إسرائيل إزاء التطبيع مع السعودية.. بين “الكأس المقدسة” وشرق أوسط نووي

حجم الخط
0

الزاوية الإسرائيلية. يعدّ التطبيع مع السعودية وعن حق الكأس المقدسة في تثبيت مكانة دولة إسرائيل في الشرق الأوسط. فالإمكانات الاقتصادية حيال السعودية وفتح الأفق السياسي مع باقي العالم الإسلامي السني ستكون غير مسبوقة، وهذه الحوافز أدت إلى جهد طويل السنين للحوار في قنوات سرية مختلفة.
على مدى فترة طويلة، كان السبب الأساس للتأخر في التقدم نحو التطبيع هو غياب التقدم الموازي في المسيرة السياسية مع الفلسطينيين. فالسعوديون الذين أطلقوا مبادرة السلام العربية في 2002 عرضوا على مدى السنين تقدمها شرطاً للتطبيع مع إسرائيل. مع ذلك، بدا في السنوات الأخيرة فهم لدى العالم العربي بأن العلاقات العلنية مع إسرائيل تخدم مصالح أمنية واقتصادية مهمة، تقف بحد ذاتها. ساهم في ذلك خيبة أمل عربية عميقة من سلوك القيادة الفلسطينية وتبادل الأجيال في القيادات السياسية. هكذا وقعت اتفاقات إبراهيم في ظل تنازل عن مطلب مهم في الساحة الفلسطينية، وفي أعقابها طلت بوادر أولية لتسخين متجدد لمنظومات العلاقات مع مصر والأردن. رئيس الوزراء نتنياهو وصف التطبيع مع السعودية كأحد الأهداف المركزية لحكومته، وذلك في ضوء فهم بوجود وحدة مصالح بين إسرائيل والسعودية والولايات المتحدة.
ماذا يريد السعوديون؟ أولاً وقبل كل شيء، يريدون تحسين مكانتهم في الولايات المتحدة، التي ضعفت عقب خلافات على سياسة تصدير النفط والتعاون مع الصين، وبخاصة عقب قتل الصحافي جمال خاشقجي في 2018. السعودية معنية بسلاح متطور وبحلف دفاع مع الولايات المتحدة يحميها من إيران. كما تتطلع لتطوير برنامج نووي مدني مع دائرة وقود كاملة تتضمن التنقيب عن اليورانيوم، وتحويله، وتخصيبه وتشغيل المفاعلات. تدعي السعودية، وهي محقة في ذلك، بأنه بعد أن أعطى الاتفاق النووي في 2015 إيران الحق في دائرة وقود، فإنها أيضاً تستحق ذلك، وتحذر من أنها ستحصل عليه من الصين ما لم تحصل عليه من الولايات المتحدة.

إذا ما حصلت السعودية -لا سمح الله- على دائرة وقود كاملة، فمعنى الأمر أنها ستكون قادرة على تبني برنامج سري يقوم على أساس التكنولوجيا التي حصلت عليها وتطوير سلاح نووي. فضلاً عن ذلك، فإن دولاً عديدة أخرى ستطالب بالسير في أعقابها – وإذا بنا أمام سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط.
حذار أن تتشوش إسرائيل في سلم أولوياتها: التطبيع مع السعودية لا يمكنه أن يأتي على حساب منع التحول النووي العسكري لدول المنطقة. فحاجة رئيس الوزراء إلى إنجاز سياسي وتطلع لزيارة واشنطن لا يمكنهما أن يأتيا على حساب المصالح الأمنية بعيدة المدى لإسرائيل.
الزاوية الأمريكية. لماذا بات من الملح للولايات المتحدة الدفع قدماً بالتطبيع مع السعودية؟ هذا منوط بمن تسأل. معظم أعضاء الكونغرس، من الحزبين، سيقولون إنه ليس ملحاً على الإطلاق، وإن السعودية ليست جديرة بسلاح متطور وتكنولوجيات نووية. الخصومة مع الصين والغضب على السعودية التي تلعب بين القوى العظمى سيصعّبان دعم الكونغرس هكذا خطوة. لكن بالتوازي، إدارة بايدن معنية بإيقاف ميل تسلل الصين إلى الشرق الأوسط وإبعادها عن السعودية. كما أن أمن إسرائيل مهم لها، وتثبيت إرثها كمن نجحت في تحقيق سلام بين إسرائيل والسعودية. إضافة إلى ذلك، لن ينظر الحزب الديمقراطي بعين العطف لاتفاق تطبيع دون عنصر فلسطيني مهم لا يريده الائتلاف الحالي في إسرائيل ولا يمكنه أن يوفره. وعليه، فمن الصعب أن نعرف إذا كانت الولايات المتحدة ستنجح في ترتيب كل هذه العناصر في الزمن القصير حتى الانتخابات في تشرين الثاني 2024.
في الزاوية الشخصية. كمن شارك في تقريب العلاقات بين إسرائيل والسعودية، كان يسرني رؤية تحقق خطوة التطبيع. إلى جانب ذلك، محظور السماح بتخصيب ذاتي من أي من الدول في منطقتنا، وينبغي الالتصاق بحلول تضمن عدم تسرب تكنولوجيات نووية حساسة إليها. كما يصعب عليّ رؤية كيف يمكن لصفقة كهذه أن تتحقق دون رزمة فلسطينية ذات مغزى، سواء بسبب الطلب الأمريكي أو الطلب السعودي. وعليه، فإن فرص الوصول إلى اتفاق متدنية جداً. وتقلقني أيضاً إمكانية أننا لا نسير فقط نحو تفويت فرصة تاريخية للتطبيع، بل وربما نتنازل عن مصالح أمنية حيوية ونثبت هذا كموقف في كل مفاوضات مستقبلية.
أيال حولتا
يديعوت أحرونوت 6/9/2023

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية