة، وأي اعتبارات سياسية. وطالب بانتظام الوكالة في تقديم خدماتها، وكذا الإبقاء على المساهمات الواردة إليها من المانحين، لكونه ضرورة مُلحة في ظل الأوضاع الإقليمية الراهنة. ومن أخبار سكان الزنازين: أعلن طارق العوضي عضو لجنة العفو الرئاسي، أن نيابة أمن الدولة العليا قررت إخلاء سبيل يوسف حسام الغمري، ومحمد الغمري (نجل المعارض المصري المقيم في الخارج حسام الغمري وشقيقه) ولا يعرف عن أي منهما أي اهتمام بالشأن السياسي. ومن التقارير الاقتصادية: عقد الدكتور علي المصيلحي وزير التموين والتجارة الداخلية اجتماعا موسعا للتحضير للدورة الثالثة من المعرض الدولي للذهب والمجوهرات “نبيو” الذي ستبدأ فعالياته في الفترة من 26 إلى 28 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، وأكد المصيلحي أن الحكومة تولي اهتماما كبيرا بصناعة المجوهرات المصرية وتتخذ الإجراءات اللازمة بالتعاون مع الشعبة لانضباط أسعار الذهب في الأسواق المحلية، كما توفر التسهيلات اللازمة لتنمية صادرات المشغولات الذهبية للأسواق العالمية.. ومن أخبار الحوادث: تلقت غرفة العمليات المركزية في محافظة القاهرة بلاغا بانهيار عقار في حي حدائق القبة وتقطن العقار أسرة واحدة وأسفر الحادث عن 3 وفيات، و3 مصابين تم نقلهم لمستشفى الدمرداش.
جنون متواصل
فى الأيام القليلة الماضية ارتفعت أسعار المواد الغذائية بشكل ملحوظ خاصة منتجات الألبان ومشتقاتها، ما دفع بعض تجار التجزئة إلى تجنب عرض بعض الأصناف، وعلل أحدهم لسامح فوزي في “الشروق” ذلك بأنه غير معقول أمام الزبون رفع سعر السلعة لأكثر من 35% دفعة واحدة، وهي السلع ذاتها التي ارتفعت أكثر من مرة على مدى الشهور الماضية. ويرى كثير من هؤلاء التجار أن الارتفاع المطرد في الأسعار ليس له ما يبرره، فلم تحدث تغييرات في أوضاع الأسواق خلال الشهور القليلة الماضية، ولم يعد مفهوما الحديث عن الاستيراد والدولار، خاصة أن الأوضاع على ما هي عليه، بل إن هناك أخبارا تشير إلى قيام بعض البنوك بتوفير بعض احتياجات المستوردين، من الدولار، ما قلل من الاعتماد على السوق السوداء، ودفع سعر الدولار إلى الانخفاض، يحدث هذا في الوقت الذي تزداد فيه أسعار الخضراوات والفواكه في الأسواق، وتثبت أو تنخفض أسعار البروتين بسبب تراجع استهلاك الأسر المصرية، حسب تقديرات البعض. الدلالات الاجتماعية لهذه الحالة متعددة، أبرزها ارتفاع تكلفة الغذاء للأسرة المصرية، حيث تعد مصر حسب تقديرات دولية من بين أكثر الدول التي تشهد ارتفاعا في أسعار المواد الغذائية. ويصعب في الواقع تخيل الضغوط التي تتحملها الأسرة، وهي على أبواب عام دراسي جديد، ترتفع فيه تكلفة الغذاء، وتزداد الأعباء عليها. ولم تكن مبادرة بعض المكتبات تقديم تخفيضات على الكتب الخارجية، التي ارتفعت أثمانها بشكل كبير هذا العام، سوى إشارة إلى الأعباء التي تواجهها الأسرة، وقد اتجهت بعض البنوك في إطار العروض التي تقدمها إلى تقسيط المصروفات الدراسية، وهي مبادرة موجهة في الأساس إلى الشرائح العليا من الطبقة الوسطى التي تواجه آثار الأزمة الاقتصادية في مجال تعليم أبنائها، تماما مثلما تفرط في تدبير احتياجاتها الأخرى عن طريق برامج التقسيط التي تطرحها البنوك، سواء بفوائد أو دون فوائد، ما يعني مزيدا من الأعباء المالية المفروضة عليها.
لحين استقرار الأسعار
هناك بالفعل وفق ما يرى سامح فوزي ألغاز تتعلق بأسعار السلع. فهناك سلع يقفز ثمنها مثل السكر، رغم أن الإنتاج منه يغطي الطلب عليه. الأمر نفسه ينطبق على الخضراوات والفاكهة، التي تزداد دون مبرر في كثير من الأحيان، اللهم إلا سعي المزارع والتجار إلى التعامل مع الغلاء الذي يواجهه عن طريق رفع الأسعار، وهي الحالة السائدة في غالبية أوجه النشاط الاقتصادي، خاصة الخدمات التي ارتفعت أسعارها في شتى المجالات. هناك بعض السلع تجدها بأثمان مختلفة من مكان لآخر في الشارع نفسه، مثل المياه المعبأة، التي تجد تفاوتا في أسعارها من محل لآخر، وقس على ذلك سلعا كثيرة، من بينها أزمة السجائر التي تعد الحكومة بحلها سريعا. وقد لفت انتباه الكاتب عبارة كتبها صاحب كشك تلخص المشهد «نعتذر عن بيع السجائر لحين استقرار الأسعار». واقع الأمر أنه لا توجد مبادرات جادة من القطاع الخاص لتخفيض أسعار السلع، بل هناك سعي دائم إلى زيادتها، قد يبرر المستثمر ذلك بارتفاع تكلفة الإنتاج، ولكن لا يعني ذلك عدم تقديم عروض مميزة دائمة على السلع أسوة بما يحدث في دول العالم الأخرى. بالأمس كنت في واحد من أكبر السوبر ماركت في مصر، ولم أجد عروضا مخفضة على السلع إلا نادرا، بما في ذلك ما يطلق عليه عروض التوفير، في حين لو سألت أي شخص يعيش في الخارج عن عروض الشراء الدائمة المقدمة إليه ستجدها كثيرة، ومتلاحقة، تشعره بثبات الأسعار أو ارتفاعها ارتفاعا طفيفا في حدود قدرة الفرد الشرائية. بالتأكيد الأوضاع الاقتصادية الراهنة لها تأثيرات اجتماعية مباشرة على حياة المواطن قد ينشغل بها الباحثون الاجتماعيون في الفترة المقبلة، من غلاء، وعدم قدرة على شراء الاحتياجات الأساسية، واللجوء إلى سوق السلع المستعملة في الأثاث والملابس وغيرها، وتغير مزاج الشخص نحو العصبية والانفعال، وهو ما نراه في الشارع أو داخل الأسر ذاتها.
ليس وقت الفتنة
ما زالت أجواء القتنة المخيمة على فصيلين وطنيين، إثر الخلاف بين الحقوقي والناشر هشام قاسم والوزير السابق كمال أبوعيطة، وأسفرت عن الزج بالأول في غياهب السجون واهتمت بالقضية بسمة رمضان في “المشهد”: أصدر حزب الكرامة بيانا للتضامن مع أحد مؤسسيه كمال أبوعيطة، وفي المقابل عقد “التيار الحر” مؤتمرا صحافيا لدعم هشام قاسم والمطالبه بالإفراج عنه، باعتبار ما حدث يمثل انتهاكا لحقوق الإنسان والحريات وتنكيلا بأحد المعارضين، وانقسمت المعارضة بين مؤيد لأبو عيطة ومؤيد لقاسم، وبدأت حرب السوشيال ميديا تشتعل بين أنصار الطرفين. ما حدث كان بداية انشقاق المعارضة المتمثلة في التيار المدني بعد أن كانت طوق نجاة وحيد للشعب المصري بعد تدهور أحوال البلاد، وبدأ الشارع يتساءل عمن يمثله بعد تفكك أحزاب الحركة المدنية الديمقراطية، التي كانت الأمل الوحيد. لكن ما حدث من المعارضة أصابنا جميعا بخيبة أمل، خاصة بعد بدء العد التنازلي لانتخابات رئاسة الجمهورية وبدأ كل حزب من أحزاب المعارضة يطالب رئيسه بالترشح على مقعد رئاسة الجمهورية بدلا من دعم الأحزاب لمرشح واحد يمثل المعترضين على سياسة النظام الحالي، ما صدمنا جميعا هو تفكير رئيس كل حزب في مصلحته الشخصية فقط، وأخذ الشو الإعلامي على حساب المصريين الذين وضعوا كل آمالهم وأحلامهم على ترابط الأحزاب، لكنهم صدموا بالواقع. في الحقيقة لا أعلم ما إذا كانت السلطة بدأت “حوارا وطنيا” للاستماع إلى المعارضة وإشراكها في اتخاذ القرار، أم لتفريق صفوف هذه المعارضة، خاصة أن هناك من أيد المشاركة في الحوار وهناك من رفضه، وبالتالي بدأت الخلافات، يؤسفني أن اقول إن “الحوار الوطني” كان طعما للمعارضة من أجل تفرقتها قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة، ولا ننكر أن اجتماع الساحل الشمالي واجتماع الحركة المدنية الأخير كشف خلافات رؤساء الأحزاب، فغاب بعضهم من تلك الاجتماعات وهاجم الحاضرين. لعبة الحوار الوطني، انتهت وانشقت المعارضة وأصبح الشارع المصري لا يجد من يمثله، لكن الفائدة الوحيدة التي حدثت من هذا الحوار هو خروج سجناء الرأي فلا أسعار انخفضت ولا مقابر تاريخية تم وقف هدمها، ولا شارع يعاني تحققت مطالبه… شكرا للمعارضة وشكرا للقيادة السياسية المصرية على حسن الاختيار.
شكراً أبو عيطة
انتهى عبد القادر شهيب في “فيتو” عند هذه الحقيقة: لولا بلاغ كمال أبو عيطة ضد هشام قاسم لما كان تأسيس التيار الليبرالي الحر قد لفت الانتباه.. فقبلها كان الانطباع الأغلب عن هذا التيار أنه يمنح اهتماما للشأن الاقتصادي أكبر من الشأن السياسي، لأنه ركز في بيان تأسيسه على المشاكل الاقتصادية والإصلاح الاقتصادي من منظور رأسمالي.. وهذا يفسر أن من شاركوا في التأسيس كانوا يبحثون عما يميزهم ويبعدهم عن الأحزاب اليسارية، التي كانت تشاركهم عضويةَ الكتلة المدنية، والتي تختلف رؤاه الاقتصادية عنهم، ويفسر أيضا لماذا البعض اعتبر أن تأسيس التيار الليبرالي الحر هو عمليا شق لصفوف الكتلة المدنية، كما يفسر لماذا هاجم أبوعبيد الناصري التيار والمتحدث الرسمي باسمه. غير أنه بعد حبس هشام قاسم ومحاكمته، أفصح التيار الحر عن اهتمامه السياسي من خلال البيان الذي أصدره، وطالب فيه بالإفراج عن متحدثه الرسمي، ثم تصريحات محمد السادات أحد المشاركين في تأسيسه، والإعلان عن أن التيار سيكون له مرشح في انتخابات الرئاسة المقبلة، سواء من أعضائه، أو من خارجه إن لم يترشح أحد من أعضائه.. وبعد إعلان السادات أنه لن يترشح فهناك داخل التيار جميلة إسماعيل وأكرم قرطام يتطلعان للترشح. وما دام التيار الليبرالي الحر أعلن أنه ليس مجرد كيان اقتصادي فقط، كما أعطى الانطباع الأولى، وأنه كيان سياسي أساسا فقد بات ملزما أن يحدد موقفه من الإخوان بوضوح، خاصة أن أحد المرشحين لانتخابات الرئاسة سبق أن أعلن عزمه إحياء الجماعة مجددا.
أسعار الخمسينيات
قال كمال مغيث، الخبير التعليمي، أن أول مرتب لخريج الجامعة في الخمسينيات كان اثني عشر جنيها. ووفقا لـ”درب” أوضح مغيث: كان بوسع الخريج وقتها أن يدفع منها جنيها ونصف الجنيه إيجار شقة في شارع عمومي أو جنيها في شارع عادي، ويشتري بربع جنيه احتياجات البيت من بصل وبطاطس وطماطم وباذنجان لأسبوع، وكان كيلو اللحم بربع جنيه فكانت العشرة جنيهات تشتري أربعين كيلو لحمة. وأضاف: “أما اليوم فإن الثلاثة آلاف جنيه ـ الحد الأدنى للأجور ـ وهي حلم خريج الجامعة العاطل حاليا فإنها تشترى “تمانية كيلو لحمة وبس”. واختتم: “رغم هذا فإن الكارثة الحقيقية الواحد مضطر يشرح مثل هذه الحقائق البديهية حول القوة الشرائية للنقود لصانع السياسة الأول في البلاد”. كان الرئيس السيسي قد قال، إن “المواطن في الخمسينيات كان بيقبض جنيهات وكان سعيد جدا بيها دلوقتي بيقبض آلاف الجنيهات ومش سعيد”. وفي العاشر من أغسطس/آب الماضي، أظهرت بيانات من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن ارتفع إلى مستويات غير مسبوقة.. حيث ارتفع التضخم في يوليو/تموز إلى أعلى مستوى على الإطلاق عند 36.5%، بما يتماشى مع توقعات محللين، مع تسجيل ارتفاع حاد في أسعار المواد الغذائية. وبلغ معدل التضخم في المدن المصرية في يونيو/حزيران 35.7%، وهو أيضا مستوى قياسي مرتفع. وعلى أساس شهري، ارتفعت الأسعار 1.9% في يوليو بانخفاض من 2.08% في يونيو، وتراجع الجنيه المصري بنحو 50% منذ مارس/آذار 2022. ومنذ 2016، ومع بداية صدور قرارات التعويم المُدار، واصل سعر الجنيه التراجع أمام الدولار، إذ تجاوز السعر الرسمي للدولار حاليا في البنوك 30 جنيها.
لماذا نتفاجأ؟
في سلسلة مقالتها حول جريمة حرق “المصحف” واصلت الدكتورة منار الشوربجي في “المصري اليوم” تأمل كتاب”الاستشراق” لإدوارد سعيد، مؤكدة على أن إسهامه الحقيقي كان في نقده للمنهج الذي يستخدمه المستشرقون في الكتابة عن «الشرق» و«الإسلام». والنمط السائد في كتابات المستشرقين، كما أوضح سعيد، كان اختزال ما يسمونه «بالشرق» بكل ثرائه وتعدديته بشكل انتقائي من أجل إصدار أحكام عامة بالجملة. حتى أن منهم من دعا لدراسة الشرق دراسة رصينة، واعتبر تلك الدراسة ليست «ترفا فكريا»، كما قال اللورد جورج كرزون في القرن التاسع عشر، فقد اعتبرها كذلك لأنها «ضرورية للإمبراطورية». ويشرح سعيد في أكثر من موضع كيف اعتمد نابليون على جيش من «خبرائه» المستشرقين الذين حذروه من أن الإسلام سيكون العائق الأساسي في مصر، ولذلك حين غزا بلادنا كان أول ما قاله هو «نحن المسلمون الحقيقيون». ثم حين فشل في إقناع المصريين راح يحث علماء الدين لتفسير القرآن على نحو يدعم «جيشه العظيم» ثم ينتقل سعيد للقرن العشرين فيقول إنه، مع نهاية الحرب العالمية الأولى، باتت حدود العالم الإسلامي تتماهى جغرافيا مع حدود الإمبراطوريات الغربية التي احتلته، وظلت كذلك حتى منتصف القرن العشرين. وهنا يشرح ما اعتبره «الأزمة التي واجهت الاستشراق» في منتصف القرن العشرين مع حركات التحرر الوطني ومؤتمر باندونغ. فالمستشرقون حتى ذلك التاريخ كانوا يرون أن الإسلام عبارة عن «توليفة ثقافية» يمكن فهمها بمعزل عن الاقتصاد والسياسة والاجتماع. فهي مجرد «خيمة وقبيلة» وأي شيء آخر لا يستحق التناول الجدي. غير أن هؤلاء المستشرقين وجدوا أنفسهم إزاء «شرق» صار له «سلاحه السياسي».
مفعول بنا
حركات الاستقلال الوطني هدمت أفكارا مقيتة «كالأجناس والأعراق الأدنى درجة». فصار المستشرق كما نقلت الدكتورة منار الشوربجي عن إدوارد سعيد أمام بدائل ثلاثة، الأول أن يعتبر كأن شيئا لم يكن ويظل يدرس «الشرق» بالمنهج نفسه، والبديل الثاني كان التكيف مع التغيير، والبديل الثالث كان المراجعة الشاملة. فإذا بالمستشرقين، باستثناء قلة محدودة للغاية، يدخلون تعديلات محدودة، كأن اخترعوا اسما جديدا للمنطقة ذاتها، فصارت الدراسات التي تسمى دراسات الشرق أو الإسلام هي ذاتها تندرج تحت ما يسمى «دراسات المناطق»، بدلا من «الشرق» وغدت الفكرة الرئيسية أن العدو السوفييتي «الشمولي» استطاع أن يتحالف مع «من لا يفكرون بالمنطق» (أي نحن)، ومن ثم سهُل خداعهم. فالغربي الأبيض لا يؤمن فقط بأن من حقه أن يدير شؤون غير البيض، وإنما أن يمتلك أرضهم أيضا لأنهم ليسوا «مثلنا»، وهم ليسوا «بإنسانيتنا» لكن الاستشراق، عند سعيد، فعل ما هو أكثر من نزع الإنسانية عنا. فهو اعتبر الشرق ثابتا لا يتغير لقرون، والغرب هو الفاعل فيه. أما الشرق نفسه فهو رد فعل. وكلما وقع حدث لا يمكن لتراث الاستشراق أن يساعد في فهمه وتحليله يتم اللجوء للمصطلحات والمناهج الغربية وتطبيقها ببساطة على المنطقة دون أدنى محاولة لمراجعتها، ثم اعتبار ذلك «علما» وفي كل ذلك محا الاستشراق هياكل ومؤسسات، بل بشرا ومجتمعات. ومن أهم ما قاله سعيد عن المنهجية التي يستخدمها المستشرقون، أنهم عند الكتابة عن الشرق أو الإسلام لا يحيلون أبدا لمصادر «شرقية» أو لمصادر إسلامية، وإنما لمستشرقين غربيين آخرين سبقوهم، وبالتالى صارت تلك الأفكار منظومة معرفية كاملة تحيل لبعضها بعضا في الهوامش والمراجع. وبالتالي تمت مأسسة تلك المعلومات في الغرب. بعبارة أخرى، فإن الغرب حتى يفهم «الإسلام» أو «الشرق» يحيل إلى الغرب نفسه في المناهج والدراسات والباحثين، لا للإسلام والشرق ولا حتى للمسلمين.
ربما تعود للحياة
لا يتفق الدكتور محمد حسن البنا في “الأخبار”، مع من يرى أن دور الصحافة تراجع أمام وسائل التواصل الاجتماعي الجديدة «السوشيال ميديا». ما زالت الصحافة المطبوعة والإلكترونية تقوم بدورها الوطني على أكمل وجه. ولدينا مختلف الآراء والتوجهات. لدينا آراء القراء تملأ الصفحات وتصل إلى أكبر مسؤول في الدولة. ولدينا منظومة شكاوى لا توجد في دول أخرى متقدمة. فقط نحتاج إلى الثقة في قياداتنا وحكومتنا، وأنها مصدر الحقيقة الأصلية في مختلف الأحداث في الدولة. أما عن الشائعات والأخبار الملفقة والمزورة، فحدث ولا حرج. هو أسلوب ممنهج للجماعات الإرهابية وأجهزة المخابرات الكارهة للدولة المصرية. ومن المؤكد أن الصحافة الوطنية لها بالمرصاد. تدرك الدولة، تمام الإدراك، أنها كلما قويت وتقدمت، كثر الأعداء والمتربصون بها. هؤلاء الأشرار يريدون مصر ضعيفة ومشتتة ومدمرة. يريدون مصر بلا صوت، ونحن، أبناء مصر لن نسمح بهذا أبدا. ونقف لهم بالمرصاد. لهذا كانت الصحافة المصرية خاصة وعامة وطنية، تحمل رداء مصر الذي يرعب الأعداء. صحيح، لدينا موروثات اقتصادية صعبة تؤثر، بلا شك، في اداء مؤسسساتنا الصحافية القومية إلا أن قيادات الهيئة الوطنية للصحافة بالتعاون مع قيادات المؤسسات الصحافية، تقوم بدور كبير لحل هذه الأزمات الموروثة، التي تسببت في خسائر بلغت ما يقرب من 13 مليار جنيه. والباحث المدقق يجد أن هذه الخسائر متراكمة من سنوات سابقة، عبارة عن مديونيات لمرافق وخدمات الدولة كالتأمينات الاجتماعية والضرائب والجمارك والكهرباء والمياه وخلافه. وإذا أضفنا إليها الخسائر الناجمة عن الضعف الشديد لإيرادات الإعلانات بسبب ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، ولمن لا يعرف فإن الإعلانات كانت المصدر الرئيسي للدخل للمؤسسات الصحافية القومية. مع أسباب أخرى كثيرة ناقشناها في قاعات البحث العلمي، إلا أن الدولة لم تترك الصحافة تغرق، ولم تفكر في إغلاقها، بل سعت إلى وضع الحلول لها.
الحوار الوطني
من يريد أن يتعامل مع الحوار الوطني بجدية سوف يكتشف وفقا لرؤية أكرم القصاص في “اليوم السابع” كم وكيفية التغير في المجال العام والحوارات والنتائج التي تحققت، ومن يريد أن يغلق عينيه وأذنيه وينظر من ثقب ضيق، سوف يبقى عند نقطة قاتمة، وفي السياسة هناك مساحات للتوافق والجدل، ومهما كان التصور قبل بدء الحوار الوطني، فهو يختلف عما بعده، ومنذ البداية لا يوجد حوار من طرف واحد، لكن الحوار يقوم بين أطراف مستعدة لقبول الاختلاف والتنوع. وتثبت تجربة الحوار الوطني أن أفضل طريق هو الحوار بلا شروط، وبصراحة ومن دون لف أو دوران أو إخفاء للنوايا في أغلفة كلام كبير، وأن تلتزم التيارات بما تطالب به الآخرين، بالشفافية والوضوح، خاصة وقد وصل الحوار إلى مراحل مهمة بعد الانتهاء من بعض التوصيات والمطالب ورفع بعضها إلى الرئيس، أو المجالس النيابية تمهيدا لإصدارها في تشريعات، وهي توصيات بعضها يتعلق بالعمل السياسي، أو حريات الرأي وتداول المعلومات، أو توصيات متوسطة وبعيدة المدى تتعلق بالتعليم والعلاج والاقتصاد والمجتمع، التي تتطلب بالفعل المزيد من المناقشات تحولها إلى خطط قابلة للتنفيذ. وأهم مكاسب الحوار أنه فتح الباب لقطاعات كثيرة من المجتمع السياسي والأحزاب والمنظمات الأهلية، لتطرح وجهات نظرها، ومطالبها للمشاركة في العمل العام بقواعد حاكمة تفرض نفسها على الجميع، بل حتى تفتح الباب لطرح انتقادات وآراء للتفاعل مع ما يجري. والواقع أن الحوار الوطني بقدر ما كشف عن إمكانات لدى قطاعات من السياسيين والحقوقيين في النقاش، وطرح الأفكار والسعي إلى توافق، فقد كشف أيضا عن فقدان بعض الشخصيات من الزعامات أو الناشطين للبوصلة والقدرة على المناقشات الجادة، ووقوف البعض عند أزمنة تخطاها الواقع، وتجاوزتها الأحداث، أو أن البعض ممن يطرحون آراءهم وأفكارهم يعجزون أو يتجاهلون التعامل بالمقاييس نفسها مع القضايا نفسها، بل أحيانا يتجاهلون حجم التحولات التي يشهدها الواقع محليا وإقليميا وعالميا. وهي تحولات غيرت من شكل السلطة وطرق ممارستها، والدور الذي تلعبه مواقع التواصل ومنصات النشر. ونكرر أننا في عصر التكنولوجيا والنشر الواسع ومواقع التواصل، من الصعب على أحد أن يزعم وجود حجب أو منع لرأي، بل إن الأمر يتجاوز الرأي إلى إطلاق أكاذيب وحملات ممولة من منصات تنطلق من جهات متربصة، ومنصات ليس من مصلحتها أن ينجح الحوار أو يتم استيعاب الجميع.
لوحة قنديل
تحدثت الدكتورة نيفين الكيلاني وزيرة الثقافة عن تفاصيل استغاثة الفنانة نجلاء فتحي، بشأن سرقة اللوحة المعدنية التي تحمل اسم زوجها الراحل الكاتب الصحافي حمدي قنديل، والمعلقة على مدخل العمارة التي يقطنها في منطقة مصر الجديدة. ووفقا لـ”درب” قالت وزيرة الثقافة خلال مداخلة هاتفية لها مع برنامج «حضرة المواطن»، على قناة «الحدث اليوم»، أن الفنانة نجلاء فتحي تواصلت معها لإبلاغها عن هذه الواقعة، مؤكدة أن المشكلة تم حلها، ووُضعت لوحة جديدة باسم الكاتب حمدي قنديل. وفجرت الوزيرة مفاجأة ذات دلالة صادمة، حيث أكدت أن هذه الواقعة ليست الأولى من نوعها، ولكن هناك بلاغات كثيرة تم تلقيها بشأن اللوحات التي تحمل عبارة «عاش هنا» الخاصة ببعض الشخصيات العامة، لأن اللوحات نحاسية الأمر الذي يجعلها مصدرا لطمع بعض اللصوص. وأضافت نيفين الكيلاني أن رئيس جهاز التنسيق الحضاري محمد أبو سعدة، المسؤول عن المشروع، سبق أن أبلغها بسرقة نحو 80 لوحة منذ إطلاق المشروع، ما جعلها تقترح وضع اللوحات على معدن آخر بديل للنحاس؛ لحماية هذه اللوحات من السرقة. وكانت الفنانة نجلاء فتحي، وجهت استغاثة لوزيرة الثقافة لمساعدتها في تركيب لوحة جديدة تحمل اسم الراحل حمدي قنديل بعد أن تعرضت الأولى للسرقة.
أغنياء ولا ندري
الضلع الثالث من مربع الحداثة من وجهة نظر الدكتور عبد المنعم سعيد في “الأهرام” هو التعبئة للموارد القومية، سواء كانت للبشر أم للحجر. فإذا كانت الهوية تقدم الجذر الأساسي لوجود الأُمة؛ وأن اختراق الإقليم هو أولى خطوات وجود الدولة، فإن «التعبئة» هي التي تضمن التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وباختصار الازدهار والتقدم الذي يحقق الرضا للمجتمع. الحقيقة الأولى واجبة التعبئة هي أن مصر لديها 105 ملايين نسمة يعيشون على مساحة قدرها مليون كيلومتر مربع. مصالحة الديموغرافيا مع الجغرافيا سوف تجد مصر بلدا غنيا بالشباب والأراضي الشاسعة التي لا توجد فيها ظروف غاضبة. والحقيقة الثانية أن هناك فوائض ينبغي استغلالها من أول الطاقة الكهربائية إلى فوائض الموانئ والمطارات والطرق والمدن الجديدة والبحيرات النظيفة والجزر الساحرة في النهر والبحر. باختصار فإن تشغيل ما تغير في مصر بالفعل هو القضية الأولى واجبة الاعتبار، سواء تم ذلك باستثمارات محلية أو أجنبية، أو بالاستحواذ والتشغيل. والحقيقة الثالثة، هي أن هناك فائض عمل، ولذا فإن المهمة هي عمل المصريين ثماني ساعات يوميا، ومن كان مشككا في إمكانية ذلك فإن عليه مراجعة التجربة المصرية خلال الأعوام الماضية التي عمل فيها ما يتراوح بين 5 و6 ملايين مصري في مشروعات تتراوح في التقدم التكنولوجي ودرجات ما تحتاج إليه من مهارة وعلم. والحقيقة الرابعة هي أن وضع 8% معدل نمو كهدف استراتيجي لمصر ينهي اللغو عن حجم مشاركة القطاعات الإنتاجية المختلفة من قطاع عام وخاص والجيش الوطني في الوصول لهذا الهدف. في الحقيقة الساطعة هي أن هناك حاجة من هؤلاء جميعا لمضاعفة جهودهم وبذل المزيد من العرق والمال والعقل في تحقيق هذا الهدف. والحقيقة الخامسة أن ما قامت به قيادة مصر خلال السنوات الماضية غير مسبوق، والمؤكد أنه كما هي العادة لم يصل إلى طريق مسدود، وإنما باتت كل الطرق الآن مفتوحة لإدارة الحقائق السابقة في اتجاه الإضافة للناتج القومي، دون مزاحمة أو مزايدة، وإنما مشاركة تاريخية في تحقيق الهدف القومي.
جنت على نفسها
يرى أسامة سرايا في “الأهرام”، إن صورة فرنسا في افريقيا هي صورتها لدى الفرنسيين في الداخل، ولدى الأوروبيين عن فرنسا، ودورها في الاتحاد الأوروبي، ولدى المتابعين؛ لتأثيرها في مسار الحرب الدائرة في أوروبا منذ أكثر من عام ونصف العام بين روسيا وأوكرانيا. إن الأزمات في افريقيا تحتاج إلى نظرة أكثر عمقا من فكرة سذاجة البحث عن الديمقراطية، والحريات في ظل غياب المؤسسات التي تحميها، وتحرسها من تغول أي جهة عليها، كما أن التفرقة بين المكونين المدني والعسكري فكرة ساذجة أخرى أدت إلى وقوع السودان في مستنقع الحرب، فالمكونان جزء من الدولة، ولا غنى عنهما، لأنه لا يمكن قيام ديمقراطية لا يحرسها جيش حديث، وقوى، ومؤمن بمستقبل بلده، وجزء منه، يحمي المؤسسات من غياب الدولة أو القانون. يقول أسامة سرايا، لقد أخافتني الحرب أولا، ثم الأزمات، والصراعات في افريقيا على مستقبل هذه القارة الواعدة المليئة بكل الثروات، والأهم الإنسان الافريقي المتطلع إلى التعاون، وأن يكون جزءا من العصر الذي يعيشه، ولكن بعد أن حدثت الأزمات، واختلطت الأمور يجب المسارعة إلى معالجتها بحسن السياسة، ودقة التصرف، كما يجب على الفرنسيين، الذين يُعقِّدون الأمور على بعض الدول الافريقية بتدخلهم في شؤونها الداخلية، أن يتركوا مؤسسات هذه الدول، وأبناءها يديرونها بأنفسهم، كما يجب على التجمعات والاتحادات الافريقية مساعدة هذه الدول في الإسراع بالوصول إلى حل يضمن ترسيخ الاستقرار والديمقراطية فيها. الأفارقة هم أدرى بأمورهم، وكل بلد أدرى بظروفه، وما من تطور علمي إلا غيِّر كل فلسفة الإنسان، وما من مجتمع بشري قادر على التطور إلا باستقرار هذه الفلسفات العلمية، والتجريبية في عقله، وجُل هذه التطورات العلمية في الغالب وراءها، إما عربى أو افريقي، فيجب أن تترك للافارقة حرية التفكير، فهم يملكون نخبا، وجماعات، ويملكون حضارات عميقة ستمكنهم من اجتياز العقبات التي يواجهونها الآن، وبهذه المناسبة فإن تجربة مصر، وسياستها مع الأزمة السودانية تستحق أن يأخذ منها الجميع الدروس، والعبر، وعلى الأخص الأوروبيون في تعاملهم مع افريقيا بعد الأزمات الأخيرة.
ذئابهم وكلابنا
نامت أوروبا ثم استيقظت لتكتشف كما لاحظ سليمان جودة في “المصري اليوم” أن الذئاب صارت مشكلة في حياتها، وقد وصل الانشغال بها والقلق منها إلى حد أن أورسولا فون ديرلاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، تكلمت عنها مع وكالة الأنباء الفرنسية باستفاضة واهتمام. وهذه قضية سوف نرى حالا كيف أن عندنا ما يشبهها تقريبا، وأنها تبحث عن حل، وأن تركها بلا حل يمكن أن يسبب مشاكل كبيرة للناس في المستقبل. أما في أوروبا فالذئاب انتشرت في المراعي والحقول فجأة، واشتد الخلاف حولها بين رعاة المواشي وجمعيات حماية البيئة التي تنحاز، بحكم طبيعة عملها، إلى ما يوفر حماية للحيوانات البرية في العموم، لكن المفوضية تدخلت وقالت ما معناه، إن هذه الحماية لها حدود، إذا ما تعلّق الأمر بحماية قطعان الماشية، وإذا ما تعلّق قبل القطعان بحياة الناس. والطريف أن أورسولا تعرضت للضرر شخصيا في الموضوع، وكان ذلك عندما هاجم ذئب مزرعة العائلة شمال ألمانيا وقتل حصانا فيها. ولأن الشكوى من خطر الذئاب صارت شبه عامة بين الرعاة، فإن المفوضية قررت أن تتبنى القضية، وأن يكون 22 من هذا الشهر آخر موعد لاستقبال الاقتراحات، وقالت إن تعديلا في الغالب سيطرأ على القانون الذي يوفر حماية للذئاب لأن حياة البشر أهم، ولأن خطرها في مرحلة من المراحل سيهدد حياة الإنسان الأوروبي ذاته. شيء من هذا قائم عندنا، لكن على مستوى الكلاب السارحة في الشوارع، التي تكاثرت بشكل لافت وإلى حد مزعج للغاية.. وقبل أيام كان الأمن قد ضبط شخصا أطلق الرصاص على الكلاب في الشارع من بندقية خرطوش، وكان المتهم قد قال، في التحقيقات، إنه لا يعرف كيف ينام من نباحها الذي لا يتوقف طول الليل. والذين يتحركون في شوارع العاصمة ليلا بالذات يعرفون أن هذه الكلاب أصبحت مشكلة في كل شارع تقريبا، وأنها تتحرك في جماعات وتطارد السيارات والناس، وهي مشكلة تكبر يوما بعد يوم، ويمكن أن تمثل خطرا على حياة المشاة في المستقبل، وتحتاج إلى تدخل من الجهات المعنية يضع حياة الناس حيث وضعتها المفوضية في أوروبا.